بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد(ص)، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين، السلام على الثلة الطاهرة التي قدَّمت للإسلام في كربلاء، فسددت مسيرة الحق، ونورت دروب المؤمنين عبر التاريخ، والسلام عليكم أيها السادة العلماء والأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته.
ابتدأ كلامي بكلامٍ لقائد ملهم، جسَّد الثورة الحسينية، وأحيا معالمها، ورسم خطوة من خطواتها، لتكون ممهدة لصاحب العصر والزمان(أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، هو القائد الملهم الإمام الخميني(قده)، يقول الإمام: "لقد قرأتم عبارة (كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء) إنها عبارة تربوية، وليس معناها أن كل يوم كربلاء فابكوا! انظروا أي ميدان كانت كربلاء، فلا بدَّ أن يكون ذلك الميدان موجوداً في كل يوم، وهو تصدي الإسلام للكفر، وتصدي العدالة للظلم، ووقوف الفئة القليلة المؤمنة بوجه الفئة الكبيرة العديمة الإيمان، فلا تخافوا قلة العدد ولا تخشوا الهزيمة! فعندما يكون العمل لله فليس هناك من خسارة. فإن قُتلتم أو قَتلتم فإنكم من أهل الجنة! حفظكم الله جميعاً ووفقكم، وإنني خادمكم وأدعو لكم جميعاً!".
هذا الكلام للإمام الخميني(قده) يرسم معالم عاشوراء بدقة عظيمة، ويستحضرها إلى حياتنا اليومية لتكون مفردة دائمة في كل حركة نقوم بها في أي يوم وفي أي أرض، كل يوم عاشوراء، يعني أن الزمان ليس مرتبطاً بالحادثة، الزمان هو كل زمان نعيش فيه، ويمكننا أن نصنع عاشوراء في كل زمان إذا التزمنا بمفهوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء، كربلاء ليست في العراق فقط، كربلاء في كل مكان يُعبد الله فيه ويعمل في المؤمنون لإحياء هذا الدين وإقامته ومواجهة المعتدي والكفر، ونحن معنيون أن نجعل كل أيامنا عاشوراء وكل أزمتنا كربلاء، وكل أماكننا كربلاء، لا على قاعدة أن نعيش كربلاء أن نبكي دائماً، البكاء مطلوب في كربلاء، والمأساة يجب أن نعيشها والتفاعل العاطفي يجب أن يكون، بل يجب أن نصعِّد من مستوى التفاعل القلبي مع عاشوراء لأننا نتفاعل بذلك مع أهل البيت(عم) ولأننا نتفاعل بذلك مع خط الإسلام، ولكن من يختصر عاشوراء على المأساة فهو مخطئ، لأن عاشوراء هي الحياة وليس الموت، وعاشوراء هي إقامة الدين وليست البكاء على الأطلال، وهذا ما ألف إليه إمامنا الخميني(قده)، عندما تحدث عن تصدي الإسلام للكفر، هذا هو مكان عاشوراء، أن يتصدي المؤمنون للكفر والكافرين من أجل إحياء كلمة لا إله الله محمد رسول الله.
ولاحظت كثيراً في كلمات متفرقة للغمام الخميني(قده) كان يستشهد بالآية الكريمة التي قالها تعالى في القرآن الكريم في توجيه موسى(ع): " اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى"، كان يقول: يعني أيها النبي، يا موسى لديك وظيفة أن تذهب إلى فرعون، متى قرر له هذه الوظيفة؟ تعلمون أنه كانت الصحراء ووجد قبساً من نار أو نور، فذهب موسى ليأتي بالقبس علَّ الأهل يتدفؤون به أو يستنيرون به للطريق، ماا وجد؟ وجد الله عنده، ووجدة النبوة هناك، وكلفه الله تعالى أن يكون نبياً في تلك اللحظة، " إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي"، هذا أمرٌ من الله تعالى لنبوة موسى(ع)، ما هو الأمر الذي حصل عليه بعد هذه النبوة مباشرة؟ قال له: اذهب إلى فرعون إنه طغى، يعني مواجهة الكفر، مهمة أولى وأساسية للأنبياء والرسل، وعلى كل واحد منا عندما يقتدي بالأنبياء والرسل وخاصة بمحمد وآل محمد(عم) أن يلتفت إلى أن وظيفته أن يواجه الكفر، وأن يرفع راية الدين ناصعة قوية متينة في مواجهة التحديات، وطبعاً رفع راية الدين يتطلب تضحيات وعطاءات، والله تعالى كان واضحاً وصريحاً معنا، لم يقل لنا تعالوا إلى الإيمان وتأتيكم الخيرات دون بلاءات ومصائب ومصاعب، لا، من البداية كان لنا الله تعالى: "إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"، المؤكد أن يعطي الله تعالى الجنة للمؤمنين لقاء عملهم، ولكن لا أعدكم بأن تقتلون دائماً، فتقتلون وتُقتلون، فعندما تواجهون الكفر هناك تضحيات ستُقدم، تارة تفوزون بانتصاركم على هذه الأرض وأخرى تُقتلون أيضاً بانتصاركم على هذه الأرض، ولكن لا أحد يتوقع أن تكون هذه الطريق معبدة بحيث أنه بمجرد أعلن الإيمان فقد وصل إلى المراتب العليات وإلى الجنة من دون تعب ومن دون معاناة!
أنا لا أوافق على بعض التوجيهات التي يعطيها الأهل لأولادهم في بعض الأحيان، عندما يقولون لهم: إذا آمنتم بالله تعالى وصليتم وصمتم وتعبدتم لله تعالى الله يُنجحكم بالإمتحان، أو الله يرزقكم الكثير، الله يجعلكم في المراتب الأولى، فيقوم الولد وإمكاناته محدودة وخضع للامتحان ورسب، فماذا تقولون له: هل نقول له أنت عندك إمكانات محدودة مشكلة، نقول له: الله تعالى لم يعطك! مع أنه صلى وصام وتعبد، هذا توجيه خاطئ، يجب أن نقول له: أعبد الله تعالى وصلي وصم وتقرب من الله وادعوه يساعدك على النجاح إن شاء الله تعالى بعد أن تبذل جهدك وما عليك والباقي على الله تعالى، فإن فزت فبقربك من الله تعالى وإن لم تفز فهذا اختبار لك، قوي إيمانك بالله تعالى ولا بدَّ أن تنجح ولو بعد حين. وإلاَّ الأمور لا يمكن ان تكون ببساطة وبالتالي أن يقوم الفرد ببعض العبادات فيضمن أنه يحصل على كل ما يرغب ويريد، هناك مقدمات يجب أن تكون موجودة.
المواجهة للكفر تتطلب تضحيات وشروط وعقبات، ولا يمكن ان يحصل الأمر بشكل عرضي وعفوي وآلي، تعلمون ان النبي(ص) ومن معه عانوا الأمرين في مكة المكرمة، وتحمل الرسول(ص) أعباءً كثيرة جداً، وأدميت قدماه، ورُميت عليه الأوساخ، وتمت مواجهته لأنه كان يقول لهم: قولوا لا إله إلاَّ الله تفلحوا، ماذا فعل؟ صبر وتحمل، جاء الانتصار في المدينة المنورة بعد 13 سنة من المعاناة في مكة المكرمة وهو رسول الله(ص) خير خلق الله، الأول في البشرية جمعاء، والأول عند الله تعالى، ومع ذلك كانت له هذه المعاناة، لنتعلم أن المعاناة طبيعية في مواجهة الكفر والانحراف. وإلاَّ إذا استثنينا الأمور ونعتبر أن هذه المواجهة عادية وأنها لن تخسرنا شيئاً نكون مخطئين.
وهنا يجب أن نفهم أيضاً بأن مواجهة الانحراف عادة إنما تكون لرأس الانحراف، وهذا ما يجعل الدماء يتداعى فنستطيع أن نحقق المكتسبات، فيمكن أن يقول أحد: ما هي وظيفتنا اليوم؟ عليكم أن تنتبهوا، وظيفة الرجال والنساء أن يواجهوا الكفر والانحراف، عندما نتكلم عن كربلاء لا نتكلم عن القتال في السيف فقط، لا نتكلم عن مواجهة عسكرية فقط، كربلاء مواجهة ثقافية واجتماعية، كربلاء إسقاط لعرش الظالم، كربلاء مواجهة للكفر والانحراف بالأدلة والبراهين والمواجهة، هذه وظيفة الرجال والنساء على حدٍ سواء.
أنتِ عندما تربين أولادك على عاشوراء تربين أولادك على كربلاء، تربين أولادك على حب الحسين وزينب وأهل البيت(عم)، وعلى الاقتداء بهم، تجعلينهم يسلكون الطريق الصحيح، عندها يرون الكفر فيواجهونه، فتكوني بذلك قد ساهمت بالتربية في عملية المواجهة، فتتكامل مواجهة السيف مع مواجهة التربية، ليسقط الكفر والانحراف فيرتفع الإيمان بإذن الله تعالى رافعاً راية الحق وراية محمد وآل محمد(عم).
ثانياً: إمامنا الحسين(ع) ذهب إلى كربلاء ليتحمل مسؤوليته في قيادة الأمة، البعض يقول: أن الإمام الحسين(ع) ذهب إلى كربلاء من أجل أن يستشهد، وهذا خطأ، هو لم يذهب من أجل أن يستشهد، هو ذهب من أجل أن يرفع راية الحق ويحكم بشرع الله تعالى، ذهب ليُسقط يزيد من أجل أن يحل محله لأنه هو أهلٌ لذلك، ذهب من أجل أن يقيم دولة الإسلام على أساس القيادة الحكيمة التي عليها أن تتصدى، ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يتم إلاَّ بالوصول إلى كربلاء والاستشهاد في سبيل الله تعالى، فاستشهد في طريقه لإقامة الحق، ولكن لماذا لا نقول ذهب الإمام الحسين(ع) ليستشهد في كربلاء؟ هل الشهادة هدف؟ الشهادة ليست هدف، الشهادة طريق إلى الهدف، الهدف إقامة الدين وإقامة الحق، وإسقاط الطغاة والظالم هذا هو الهدف، ونحن متجهون إلى الهدف مرات نصل إليه بالصبر والجهاد والنصر ومرات أخرى نصل إليه بالشهادة فيأتي من بعدنا لينال شرف استثمار الشهادة ليقيم الحق بعد أن قدَّمت الدماء قربة إلى الله تعالى كما فعل الإمام الحسين(ع) استشهد في كربلاء فأثمرت دماءه في الأرض والسماء، واستمرت في الأصلاب عبر هذه الحقبة الزمنية الطويلة إلى أن قام عبد الله الإمام الخميني(قده) ليقلب المعادلة في إيران والعالم ويقيم دولة الحق باسم الإمام الحسين(ع) فكانت ثمرة جهاد الإمام الحسين(ع) متجددة في عطاءات الإمام الخميني(قده) في إيران، ثم جاء بعد ذلك حزب الله ليأخذ من هذا النبع الصافي ويتفاعل عشقاً للحسين وآل الحسين(عم) وأصحاب الحسين، ليقدم الرجال والنساء كل ما عندهم قربة إلى الله تعالى على درب الحسين، فينتصرون على إسرائيل وترتفع رايتهم: يا حسين ويا زينب، إحياءً للحسين وإحياءً لزينب.
الإمام الحسين(ع) تحمل مسؤوليته، وذهب لإقامة الحق، ولا يجب أن نخجل أحياناً بأن الإمام الحسين(ع) لا يريد أن يستلم الحق، فلماذا لا يتسلم الحكم؟ فيزيد فاسق وفاجر فلماذا يحكم؟ الإمام هو الإمام المعصوم، وهو الذي يجب أن يحمل هذه المسؤولية، لاحظوا أمير المؤمنين(ع) عندما جاءه الناس بعد مقتل الخليفة الثالث، طلبوا منه أن يكون حاكماً عليهم، وتعرفون أن الإمام علي(ع) أقسيَ عن الخلافة 25 سنة، وإلاَّ لو سارت الأمور بشكل طبيعي لتسلم إمارة المؤمنين والمسلمين خلافتهم بعد وفاة رسول الله(ص)، ولكن هو لم يكن ساعياً إلى الخلافة بالمعنى الشخصي، ووجد أن الظروف ظروف معقدة وصعبة، وأن المسلمين سيتقاتلون، وهو لا يريد أن يحكم نتيجة قتال وفتنة في داخل المسلمين، فصبر لأن الصبر هو الحل في ذاك الزمن، وبعد 25 سنة جاءه الناس وطلبوا منه أن يحكمهم، فقال الإمام علي(ع): "أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم وسغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز"، هناك مسؤولية، المسؤولية لا يستطيع أحد أن يتخلى عنها، قيادة الأمة نحو الصلاح لا يستطيع أحد أن يتخلى عنها، ولاية الفقيه من أجل إقامة العدل لا يجوز أن نتخلى عنها.
يُنقل أن أحد من العراق جاء يسأل بعد شهادة الإمام الحسين(ع)، التقى مع أحد الشخصيان من أتباع أهل البيت(عم) فقال له: لو أن بعوضة كانت على ثوبٍ هل تنجس الثوب أم لا؟ فقال له: يا هذا تسألني عن بعوضة وقتلت الحسين وأهل بيت الحسين، وأسلتم الدماء!
المسؤولية تبدأ بالحكم وبالقيادة، وهذا ما يدفعنا إلى أن نسعى دائماً بأن نهتم دائماً بقيادة مسيرتنا إلى أين توصلنا وإلى أين تأخذ بنا، ونحن اليوم من أعظم توفيقات الله تعالى علينا أننا نوالي ولي أمرنا الإمام الخامنئي(حفظه الله ورعاه) سنضمن الدنيا والآخرة أننا معه نواجه الطغاة ويحكم بما أنزل الله تعالى.
ثالثاً: هذه المسيرة من أجل المسؤولية، ومن أجل إقامة الحكم، لمن تكون فيها الغلبة؟ الغلبة حتماً للمؤمنين، " كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ"، دائماً المؤمنون سيغلبون في معركة الحق في مواجهة الباطل، لا تنظروا إلى إمكاناتكم، ولكن انظروا إلى وعد الله تعالى لكم بمدده وعطاءاته، كثيراً ما ذكرت وسأعيد، هل تعتقدون أن ما قدمناه في حرب تموز من سلاح ومال ورجال ونساء وعطاءات وشهداء يكفي لأن ننتصر على إمكانات إسرائيل وحشد العالم ضدنا؟ لو كانت المعادلة بميزان القوى والعدد وا|لإمكانات لكنا خاسرين عشرون مرة، ولكن عندما أضيفت إلى المعادلة وعد الله وتسديده تفوقنا عشرون مرة على إسرائيل ببركة هذا الاتجاه الإيماني الذي يحصل من مدد الله تعالى. بالحسابات الإلهية النصر كبير واسع ليس له حدود وليس له قواعد، هناك قواعد إلهية رب العالمين يعرفها، فكل ما علينا هو التفكير "واعدوا لهم من قوة ومن رباط الخيل"، والباقي على الله تعالى، فليقتنع من يقتنع بهذا الأمر، رأينا بأم العين كيف نصرنا الله تعالى في تموز، راينا بأم العين كيف نصر الله المؤمنين في إيران، رأينا بأم العين كيف أن المسيرة الإسلامية ترتفع وتعلو وتقوى، كل هذه من تسديد وتوفيق الله تعالى " كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ".
ومن قال بأن الغلبة تتحقق فقط إذا انتصرنا مادياً؟ اسمعوا الآية القرآنية: " قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ"، فالمؤمن دائماً رابح، لكنه إذا استشهد في سبيل الله لأنه سينتقل إلى جنة الله وختم حياته بأشرف عمل، أو ينتصر على الأعداء بكسرهم وهذا ربحٌ في الدنيا وهو ربح، فالمؤمن رابح على كل حال." وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ" فإما أن تعذبوا في الآخرة لأنكم قتلتمونا، وإما أن يعذبكم في الدنيا لأننا قتلناكم، فأنتم خاسرون إما في الدنيا وإما في الآخرة على كل حال. يجب أن يثق المؤمنون دائماً والربح دائماً للمؤمن، وهنا أقول لكم أمراً مهماً عن رسول الله (ص): الظالم سيخسر على هذه الأرض حتماً قبل السماء، يعني سيخسر في الدنيا قبل الآخرة، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: " وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوما فقدر أن ينصره فلم ينصره"، رسول الله(ص) ايضاً يقول: " إن الله يمهل الظالم حتى يقول قد أهملني، ثم يأخذه أخذة رابية، إن الله حمد نفسه عند هلاك الظالمين, فقال: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". فإذاً الظالمون سيخسرون على كل حال، وعلينا أن لا نوقف شكر الله تعالى لحظة واحدة لأن الله تعالى أكرمنا بمنهج وقيادة تعطينا ربح الدنيا والآخرة في آنٍ معاً دون أن نخسر من الدنيا والآخرة شيئاً.
الإنسان لا يعرف كيف يربح وكيف يخسر، ومرات الإنسان لا يعرف أنه رابح، ويقول استشهد لنا الكثير من الشباب! هؤلاء الشهداء وصلوا وعرجوا إلى السماء في أبهى حلة وأعظم عطاء، هؤلاء أناروا دروبنا، هؤلاء تفتخر بهم الملائكة، هؤلاء قدموا على درب الحسين(ع)، هؤلاء أعزة في الأرض وفي السماء، لقد انتصروا والله في الأرض وفي السماء في آنٍ معاً. نحن مع هذا المنهج الذي يوصل إلى هذه النتيجة، طبعاً هذا المنهج "كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء"، وهو تعبير آخر عن كلام النبي(ص) في حق الإمام الحسين(ع): "حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا" إذا أردنا الاستمرارية في هذا المنهج يجب أن نحرص على هذه الرؤية.
لذلك علينا أن نكون مرتاحون، ونقاتل الذين يقاتلون، لدينا قيادة حكيمة تعرف تكليفنا الشرعي تماماً، كل شهيد عندنا في أي حي وفي أي دسكرة، وفي أي قرية او في أي مكان وأي ارض قاتل في سبيل الله فهو حسينيٌ شريف عظيم مهما كانت الأسباب ومهما كانت الظروف والتضحيات، حتى ولو قتل خطئاً في أي معركة، فطالما أنه في سبيل الله ومع الحسين فهو شهيد الحسين وشهيد زينب وله مكانة عظمة عند الله تعالى في يوم القيامة.
فالآخرون يحاولون أن يشوشوا علينا، ويحاولون أن يقولون لنا كيف نختار وكيف نعمل، اطمئنوا: نعرف البداية والنهاية، نعرف أن مسارنا على خط الحسين، نعرف أننا نقتدي بقادتنا الذي يرشدوننا إلى طريق الصواب، والحمد لله كل حياتنا وعطاءاتنا ونتائجنا انتصارات على هذا الخط.
ما يحدث في سوريا هو ظلمٌ حقيقي للشعب السوري ولكل شعوب المنطقة، لأن أزمة سوريا تؤثر على المنطقة بأسرها ومن ضمنها لبنان، وإذا كان جماعة 14 آذار ينتظرون تغييراً في مواقف حزب الله المبدئية في سوريا أو في غير سوريا ليغيروا مواقفهم فيبدو انهم سينتظرون طويلاً وطويلاً جداً، لأنه ما دامت الأزمة قائمة نحن على مواقفنا المحقة، ولا نتلون بين نصرٍ وخسارة، ولا نبحث عن مكسبٍ آني نلاحقه، إنما نقوم بعمل متقن على أساس الحق والاستقامة ولا نحيد عنه طالما أننا اخترناه بملء إرادتنا وهو طريق الصواب.
ادعوا جماعة 14 آذار أن يصارحوا الناس بالحقيقة، فليقولوا بأن القرار ليس بيدهم، والله عندها نعذرهم ونساعدهم حتى نتعاون نحن وإياهم ليتخطوا هذه الأزمة التي يعيشونها بسبب الضغط الإقليمي عليهم، لكن أن يقولوا أشياء غير صحيحة فهذا لا يناسب مقاماتهم، لأن الناس ستكتشف أنهم يكذبون عليهم، وبالتالي يسيؤون إلى أنفسهم ولا يعودوا صالحين لقيادة هؤلاء الناس بعد فترة من الزمن، نقول لهم: تعالوا نتفاهم ونتعاون ونتصالح مع بعضنا، إذا أمريكا بطولها وعرضها حائرة ومربكة ولا تعرف كيف تبدأ الحل في سوريا، لا تريد الحاكم في سوريا، ولا تريد النصرة واتلقاعدة في سوريا، وليست المعارضة جديرة بأن سوريا، والكل يتقاتل مع الكل ولا تعرف أمريكا من أين تدخل وإلى ين تصل، إذا أمريكا حائرة في الأزمة السورية ولا تعرف ما تريد، فهم ينتظرون ماذا ستكون النتيجة ويتعاطون معها، إذا كانوا كذلك إذاً سيتعاطوا مع الرئيس بشار في المستقبل وهذا هو الباقي والباقون سيسقطون إن شاء الله تعالى واحداً تلو الآخر.
وبعض الدول الإقليمية التي كانت تغدق الوعود وتقول بعد شهرين وشهرين، واضح أيضاً أنها مربكة ومأزومة وتعيش عقد نفسية، وليس بيدها حيلة، فإذا بقيتم وراءها ستربكون وستفشلون كما فشل هؤلاء، هذا المسار يمكن أن يبقي البلد في حالة الفراغ إلى انتخابات رئاسة الجمهورية، والله أعلم إذا كانت تجري انتخابات رئاسة الجمهورية أو لا تجري، لأن المسار تعطيلي في كل شيء، ولا يوجد نافذة ضوء حتى الآن، والسبب هو الارتهان للخارج، يا جماعة تعالوا نوقف حركة التعطيل التي تسيرون فيها، ونحن نساعدكم على ذلك، من أين تريدون البدء نحن حاضرون، تريدون البدء بتشكيل الحكومة؟ نحن حاضرون، تبدأون بتفعيل المجلس النيابي ليعمل؟ نحن حاضرون، تريدون طاولة الحوار من أجل أن نتفاهم ونحل بعض الإشكالات فيما بيننا؟ نحن حاضرون، تريدون لقاءات جانبية من أجل أن نذلل بعض العقبات ونحدث إخراجاً لا يكون فيه رابحاً ولا خاسر؟ نحن حاضرون، تريدون التفكير بسلة كاملة إلى الآن والمستقبل من أجل أن تضمنوا مساراً يجعلنا مع بعضنا نقوم بإدارة هذا البلد ونحييه ونجعل منه قدرة تواجه التحديات في المنطقة؟ نحن أيضاً حاضرون. والكل العروض التي نعرضها عليكم لا تريدونها، فماذا نفعل؟ نرهن الأمر لله تعالى ولكننا مستمرون بصبرٍ على الحق، ومن صبر نال في نهاية المطاف ما تمنى، أما من توتر وشتم وخرَّب فلا بدَّ أن تكون له نتيجة سلبية ويكتشفه الناس ثم لا يكون إلاَّ الحق.