محاضرات

"لكي نكون مع سبيل الله تعالى" / المحاضرة التي ألقاها في مجمع سيد الشهداء (ع) في الليلة الثانية من محرم الحرام 1428هــ

السلام على الحسين، وعلى أبناء الحسين، وعلى أصحاب الحسين، وعلى الشهداء الذين قاتلوا مع الحسين، وعلى النساء والأطفال الذين بذلوا المهج طاعة لأمر الإمام الحسين(ع)، والسلام على الشهداء الأبرار عبر التاريخ الطويل للمسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته،

إنَّ مسيرة الإمام الحسين(ع) هي مسيرة إلى الله تعالى، كلما ما فيها يشير إلى الله تعالى، رجالها رجال الله كانوا يعبدونه حق العبادة، ويعملون لمرضاته ليل نهار، وانطلقوا باتجاه كربلاء لإحقاق الحق وإزهاق الباطل تنفيذاً لأوامر الله تعالى في إحياء الدين،

السلام على الحسين، وعلى أبناء الحسين، وعلى أصحاب الحسين، وعلى الشهداء الذين قاتلوا مع الحسين، وعلى النساء والأطفال الذين بذلوا المهج طاعة لأمر الإمام الحسين(ع)، والسلام على الشهداء الأبرار عبر التاريخ الطويل للمسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته،

إنَّ مسيرة الإمام الحسين(ع) هي مسيرة إلى الله تعالى، كلما ما فيها يشير إلى الله تعالى، رجالها رجال الله كانوا يعبدونه حق العبادة، ويعملون لمرضاته ليل نهار، وانطلقوا باتجاه كربلاء لإحقاق الحق وإزهاق الباطل تنفيذاً لأوامر الله تعالى في إحياء الدين، جماعة كربلاء هم حزب الله النجباء، لأنهم اختاروا مسيرة مضيئة منيرة واضحة، لم يبالوا بالدنيا، ولم يلحقوا ما يلحق به الناس من هواجس مادية، بل ركزوا على شعارهم وهو إقامة الحق، شهداء كربلاء شهداء في سبيل الله تعالى ، أرادوا أن يصلحوا في أمة رسول الله(ص)، وكما قال الإمام الحسين(ع) :"إنما أريد الإصلاح في أمة جدي رسول الله(ص) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر" والشهداء في كربلاء حملوا هذا الهدف، نصرهم في كربلاء هو نصرٌ إلهي، لأنهم أصبحوا خالدين في الأمة وفي المستقبل، نحن اليوم نحيي ذكرى شهادة أبي عبد الله الحسين(ع) على الرغم من مرور هذه السنوات الطويلة كإحياء لمسيرة قائد وتوجيهات منقذ وتعاليم رباني وعملي صالح مجاهد في سبيل الله تعالى، فهو قد انتصر في كربلاء مع أصحابه لأنه خلَّد الإسلام وخلد مسيرته، بينما خزي الكفار وسقطوا في كربلاء في عملية المواجهة، وبالتالي نحن نعتبر أن الإمام الحسين(ع) في كربلاء انتصر مع أصحابه، ونصره نصر إلهي يكفيه أن يقول عنه رسول الله(ص):"حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً"، فتخلد حب الحسين في التاريخ على الرغم من أنف الحاقدين وعلى الرغم من كل المنافقين ليكون الشعار الحسيني هو شعار الله وفي سبيل الله ومن خلال رجال الله رعاهم الله جل وعلا.

عندما نرتبط برسالات السماء نكون قد حددنا الهدف واخترنا السبيل وهو سبيل الله تعالى، لذلك من الطبيعي أن تكون كل النتائج لله تعالى، البعض ينزعج عندما نتحدث عن عناوين اسمها رجال الله أو حزب الله أو نصر الله أو نصر إلهي، أو عطاء إلهي أو توفيق إلهي لأنهم لا يعرفون الله ولا يقتادون بأوامر ونواهيه، فهذا أمر طبيعي لأنهم يعبرون عن أشخاصهم، أنتم عندما تقولون أنكم مع مسيرة الإمام الحسين(ع) يعني مع المسيرة التي تسير نحو الله لأنكم حددتم سبيل الله كهدف، ما هو سبيل الله؟ سبيل الله هو الحق والخير والطاعة والاستقامة وهو الصدق، فكل عنوان خير فيه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر هو سبيل الله تعالى، فمن الطبيعي أن يكون هؤلاء الذين يلتزمون بعنوان سبيل الله من الذين يتصفون بهذه الصفات المشرقة العظيمة، قال تعالى عن رسول الله(ص):"قل هذا سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا من اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"، هذه سبيل الله يدعو إليها الرسول(ص) ليوصلنا إلى بر الأمان، ويقول تعالى في آية أخرى:" وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ "، من دفع لفقير فهو في سبيل الله ومن أغاث ملهوف فهو في سبيل الله ، ومن جهز غازياً فهو في سبيل الله، من أطعم عياله فهو في سبيل الله، من أنفق من أجل إقامة مجالس عاشوراء فهو في سبيل الله، من صرف أمواله لإعلاء كلمة محمد وآل محمد (ص) فهو في سبيل الله، ويسأل الله تعالى هؤلاء الذين لا ينفقون في سبيل الله:" وَمَا لَكُمْ أَلاَ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ"، ألا ترون أن الله تعالى هو الذي أعطاكم ، لماذا لا تنفقوا في سبيل الله تعالى ، إذاً المؤاخذة على الآخرين الذين لا ينفقون في سبيل الله، وقال أمير المؤمنين(ع):" الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله"، يعني كل شيء عند الإنسان يمكن أن يكون في سبيل الله تعالى ، حتى اللسان، عندما تقول الكلمة الطيبة، عندما تحبب الآخرين إليك، عندما تحسن التأديب والتوجيه لأولادك، عندما بين متخاصمين، عندما تطلق عبارات إيجابية كلها في سبيل الله تعالى، لأنه لا يوجد خير إلاَّ في سبيل الله تعالى، من هنا من كان يسلك طريق الخير فهو من رجال الله وهو من حزب الله وهو من الذين يرتبطون بالله، فهنيئاً لهؤلاء مع الله ولو كره شياطين الأرض والسماء، لأن من كان مع الله منصور دائماً وفائز في الدنيا والآخرة.

لكن قد يعترض معترض ! كثيرون هم الذين يقولون أنهم يعملون لله وفي سبيل الله، ولكن لا يبدو عليهم ذلك في النتيجة العملية، فهناك أناس يوالون بوش ويقولون قربة إلى الله تعالى، وأناس عملاء للعدو ويقولون قربة لله تعالى من أجل إصلاح حال الأمة، وأناس يرفعون شعار الإسلام ويذبحون الأطفال والنساء والشيخ من المسيحيين والمسلمين في العراق وفي أماكن أخرى ويقولون في سبيل الله تعالى، من الناس من يفجر الحسينيات والمساجد ويقولون أنه في سبيل الله تعالى، لقد احترنا معكم، من هو الذي يعمل في سبيل الله تعالى، وكلمة في سبيل الله تعالى ومع الله تأكل في الدنيا الآن، لأنه بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانهيار الاتحاد فالزمن الآن هو زمن الإيمان، لكن المنافسة من يعلو صوته أكثر وبالتالي حتى يتنافس الناس، حتى بوش (بلاصغرة) يقول أنه يأخذ أوامره من الله تعالىن نحن نعلم أن النبوة انتهت بمحمد(ص) ولا زالت النبوة موجودة عند بوش يتلقى الأوامر في قتل الأبرياء وفي دعم إسرائيل وفي غزو العالم، فما العمل، وكيف نعرف هؤلاء الذين يعملون في سبيل الله من غيرهم، فالنستمع إلى الله تعالى في قرآنه الكريم يقول:" لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ "، فأولاً لا يمكن أن يكون المؤمنين بالله تعالى مع الكفار والمجرمين والمنحرين والمحتلين يستحيل أن يكونوا كذلك، "ولو وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ "، حتى إذا كانوا أقرباء لهم، فأنت ليس عندك مبرر أن تمشي مع قريبك إذا كان منحرفاً وأن توالي إذا كان يعمل عملاً صالحاً،" أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ " الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، " وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "، إذاً ، الله تعالى سماهم حزب الله وأعطاهم صفات، يؤمنون بالله ، لا يسيرون مع من جحد وخالف أوامر الله تعالى ولو كان من الأقرباء، هؤلاء في قلوبهم الإيمان، ولكن كيف يأتي تسديد الله فليس لنا علاقة بهذا الموضوع لأن موضوع التسديد متعلق بالله عزَّ وجل، فمرات ينزعج البعض فكل مرة تقولون مدد إلهي ودعم إلهي ، نقول لهم، نحن نشعر بهذا الأمر أما أنكم لا تشعرون بهذا فهذه مشكلتكم، فنحن نرى أما العين دعم الله تعالى لنا، فدعمه لنا صواريخ طبعاً لا، دبابات لا ، طائرات لا، نحن نرى دعماً إلهياً أعظم بكثير من كل هذه الإمكانات نعيش سكينة في النفس يشعر معها المجاهد أنه إذا ضرب ضرب باسم الله وفي سبيل الله فتتحول الطلقة بين يديه إلى قوة لا يمكن أن تُهزم في مواجهة إسرائيل وأعداء الله تعالى.

هم يقولون أنهم لا يشعرون بهذا الدعم، فهل أن تعتقدون أنكم إذا وضعتم حواجز تقدرون على لمس هذا الدعم الإلهي، هذا الدعم الإلهي لا ينكشف بالليزر، ولا يمكن أن تكشفه أجهزة التنصت، ولا يمكن كذلك أن تضعه حواجز جغرافية ومادية، هذا دعم يأتي من الله إلى قلوب المؤمنين والمؤمنان ويفعل فعله على الأرض " وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى ".

إذاً فنحن نعرف من السلوك إذا كان الإنسان متدين أو لا، ومن السلوك نعلم أنه مع الله أو ليس مع الله تعالى، فمن يحاضر ويعطي المواعظ أنه مع الله ونريد الله ونؤمن الله وفي سبيل الله ، وفي نهاية المطاف يكون عمله كله ضرر مع عباد الله، فهذا لا يمكن أن يكون في سبيل الله تعالى، اسمعوا توصية الرسول(ص) عندما كان يُرسل جماعة للقتال(والقتال هنا مقاتلة الأعداء) كان يقول لهم إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم وأجلسهم بين يديه حتى يعطيهم التوجيهات الأخيرة قبل أن يتوجهوا إلى المعركة، ثم يقول:"سيروا باسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا صبية ولا امرأة، ولا تقطعوا شجراً إلاَّ أن تضطروا منها"، إذاً حتى في المعركة مع الأعداء هناك أخلاقية للمواجهة، هذا هو سبيل الله ، هذا ينكشف معه الناس، ويُعرف هؤلاء بشكل طبيعي، عندما نقول أن كل ما في كربلاء هو إلهي، إنما نقول ذلك لأنها مسيرة نحو الله تعالى، وهذه الدعوة يثبتها سلوك الإمام الحسين(ع) ومن معه أنه يسير في سبيل الله ومع الله تعالى، ماذا قال الإمام الحسين(ع) عندما انطلق من المدينة المنورة:"إنَّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله"، فإذاً يزيد الذي واجهه الإمام الحسين(ع)فاسق فاجر شارب للخمر قاتل للنفس المحرمة، الإمام الحسين(ع) الذي انطلق من المدينة المنورة، ما هدفه؟ "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله(ص) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر" إذاً المشروع واضح، الإمام الحسين(ع) في سبيل الله ، ويزيد هو إنسان منحرف، والبعض يلتبس عليه الأمر، يقول يا أخي لنعفو عن الوضع الماضي وندع التاريخ فالإمام الحسين مسلم ويزيد مسلم وكفى تفرقة بين المسلمين! أنا أسألكم بالله عليكم: هل أعطى الإمام الحسين(ع) صفة مذهب معين ليزيد وواجهه على هذا الأساس؟ إنما قال(ع): يزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل النفس المحرمة. ولم يقل: أنا شيعي ويزيد سني، لأن يزيد ليس سنياً هو منحرف فاسد كما كان أهل الكوفة الذين حسبوا على الإمام علي(ع) من المنحرفين الفاسدين الذين أرسلوا وراء الإمام الحسين(ع) ثم تخلوا عنه وقتلوا مسلم بن عقيل ولم يبق مع الإمام أحد من هؤلاء، إذاً فالمعركة ليست كمعركة الحسين الشيعي في مقابل يزيد السني، لا، المعركة معركة الحق مع الباطل، معركة الاستقامة مع الانحراف، معركة الطاعة لله تعالى مع المعصية لله تعالى ، معركة الأخلاق مع قلة الأخلاق، معركة الطاعة مع الفساد، وهذه المعركة كانت بارزة بأهدافها وعناوينها ، حتى نحن نتكلم عن أهل الكوفة الذين كانوا آنذاك ، فأهل الكوفة قسم منهم كانوا محسوبين أنهم مع أمير المؤمنين علي(ع)، وقسم آخر لا، فالذين مشوا مع الإمام علي(ع) هم الذين طلبوا الإمام الحسين(ع)، اسمعوا ماذا جاء في كتابهم إلى الإمام الحسين(ع):"أنه ليس علينا إمام، فأقبل لعلَّّ الله أن يجمعنا بك على الحق"، فتبين أنه عندما هددهم يزيد فرطوا جميعاً ولم يبقوا مع الإمام ، ماذا قال الإمام في طريقه إلى كربلاء في "ذي حسم"، "ألا ترون أن الحق لا يُعمل به وأن الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً ، فإني لا أرى الموت إلاَّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاَّ برما"، إذاً الإمام الحسين (ع) اختار سبيل الله تعالى، اختار طريق الحق، لم يختر مذهباً أو اتجاهاً ليواجه به المذاهب الأخرى أو اتجاهات أخرى، اختار سبيل الله تعالى ومن كان في مقابله كان مع سبيل الشيطان وكان مع الانحراف وهذا ما كان عليه يزيد، ولذا نحن نقول أن الإمام الحسين(ع) هو لكل المسلمين دون استثناء لأن كلمات رسول الله(ص) المدونة في كتب السنة والشيعة تقول:" الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، فسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين(ع) يقول عن يزيد أنه فاسد، وبالتالي مسيرة الإمام مسيرة في سبيل الله، أما مسيرة يزيد فهي مسيرة ضلال وانحراف.

بعض الناس اعترضت ، هل فقط أنتم حزب الله، لا هذا غير صحيح، نحن نقول عن أنفسنا أننا حزب الله ، وكل واحد في الدنيا يستطيع أن يقول أنه حزب الله، والله تعالى يعرف من معه ومن ليس معه، لكن لا يقدر أحد أن يعطي هذه التسمية لنفسه دون أن يتمثل بها ، عندما نقول أن الشباب المجاهد الذي قاتل إسرائيل هم رجال الله، لا نقول ذلك لنصادر حق أولئك الذين يكونون من رجال الله ولا يكونون معنا في هذا الموقع، ربما كانوا في مواقع أخرى في العالم، لأنهم مع الله في أخلاقهم وإيمانهم وسجودهم وطاعتهم وإنسانيتهم فهم رجال الله تعالى أيضاً، فإذاً نحن أردنا أن نسمي هذه التسمية من أجل أن نقيد أنفسنا بهذه المسيرة، عندها عندما ننجح في أن نكون حقاً على طاعة الله تعالى، يحق لنا أن نقول عن شبابنا أنهم رجال الله، لأنكم كما تعلمون مع كل التنوع الطائفي والتعقيدات الموجودة في لبنان وفي المنطقة وصلت المقاومة الإسلامية إلى حد أنها حققت إجماعاً وطنياً وعربياً وإسلامياً وإنسانياً، فلولا أنها كانت مضيئة لله تعالى لما حققت هذا الإجماع، وطبعاً نحن لا نقوم بإدعاء، نحن نمارس بالتطبيق العملين لا نفعل كما فعل اليهود عندما ظنوا أنفسهم شعب الله المختار، حتى مع التسمية سموا أنفسهم شعب الله المختار، فهم شعب الله المنهار، شعب الله الذي يؤدي بالبشرية إلى الخراب، هذا شعبٌ لا يستحق أن يرتبط بباسم الله وفي سبيل الله، والله تعالى قال عنهم في القرآن الكريم:" فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَ قَلِيلاً "، إذاً لا يكفي أن يسمي أحد نفسه وإنما التطبيق والسلوك العملي، اسمعوا مع النبي عيسى(ع) حتى لا يقول أنهم أننا نخترع التسمية ، لا هي موجودة في القرآن الكريم، وفي رسالات السماء، ماذا قال النبي عيسى(ع) :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ"، يعني الحواريون أسمهم أنصار الله، رجال الله، محبو الله، لأنهم آمنوا ، عندها قال تعالى:"فآمنت طائفة..ظاهرين"، وأصبحوا منتصرين وغالبين، وأصبحوا موفقين وبارزين بأنهم في الخط الإيماني الحقيقي، فالله تعالى في القرآن الكريم يسمي أنصار الله ، ويسمي حزب الله، وهناك رجال الله، كل هذه العناوين مرتبطة بالسلوك حتى نعرف أنها إذا كانت تنطبق على جماعة أم لا فنرى تطبيقهم العملي وممارساتهم العملية، من أراد أن ينافس في أن يكون من رجال الله فهذا مسرح الحياة موجود، ليكون مطيعاً، عابداً ، خلوقاً، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

هنا نأتي إلى نصر تموز في مواجهة العدوان الإسرائيلي، سمينا النصر في تموز بأنه نصرٌ إلهي، ونقول لكم اليوم ونحن نصر أنه نصرٌ إلهي، لماذا؟

أولاً: لأن المسار مسار شريف: تحرير الأرض ، العمل على منع العدوان، إعطاء العزة للأمة، هذه كلها عناوين شريفة وعظيمة يريدها الله تعالى.

ثانياً: النتيجة أن إسرائيل هُزمت هزيمة ساحقة، وهنا أضع بين هلالين هذه الكلمة وتذكرها جيداً واختلت قوة الردع الإسرائيلية، أتعرفون ما معنى هذا، منذ سنة 48 حتى سنة 2006 إسرائيل تعتبر أن وجودها في المنطقة مرتبط بقوة ردعها، هي تخيف العرب ، تخيف الفلسطينيين، تخيف اللبنانيين، تخيف الجميع، في حرب تموز سقطت قوة الردع هذه، اهتزت، أي أن إسرائيل اليوم تعيش حالة نفسية ومعنوية مقيتة جداً على المستوى العسكري والشعبي، وبالتالي تعيش الأمة في المقابل حالة عزة ومعنويات، وتحتاج إسرائيل إلى وقت طويل لترمم قوة الردع عندها إن كانت ستستطيع بعد اليوم أن يكون لها قوة ردع في مواجهة رجال الله وأنصار الله وأبناء حزب الله الشرفاء.

ثالثاً: لماذا هو نصرٌ إلهي؟ كل المعايير المادية تقول : أن إسرائيل لا بدَّ أن تهزم لبنان ومن هو في لبنان، بسبب الآلة العسكرية والدعم الدولي، لأننا كنا أمام حرب عالمية بإدارة أمريكية إسرائيلية في مواجهة لبنان الصغير وفي بقعة جغرافية محددة، مع ذلك حصل الانتصار، وتسألون : هل أنتم توقعتم الانتصار؟ أصدق القول : كنا نتوقع أن ننتصر بتوفيق الله تعالى، لكن لم نتوقع يوماً أن ننتصر بإمكاناتنا، لكننا واثقون أن الله الذي قال في كتابه العزيز" وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ " ، كنا نسجد ونبكي ونتضرع إلى الله ونقول: أعددنا يا رب ما عندنا فأرنا يا رب ما عندك لنُري هذا العدو أن رجال الله ينتصرون على رجال الشيطان. فالعالم مذهولة كيف حصل الانتصار، فالحق معهم، وليس اليوم ولا غد بل بعد خمسين سنة عندما يقرأون في التاريخ فيقولون : عجيب كيف انتصر هؤلاء القوم، هذا أمر أقرب إلى المعجزة، لكن نحن مطمئنون إلى الله، وتقولون لنا أنه ليس نصراً إلهياً!، فهو نصر إلهي ليس بالصواريخ ولا بالشاحنات المحملة بالعتاد بل دعم إلهي بالمعنويات وبالأمل والروحية الكبرى ، وبالشعور بأن الله لا يمكن إلاَّ أن ينصرنا وانتصرنا بحمد الله تعالى.

رابعاً: هذا نصر إلهي لأن الملاحم التي سطرها المجاهدون كانت عظيمة جداً، وتتذكرون أن بنت جبيل سقطت أو لم تسقط، سقطت لا لم تسقط...انتهت الحرب ولم تسقط بنت جبيل، من هم الموجودون في مدينة بنت جبيل عدد قليل من رجال الله، عدد قليل من المؤمنين بالله، الذين كانوا يطلقون القذائف ثم يعودون إلى صلواتهم ويتضرعون إلى الله تعالى ويلجأون إليه فيعطهم الله تعالى المدد، في المقابل كان الإسرائيليون يرون أشباحاً أمامهم، لا أعلم من أين أتوا بها وكيف رأوها ، لكنهم كانوا خائبين خائفين يبكون هاربين، أوليست هذه الملاحم هي تعبير عن النصر الإلهي للمؤمنين، وإلاَّ أعطونا أيها المخالفون للنصر الإلهي من عندكم أمثال هؤلاء الرجال الذين يخافون الله فيخيف بهم أعداء الله تعالى.

خامساً: صمود الشعب، كان صموداً رائعاً، صمود المرأة ، التي كان يُقتل أطفالها، وكان يُهدم بيتها، ومع ذلك تقف شامخة مع ضعفها، ملأ الله تعالى قلبها بعزيمة وقوة لأنها شعرت في هذه اللحظة أنها إن لم تقف كزينب فهذا سيهز في واقع المعركة، فوقفت، فرأى العدو حسيناً في المعركة وزينب في الحماية وفي الخيم وفي الأماكن الأخرى، فمع الحسين وزينب لا يوجد هزيمة على وجه الأرض، ولذا كان الانتصار بحمد الله تعالى.

نحن عندما نقول أنها نصر إلهي لا نأخذ صفة الإله لنا، فكل واحد يقدر أن ينتصر ويقول أنه نصر إلهي إذا كان الله تعالى قد وفقه للنصر، وكذلك الأمر يقدر أي واحد أن يقول هزيمة إلهية إذا الله تعالى أخزاه وهزمه في آنٍ معاً. فالله تعالى ربانا وعلمنا وقال لنا خذوا هذه التعليمات، فالله تعالى ذكر لنا في القرآن الكريم عن جماعة يشمئزون وينزعجون من ذكر الله ومن رجال الله ومن المؤمنين بالله، قال تعالى:" إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ "، سبحان الله وكأن التاريخ يعيد نفسه، فهناك أناس يشمئزون من النصر الإلهي، لأنهم لا الآن ولا بعد ذلك سيذوقون النصر الإلهي لأنهم ليسوا مؤهلين لذلك، فهم بحاجة إلى غسيل قلب ودماغ وتوبة نصوحة، فهم بحاجة إلى حفر كثير بهذه العقلية وهذه القلوب حتى يعودوا إلى الله تعالى، ونحن هنا لا لنحاسب أحداً ، أو لندخل أحداً إلى الجنة أو إلى النار، لكن نقول لهم: عودوا إلى رشدكم وفكروا ملياً فستتعرفون إلى الطريق الصحيح الذي يجب أن تسيروا عليه وإلاَّ خسرتم.

من هنا عندما نؤكد على هذه الواقعة، واقعة النصر الإلهي في تموز إنما نربط الأمور بالمسيرة نحو الله تعالى، عندما نقول كربلاء مسيرة نحو الله، نقول أيضاً حزب الله مسيرة نحو الله، المؤمنين على الأرض مسيرة نحو الله، كل عملٍ في خير مسيرة نحو الله، ولذا هؤلاء الذين يسيرون بهذه الطريقة يكونون من رجال الله ومن حزب الله" ألا أن حزب الله هم الغالبون" وهذا تعبير إلهي علَّمنا عليه وربَّانا عليه جلَّ وعلا.

إذاً نحن ندعو إلى الارتباط بالله تعالى، هذا الارتباط يعطي القوة والطاقة للإنسان المؤمن والمهيئ، كل واحد منَّا يستطيع أن تكون مسيرته نحو الله تعالى، حتى المنحرفون عندهم قابليه أن يسيروا نحو الله تعالى، لكن ربما البعض الأجواء التربية لم تساعدهم، ربما بظروف معينة انحرف بسببها، نتذكر أنه في مكة المكرمة كان يوجد مشركين بالله تعالى، عندما آتاهم رسول الله(ص) وعلَّمهم أقبل قوم منهم وحسن دينهم وأصبحوا من رجال الله الشرفاء ومن صحابة رسول الله(ص)، إذاً الإنسان يملك قابلية، لذلك نحن ننظر إلى الآخرين عندما ندعوهم إلى الله تعالى، ليس من موقع أننا نوزع الإيمان، لا لا علاقة لنا بهذا الموضوع، نحن نسأل الله تعالى أن ينجينا، فنحن لا نأخذ أحداً إلى جنة الله تعالى، فعمل الإنسان وسلوكه هو الذي يأخذه إلى الجنة، لكن ندعو إلى الارتباط بالله تعالى، لأن هذا الارتباط يوفر على الإنسان تجارب وأخطاء كثيرة، أتدرون لماذا نحن نعيش حالة من الثقة بالنفس والإطمئنان بالله تعالى، لأن الله ربنا الذي خلقنا قال لنا من اللحظة الأولى لا تتعبوا أنفسكم هذه الشريعة موجودة أمامكم وهذا حلال وهذا حرام، اتبعوا ما أقول لكم تعيشون سعداء، فما دخلنا إذا غيرنا يجرب ويخطئ ، يجرب ويخطئ..ويعتذر ويخطئ ويقع ويوقع الناس معه، فهذه مشكلته هو، إذا كنا مرتاحين، فنحن مرتاحون لأننا نعرف الطريق والأمر واضح أمامنا وضوح الشمس، ونحن لا نتوتر، ولا نعيش حالة من الاحباط إذا كان الدنيا في حالة كفر وانحراف، فواجبنا أن نقوم بما علينا والتوفيق من الله تعالى، ونحن غير مسؤولون عن النتائج، لذلك نحن ندعو إلى الارتباط بالله جل وعلا، هذه توصل إلى النتيجة السعيدة وتعزز الأمل بنفس الإنسان، يتلمس المؤمن دعم الله تعالى له، هناك قرآن كريم ، وحي من السماء، ماذا قال لرسول الله(ص) ومن معه من الأصحاب الذين بايعوه تحت الشجرة، قال:" إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ"، فالله تعالى يقول لنا بأنه سيكون معنا ، ويدي فوق أيديكم، سأحضر معكم في الميدان، سأكون معكم في الموقع السياسي، الآن هم يعترضون ويقولون: حتى في السياسة الله تعالى معكم؟ نعم ، حتى في السياسة الله تعالى معنا، عندما يكون الله تعالى مع أحد، يكون معه في الميدان وفي السياسة وفي العائلة وفي كل موقع ، ومن أراد أن يجرب فليأتي إلى الله ليذوق طعم النور الذي ذاقه الإمام الحسين(ع)، وذاقه رجال الله جلَّ وعلا.

حتى نحسم الجدل، أنا أنصح الذين يعيبون علينا أن ينزعجون أننا نسمي أنفسنا رجال الله أو أننا نعتبر النصر نصراً إلهياً، نقول لهم: تعالوا ندعو بدعائين، دعاؤنا لله تعالى: اللهم احشرنا مع محمد وآل محمد، ومع النبي عيسى والنبي موسى ومع الصالحين في يوم القيامة، وأنتم ادعوا : اللهم احشرنا مع بوش وأولمرت ومع غولدمائير ومع كل هؤلاء، إذا كنتم تستطيعون أن تدعوا بهذا الدعاء ، وإذا كنتم تخجلون أو تخافون فأدعوكم إلى الله تعالى، ونقبل معكم أن تدعوا إلى الله تعالى معنا لنكون صفاً واحداً على طاعة الله تعالى.