محاضرات

" الهجرة في الله" / المحاضرة التي ألقاها في منطقة حي الجامعة في الليلة الأولى من محرم الحرام 1428 هـ .

السلام على الحسين، وعلى أبناء الحسين، وعلى أصحاب الحسين، وعلى الشهداء الذين قاتلوا مع الحسين، وعلى النساء والأطفال الذين بذلوا المهج طاعة لأمر الإمام الحسين(ع)، والسلام على الشهداء الأبرار عبر التاريخ الطويل للمسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته،

السلام على الحسين، وعلى أبناء الحسين، وعلى أصحاب الحسين، وعلى الشهداء الذين قاتلوا مع الحسين، وعلى النساء والأطفال الذين بذلوا المهج طاعة لأمر الإمام الحسين(ع)، والسلام على الشهداء الأبرار عبر التاريخ الطويل للمسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته،

هاجر الرسول(ص) من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وكانت هجرته في العام الأول للهجرة وقد حصل التأريخ من الواحد من محرم كتعبير عن السنة التي هاجر فيها رسول الله(ص) وهي ليست تعبيراً عن اليوم الذي هاجر فيه الرسول(ص)، أما سبب الهجرة فهو تكالب قريش على النبي(ص) وهم يريدون قتله بعد أن فشلوا في أن يلتزم بمنهجهم وقناعاتهم، فقد عرضوا عليه كل المغريات، وتحدوا بكل التحديات، وحاولوا أن يوسطوا عمه أبا طالب من أجل الوصول إلى حلٍ مشترك بينهم وبن رسول الله (ص) ولو أدى هذا الحل إلى تقاسم الإيمان بينهم وبينه، فقد عرضوا عليه أن يعبد إلههم سنة ويعبدوا إلهه سنة، وقد عرضوا أن يعطوه المال والجاه والسلطان والزوجة وكل ما يرغب به شرط أن يتنازل عن تمسكه بهذا الدين وعن دعوته لله تعالى صافياً صادقاً مستقيماً، فكان جوابه القاطع:" والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما فعلت حتى يحققه الله أو أهلك دونه"، وكانت الآيات القرآنية في سورة الكافرون واضحة لجهة تبيان موقف الرسول(ص){قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون* ولا انتم عابدون ما أعبد* ولا أنا عابد ما عبدتم* ولا أنتم عابدون ما أعبد* لكم دينكم ولي دين}، فالمساومة على دين الله مرفوضة، حتى لو كلف الأمر الحياة مما جعل قريش تجتمع بكل شعبها وتتفق فيما بينها على أن تقتل الرسول(ص) إذ لا يوجد حلٌ آخر مع هذا الرجل المطيع لله تعالى والمسلم أمره لله جلَّ وعلا، وحاولوا إتقان القتل فجمعوا شاباً من كل قبيلة حتى يضيع الدم بين القبائل، فلا يقال أن قبيلة قد قتلت رسول الله(ص) بل يُقال أن القبائل بأسرها قد ساهمت في قتل الرسول(ص)، وهنا نزل وحي السماء وأمر الرسول(ص) بمغادرة مكة المكرمة ووفق الله تعالى نبينا بأن يخرج من بينهم في ليلة ظلماء ويرش التراب على رؤوسهم فيأخذهم النوم ويغادر مكة دون أن يروه ويجلس أمير المؤمنين مكانه وينام على فراشه، وعندما دقق القوم بمن هو في داخل المنزل ظنوا أن الرسول لا زال في داخل البيت فاقتحموه لقتل الرسول(ص) لكنهم فؤجؤا بأمير المؤمنين علي(ع) ذاك الرجل العظيم الذي فدى بنفسه رسول الله(ص) وكان سؤاله الوحيد لرسول الله(ص): أوتسلم يا رسول الله إن نمت معك. قال : بذلك وعدني ربي. فسر أمير المؤمنين ونام على الفراش منتظراً للقتل مفتدياً لرسول الله(ص) ليتابع رسالة الإسلام.

هاجر الرسول من مكة إلى المدينة من أجل استمرار الدعوة الإسلامية، ولن بقاءه في مكة المكرمة لم يعد مجدياً، فمن آمن قد أمن وبقي الآخرون على كفرهم، وقرروا أن يضيقوا على المسلمين إلى درجة قتل الرسول(ص) إذاً لا بدَّ من الهجرة، والهجرة ليست هرباً من الموت، لكن الهجرة ابتداء للحياة الجديدة في طاعة الله تعالى من خلال إقامة دولة الإسلام في المدينة المنورة، هو لم يترك مكة لينجو من القتل إنما ترك مكة المكرمة لاستمرار العمل في طاعة الله تعالى، إذ لا يجوز أن يترك نفسه بين قوم يريدون قتله دون أن تحصل الفائدة من هذا القتل ولو كان القتل مفيداً للإسلام ونافعاً لنشر الدين لقتل في ذاك الموقع لكن الله ادخره ليتابع المسيرة في المدينة المنورة ويقيم أول وأعظم وأرقى دولة للإسلام على وجه الأرض تُقام في المدينة المنورة ليُعبد الله تعالى على أساس منهج الإسلام ولتحكم الأمة بمنهج القرآن الكريم.

هكذا كانت الهجرة وهكذا كانت الانطلاقة، والله تعالى يقول في كتابه العزيزفي الحديث عن المؤمنين الذين آمنوا بالله تعالى وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله :{ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتينا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض والذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله والله عنده حُسن الثواب} هذا العطاء الإلهي للمهاجرين المجاهدين فغي سبيل الله تعالى، مع كل ما يكتنف الهجرة من أعباء وصعوبات تواجه المؤمنين، ليست الهجرة في سبيل الله تعالى هجرة فرح ومرح، بل الهجرة في سبيل الله تعالى هجرة معاناة وتعب وتضحيات وقتل في سبيل الله تعالى، لكن ما دامت الهجرة في سبيل الله تعالى فمرحاً وأهلاً بكل النتائج التي تنتج عن تلك الهجرة مهما كانت الصعوبات والعقبات.

هكذا هاجر الإمام الحسين(ع) من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة باتجاه كربلاء، ولاحظوا كيف كانت الهجرة معاكسة، النبي يهاجر من مكة إلى المدينة طاعة لله تعالى، وحفيده الحسين(ع) يهاجر من المدينة إلى مكة المكرمة طاعة لله تعالى، لأن والي المدينة المأمور من يزيد طلب من الإمام (ع) أن يبايع، وكانت أوامر يزيد بأن يصر على البيعة وإلاَّ فالقتل، وهنا قرر الإمام الحسين(ع) أن يغادر المدينة المنورة مهاجراً في سبيل الله تعالى من أجل نصرة هذا الدين، وقال في وصيته لأخيه محمد بن الحنفيه في الليلة التي هاجر فيها إلى مكة المكرمة قبل إنتهاء شهر رجب بيومين من سنة الستين للهجرة، قال:" إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي (ع) فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ أصبر حتى يحكم الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين" هذه هي القاعدة التي انطلق منها إمامنا الحسين(ع) ليهاجر من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة، كان يعلم أن القتل هو النتيجة فيما لو بقي في المدينة المنورة، ولو كان القتل يشكل خدمة للإسلام لبقي وقُتل، لكنه يعلم أن هجرته هي التي ستعطي الفائدة للإسلام فهاجر من أجل الدين ومن أجل رفع رايته، وهكذا نرى أن الهجرة كيفما كانت من أي مكان إلى أي مكان آخر إنما تكون مشروعة عندما تكون هجرة في سبيل الله من أجل إعلاء كلمة الحق، لم يهاجر إمامنا الحسين(ع) من أجل حياته الخاصة، لم يهاجر إمامنا الحسين(ع) ليحافظ على بقاء حياته المادية، لم يهاجر إمامنا الحسين(ع) للبحث عن حلول دنيوية للأزمة القائمة في بيعة يزيد، بل هاجر من أجل رفع راية الإسلام، وهاجر من أجل فضح يزيد، وهاجر من أجل أن يُقتل في سبيل الله تعالى في الموقع المناسب وفي اللحظة التي يمكن أن يخدم فيها الإسلام المحمدي الأصيل، وهكذا كانت هجرته في سبيل الله تعالى.

ونحن اليوم عندما نتحدث عن الهجرة ونتعرف عليها يجب أن نعلم بأننا معنيون في أن نهاجر دائماً إلى الله تعالى، قد نهاجر في المكان من مكان إلى آخر، وقد نهاجر في الزمان بين وقت وآخر، وقد نهاجر من جسد امتلأ بمعاصي الله تعالى إلى روح فيها الطاعة لله تعالى، فنحن بحاجة إلى هجرة دائماً تجعلنا نقترب من التوبة إلى الله تعالى، فكما هاجر الرسول طاعة لله وكما هاجر الحسين طاعة لله فعلينا أن نهاجر طاعة لله تعالى، قد نحتاج إلى هجرة من بيوتنا إلى سوح الجهاد، وقد نبقى في بيوتنا، ونحتاج إلى هجرة من آثام الشيطان إلى طاعة الرحمن، فالهجرة واسعة جداً تنتقل بالإنسان من حالة المعصية إلى حالة الطاعة، ومن حالة الطاعة إلى استمرارها ورقيها حتى يأذن الله تعالى بالموت عندما تنتهي هذه الحياة، ولذا قال الرسول(ص):" الهجرة هجرتان: أحدهما أن تهجر السيئات، والأخرى أن تهاجر إلى الله تعالى ورسوله ولا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة" فما دمت تائباً إلى الله تعالى فأنت مهجر في كل حياتك، مهاجر من الآثام، مهاجر من الانحراف، مهاجر من الطاعة في حدها الأدنى إلى الطاعة في حدها الأقصى، مهاجر من الدنيا إلى الآخرة، مهاجر من الجسد إلى الروح، مهاجر من الطعام إلى غذاء الطاعة والأخلاق قربة إلى الله تعالى، وقد نُقل عن العرفاء في تفسيرهم لقولاه تعالى:{والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله ، والذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم }بأنهم هاجروا الجسد إلى الروح وأخرجوا من الآثام إلى الطاعات ليكونوا دائماً في حالة حركة وتنقلت وحيوية في سبيل الله وفي طاعته، وقد سُئل الرسول(ص) : أي الإيمان أفضل.

قال : الهجرة .

وما الهجرة يا رسول الله.

قال: أن تهجر السوء. فأي الهجرة أفضل يا رسول الله ؟

قال: الجهاد في سبيل الله تعالى، هذا يعني أن الإنسان في حالة جهاد دائم ضد أعداء الله تعالى وضد المنكر وضد الانحراف وضد المعاصي، فيكون بذلك في حالة هجران للسوء وفي حالة إقبال على طاعة الله جلَّ وعلا، من هنا قال رسول الله (ص):" أيها الناس هاجروا وتمسكوا بالإسلام، فإن الهجرة لا تنقطع ما دام الجهاد" وهذا يعني أن الجهاد في سبيل الله هو العنوان الرئيس الذي يحافظ على الطاعة والإيمان والالتزام لأننا سنواجه أعداء الله تعالى، هل نستسلم لهم؟ هل نقبل باطروحاتهم وضغوطاتهم؟ هل نخضع لمغرياتهم؟ سنقول لهم : لا. لكنهم لن يقبلوا هذا الرفض كما لم يقبلوه من الرسول(ص) وكما لم يقبلوه من الحسين(ع)، إذاً سيواجهوننا فهل مستعدون للجهاد في سبيل الله؟ إذا كنا كذلك فهذا يعني أننا مهاجرون مع الرسول وعلي وفاطمة والحسين والحسن(ع) وأننا في طاعة الله لترتفع الروح عالية ويعم العدل على الأرض باسم الله وفي سبيل الله ويخزى الباطل بإذن الله تعالى بضربات المجاهدين وصمودهم.

وقد ورد في الروايات أن التعرب بعد الهجرة غير جائز، ومعنى هذه الكلمة بأن الإنسان إذا هاجر في سبيل الله ليحفظ دينه فلا يجوز له أن يعود إلى موطن الكفر عندما يؤدي ذلك إلى خسارة دينه، وهذا ما يسمى بالتعرب بعد الهجرة، انظروا إلى حديث رسول الله (ص)يقول" لا تعرب بعد الهجرة ولا هجرة بعد الفتح"، يعني بعد أن فُتحت مكة بمعنى ذلك بأن المسلمين بإمكانهم أن يدخلوا إلى مكة لأنها أصبحت مهداً للإسلام، ولم يعد دخولها منكراً لأن فيها كل الطاعة لله تعالى بعد فتح مكة، فمعنى ذلك أن المقياس هو أن تبحث في أي موقع تكون، ومع أي جماعة تجلس، وكيف تتعاطى في حياتك اليومية، أنت الذي تتحمل مسؤولية المعاصي إذا كنت بين جماعة تعصي الله تعالى ولا تغادر هذه الجماعة، إن كانت أسرتك عاصية ولم تتمكن من إصلاحها ففتش عن موقع وجماعة يمكنك أن تعبد الله تعالى معهم لا أن تستلم للمعاصي وتتراجع عن طاعة الله، إن كان أصحابك في الحي من الذين يبعدونك عن طاعة الله تعالى فاهجرهم إلى أصحاب يعبدون الله ويخشونه ويؤمنون بالله تعالى حتى تستقيم حياتك، إن كنت مبتلياً بالمعاصي والآثام فصمم على درب الحسين(ع) أن تهجر المعاصي وأن تنتقل إلى طاعة الله تعالى لتكون عظيماً قوياً في طاعة الله تعالى، والله سيأخذنا على تقصيرنا إذا سببنا لأنفسنا انحرافاً بسبب موافقتنا على العيش في مجتمع منحرف، فالله تعالى يقول في القرآن الكريم{إن الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسه قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا} لأنهم يتحملون مسؤولية الاستكانة والإستسلام فلا يحق لك أن تبقى في موقع الإثم وتشارك الآثمين تحت عنوان أنك مستضعف، فبإمكانك أن تتركهم وتهجرهم وترفضهم، فإذا عجزت عن رفضهم وخفت على دينك وشعرت بأنهم سيلزمونك بالمعاصي عندها غادرهم إلى طاعة الله ولو كلفك الأمر أن تهاجر إلى مكان آخر وإلى جماعة أخرى، لأنم مسؤول في أن تحافظ على دينك.

فالهجرة كما نفهما هي هجرة إلى الطاعة، والرقي والجاهد، وهي هجرة إلى تثبيت دين الله تعالى على الأرض، هي هجرة من أجل إحقاق الحق، هي هجرة من أجل أن يبقى صوت الإسلام مرفرف عالياً، هي هجرة لتبقى صرخة التكبير أقوى من صرخات الكفر ببركة المجاهدين في سبيل الله.

وقد رأينا أن شباب المقاومة الإسلامية عندما هاجروا وهجروا دنياهم وأقبلوا على آخرتهم، وعندما هجروا ملذات الحياة الدنيا وذهبوا إلى سوح الجهاد، وعندما هجروا المغريات الدنيوية وواجهوا أعداء الله اليهود، وعندما تركوا كلما ما يشد الشباب إلى الأرض وذهبوا إلى حيث يرتفعون إلى السماء استطاعوا أن يعطوا نموذجاً راقياً في الطاعة لله تعالى وهزموا اسطورة إسرائيل بهجرتهم إلى الله وطاعتهم لله تعالى.

ولذا عندما تجد العالم مندهشاً من تجربة حزب الله فلا تستغربوا هذا الأمر، لأنها بالفعل تجربة نبوية وتجربة حسينية، هي تجربة أصيلة أعادت لشريعة الله تعالى مجدها ومكانتها ودورها وفعاليتها في الحياة، وعندما يخافون من هذه التجربة فلأنهم يعلمون أنها الطهر الذي يكشف الرذائل، وأنها الفضيلة التي تفضح الآثام، وأنها التجربة التي تسقط التجارب المخزية، وأنها العزة التي تسقط الذل التي أرادوا أن يكرسوها في حياة الأمة، من هنا هذه التجربة هي تجربة رائدة في طاعة الله تعالى، ونحن مصممون على متابعة تجربتنا على قاعدة تقديمها بالأداء العملي والإخلاص وبالتضحيات وبالهجرة في سبيل الله تعالى، لم نحمل يوماً بندقية لنلزم أحداً بأن يعبد الله تعالى كما نؤمن، لكننا حملنا صلاة سجدنا معها لله تعالى فدخلت إلى القلوب والعقول وآمن الناس بالله تعالى،ولن نحمل يوماً سوطاً أو سيفاً لندعو الناس إلى الله تعالى فمن لا يدخل إلى قلبه نداء الله من القلب المؤمن إلى القلب الذي يقبل دعوة الله تعالى فلا نريده في صفوفنا ولا نريده في إيماننا هذا هو ديدينا، هل تعتقدون أن الرسول (ص) كان قوياً بسيفه لقد كان قوياً بطاعته لله تعالى فأخاف الكفر، هل تظنون أن جحافل جيش الحسين(ع) كانت لا تحصى ولا تعد، لقد كان معه الأطهار الأبرار الذين إذا سجدوا لله تعالى سجدت الملائكة في السماء وارتفع النور على كل الأرض وفضح الظلمة والظلام، هذه هي القوة التي نعمل على أساسها والتي ننطلق من خلالها، وأقول لكم بكل وضوح سنبقى في هذا الخط، لن نستخدم أساليبهم الملتوية والمنحرفة، إذا ظنوا أنهم يتفوقون بالمعصية فسنصر على تفوقنا بالفضيلة وستنتصر الفضيلة على المعصية، وإذا ظنوا أنهم يحملون إمكانات مادية فسنتحداهم بما نملك من مدد إلهي {وما رميت إذا رميت ولكن الله رمى} وليجربوا حظهم المعركة طويلة وليست قصيرة من أعتقد أنه يوجد استراحة في المنطقة لفترة من الزمن فهو واهم، أو أنه هناك حلاً يُخطط له من أجل معالجة الشرق الأوسط فهو واهم، كيف يكون الحل قائماً وإسرائيل المعتدية الإرهابية تستخدم العدوان والمجازر من أجل فرض شروطها، هذا يعني أننا أمام معركة طويلة لا بسبب أننا نريد هذه المعركة أن تطول، لكن لأننا لا نقبل أن تؤخذ أرضنا وحقوقنا وكرامتنا تحت عنوان الإرادة الدولية الجائرة التي تناصر الظالم ونقبل بكل إرادة تناصر المظلوم وإعادة حقه، ولذا سنبقى مقاومة تواجه العدو من أجل استرداد كامل الحقوق غير منقوصة مهما كان الثمن ومهما كان الزمن ومهما كانت التضحيات.

نحن اليوم نربى على جهاد الإمام الحسين (ع) لا لنتغنى بماضي الجهاد بل لنجاهد كما جاهد وقد أثبتت المقاومة الإسلامية هذا المنطق، نحن نستعرض ذكرى عاشوراء لا لنكون مع عاشوراء التاريخ بل لنصنع عاشوراءنا في الموقف والانتصار، وثقوا أن الله تعالى معنا"يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم".