ومما جاء فيها:
نحن اليوم أمام مقاومة لا تعبِّر عن مجموعة مسلحة، والمقاومة اليوم خيار شعبي وثقافي ووجداني دخل إلى قلب كل شاب وطفل وامرأة وعجوز، أصبح جزءاً لا يتجزأ من الهواء الذي نتنشقه ومن الحياة التي نعيشها، ولذا نقول لأولئك الذين يظنون أنهم إذا صوَّبوا سهامهم على المقاومة فإنها ستتضرر أو ستسقط بعد حين، نقول لهم بأن سهامكم ستذهب أدراج الرياح، فالمقاومة عصية على الاستكبار وإسرائيل وأذناب إسرائيل، وبالتالي هي اليوم جزء من لبنان الكرامة والمعنويات، هذه المقاومة وُجدت لتبقى إن شاء الله تعالى، ولا زوال لها ولا خضوع لها، لأن من يحملها أناسٌ باعوا أنفسه لله تعالى من أجل الكرامة والعزة، والله تعالى لن يخذلهم أبدا.
المقاومة اليوم تمثِّل الوطنية والشرف والحرية والكرامة والسيادة، المقاومة اليوم ليست ورقة للمساومة أو المبادلة أو الحصول على مكتسبات محلية أو إقليمية أو دولية، المقاومة اليوم هي الحياة بواقعها ومستقبلها، ولذا هي مستمرة إن شاء الله تعالى.
نحن اليوم في لبنان مطمئنون ومرتاحون، ونتابع المسار السياسي والمسار المقاوم، دون إزعاج ودون قلق، وكل الأمور تسير بحمد الله تعالى كما نريد وزيادة، ولكننا بطبيعة الحال نسير خطوة خطوة، والآخرون يصرخون فيذهب صراخهم في الهواء.
في لبنان توجد مديونية مرتفعة تصل إلى حوالى 60 مليار دولار، هذه المديونية هي نتيجة للفساد ومخالفة الصلاحيات والقوانين والأنظمة. نحن نحاول من خلال وجودنا في هذه الحكومة مع شركائنا وحلفائنا أن نعطي تجربة جديدة لضبط الوزارات بحسب القوانين والأنظمة، وحريصون على استمرارية هذه الحكومة لبناء الدولة وتلبية حاجات ومصالح الناس، وقد أصبح واضحاً للجميع أن من يراهن على تطورات المحيط الإقليمي، أو على متغيرات على المستوى الدولي هو في رهان فاشل ولن يصل إلى نتيجة، خاصة أن إرادة اللبنانيين وعزيمتهم قوية وصلبة، وقد أثبتوا أنهم جديرون بأن يكون لهم وطن حر مستقل، فهم الذين أخرجوا الاحتلال ولم تخرجه لا قرارات مجلس الأمن ولا أمريكا والدول الكبرى. من هنا كل رهان يكون خارجاً عن إرادة اللبنانيين سيفشل عاجلاً أم آجلاً، وبالتالي نحن نعتبر أننا نقف على أرض صلبة من خلال أعمالنا. وهنا أذكر بثوابت حزب الله التي تترسخ على أرض الواقع، وتستقطب قوىً وشخصيات من مشارب مختلفة، ليُصبح الجمع المتعاون مع حزب الله جمعاً وازناً يمثل أغلبية ساحقة جداً من اللبنانيين، في مقابل الرهانات الفاشلة التي حصلت سابقاً، وهذه الثوابت هي خمسة: أولاً، المقاومة ركيزة قوة لبنان وفي الخندق المتقدم، وهي جزء من ثلاثي القوة: الجيش والشعب والمقاومة، ولا انفكاك بين هذا الثلاثي إلى أبد الآبدين إن شاء الله تعالى، وليس في البيانات الوزارية فقط. ثانيا، الحوارهو طريق الحلول المستعصية، ولا تنفع المغالبة وخاصة معنا، ولا ينفع تحريض الأجانب ضد لبنان، لأن هؤلاء لا يهتمون إلا بأنفسهم، ويستخدمون البعض مطايا في لبنان، ولا يطعمون مطاياهم عندما يرون ذلك مناسباً، فالأفضل أن نعود إلى الحوار من موقع القوة ومن موقع العزة، ومن يخشى الحوار يخاف أن يخسر أمام منطق الآخر الذي يقدم قناعات وأدلة منطقية، نحن لا نخشى الحوار، وعلى الآخرين أن يفكروا أن لا علاج إلا بالحوار. ثالثاً، دور الحكومة الأساس هو حماية لبنان سياسياً، ومعالجة أمور الناس معيشياً. رابعاً، نحن نؤمن باحترام القوانين وحفظ الصلاحيات ووقف التجاوزات ومنع الفساد، وهذه هي تجربتنا التي قدمناها. خامساً، لبنان بلد الجميع، لن يكون مزرعة لأحد، ونحن نمد اليد إلى من يريد مصلحة لبنان، ولن نقبل أن نعود إلى الوراء، وأن يكون لبنان مزرعة لأحد ما.
هنا، أنوِّه بمواقف غبطة البطرك الراعي، فهي مواقف وطنية جامعة نؤيدها، وهي تنسجم مع رؤيتنا، كما نحيي مواقف مفتي الجمهورية الشيخ قباني، لأنها مواقف وحدوية وواقعية، فهي تقرِّب ولا تفرِّق، وهي لمصلحة لبنان، ونرحب بكل موقف يوصل إلى أن تتظافر جهودنا لنكون مع لبنان ومقاومة لبنان وشرف وعزة وكرامة لبنان، ونقطع يد الأجنبي من أن يتدخل في شؤوننا. هذا البلد لأبنائنا وسيبقى لأبنائنا.