ومما جاء فيها:
اليوم نحن في أجواء 12 تموز، هذه الحرب الإسرائيلية الخطرة والدولية التي حصلت على لبنان، كانت تستهدف إسقاط مشروع المقاومة بالكامل حتى إذا سقط في لبنان سقط في المنطقة، وكرَّس المشروع الإسرائيلي كمشروع توسعي له قابلية الانتشار، والوصول إلى المحيط، وبالتالي هذا يجعل إسرائيل قادرة على أن تكون الدولة الإسرائيلية الكبرى من المحيط إلى الخليج على قاعدة سقوط المقاومة ومشروعها، لكن الحمد لله تعالى ببركة المجاهدين، وببركة المقاومة، وببركة هذا النهج الإسلامي الأصيل، وهذه العطاءات الكبيرة استطاع مشروع المقاومة أن يسقط الحرب الإسرائيلية ويقلبها هزيمة على إسرائيل لم ترَ مثلها منذ تأسست، ولم ترَ المنطقة نموذجاً للانتصار كما حصل في انتصر المجاهدين على إسرائيل، ما أعطى حالة خاصةً استثنائية تستطيع أن تؤسس لمستقبلٍ مختلفٍ تماماً عن ما نحن عليه وعما كنا عليه.
هذه المقاومة في انتصارها أسقطت أسطورة إسرائيل التي لا تقهر، ومهدت الطريق للثورات العربية المختلفة، وأنعشت حالة المقاومة في منطقتنا، وحققت انتصاراً عظيماً غيَّر وجه المنطقة لأن ما بعد انتصار المقاومة على إسرائيل يختلف تماماً عمَّا قبل هذه الحرب الآثمة، وستبقى آثارها ممتدة إن شاء الله إلى الأجيال القادمة، فضلاً عن أنها أعادت الروح إلى القضية الفلسطينية.
نحن اليوم نؤكد مجدداً أن هذه المواجهة مع إسرائيل ليست مواجهة اللحظة والسنة، هي مواجهة مستمرة طالما أن إسرائيل موجودة في منطقتنا، وعلينا أن نبقى دائماً مستعدين متيقظين حتى ولو لم تكن هناك أي مؤشرات لحربٍ قادمة في المدى المنظور، لتعلم إسرائيل جيداً أن استعداداتنا هي جزء لا يتجزأ من منع الحرب، وهي جزء لا يتجزأ من مواجهتها إذا حصلت في أي يومٍ من الأيام.
ثانياً: الحديث اليوم في البلد عن الغاز والنفط وعن حق لبنان في مياهه، وعن المواجهة مع إسرائيل التي تريد أن تسلب لبنان حقه في مياهه وغازه ونفطه، ليكن واضحاً لبنان لن يتسامح على الإطلاق بأن يؤخذ من نفطه أو غازه أو مياهه أو أرضه، وسيبقى بالمرصاد ليستعيد كامل الحقوق غير منقوصة مهما كلف ذلك.
ونحن كحزب الله ندعم الموقف الوطني الذي يدافع عن هذه الحقوق البحرية، وندعم الحكومة اللبنانية في ترسيمها وفي خياراتها وفي متابعتها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وما تقوله الحكومة اللبنانية أنه حقٌ للبنان نتبناه ونعتبره حقٌ للبنان، لن تخيفنا التهديدات الإسرائيلية، ولن نغير موقفنا المتمسك بحقوقنا، وإسرائيل تعلم أن تهديداتها لا قيمة لها في لبنان بعد أن خاضت التجارب المرَّة في مواجهة الصمود اللبناني، وفي مواجهة العنفوان والعزة في لبنان.
ثالثاً: المحكمة الخاصة بلبنان، هذه المحكمة حملوها فزاعة من أجل أن يضغطوا علينا ونعدِّل ونغير ونستسلم ونعطي، وهذا ما لن يحصل، ونحن واضحون من اليوم الأول: لا مقايضة بين العدالة والاستقرار، بمعنى آخر: نحن نريد العدالة ونريد الاستقرار، ولا نقبل أن يميَّز أو يُجزأ بينهما أو أن تكون واحدة على حساب الأخرى، والآن لسنا أمام مناقشة بين عدالة واستقرار، عندما يتحدثون عن المحكمة نقول بأن هذه المحكمة لا علاقة لها لا بالعدالة ولا بالاستقرار، فلماذا تقومون بمقارنة بين العدالة والاستقرار؟ المحكمة خارج العدالة تماماً وهي مسيَّسة بالكامل، وإسرائيل هي التي توقعت أن إجراءات المحكمة واتهاماتها ستُحدث اضطرابات في لبنان، وتُحدث فتنة سنية شيعية في لبنان، ولن تُشكل الحكومة، أو ستسقط الحكومة التي ستُشكل، هذه أماني إسرائيل لم تتحقق ولن تتحقق إن شاء الله تعالى، فإذاً المحكمة بواقعها المسيَّس من رأسها إلى أخمس قدميها لا علاقة لها لا بالعدالة ولا بالاستقرار في لبنان.
كم توقعت بعض الشخصيات ووسائل الإعلام أن يحصل أمر عظيم وخطير في لبنان بعد أن ي2صدر القرار الاتهامي، صدر القرار الاتهامي، وذهب إلى الانتربول الدولي، وصدرت تهديدات على مستوى محلي وإقليمي وعالمي، بالنسبة إلينا لم يحصل شيء، هي عبارة عن مناقشة إعلامية سياسية، ومنازعة في مواقف ليس لها انعكاس ولا تأثر على الأرض، إذاً لا علاقة لهذا الأمر بالاستقرار ولا بالعدالة.
نحن نتعامل مع المحكمة كجزء من الاستهداف الأمريكي الإسرائيلي، الذي سيتابع مساره لسنوات وسنوات، ولا علاقة لهذه المحكمة لا بالاغتيالات ولا بالحقيقة ولا بالعدالة ولا بمستقبل لبنان، هي أداة استعمارية استكبارية، يريدون من خلالها تطويع المقاومة في لبنان وهذا لن يتم إن شاء الله تعالى، وستثبت الأيام ذلك كما أثبت في سابق الزمان.
سنتصرف مع أي عدوان علينا، أكان عدواناً سياسياً أم غير ذلك بما يحمي لبنان، وبما يؤدي إلى الدفاع، وليس لدينا مشروع إلاَّ الاستقلال والعزة والكرامة، ليس لدينا نوايا أن نهاجم أحد أو نقاتل أحد، ولا أن نفتعل معركة، ولا أن نشن حرباً هذه ليست في رزنامة عملنا، نحن في موقع الدفاع وبالتالي سنتعامل مع الأمور بحسب مجرياتها.
لسنا ممن يتجه إلى الزوارب، ولسنا ممن يسوقهم الانفعال إلى الأخطاء المتتالية، ولسنا من جماعة أيام الغضب، نحن نتصرف بحكمة ومصلحة وعزة، ولكل أمرٍ حسابه، وكل أمرٍ موقفه، إذا كان البعض يراهن على أننا سنتوتر ونستفز ونذهب إلى حيث يريدون فهم مخطئون، ومن كان من هذا البعض يحتاج إلى بعض هدوء أعصاب يستطيع أن يستفيد من تجربتنا بهدوء الأعصاب لنأخذ الموقف المناسب في وقته المناسب.