رعى سماحة نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم حفل اختتام الدورة الثقافية بعنوان"الإمام المهدي(عج) سبيل الخلاص" في قاعة مجمع القائم (عج) في 7/3/2009 والتي أقامتها الهيئات النسائية في حزب الله -بيروت، وذلك لمدة سبعة أسابيع، حاضر فيها سماحته وحضرها 640 أختاً، وقد تمَّ توزيع الشهادات على الخريجات، والقى سماحته كلمة بالمناسبة أشاد فيها باهتمام الأخوات بالتحصيل الثقافي ومداومتهن على الحضور، ومما جاء فيها:
نحن نتعامل مع شركائنا في الوطن على قاعدة أن نقدم البرهان والدليل على صوابية أي فكرة، ونمد اليد إلى الجميع من أجل أن نبني بلدنا معاً.
هناك قرار دولي لكسر إرادة المقاومة سواء في لبنان أو في فلسطين أو في العراق أو أفغانستان أو في كل مكان من هذا العالم، لأنهم يعتقدون أن المقاومة تعيد الأرض، وتحرر القرار السياسي، وتثبت الاستقلال، بينما يريد المستكبرون من أمريكا ومن معها وبتبعيتها إسرائيل أن يسيطروا على خيراتنا وبلداننا وعلى مستقبل أولادنا، وعلى طريقة تفكيرنا، ونحن نريد أن نكون أحرار فيما نختار، لا يحق لأحد أن يفرض علينا ماذا نفعل في لبنان، نحن أبناء هذا البلد نتفق فيما بيننا ووفق المؤسسات الدستورية نعمل من أجل أن نحفظ الضوابط التي تحكم خياراتنا وحياتنا، لكن لا يستطيع أحد أن يفرض علينا موقفاً سياسياً ليجعلنا نضع لبنان في دائرة الوصاية، ولا يستطيع أحد أن يقنعنا أن يفرض علينا أن نقبل باحتلال مزارع شبعا، ولا أحد يمكن أن يفرض علينا أن إسرائيل التي تعتدي بطائراتها في كل يوم على لبنان ونقبل بها، هذا أمر لا نقبله كمقاومة، روح المقاومة الموجودة فينا جعلتنا نتوفق لتحقيق انتصارين كبيرين، واحد في أيار سنة 2000 بهروب إسرائيل من لبنان، والثاني في تموز 2006 بكسر العدوان الإسرائيلي والتحقيق الانتصار الإلهي، وتوفق الأخوة في فلسطين بكسر العدوان الإسرائيلي في الاعتداء الذي حصل مؤخراً على غزة.
إذاً إرادة المقاومة في المنطقة تزداد وتنمو وتكبر ، وأقول لكم: سنعمل لتصبح المقاومة قوة هامة تستمر في الصمود والدفاع وفي منع المستكبرين من أن يحققوا أهدافهم، وفي منع إسرائيل من أن تفعل ما تشاء في أرضنا في لبنان وفي المنطقة، هذا خيارنا نحن لن نراهن على المتغيرات الدولية، لن نراهن على مجيء أوباما مقابل بوش، لأن تصريحات أوباما فيما يتعلق بقضية الشرق الأوسط لم تختلف أبداً عن آخر سيئة وصل إليها بوش، حيث أعلن تأييده المطلق لإسرائيل، وإدانته للمقاومة، وتبريراته للصواريخ، وكذلك فعلن كلينتون وزيرة الخارجية، نحن لا نتأمل بمتغيرات سياسية في كيفية التعاطي معنا، نعم ستشهدون في المرحلة القادمة لغة امريكية أو أوروبية مختلفة عن اللغة السابقة، كانوا في السابق يستخدمون لغة التهديد والتهويل، وكانوا يستخدمون الحروب والاعتداءات، وكانوا يعملون على قاعدة نعتنا بالإرهاب، والتطويق لنا سياسياً وإعلامياً وثقافياً، لكن اليوم سنشهد لغة مختلفة تتحدث عن إيجابية حزب الله، وعن قابلية التعاطي والعلاقة معه، نحن نقبل هذه اللغة الجديدة ونرحب بها، ونعتبر أنها ناتجة عن اكتشافهم أننا نمثل الناس، وأننا نعمل للحق، وأن إرغامنا على خيارات سياسية لا نقبل بها أمر مستحيل، وبالتالي من أراد أن يغير تكتيكه في كيفية التعاطي معنا فنحن حاضرون ليسمع أكثر وليكتشف أكثر، ونأمل أن تكون هناك تغيرات سياسية في المواقف الدولية انسجاماً مع ما سيرونه من تمسك الناس بخيارات تتركز على الاستقلال والحرية وعلى طريق المقاومة كحامية لهذا الخيار.
أما الانتخابات النيابية فهي تأكيد للمسار الاستقلالي في لبنان، ونحن متحمسون لإجراء هذه الانتخابات ونريدها أن تجري في وقتها وإن شاء الله تجري كذلك، هنا في لبنان نعتبر أن الانتخابات ستُبرز أكثرية وأقلية لكن لن تكون الأكثرية ساحقة ولن تكون الأقلية مسحوقة، وبالتالي أي أكثرية ستكون ستزيد بعدد قليل من النواب عن الـ 64 نائباً في المجلس النيابي، هذا النوع من الأكثرية سواء كان للمعارضة أو للموالاة -ولن نتحدث الآن عن تنبؤات مستقبلية- لا يستطيع أي منهما أن يحكم البلد بأكثرية طفيفة، خاصة أن التعقيدات الطائفية الموجودة في لبنان وخصوصية لبنان تتطلب نمطاً من الأداء السياسي والتعاون بين الأفرقاء لا تتطلبه دول أو أنظمة أخرى، البعض يحاول أن يشبه لبنان ببلدان أخرى في العالم، بكل صراحة : لبنان لا يشبه أي بلد في العالم، وبالتالي الحلول في لبنان يجب أن تكون إبداعية، من الحلول الإبداعية الديمقراطية التوافقية التي تعني أن تتفاهم الأكثرية والأقلية حتى تكون كل القوى السياسية قادرة على أن تصنع استراتيجيات البلد والقضايا السياسية الكبيرة، لذا نحن نعتقد أنه بعد الانتخابات النيابية سيكون أفضل شيء للبنان أن تتشكل حكومة وحدة وطنية من الأكثرية المفترضة والأقلية المفترضة، التي لن أتحدث اليوم عن طبيعة كل منهما ولكن أعتقد أن خيار لبنان التوافقي بين الأكثرية والأقلية هو الخيار الأفضل ، وستبيِّن الأيام هذه الحقائق.
اليوم توجد تهدئة عربية لمصالحات تجري وخاصة بين سوريا والسعودية، وتوجد تهدئة دولية بمحاولة استبدال التهديد بالحوار وهذا سينعكس على لبنان حالة من التهدئة السياسية وعدم التوتير السياسي، آمل أن يعي بعض السياسيين أن كثرة الصراخ الموتِّر لا يزيد لهم أصوات في الانتخابات، وأن نخوض الانتخابات بتنافس على أساس البرامج، وأن نرحم الناس في الحالات التي يمكن أن تؤدي إلى إشكالات وتوترات أمنية مختلفة.
يجب أن يبقى في ذهننا أننا عندما نكون أقوياء لا يستطيع أحد أن يفرض علينا شروطه من الخارج، لذا يجب أن نبقى أقوياء، المقاومة ستبقى قوية، ولبنان سيبقى قوياً إن شاء الله تعالى، وبالتالي لاحظوا ما الذي يجري في العالم، كل بلد يشغلونه بقضية حتى ينقضوا عليه، في السابق شغلوا إيران بالقضية النووية ولا زالوا يشغلونها من أجل إرباك إيران لأمر من حقها تحت عنوان الهواجس والمخاوف ليكون هناك قضية يعتدون فيها على إيران، اليوم يعتدون على السودان من خلال قضية يفترض أن تكون داخلية وأن تُحل بين الأطراف المتنازعة، ولكن يريدون إشغال السودان من أجل السيطرة على هذا البلد، وهذا أمر يكررونه في كل مكان في العالم، قالوا في السابق أنهم يقبلون بنتيجة الانتخابات في فلسطين وعندما نجحت حماس غيَّروا المنطق والمعادلة وبدأوا باتهامات لحماس وندموا على اللحظة التي سمحوا فيها للانتخابات لأنهم كانوا يتوقعونها أنها ستأتي بخيارات أخرى، هذا يعني أن بلداننا ستبقى معرضة لكثير من العناوين التي تشغلنا وتربكنا ، علينا أن ننتبه جيداً، وأن نعمل لنبقى حريصين ومتيقظين في أن نحافظ على استقلال بلدنا وعلى حمايته، وهذا إنما يحصل بتكاتف الجهود وباستمرار قوتنا.