بحضور عدد من الشخصيات النسائية حيث كانت كلمة لمسؤولة الأنشطة النسائية الحاج أم مهدي وقصائد للشاعر جورج شكور من وحي المناسبة، ومما جاء فيها:
المقاومة غيَّرت الاتجاه في المنطقة بالكامل، وكثير من الدراسات في أميركا وأوروبا واسرائيل عندما يحلِّلون ظاهرة المقاومة يصلون إلى بعض الأماكن في التحليل لا يفهمون هذه الظاهرة، ولن يفهموا لأن من يتعاطى مع الأرقام ومع الإمكانات ومع السلاح لا يفهم لغة القلب والروح والإيمان، هذه لغتنا نحن وسننتصر من خلالها على أرقامهم إن شاء الله كما انتصرنا. بعد اليوم لا إمكانية لاستعمار جديد في منطقتنا، وبعد المقاومة وانتصارات المقاومة لا ثبات ولا استقرار لإسرائيل في المنطقة، وبعد إنجازات المقاومة انتظروا وعدُّوا التاريخ الذي ستنهزم فيه إسرائيل هزيمة نهائية نكراء إن شاء الله تعالى، نحن لا نتحدث بالأماني، نحن نقرأ التجارب والسنن الإلهية، ما من ظالم إلا وسقط، وما من مجرم إلا وسقط، وما من صاحب حق إلا وانتصر، نحن أصحاب الأرض وأصحاب الحق والمستقبل، ولذا بسنة الله تعالى لا بدَّ أن ننتصر ولا بدَّ أن ينهزموا، وعلى كل حال كل البشائر تدلُّ على زمن هزائمهم وزمن انتصاراتنا.
نحن عندما نطرح في لبنان بأننا نحمل مشروع المقاومة يأتي من يقول: ولكننا لا نريد لبنان مقاومة عن العرب أو عن فلسطين، وإلى اليوم لم نفهم كيف يقاتل لبنان نيابة عن العرب وعن فلسطين؟ كل ما فعلناه كمقاومة حتى الآن أننا حرَّرنا أرضاً لبنانية إلا إذا كانوا قد خططوا أن يستغنوا أن الجنوب لإسرائيل حتى تُبقيهم على عروشهم، وعندها يُعيدون سايكس ـ بيكو مجدداً، ويقتطعون الجنوب من لبنان، ولكننا لن نسمح لهم، نريد لبنان بكل أمتاره حتى آخر شبر، وكل شبر من لبنان يعنينا كما يعنينا لبنان شاؤوا أم أبوا، هذه أرضنا ومن أراد أن يعطي من أرضه، لبنان ليست أرضاً لأحد، لبنان أرضنا جميعاً ويحتاجون لتوقيعنا على التنازل ونحن لن نوقّع، إذاً سيبقى لبنان وستبقى المقاومة وسيبقى رأسنا مرفوعاً إن شاء الله تعالى.
هذه المقاومة بنموذجها الفريد الذي قام في لبنان لم يسبق في هذه المنطقة أن قام هذا النموذج، على الأقل خلال ستين سنة من الاحتلال الاسرائيلي، والنموذج لا أقصد به فكرة المقاومة فالفكرة كانت موجودة، ولا أقصد وجود مقاومين يقاتلون إسرائيل، أيضاً كان يوجد مقاومين كثر، لكن هذا النموذج المميَّز الذي قدمه حزب الله بالمقاومة التي تسجد لله وتقاتل العدو، المقاومة التي تنظِّم أمورها وتمنع اختراق صفوفها، المقاومة التي توجِّه سلاحها للعدو وتتحمَّل في الداخل لأقصى حد من أجل المحافظة على المواطنة، المقاومة التي تعدُّ ولا تخاف ثم تقف في الميدان جريئة متوكِّلة على الله معتقدة بالنصر، المقاومة التي لا تؤمن بثقافة الهزيمة ولا بالتسويات، وإنما تؤمن بثقافة الجهاد والانتصارات وتعتقد أنها إذا سارت على الحق ستنتصر، هذه هي المقاومة النموذج التي استطعنا إيجادها، وهي التي بدأت تتعمَّم في كل منطقتنا العربية والاسلامية، واعملوا أننا لسنا بحاجة لفروع لمقاومتنا لا في فلسطين ولا في العراق ولا في أي مكان فخير كل منطقة فيها وشعوبها تستطيع أن تأخذ التجربة، التجربة ليست ملكاً لنا بل هي للجميع، ليس لحزب الله فروعاً في البلدان العربية ولا في البلدان الاسلامية ولا في البلدان الأخرى ولا نريد أن نكون حزباً عالمياً ينسِّب إليه الأعضاء، إنما فكرنا المقاوم هو فكر نبثُّه عبر الأثير ونترك لدماء الشهداء أن تحمله مخترقة الحواجز والمعابر، حيث لا نحتاج إلى اتفاق لفتح المعابر ولا نحتاج إلى أي موقف سياسي دولي، فالحب للمقاومة بدأ يدخل القلوب في منطقتنا وهذا ما نريد وهو ما سيحوِّل المنطقة إن شاء الله تعالى. بالتالي عندما نتحدث عن المقاومة الواحدة في هذه المنطقة لا نقصد من خلاله أننا سنقاوم نيابة عن أحد، يعني اليوم عندما تنتصر المقاومة في لبنان تنتصر المقاومة في فلسطين حتى ولو لم تفعل شيئاً، وتنتصر المقاومة في العراق ولو لم تفعل شيئاً، وينتصر كل من يحب هذا النهج، لأننا نراكم قوة وقدرة لمصلحة المقاومة وإنجازاً يُسجَّل في صحيفة أعمالها ويشجع الآخرين، عندما انتصرت المقاومة في غزة انتصرنا نحن، لا لأننا معنيُّون مباشرة بما فعله الفلسطينيون، فهم الذين قاتلوا وهم الذين ضحُّوا، ولكن ثباتهم ومقاومتهم تعنينا بأننا نحمل روحاً واحدة، فعندما انتصروا انتصرنا وعندما كسرنا إسرائيل في لبنان استفادوا من كسرها، وبالتالي فلتكن المقاومة واحدة في كل مكان بالروح والعقل والاتجاه، أما الأفراد فلكل بلد أن يقاوم بحسبه وبحسب إمكانياته ثم نتعاون معاً. هذه هي الفكرة التي نحملها لأننا نجد أن لبنان يحتاجها، لبنان يحتاج إلى المقاومة لأننا لو رجعنا إلى الوراء سنرى أن لبنان كان في دائرة القبضة الحديدية العربية والدولية، وفي إطار الضغط الاسرائيلي وكنا محرومين من معنى الاستقلال، ولكن عندما طردنا إسرائيل بدأت الحياة في لبنان، وعندما طردنا إسرائيل بثَّينا الطمأنينة في نفوس الناس وأشعرنا كل مواطن لبنان أنه جزء لا يتجزأ من هذه الحرية والكرامة، نحن بحاجة لأن نتنفس الاستقال لا أن نكتب موضوعات عن الاستقلال في سجن سياسي موجَّه من الأعداء، تعالوا نعيش معاً روح الاستقلال بالمقاومة، ويا أحباء المقاومة بالله عليكم ألا تشعرون أن رؤوسكم تصل إلى السماء بفضل هذه المقاومة.
بما أننا مقبلون على الانتخابات ما هو برنامجنا؟ نحن نعتبر أن المقاومة والتنمية لا ينفصلان، والمقاومة والاستقلال لا ينفصلان، الانتخابات ليست أشخاصاً بل خياراً سياسياً، خيارنا المقاومة والتنمية، أما من اعتبر أن خياره التنمية من دون المقاومة فقد جرَّب تنمية مرتبطة بشروط وضوابط أوقعتنا في ديون لا نستطيع أن نخرج منها، بينما المقاومة دفعت كل الدول أن تنظر إلى لبنان بأنه يستحق الاهتمام من موقع الندّ، فما حصل من تنمية واهتمام بسبب المقاومة، حتى ولو كان البعض يخاف أن تنتشر وتقوى فدعم الآخرين حتى لا نقوى، هذا خير للبنان سواء وقع علينا أو على الآخرين.
أي لبنان نريد؟ لبنان الوطن أو لبنان الساحة، نحن من دعاة لبنان الوطن، لبنان الدولة أو المزرعة؟ نحن مع الدولة، لبنان العيش المشترك أو الاستفراد؟ نحن مع العيش المشترك، لبنان العابر للطوائف أو الغارق في طائفيته؟ نحن مع لبنان العابر للطوائف، هل يمكن لهذه الأمور أن تحصل؟ نعم يمكن ذلك، من كان يتوقع أن يتحالف حزب الله مع التيار الوطني الحر، لقد أُذهل العالم عندما اتفقنا لأنهم كانوا يعتبرون أننا على طرفَي نقيض، نحن مسلمون وهم مسيحيون، نحن نتحدث عن المقاومة المرتبطة بالدين وهم يتحدثون عن العلمانية، نحن لنا تجربة معينة وهم لهم تجربة أخرى، اعتقدوا أننا لن نلتقي، لكن هم لم يلتقطوا القاسم المشترك وهو صدقنا في الدفاع عن وطننا وفي العمل لنكون واحداً على الأرض الواحدة، وإذ بنا نلتقي فبدل أن يكون اللقاء لساعات تسلِّط الكاميرات الضوء عليها تحوَّل اللقاء إلى التحام لا انفكاك له إن شاء الله ولو كره الكارهون. من هنا أنا أدعو اللبنانيين جميعاً أن يختاروا الخيار السياسي وأن يفكروا بدقة، وأن يرَوا هذه النتائج العظيمة التي أتى بها خيار المقاومة والتنمية، ولا تخشَوا من الناس في الخارج فعندما يجدوننا ملتحمين متفاهمين متعاونين سيضطرون للسير معنا، هذه الأرض لنا ولن يستطيع أن يعبروا عنها وإليها وهم بحاجة للتفاهم معنا، وبالتالي من حقنا أن نختار وسنختار إن شاء الله من دون المال الأجنبي ومن دون التدخل السياسي الخارجي.
أما أمريكا فأستغرب بعد كل هذه الصدمات التي أصابتها أن بعض المسؤولين منها يلقون علينا المواعظ والعبر ويضعون الشروط، أمريكا في زمن بوش دفعت كل رصيدها وسقطت معنوياتها ودورها ورمزيتها، وبالتالي إذا أراد الديمقراطيون اليوم أن يتعاملوا مع منطقتنا فليعلموا أنهم سيتعاملون مع أنداد وليس مع أتباع، وبالتالي أن يقولوا أن لهم شروطاً علينا فنحن الذين لنا شروط عليهم، نحن نريد من أمريكا أن تتوقف عن التدخل في انتخاباتنا، نحن نريد من أمريكا أن تتوقف عن دعم الصهاينة المجرمين، وأن تتوقف عن التآمر على بلداننا وأهلنا، وأن تتوقف عن كل الجرائم التي تحملها في سياساتها وفي مواقفها، عند ذلك نرى ماذا نفعل وهل نتحدث أم لا أو نقبل أم لا، أما أن يأتوا إلينا ويعطوننا المواعظ، تارة يريدون تغيير السلوك وتارة يريدون تغيير المنهجية وغيرها من العناوين، هذه العناوين تنطبق على اللاهثين وراءكم، أما بالنسبة إلينا إما أن يتمَّ التعاطي معنا على أننا أصحاب أرض وحق وعزة وإما أن تكونوا مطرودين من حياتنا السياسية، وسنثبت لكم ذلك كما أثبتناه في الميدان، ولو كانت هناك مواجهة كما حصل مع اسرائيل، هذه المواجهة التي أدَّت إلى هزيمة ساحقة لإسرائيل لن تقوم منها.
نحن اليوم في زمن يختلف عن الأزمان السابقة، اليوم عندنا رصيد من النجاحات وعلينا أن نحافظ عليه، وإن شاء الله بكم نحرِّر لبنان وبكم نبني لبنان، فلنقاوم معاً ولنبني معاً.