الموقف السياسي

الكشف عن موضوع التنصُّت أبرز خللاً فاضحاً في كيفية التعاطي مع حريات الناس/ الكلمة التي ألقاها في حفل تأبين الشهيد الفقيد محمد برجي في قاعة شاهد - طريق المطار في 13/2/2009

الكشف عن موضوع التنصُّت أبرز خللاً فاضحاً في كيفية التعاطي مع حريات الناس

ومما جاء فيها:

اتفاق الدوحة الذي انعقد للمِّ الشمل ولبعض الحلول السياسية التوافقية كانتخاب رئيس للجمهورية وحكومة وحدة وطنية وقانون انتخابات هو إنجاز مهم أنهى مرحلة تاريخية، وفتح آفاقاً جديدة لمرحلة جديدة، هذا الاتفاق حقَّق خمسة أمور: أولاً، منع الاستفراد والهيمنة من قبل بعض الأفرقاء على البعض الآخر. ثانيا، أطلق الحياة السياسية بانتظام المؤسسات بعد أن مُنعت هذه المؤسسات من القيام بدورها. ثالثاً، أسقط اتفاق الدوحة قدرة التأثير الأجنبي في التوازن الداخلي، فأصبح الجميع مكشوف بأنصاره، لا يستطيع أحد أن يزيد من قوته أو جماعته، وإنما سيكون الفرز بناء على التأييد الموجود بشكل واقعي. رابعاً، اتفاق الدوحة خطوة على طريق الحدِّ من الفساد وكشف المفسدين، والحدِّ من مخالفة الدستور والقوانين. خامساً، مهَّد الطريق أمام إعادة إنتاج السلطة من خلال قانون الانتخابات الذي سيحدِّد موازين القوى، وعندها للناس خياراتهم وستبرز النتائج على ضوء هذه الخيارات. نحن نعتبر أن اتفاق الدوحة طوى صفحة الابتزاز الطائفي والمذهبي، ومنع قدرة التأثير الأجنبي، أما أولئك الذين يستحضرون ما قبل الدوحة في كل كلام وموقف نقول لهم، استحضار ما قبل الدوحة محاولة تسلُّل انتخابي فاشلة، لأنها لن تزيد في أصواتكم صوتاً واحداً، ولن تغيِّر من النتائج ومن المعادلة، وبالتالي إذا كان المقصود من هذه الإثارة هو التوتير لمنع الانتخابات فقولوا علناً للناس أنكم لا تريدون الانتخابات، أما إذا كان لحشد الطاقات من أجل المزيد من الأصوات فلن تحصلوا على المزيد من الأصوات، إذاً لا معنى لتوتير الأجواء السياسية تحت أي عنوان من العناوين لأنها تؤثر وتؤدي إلى نتائج سلبية.

وأضاف:

لقد أُثيرت مسألة التنصت وتعقُّب المكالمات على الاتصالات التي يُجريها المواطنون اللبنانيون، وهذا الكشف أبرز خللاً فاضحاً في كيفية التعاطي مع حريات الناس، لأنه لا يعقل أن تكون مكالمات المواطنين بأجمعها تحت الرقابة تحت عنوان كشف الإرهاب، وتحت عنوان عدم القدرة بوسائل أخرى على معرفة النتائج والاستعدادات لبعض الأعمال الإرهابية. لقد سأل إخواننا النواب: تُرى إذا كان هذا الكشف الكامل لكل المكالمات، من دون استثناء يهدف إلى منع الإرهاب، فلماذا لم تُمنع العمليات المختلفة التي حصلت؟ وإذا كان الهدف هو كشف الإرهابيين، فلماذا لم تكشف كل هذه الفترة السابقة من قام بهذه العمليات الإرهابية؟ إذاً الأمور أبعد من إرهاب وكشف إرهاب، والقانون 140 واضح: يمكن تعقب المكالمات بناءً على تحديد دائرة ضيِّقة محدودة لأولئك الذين يمكن أن يكونوا في دائرة الشبهة، ولا يمكن التفريط بحرية الناس. اليوم من مسؤولية مجلس الوزراء بعد أن أخذ مهلة 15 يوماً وقد انقضى منها حوالي عشرة أيام، وبعد أن أعلنت اللجان النيابية المختصَّة بأن القانون لا يُطبَّق، وأن المخالفات بعشرات الآلاف، لأنه حصل تعقب للمكالمات خلال ثلاث سنوات بحوالي 50 ألف تعقُّب، كيف يمكن أن يكون هذا مسموح؟ هذا عدا عن الداتا التي تؤخذ بكاملها يوماً بعد يوم. على مجلس الوزراء أن يُطبق القانون، وليس من حقه أن يستنسب وأن يخالف تحت أي عنوان من العناوين، وإلا هذا أمر يشكل مخالفة حقيقية، وأقول لكم أكثر من هذا: لو كنا في بلد يحترم نفسه لكان هناك محاسبة لأولئك الذين خالفوا في أي موقع كانوا، لأنه يوجد اعتداء حقيقي على حرية الناس.

وتابع قائلاً:

كثُر الضغط حول مجلس الجنوب، هل يبقى أو لا يبقى؟ إذا كان الإشكال أن هذا المجلس فيه تسريب وهدر، وهذا ما ينطبق على كل المجالس والصناديق لأنها متشابهة، فلتلغى جميعها وليكن هناك حلول أخرى، أما إذا لم تنضج فكرة الإلغاء الشاملة لتعود الوزارات وتقوم بعملها، فعلى الأقل على مجلس الوزراء أن يُنجز الموازنة حتى لا نبقى للسنة الرابعة من دون موازنة، هذه مسؤولية لا يمكن أن يرميها أحد على غيره، وللأسف كل الحسابات في هذا البلد لا تجري وفق الموازين والضوابط.

وختم قائلاً:

إسرائيل هي العدو الوحيد للبنان، ومن يفتعل عدواً غير إسرائيل شاء ذلك أم لم يشأ، اعترف أو لم يعترف، وهذا يعني أن كل عمل يخدم إسرائيل هو مدان، فإثارة الفتنة خدمة لإسرائيل، كل عمل يؤدي إلى ضياع هذا البلد هو خدمة لإسرائيل.

لقد رأينا ما الذي حصل في غزة، فبعد غزة نحن نستطيع أن نجزم بالدليل والبرهان أنه لولا المقاومة في غزة لضاعت فلسطين بالكامل، لأن المطلوب من العدوان على غزة قتل روح المقاومة وتعميم روح الاستسلام، وبداية فرض الشروط الاسرائيلية على الفلسطينيين من دون أن يُناقشوا، بينما صمود المقاومة في غزة هو الذي أحيى القضية الفلسطينية مجدداً، وأعادها ستين سنة إلى الوراء، وأشعرنا أننا اليوم نعيش معنى أن تستمر المقاومة من أجل تحرير فلسطين، أما بعد الانتخابات الاسرائيلية أصبحنا مقتنعين أكثر أن المقاومة يجب أن تكون قوية وأن تتقوى وتزيد من استعداداتها، لأننا اليوم أمام مجتمع حرب إسرائيلي، وأمام قيادات تريد أن تفرض نفسها بالقوة، وأن تحتلَّ وتتآمر على منطقتنا. من هنا نحن مستمرون في رعاية ودعم قوة المقاومة مع جيشها وشعبها لمواجهة التحديات، لن نقبل كرمى لعيون أحد أو لبعض الموتورين أو لبعض المستفزِّين أو لبعض الذين يبحثون عن دور أن نُضعف لبنان ليأخذوا مكاسب خاصة. لبنان الذي انتصر يجب أن يبقى قوياً، سنساهم في قوته وندعو إلى مزيد من قوة مقاومته وجيشه وصمود شعبه، أما التسوية فهي أكذوبة ووهم، وقد ثبت بما لا يقبل الشك أنها غير قابلة للحياة.