الموقف السياسي

العبرة بصمود أهل فلسطين في غزة وعدم تمكين إسرائيل من تحقيق أهدافها/ الكلمة التي ألقاها في الليلة العاشرة من عاشوراء 1429 في منطقة مارون مسك في الشياح في 6/1/2009

العبرة بصمود أهل فلسطين في غزة وعدم تمكين إسرائيل من تحقيق أهدافها

اليوم تجدون أن إسرائيل تعتدي على غزة، والعالم يواكب الاعتداء متفرجاً وداعماً ومؤيداً لإسرائيل من أمريكا إلى غيرها، لا يكفي أن تقف دولة في العالم وتساوي بين الجلاد والضحية كما يفعل البعض عندما يقولون بأن إسرائيل مخطئة عندما تقصف لكن أيضاً حماس والمقاومة مخطئون لأنهم يردون بالصواريخ، ما هذه المعادلة؟ من الذي اعتدى أولاً؟ من الذي احتل الأرض؟ أليست إسرائيل، من الذي يقتل الأطفال؟ أليست إسرائيل، من الذي يحاصر غزة ويمنع عنها الطعام والدواء والشراب؟ أليست إسرائيل، ألا يحق للمظلومين المتألمين الشرفاء من أهل فلسطين من غزة أن يدافعوا عن أنفسهم وأن يقولوا: لا ، بالصواريخ والنداء وبالموقف.

بكل وضوح هم يريدون كصهاينة ودول مستكبرة وبعض الدول العربية أن يقضوا على المقاومة في فلسطين اعتقاداً منهم أنهم إذا قضوا عليها في فلسطين قضوا عليها في كل المنطقة، كانوا في البداية يفكرون في القضاء على المقاومة حول فلسطين، لأنهم اعتقدوا أن ضرب الأيدي يسقط الأيدي، فإذا لم يعد هناك أحد حول فلسطين تسقط فلسطين وحدها، لكنهم فشلوا وجربوا في عدوان تموز على لبنان فخرج حزب الله ولبنان شعباً وجيشاً ومقاومة عزيزاً كريماً مرفوع الرأس وخرجت إسرائيل بهزيمة كبرى لم تجد مثيلاً لها منذ ستين سنة من احتلالها ، والعالم كله رأى رأي العين كيف أن المقاومة اعتزت وانتصرت نصراً إلهي عظيماً، وازدادت قوة ومعنويات وإشعاعاً ونوراً وإلهاماً للشعوب من أجل أن تكون العزة هي الأساس في منطقتنا في مواجهة الصهاينة وأمريكا.

لم يتمكنوا من ضرب الأطراف للقضاء على المقاومة في فلسطين، فكروا اليوم أنهم يمكن في القضاء على المقاومة داخل فلسطين تسقط الأطراف، لكن أقول لكم: بإذن الله تعالى الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في غزة سينتصرون إن شاء الله تعالى، وأقول لكم: لا تعدوا عدد الشهداء والجرحى، ولا تعدوا في المقابل عدد القتلى والجرحى الإسرائيليين لتجروا مقارنة، هذه مقارنة خطأ، لأنه هناك فرق كبير بين طائرات وقذائف متطورة وأسلحة الدنيا تقاتل هؤلاء العزل الأطفال والنساء في البيوت فمن الطبيعي أن يكون عدد الشهداء والجرحى كبيراً، في المقابل المقاتلون يقاتلون باللحم الحي وبالإمكانات المتواضعة والمحدودة، ولكنها مجبولة بإرادة الصمود وبالتوكل على الله، فمن الطبيعي أن تكون الخسائر عن الفلسطينيين أقل.

العبرة ليست بعدد الشهداء والجرحى عن الفلسطينيين والقتلى والجرحى عند الإسرائيليين، العبرة بصمود أهل فلسطين في غزة وعدم تمكين إسرائيل من تحقيق أهدافها، أي العبرة بأن تبقى المقاومة مستمرة ولا تسقط في فلسطين مهما كان الثمن، وهذا هو الانتصار الحقيقي لفلسطين ولأهلها ولنا جميعاً.

الفلسطينيون شعب معطاء ومضحي، ستون سنة من اللجوء والعذاب والقتل والمعاناة والتهجير، وهم ما زالوا يحملون هذه القضية ويدافعون عنها، هم أشداء مع الإيمان تزداد شدتهم بإذن الله تعالى، لذلك اليوم تقييمنا أن غزة ستصمد إن شاء الله تعالى ولن تستطيع إسرائيل أن تحقق أهدافها، وبعد فترة ممكن أيام أو أكثر ستكتشف إسرائيل أنها دخلت في المأزق وبدأت جنودها إلى الموت المحتم وهذا أمر واضح، لذلك لا خيار أمام إسرائيل إلاَّ أن تعود إلى الحل السياسي الذي تعترف من خلاله أن حماس هي الموجودة في داخل غزة، وأن المقاومة مستمرة بإذن الله تعالى وهذه النتيجة التي سيصلون إليها، لكن لها ثمن نعم، ولكن أقول لكم: بعد أن تخرج حماس والمقاومة الفلسطينية من هذا العدوان ستكون قد أسست للمستقبل والله تعالى يفتح على قلوبهم ما شاء كما فتح على قلوبنا وعلى إمكاناتنا وعلى وضعنا، فأنتم ترون الآن وضعنا في مقابل إسرائيل يختلف كثيراً عما كنّا عليه في عدوان تموز 2006. نحن اليوم أشمخ رأساً وأقوى عدة وعدداً، وفي الموقع الذي نشعر فيه بأن النصر حليفنا إن شاء الله تعالى ولا نهابهم ولا نخافهم، ولا نفكر بلحظة واحدة أن بإمكانهم أن يصنعوا شيئاً، " أولسنا مع الله إذاً لا نبالي أوقع الموت علينا أو وقعنا على الموت" هكذا قال علي الأكبر.

اليوم أمريكا متواطئة ولا تريد لهذا العدوان أن يتوقف إلاَّ أن تحقق الأهداف في ضرب المقاومة، وهذا إن شاء الله لن يحصل، ويتنافسون في إسرائيل من يأخذ أصوات أكثر، ففكرهم أن هذه المعركة ترفع أسهم باراك وليفني وتخفض أسهم نتنياهو، فلا يأتي نتنياهو بأكثرية وبالتالي تحكم ليفني(حزب أولمرت كديما) وكذلك حزب العمل وهو ما تريده أمريكا للمرحلة القادمة، تحت عنوان أن هؤلاء يمكن أن تديرهم أفضل من أن تدير نتنياهو الذي يمكن أن يتسلط بعض الشيء ولا يستمع لبعض التفاصيل في أمريكا، فهم يلعبون لعبة إنتخابية.

سيكشف الزمن أن تصنيف الناس والدول والأحزاب والقوى سيكون على أساس من مع المقاومة ومن ضد المقاومة هذا هو التصنيف ولا يوجد تصنيف آخر، تقدمي ورجعي انتهينا منه، يمين ويسار انتهينا منه، عنده دين وليس عنده دين أيضاً انتهينا منه، الموضوع الأساس هو: من مع المقاومة ومن ضد المقاومة، اليوم كلكم تعرفون حتى ولو لم يقل لكم أحد شيء، بعض الدول العربية تشعرون أنها إسرائيلية الهوى والمنطق حتى ولو لم ينطق أحد باسم حكام هؤلاء الدول، معروفون من أدائهم، وعلى كل حال سيصيبهم الخزي لأن إذا خسرت إسرائيل سيخسرون، وعندما تربح المقاومة يربح الشرفاء من المنظمات والجهات والشعوب والدول، كما حصل معنا في عدوان تموز، ربح معنا الشرفاء وخسر من صنَّف نفسه في الموقع الآخر.

أعلموا من اليوم وصاعداً كل مشاكلنا في المنطقة ستكون حول المقاومة والسيادة والحرية والعزة والاستقلال في مقابل الصهاينة والسيطرة الأمريكية والعولمة هذا هو عنوان ، فعلينا أن نهيئ أنفسنا لمسار طويل ولكن إن شاء الله تعالى الفوز للمؤمنين، قال تعالى:" وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ".

عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب أبي عبد الله الإمام الحسين(ع)، وإن شاء الله نكون دائماً بخطه وبسيرته ، فلا جعله الله آخر العهد منّا لزيارتكم يا أبا عبد الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.