الموقف السياسي

الشيخ نعيم قاسم: لا استقرار للكيان في فلسطين ما دام الشعب الفلسطيني حاضرًا

الشيخ نعيم قاسم: لا استقرار للكيان في فلسطين ما دام الشعب الفلسطيني حاضرًا
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الذكرى السنوية الرابعة لرحيل العلامة الشيخ مصطفى قصير وتوقيع كتاب عن سيرته: "إمام الفجر", 29/5/2018

هذا زمن الحرب الناعمة التي يتقنها الغرب وأمريكا، هم يدخلون هذه الحرب في مفردات حياتنا اليومية، أمريكا تقول بأنها تدعم الديمقراطية والحرية هو أمر عظيم ومهم، ولكنها تؤيد إسرائيل المجرمة بحجة أنها تدافع عن نفسها في مواجهة أطفال ونساء ومجاهدي فلسطين، والسعودية تعتبر أنها بعدوانها الغاشم على اليمن تحمي الشعب اليمني من الذين يتسلطون عليه، وفي آنٍ معًا تحافظ على الأمن القومي مع أنها تقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمر البيوت، لكنها تعتبر أن مصلحتهم فيما يحصل فهي أدرى بمصلحتهم منهم! 

وفي لبنان هم يقدمون الدعم للنازحين السوريين ويرفضون عودتهم إلى سوريا بحجة حمايتهم لهم، بينما هم في الواقع يستخدمونهم ورقة ليقولوا بأن النظام السوري يسيطر على أرضٍ لا أمن فيها بدليل وجود النازحين في لبنان، ويرفضون عودتهم على قاعدة أنهم لا يدركون مصلحتهم فعودتهم غير آمنة حتى ولو كانت طوعية، فهم يعيشون الضغط النفسي، ومن يقدِّر هذا ؟ الطبيب الأمريكي والفيلسوف الأوروبي، وبالتالي على النازحين أن يبقوا في لبنان لأن التعليمة الخارجية هي هذه.

 

ينعتون حزب الله بالإرهاب ويقررون عقوبات اقتصادية على مسؤوليه وبعض العناصر بحجة حماية الأمن العالمي، ولكنهم يريدون حماية إسرائيل المجرمة، في الوقت الذي يرى كل العالم كيف يعمل الحزب لتحرير أرضه وكرامة شعبه، وكيف شكل حماية للبنان، وساهم في دعم حق الشعب الفلسطيني، فهو مقاومة بكل جدارة وانتصارات موصوفة، لكن هؤلاء المستكبرين يريدون الظلم والاستبداد فيميِّعون الحقائق.

منذ نشأة حزب الله وأمريكا تتهمه بالإرهاب، وشعبنا يؤمن به كمقاومة شريفة حرَّرت وانتصرت، ومهما بلغ جبروت أمريكا، فمع وجود المجاهدين ووضوح الاتجاه بأن أمريكا هي الخطر وأن إسرائيل هي الشر وأن المقاومة هي الشرف فلن تستطيع أمريكا أن تصنع شيئًا. نعم بإمكان أمريكا توتير المنطقة ووالاعتداء عليها، ولكن ليس في إمكانها أن تحقق طموحاتها ولا أن تطوع شعوب هذه المنطقة ولا أن تنتصر لمشروعها.

لقد أنشأت أمريكا دول التكفير وإماراته في سوريا والعراق وعلى الحدود اللبنانية بحجة المعارضة السياسية، ولكن محور المقاومة أسقط مشروع التكفير الأمريكي الإسرائيلي، وأسقط معه هيمنة إسرائيل على هذه المنطقة. 

لا استقرار للكيان في فلسطين ما دام الشعب الفلسطيني حاضرًا يجاهد في الميدان بشيوخه وأطفاله ومجاهديه ونسائه.

أمريكا هي ضد المقاومة لأنها لا تريد الاستقلال للبنان، ولا تريد رفض التبعية، إنما تريد أن تسيطر من أجل إسرائيل، نحن نعمل ليل نهار على أن نحمي أطفالنا وأجيالنا وأن نربيهم على مبادئ الحق وسنتحمل مهما كانت الصعوبات، إننا نؤمن بأن تكلفة المقاومة مهما كانت فإنها أقل بكثير من الاستسلام والمذلة وفقدان الهوية، مع المقاومة تضحيات ونصر، ومع الاستسلام خسائر وهزيمة.

نحن آمنا بالمعادلة الثلاثية: الجيش والشعب والمقاومة، والدليل على أنها أعظم معادلة في لبنان أن الكثيرين يحاولون تقليدها ويفشلون في التقليد، فيضعون كلمات في المعادلة لا تنسجم مع الكلمات الأصلية، سرعان ما تسقط لأن المقاومة والجيش والشعب فيها من الإضاءة ما يبدد كل ظلمات الكلمات والمواقف التي يختارونها، ومهما حاولوا أن يتمسكوا بثلاثية فارغة من المضمون فإنها ستبقى وينكشفون لأن لا قابلية لأن يجوِّفوها بعد أن روتها دماء المجاهدين والشهداء.هذه المعادلة الثلاثية أحدثت توازن الردع، وهذه المقاومة جاهزة وتطور إمكاناتها وهي ركنٌ من أركان المعادلة، والشعب يحتضن ويؤازر وهو ركنٌ ثاني، والجيش يعمل بعقيدة الدفاع عن الحدود وحماية الاستقلال وهو الركن الثالث، أن قوة المعادلة مصلحة للبنان وقد ثبت ذلك، وسنحافظ عليها مع المخلصين مهما كانت التضحيات والصعوبات.

لقد خضنا انتخابات نيابية كانت مشوقة ومعقدة، وفيها الكثير من التجاذبات، ولكن نجح في أن يعطي صورة مشرقة عن الانتخابات النيابية، واستطاع أن يحقق مع حلفائه قدرة هامة في المجلس النيابي لا بدَّ أن تنعكس على كل تركيبة الدولة وعلى مستقبل لبنان.

حزب الله سيتمثل في الحكومة بفعالية أكثر من أي وقت مضى، فهذا ما صوَّت عليه الناس، وهذا ما تقتضيه التحديات لبناء الدولة وحماية الوطن، إن سعة تمثيل القوى الفائزة في الانتخابات هي قوة حقيقية لأي حكومة قادمة، ونحن ندعو إلى تمثيل الجميع بما يساعد على تجسيد نتائج الانتخابات.

هناك عنوانان بارزان للحكومة العتيدة: الأول بناء الدولة، والثاني مكافحة الفساد. البناء يجب أن يعتمد خطة اقتصادية واضحة تهتم بالزراعة والصناعة وتوفر فرص العمل. ومكافحة الفساد مسؤولية تقع على الجميع وفي الأساس على الدولة بمؤسساتها الرقابية، ونحن سنعطيه ملف مكافحة الفساد اهتمامنا ومتابعتنا.

إذا استلزم مكافحة الفساد تعديل بعض القوانين التي تمنح الوزير حق حماية الموظف عنده فتمنع القضاء من استدعائه بشكل مزاجي، فنحن سنقترح ما يؤدي إلى أن يكون الاستدعاء سواءً وافق الوزير أم لم يوافق لأن الفساد لا خيمة فوقه، وسنحاول أيضًا أن نعمل على تشديد العقوبات عن الفساد في بعض القوانين ليشكل الردع للمفسدين الذين يستسهلون بعض العقوبات في بعض الأحيان. 

بعضهم يقول: هل تتوقعون كحزب الله إنهاء الفساد؟ ونحن نقول: لا ينفع الجدل بل العمل، وعلينا أن نعمل، ونتعاون مع كل الراغبين بمواجهة الفساد، وكل خطوة نخطوها ستكون مفيدة وستؤسس للأفضل، والمسار يكشف النتائج، ولكن لم يعد من الجائز أن لا نضيء الشمعة ونكتفي بلعن الظلمة، علينا أن نخطو إلى الأمام والتوفيق على الله تعالى.