مسألتان سأتحدث عنهما:
المسألة الأولى تتعلق بالممثل العالمي السيد ترامب، الذي حاول أن يتراقص على مشاعر الناس، وأن يبرز نرجسيته، وأن يضغط على أعصاب العالم في الشرق والغرب تحت عنوان أنه صاحب قرار وسيتخذ القرار، تبين أن ترامب رئيس أكبر دولة في العالم وأقوى دولة في العالم، لا يلتزم المواثيق والعهود، ويعاني من فشل أمريكا في عدد من ملفات المنطقة، ويريد فرض سياسات أمريكا بالقوة على حساب شعوب المنطقة. لكنه فشل ولن ينجح.
اليوم ترامب بنظر العالم وبنظر شعبه الأمريكي ناكثٌ للعهود، عدواني ومستبد، فهو ظالم بكل ما للكلمة من معنى، وسيسقط بعد حين إن شاء الله تعالى.
لقد قدَّم ترامب للعالم مبررات واهية وكاذبة من أجل إسقاط الاتفاق النووي، قال بأن إيران لم تلتزم بالنووي، وقالت وكالة الطاقة الذرية وكل دول العالم الكبرى بأن إيران التزمت، ولكنه يريد أن يبحث عن مخرج لإخفاقاته، فموقف ترامب هو موقف سياسي، هو لا يتحمل إيران قوية تدافع عن شعبها وحدودها وتتقدم علميًا واقتصاديًا، وهو لا يتحمل سوريا المنتصرة أن تعود موحدة وتحافظ على موقعها المقاوم وتعيد البناء.
ترامب لا يتحمل حزب الله الرادع لإسرائيل والمانع من قدرتها على فعل ما تريد والهازم لإمارات التكفير بألوانها المختلفة، والرافع لواء المقاومة.
صراخ ترامب الكبير والمرتفع هو تعبير عن عجزه عن فرض سياساته على محور المقاومة، بكل وضوح: يستطيع ترامب أن يهدد وأن يوتر العالم وأن ينشر القلق ولكنه لا يستطيع إرغامنا على حلوله الاستسلامية، فستبقى جبهة المقاومة حامية لشعوبها وحاضرة في الساحة حتى ولو صرَّح ترامب ليل نهاره بالنسبة إلينا إسرائيل عدو وستبقى كذلك، والأرض المحتلة يجب تحريرها وسنعمل على تحريرها، والإرهاب التكفيري مرفوض وسنرفضه وسنقاتله حتى نخرجه تمامًا من كل منطقتنا.
لقد تحولت أمريكا اليوم إلى خطرٍ على الأمن العالمي، ولقد استفزت بمواقفها من النووي كل حلفائها، لم يبق أي حليف لأمريكا يوافق ترامب على ما يقوم به. وأقول نصيحة: خيرٌ لأمريكا وللعالم أن يُعزل ترامب من منصبه وإلاَّ هي كارثة على أمريكا أولًا وأخيرًا، وليست كارثة علينا لأنه بالنسبة لنا نحن صامدون وثابتون بإذن الله تعالى.
لقد انتصرنا حين اجتمع كل العالم وراء إسرائيل، وهزمنا إسرائيل وأخرجناها من لبنان، وهزمناها في تموز سنة 2006 ولم يكن معنا من العالم إلاَّ القليل القليل، ولكن إسرائيل هُزمت هزيمة إلهية حقيقية. وهزمنا التكفيريين الذين استقدموهم من أقطار الأرض كافة، ولم يتمكنوا من حمايتهم ولا من تحقيق أهدافهم عبرهم ، وسننتصر لحقنا وتحرير أرضنا، لأننا نملك الإرادة وقوافل المجاهدين، والله معنا.
لاحظوا: الوحيدون الذين أيدوا ترامب: إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين، تشكيلة الإخفاق الدولي وتشكيلة المستبدين تجتمع مع بعضها، وكل العالم على اختلاف تلاوينه وأفكاره لا يوافقهم، ألا يدل هذا على أنهم في الحضيض الثقافي والسياسي والأخلاقي والمشاريع التي يحملونها؟!
المسألة الثانية: أصبح لبنان بعد المعادلة الثلاثية الجيش والشعب والمقاومة وبعد الانتصارات أكثر حصانة في مواجهة المؤامرات الخارجية.
إنَّ نجاح لبنان ضد إسرائيل أعطاه قوة الصمود والاستقلال، ونجاحه ضد الإرهاب التكفيري حصَّنه من الفتنة المذهبية وعدم الاستقرار، لم تعد الاتهامات ضدنا تُطعم خبزًا، والتحريض المذهبي يخنق أصحابه، والدفاع عن التكفيريين مذلة، والتعليمات الخارجية لبعض من في الداخل عبء على المأمورين بها ولا يمكنهم أن يحققوا شيئًا.
لقد استعاد لبنان عافيته بانتخاب رئيس الجمهورية وانتظام عمل المؤسسات، وساعد على ذلك إقرار قانون النسبية المبني على التمثيل النيابي بالمنافسة الشعبية، هنا لم تعد اليافطات الفضفاضة تنفع، يجتمع عدد قليل من الأشخاص يرفعون يافطة ويقولون: نحن نمثل الشعب!! ولم يعد الظهور الإعلامي المكثف ينفع، الجواب داخل صناديق الاقتراع، فمن يدَّعي تمثيل الناس عليه أن يُبرز عدد الأصوات التي سيحصدها، قانون النسبية ليس محدلة، لكن كل واحد إذا لم يكن لديه تمثيل وعدد من الناس يؤمنون به، لا يمكن أن يكون في المجلس النيابي، على كل حال هذا القانون النسبي سيفرز أحجام القوى الحقيقية وسنرى من يمثل الناس وكم يمثل؟ وعندها نستطيع أن نقف جميعًا في الميدان ونعبر عن مدى هذا التمثيل.