في لبنان للأسف أننا دائماً ننشغل بقضايا تفصيلية تعقد الأمور وتراكم الإشكالات
الكلمة التي ألقاها في حفل التخرج الذي أقامه معهد الرسول الأعظم الجتمعي في قاعة شاهد في 2016/9/8
ومما جاء فيها:
إن إنزعاج الغرب من المقاومة هو لأنها تحمل مشروع الإنسان الحر المستقل السيد الذي لا يقبل المساومة ولا يبيع دماء الشهداء من أجل مراكز أو مناصب أو بعض المكاسب السياسية، ونحن سنستمر بهذه الروحية و بهذا العطاء لنصل إلى النتائج المرجوة.
نحن نؤمن بالله تعالى كمقاومة ونعمل في سبيل الله تعالى، لكن حولنا هذا الكلام إلى تجسيد مادي من خلال القتال و المواجهة والمرابطة والصمود ومواجهة إسرائيل ومواجهة التكفيريين، ونجحنا وانتصرنا وحررنا الأرض وكسرنا مشروع شرق الأوسط الجديد، وحدَّينا من قدرة التكفيريين وحققنا إنجازات كبيرة كلها من موقع الأخلاق و الإخلاص و الطاعة لله تعالى، فدمجنا الروح مع الجسد في الميدان وكان النجاح والنصر ببركة عطاءات الشهداء والجرحى والمقاومين.
في لبنان للأسف أننا دائماً ننشغل بقضايا تفصيلية تعقد الأمور وتراكم الإشكالات. في الفترة الأخير المشكلة في البلد تفاقمت وهناك شعور عند بعض الأفرقاء بأنهم مهمشون وشعور عند أفرقاء آخرين أنهم لا يقبلون بمكتسبات يمكن أن تعطى هنا و هناك، لكن في نهاية المطاف نحن نعيش في لبنان مع بعضنا ويجب أن نفتش عن الحل ويجب أن نرى الطريق التي تساعد لنجلس معاً ونتفاهم . نحن كحزب الله نبذل في هذه الأيام جهوداً خاصة من تقريب وجهات النظر ونرى ضرورة إيقاف التدهور في هذا البلد ولا بديل عن التفهم والتفاهم، إذا كان البعض ينتظر التغيرات في المنطقة لتحسين شروطه وموقعه فهو واهم، فالمعسكر الآخر في تدهور والأزمة السورية لم تُحل حتى الآن، وربط البعض لمصير لبنان السياسي بمصير المنطقة يعني أن الأمور تطول لسنوات. نحن ندعو إلى أن لا نربط أمورنا بأمور المنطقة ومن كان ينتظر أن يأتي الحل من الخارج فلن يأتي الحل، مهما كانت التطورات في سوريا سواء قرأها البعض إيجابية أو سلبية الآن أو في المستقبل فمسألة رئاسة الجمهورية طريقها محصور، أدخلوا من هذه الطريق حتى نحل هذه المشكلة ونبدأ بحل مشاكل لبنان، فقد مرت السنتان ولا زلنا في المربع الأول، ولو مرت سنوات أخرى سنجد أنفسنا في نفس المربع. خير لنا أن نتقدم على طريق الحل من أن نبقى في مناكفة لا تقدم ولا تؤخر. وإذا كان حزب المستقبل ينتظر حلاًّ من السعودية، فها هي السعودية تتخبط مع نفسها داخلياً وخارجياً، أخفقت السعودية في كل الملفات التي دخلت فيها في المنطقة، فقد دخلت إلى اليمن لتأخذ اليمن وإذ باليمن يدخلون إلى بعض الأراضي السعودية، ويستخدم السعوديون الإجرام والقتل للأطفال والنساء وتدمير المشافي والمدارس ولا يصلون إلى حل، وأقول لكم: لو استمر هذا الحال لسنوات سيبقى اليمنيون متصدون وستكون النتيجة لهم. أما في سوريا فهم الذين عقَّدوا الحلول وشردوا الملايين ودعموا التكفيريين وأوصلوا إلى هذه الأزمة الكبيرة مع غيرهم ممن سار معهم، ولا حل إلى الآن وهذا أيضاً من الملفات التي فتحتها السعودية. في العراق كلنا يعلم من كان يموِّل ومن كان يدفع من أجل السيارات المفخخة وإثارة الفتنة السنية الشيعية من أجل تخريب هذا البلد. دلُّوني على ملف واحد وضعت السعودية يدها فيه خارجياً ونجحت؟!! ما وضعت يدها في أمر إلا وخرَّبته وخرَّبت على الناس، ولكن الأهم أن السعودية إذا استمرت بهذا النهج فقد نشهد خرابها الداخلي قريباً، فيكفي أنها بدأت تعاني من عجز في ميزاتها التجاري، وصرفت مئات الملايين من الدولارات من الصندوق السيادي، وأيضاً ازداد الفقر في داخلها وأُقفلت شركات كبرى فيها عشرات الآلاف من الموظفين وفرضت رسوم جديدة في الداخل، هذا عدا عن الصراع المعروف بين المحمدين بن سلمان وبن نايف، ولا نعلم متى ينفجر وكيف تنقسم القبائل بينهما في داخل هذه المملكة المتهاوية في أزماتها الخارجية والداخلية، فمن كان ينتظر السعودية حتى تأتي بالحل فلتحل مشكلتها في الداخل أولاً.
منطقتنا تُخرَّب من أمريكا ومن معها لمصلحة إسرائيل، كل المشاكل التي تحصل في منطقتنا للمحافظة على إسرائيل، الدخول الأمريكي إلى العراق كان لضرب العراق واحتلاله من أجل إسرائيل، مواكبة أمريكا لانتفاضات الشعوب في المنطقة العربية ومحاولة حرف بعض مساراتها من أجل أن لا يتربع من يمكن أن يُزعج إسرائيل بشكل أو بآخر. والحرب في سوريا من أجل إسرائيل، وحرب تموز 2006 في لبنان كانت من أجل إسرائيل ودورها ومكانتها، حيث اجتمع العالم مع إسرائيل فكانت حرباً عالمية باليد الإسرائيلية، وانتصر لبنان وانتصر حزب الله وارتفع عالياً بحمد الله تعالى رغماً عن أنوف كل أولئك الذين كانوا وراء إسرائيل. لا خيار أمامنا إلا أن نبقى في الميدان وأن نقاوم، فلولا المقاومة لتحقق مشروع الشرق الأوسط الجديد من بوابة لبنان وبعد ذلك من بوابة سوريا، لولا المقاومة لبقيت أراضٍ محتلة في لبنان بيد إسرائيل، لولا المقاومة لكانت الجبنة تُقسَّم الآن في لبنان بطريقة تنسجم مع متطلبات إسرائيل. صحيح أننا نقدم تضحيات ولكن هذه التضحيات هي التي تقف سدًّا منيعاً أمام أطماع إسرائيل، وليكن معلوماً أن المسألة لا تقتصر على احتلال الأرض، فهم يريدون إنساننا وأجيالنا وعقولنا ومستقبلنا وثقافتنا، يريدون تعطيل أي قدرة لوجودنا واستقلالنا. واليوم لديكم تجربة مخزية، فقد نزح الملايين من السوريين من بلدهم، وقررت الدول الأوربية أن تستوعب عدداً منهم لكن بشروط، فيفحصون الأب والأم ويقبلون الولد بلا أب وأم، ويرَون مدى إمكانية غسل الأدمغة قبل استقبالهم. قرأت أن بريطانيا العظمى أضاعت 350 طفلاً من السوريين في داخلها لا تعرف أين هم وقد دخلوا إلى بريطانيا!! الله أعلم ماذا حلَّ بهم !!
نحن لا نقاوم من أجل بعض الأمتار من الأرض، نحن نقاوم من أجل الانسان، لولا الانسان وكرامته لما كان هناك معنى للمقاومة، وها نحن اليوم نرى أطفالنا يتربون ويتعلمون ويحملون همَّ الوطن والأمة ويقدِّمون الخيرات. ببركة دماء الشهداء وعطاءات الجرحى والأسرى ترتفع رؤوسنا عالياً.