الموقف السياسي

السعودية هي المسؤول الأول عما يجري في البحرين/ اللقاء العلمائي التضامني مع علماء البحرين في 2016/7/26

إذا كان يعتقد حاكم البحرين أنه يستطيع الاستمرار بهذه الطريقة فهو مخطئ

الكلمة التي ألقاها في اللقاء العلمائي التضامني مع علماء البحرين بمشاركة علمائية من السنة والشيعة من داخل لبنان وخارجه.

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين، السلام عليكم أيها السادة العلماء أيها الأخوة الكرام ورحمة الله وبركاته.
  في البداية أعبر عن افتخاري وسروري واعتزازي بوجودي بين هذه الثلة المؤمنة الطاهرة من علماء الأمة من السنة والشيعة في هذا المشهد الرائع، الذي يعبِّر عن صوت الحق لنصرة قضايا أمتنا ومنها قضية شعب البحرين وعلماء البحرين، وكلكم يعلم أن ما حصل في البحرين منذ خمس سنوات وأربعة أشهر لم يحصل في أي بقعة من العالم على الأقل  خلال القرن الماضي، هناك شعبٌ يتظاهر لمدة خمس سنوات وأربعة أشهر في حراك سلمي من أجل أن يطالب بالمشاركة السياسية وبإنصافه وفق خيار الناس وبحسب نتائج صناديق الاقتراع، ومع ذلك تلجأ السلطة إلى قمعه وترفض الرأي الآخر، ولا تقبل ما ينادي به شريحة كبيرة من الشعب البحريني بمظاهرات مشرقة ركزوا على أن تكون سلمية في مواجهة صلف السلطة، كان المفروض أن تستمع سلطة البحرين إلى شعبها، وأن تتواصل مع ممثلي هذا الشعب من العلماء والقادة والمسؤولين للتعرف على مطالبهم وللقيام بالاتفاق معهم على حلول تساهم في إنقاذ البحرين. 
للأسف حاكم البحرين يتصرف بطريقة استبدادية، يقمع ويقتل وينتهك الحرمات ويدمر المساجد ويسجن العلماء والقادة وأصحاب الرأي، وكل التهم الموجهة هي كلمة الرأي المخالف، ولا توجد أي تهمة أخرى يمكن أن تصدر في هذا المجال، وهذا ما لا ينسجم مع حقوق البشر ولا مع القوانين ولا مع شرعة حقوق الإنسان ولا مع الشرائع السماوية.
ليكن معلومًا: البحرين ليست مزرعة لآل خليفة، البحرين دولة فيها شعب، وهذا الشعب من حقه أن يعبر عن نفسه، وهنا نتساءل: هل ابتلعت أمريكا لسانها فلم تعد تعرف كيف تتصرف وتستنكر ما يجري في البحرين وهي التي تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما تحصل حالة فردية جزئية في منطقة نائية من العالم، وهل أصاب مجلس الأمن العمى فلم يعد يرى ما يجري وكأن البحرين خارج الكرة الأرضية؟ يوجد تواطؤ دولي موصوف لرؤية ما يجري في البحرين من دون أن يحركوا ساكنًا ليتركوا هذا المستبد يفعل ما يشاء. هذه الفضيحة دولية، وهذه الفضيحة هي من أجل النفط والمصالح ومن أجل الخصوصيات التي تراها الدول الكبرى في تلك المنطقة، لقد سقطت عمليًا شرعة حقوق الإنسان، ونستطيع أن نعلن بأنها مع أحداث البحرين لم يعد لهذا العنوان أي وجود على مستوى الأرض بخسارته هذا التطبيق المشرِّف لو وقف الناس في العالم إلى جانب هذا الشعب المظلوم.
هنا لا بدَّ أن نشير إلى الحقيقة التي تقف وراء كل هذه الأحداث، السعودية هي المسؤول الأول عما يجري في البحرين، وهي المسؤول الأول عما يجري في سوريا وفي اليمن وفي ليبيا وفي كل المنطقة، لأنها تريد أن تحكم وتريد أن تفرض نفوذها بالمال وبالتوجيه اللئيم الخاطئ البعيد عن شرعة الإسلام وشريعة الله تعالى، السعودية هي التي تحاول أن ترسم مسار المنطقة على شاكلة علاقاتها مع إسرائيل، هي تتصرف بحمق وتقتل وتدمر من دون أن تحسب أي حساب، وها هي تكشف عن صورتها الحقيقية في العلاقات المكثفة التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة لإعادة التطبيع مع إسرائيل ولتدمير القضية الفلسطينية ولأخذ الأمور باتجاه المشروع الأمريكي الإسرائيلي، هذه السعودية هي التي تقف وراء أحداث البحرين بشكل مباشر.
نحن نعتبر أن ما يجري هي مشكلة سياسية بامتياز، في البحرين هناك مشكلة بين شعب وحكم مستبد، في فلسطين هناك مشكلة بين شعب واحتلال، في سوريا هناك مشكلة بين نظامٍ يريد أن يبقى إلى جانب المقاومة ومسلحون إرهابيون من مختلف أنحاء العالم يريدون تغيير هذا النظام لمصلحة إسرائيل، في اليمن هناك شعب يريد استقلاله وتواطؤ دولي لا يريد له أن يستقل ويدفِّعه الثمن، كل هذه التدخلات في المنطقة هي تدخلات سياسية من سنخية واحدة سنخية المشروع الأمريكي الإسرائيلي الإرهابي التكفيري السعودي فقد أصبحوا في مسار واحد ويعملون في اتجاه واحد. 
السنة والشيعة في مواجهة إسرائيل، والسنة والشيعة في مواجهة الإرهاب التكفيري، والسنة والشيعة يريدون الاستقلال في المنطقة، والسنة والشيعة لا يريدون لأمريكا أن تسيطر، هذا إعلان واضح وموقف صريح، وما نشهده اليوم دليل على أن شرفاء علماء الأمة من السنة والشيعة لن يقبلوا بأقل من مواجهة وهزيمة إسرائيل وكل المشروع المرتبط بها من البحر إلى النهر ومن المحيط إلى الخليج وفي كل العالم الإسلامي.
إذا كان يعتقد حاكم البحرين أنه يستطيع الاستمرار بهذه الطريقة فهو مخطئ "لا يدوم ملكٌ مع الظلم" هذه سنَّة الله تعالى، وعليهم تدارك الأمر قبل فوات الآوان، اسمعوا مقالة رسول الله(ص): "إنَّ الله يمهل الظالم حتى يقول قد أهملني ثم يأخذه أخذة راضية"، إن الله حمد نفسه عند هلاك الظالمين فقال: " فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"، وقال تعالى: "وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً". هل يعتقد حاكم البحرين أنه يستطيع التمادي دون حساب؟ وأن يستمر بما هو عليه ويكون في نهاية المطاف؟ كلا، يستطيع أن يسجن وأن يقتل وأن يقمع الحريات لكنه لا يستطيع لا أن ينتصر ولا أن يقود البحرين ولا أن يستمر في حكمه، هذه سنَّة الله تعالى. هل يُعقَل أن يُواجَه أكبر علماء البحرين وعلى رأسهم آية الله الشيخ عيسى قاسم الذي كان نموذجًا ومثالًا لرحمة الإسلام وللكلمة الحرة وللأداء السلمي ولمد الأيدي من أجل المعالجة، أيُعقل أن تُحلَّ جمعية الوفاق وهي الجمعية التي قادت البحرين إلى الاتجاه الصحيح ويُسجن الشيخ علي سلمان وآخرين من العلماء وقادة الفكر والرأي ومن المجاهدين والمجاهدات لأنهم قالوا: لا للحاكم الظالم!؟
نحن نعتقد أن حركة الشعب لا بدَّ أن تصل إلى نتيجة، وأما الاستبداد فمصيره الفشل والهزيمة. نؤكد على شعب البحرين بأن خياره هو الخيار الصحيح، اخترتم السلمية وأنتم في الموقع الصحيح، واخترتم التضحية وأنتم في الموقع الصحيح، واختار الظالم المستبد القمع ولا بدَّ أن يسقط بقمعه ولا بدَّ أن يسقط بظلمه.
ونحن كحزب الله نؤيد ونساند وندعم خيارات الشعب البحريني على قاعدة أنه حرٌ في خياراته وأن ينطلق كما يشاء وبالطريقة التي يراها مناسبة، وهذا الدعم هو إعلانٌ للعالم  حتى يقفوا مع البحرين في حقه في مواجهة الظلم الذي يُمارس من داخل البحرين من الحاكم ومن خارج البحرين من السعودية وأمريكا وإسرائيل ومن معهم.
إن شاء الله تعالى تكون الخاتمة خيِّرة رغم الصعوبات والتضحيات، قال تعالى: "إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً"، وفي نهاية المطاف عندما تنطلق كلمة الحق وتجتمع وجوه الحق فهذا إيذانٌ بتوفيق الله تعالى لهذه المسيرة "إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.