هناك من كان يعترض على وجودنا في سوريا فأصبح يدافع عن وجودنا في سوريا
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في حفل تأبيني في حسينية البرجاوي، 11/12/2015م،
وأبرز ما جاء فيها:
اليوم في لبنان عمل حزب الله في كل المراحل من أجل أن يحمي لبنان ويبني الدولة القوية القادرة التي تنصف المواطنين، وكانت تخرج أصوات من هنا وهناك تقول أنتم لا تريدون هذا! لكن بالدليل العملي رأينا أن مقاومتنا التي انطلقت وأساؤوا إليها كثيرًا واتهموها كثيرًا هي التي انتصرت وأخرجت إسرائيل ولم يتمكنوا مع كل العلاقات السياسية والدولية والوعود أن يخرجوا إسرائيل من شبرٍ واحد من أرض لبنان، بينما المقاومة أخرجت إسرائيل من كل الأراضي التي اُحتلت في لبنان إلاَّ البعض القليل في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، هذا يدل على أن مشروعنا الذي انطلقنا من خلاله هو مشروع تحرير، مشروع بناء هذا الوطن إلي نشترك فيه مع الآخرين.
وبعد ذلك بدأنا بقتال التكفيريين من الموقع السوري، فقالوا أنتم تريدون تخريب لبنان لأنكم تستقدمون التكفيريين إلى لبنان، ومن استقدم التكفيريين إلى ليبيا وإلى تونس وإلى العريش في مصر؟ ومن استقدم التكفيريين ليفجروا في كل أنحاء العالم وليعلنوا إماراتهم حيث حطَّت أرجلهم؟ هؤلاء الجماعة لديهم مشروع ومشروعهم أن يقتلوا كل من عداهم، أن يلغوا الحياة الإنسانية على الأرض لمن عداهم، أن يفرضوا قناعاتهم بقوة القتل والسلاح والدمار، ونحن لا نقبل أن يفرضوا علينا ما يريدون ولذا قاتلناهم. قاتلناهم دفاعًا، وقاتلناهم من أجل أن نحمي بلدنا، وقاتلناهم من أجل أن نحمي مقاومتنا، واستطعنا أن نحقق إنجازًا عظيمًا في أننا منعنا إقامة إمارات إسلامية على شاكلتهم التكفيرية في لبنان في مواقع عدة في البقاع والشمال، وهذا طبعًا أصبحت أدلته واضحة، تصوروا لو أن هؤلاء ما زالوا موجودين في القصير والقلمون، وكانوا يسرحون ويمرحون، ما الذي كان قد حصل في منطقة البقاع؟ وما الذي كان يمكن أن يحصل في بيروت والجنوب والشمال والأماكن المختلفة؟ كان لبنان بحالة عدم استقرار أمني وسياسي بل يمكن أن يلتحق بالأزمة السورية بالكامل في الدمار والتفجير والتخريب، لأن هؤلاء بقدراتهم والدعم الدولي الموجود لديهم يمكن أن يخربوا أي مكان يدخلوا إليه، والحمد لله أوقفناهم عند حدودهم.
وهناك من كان يعترض على وجودنا في سوريا أصبح يدافع عن وجودنا في سوريا، ويشجعنا على ذلك، ويطالب أن يلتحق الآخرون بالمنهجية نفسها، ألا يدل هذا على شيء؟ ألا يدل على أننا كنا صادقين في مواجهة إسرائيل ونجحنا، وكنا صادقين في مواجهة التكفيريين لمصلحة لبنان ونجحنا، أنتم أيها الطرف الآخر ما الذي قلتموه ونجحتم فيه؟ قدموه إلى اللبنانيين ليتعرفوا على كيفية بنائكم للدولة من خلال التصدي لأعدائها الخارجيين وعملائها الداخليين؟ فما الذي قدمتموه؟
الحمد لله كل السجل الموجود أمامنا هو سجل فخر وعز وصدق وأخلاق وإنسانية، نحن حريصون كحزب الله على انتخاب رئيس جمهورية، وحريصون على أن تسير أعمال الحكومة والمجلس النيابي، وحريصون على قانون انتخابي عادل مبني على النسبية التي تنصف جميع الناس، وحريصون على أي مشروع يمكن أن ينقلنا من الحالة الموجودين فيها إلى حالة أفضل، نحن حريصون على الاستقرار الأمني، بالدليل أننا عملنا بكل طاقاتنا وإمكاناتنا لنمنع الفتن التي أطلت برأسها مرات ومرات ولم نجعلها تنتشر بيننا ووأدناها في مهدها، وها هو الاستقرار في لبنان نساهم فيه بشكل كبير بحمد الله تعالى.
نحن حريصون على الحوار، الحوار بيننا وبين الأطراف المختلفة، الحوار بين الأطراف فيما بينها ولم نرفض يومًا حوارًا ثنائيًا ولا حوارًا جماعيًا، بل شجعنا على كل أشكال الحوار ليتلاقى اللبنانيون وليُقرِّبوا المسافات السياسية بينهم، ويعالجوا بعض الاختلافات على الأقل حتى ولو حقَّق الحوار الحد الأدنى نحن نقبل به لأننا نريد تحقيق إنجازات لمصلحة لبنان ولمصلحة اللبنانيين، ولا نقبل أن يبقى الأمر سائدًا ومؤثرًا بشكل سلبي على اللبنانيين.
وبصراحة لسنا وحدنا من يبني لبنان، نحن جزء من هذه القوى الموجودة على الساحة، إذا لم تشترك الأجزاء الأخرى بشكل متكافئ لا يمكن أن يحصل تقدم، لأن الأطراف الأخرى قادرة على أن تعطل وقادرة على أن تساعد، فإذًا لا بدَّ أن تتشابك الأيدي من أجل أن نبني ونصلح.
حزب الله يملك الجرأة الكافية ليقول موقفه صريحًا في كل المحطات التي يعيش فيها، وما يقوله يقف عنده، نحن لا نغير موقفنا مع تغير الأوضاع، ولا نغير موقفنا مع تغير المصالح، ولا نكون صباحًا في موقف ومساءًا في موقفٍ آخر، نحن لا نتلون، ولا نُباع ولا نُشترى، ولا نؤمر ولا نأخذ التعاليم من أحد، نحن نعمل ما يمليه علينا ضميرنا وقناعاتنا لمصلحة هذا البلد.
انظروا إلى كل المواقف السابقة التي اتخذناها منذ سنة وسنتين وعشر سنوات وعشرين سنة هل ترون موقفًا واحدًا أعلنا عنه وبدلناه أو تراجعنا عنه؟ أو كنا قد عملنا بخلافه؟ نعم في بعض الأحيان تكون هناك أوضاع تتطلب موقفًا معينًا نصمت ولا نتكلم، ولكن اعلموا أن السكوت موقف، فنحن نحتاج إلى فترة لنتأمل ونستكمل بعض الاتصالات لنعلن موقفنا النهائي من أي قضية، نحن جماعة نفكر ثم ننطق ولسنا من الذين يتكلمون قبل أن يفكروا.
عندما نصرِّح فيكون المطلوب أن يعرف الناس هذا الموقف، وعندما نسكت أيضًا لأننا لا نرى التوقيت سليم ولا الفكرة ناضجة من أجل أن نقول الموقف النهائي.