الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في إيران في مجمع المجتبى (ع) - حي الأميركان في 7/2/2015.
ومما جاء فيها:
الحمد لله الذي أنعم علينا بانتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران في سنة 1979 بقيادة الإمام المجدد الخميني(قده)، هذا الإمام الذي حمل الإسلام بثقة وصدق، واستطاع أن يحيي هذا الدين بأفضل حلةٍ في منافسة عظيمة لكل الأفكار البالية، وأقام دولة الإسلام المباركة بين الشرق والغرب فيما يشبه المعجزة، إذ كيف يمكن لدولة إسلامية أن تقوم والعالم تتقاسمه أمريكا والاتحاد السوفياتي؟! وتقول هذه الدولة بلسان قائدها الإمام الخميني(قده) بأنها لا شرقية ولا غربية إنما دولة إسلامية تعيدنا إلى زمن النبي محمد(ص)، وترسخ تعاليم الدين بكل أصالة.
هذه الثورة الإسلامية في إيران أثَّرت في إقامة الصحوة الإسلامية وفي تحريك شعوب المنطقة وفي إعادة النظر في الفهم الإسلامي الأصيل، هذه الثورة الإسلامية علمتنا الكثير واستفدنا من تجربتها واستطعنا أن نخطو خطوات عزة إلى الأمام ببركتها، وهنيئًا للشعب الإيراني وهنيئًا لكل شعوب العالم بانتصار هذه الثورة المباركة بقيادة الإمام الخميني(قده) ومن بعدهالإمام الولي المجدد الخامنئي(حفظه الله ورعاه)
نحن لا ننظر إلى إيران نظرة عصبية ولا مذهبية ولا طائفية وإنما ننظر إليها كنموذج فكري وعلمي وسياسي استطاع أن يحقق الكثير الكثير مما تحتاجه أمتنا على طريق حريتها وكرامتها، إيران نموذج لبناء القوة المستقلة والقرار الحر، وقد أثبتت حضورها في كل الساحات الإقليمية والدولية، إيران نقطة ارتكازٍ للأمن القومي في المنطقة، وكل دول المنطقة تحتاج أن تتعاون مع إيران من أجل أن تكون متماسكة وأن تحفظ حدودها وكياناتها ومستقبل أجيالها، إيران ملهمة الشعوب وهي تشكل رصيدًا كبيرًا للمقاومة ولمشروع تحرير فلسطين، ومن خلالإيران تعلمنا أن نكون أحرارًا وأن نواجه ونجاهد ونتحمل من أجل أن نصل إلى تحقيق أهدافنا في العزة والكرامة.
كانت إيران دائمًا في موقع الدفاع عن نفسها، ومن يقرأ تاريخ إيران منذ سنة 1979 إلى الآن لا يجدها اعتدت على أي دولة وعلى أي جماعة أو تدخلت في أي شأنٍ من الشؤون التي تخرج عن دائرتها ومصالحها، بينما الجميع تقريبًا اعتدى على إيران، خاصة في الحرب العراقية الإيرانية حيث اجتمع العالم بشرقه وغربه ضد إيران الإسلام وكانت هي في موقع الدفاع، ومع ذلك لمتعامل الدول والقوى على أساس ما فعلوه بها، فإيران كانت دائمًا تمد يدها لتقول نحن حاضرون للتعاون وللعمل ضمن قواسم مشتركة.
أعطت إيران لبنان ومقاومته ولم تأخذشيئًا، البعض يقول ولكن إيران تربح، ولكن إيران تتمكن أكثر بفعل ما تقدمه! أقول بكل وضوح: إيران ربحت نجاح ما تؤمن به، أما نحن فربحنا التحرير والكرامة فيالميدان وحققنا أهدافنا. إيران لم تأخذ منّا ونحن أخذنا منها كل شيء، إيران لمتحقق أهدافها وإنما حققنا أهدافنا فاستفادت لأن أهدافها منسجمة مع أهدافنا، واليوم من يقوم بمراجعة يرى أننا عندما طردنا إسرائيل من لبنان سنة 2000 وانتصرنا عليهاسنة 2006، وكسرنا عنفوانها وجبروتها سنة 2015 إنما قدّمنا نموذجًا ذاتيًا دعمتهإيران وكل من آمن بالمشروع المقاوم ولكن النتائج العظيمة والإيجابية هي نتائج لنا، للبنان ولفلسطين ولمنطقتنا وشعوبنا وإيران فرحة لأننا حققنا أهدافنا المشروعة التي نريدها وأردناها، واستطعنا من خلال مقاومتنا أن ننجزها وأن نكسر مجددًا مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أراد أن يغير معالم المنطقة ومن ضمنها ضرب مقاومتنا فيلبنان.
هناك ثلاث قضايا عملت عليها إيران ومن مصلحتنا أن نعمل عليها، ونعلن للملأ بأننا متمسكون بهذه القضايا:
القضية الأولى: عدم التبعية للغرب أو الشرق.
القضية الثانية: السعي لتحرير فلسطين.
القضية الثالثة: الوحدة الإسلامية.
ونحن نريد عدم التبعية وسنعمل لها وسنضحي من أجلها، ونؤمن بتحرير الأرض المحتلة ومشروع المقاومة، وسنعمل بشكل دائم للوحدة الإسلامية والوطنية من أجل أن نحقق أهدافنا.
نحن ندعو إلى تطوير العلاقات الإيرانية السعودية، لأن مصلحة كل دول المنطقة وشعوبها في التعاون والتفاهم، ومنكان يعتبر أن إيران تشكل خطرًا عليه فليراجع ما حصل خلال 36 سنة يجد أن إيران كانت دائمًا مع قضايانا الوطنية والقومية والإنسانية، ولم تكن يومًا ضد أي شعب في هذهالمنطقة ولم تكن إلاَّ في الموقع المتقدم لخدمة الناس.
نحن نفتخر بعلاقتنا بالجمهورية الإسلامية، وبارتباطنا بقائدها وولي أمرنا الإمام الخامنئي(حفظه الله تعالى ورعاه)، وهو ارتباطٌ ديني فكريٌ أخلاقي فيه كل المصالح التي يحققها لنا ولبلدنا، وما نقوم به من أعمال سواء في الحالة الجهادية أو في إعطاء النموذج الأخلاقي والسلوك العملي في التعاطي مع الآخرين، أو في السعي إلى القضايا المشروعة كلها منبركات وتوجيهات الولي المجدد الذي أرسى تعاليم في المنطقة ستكون هي السائدة إن شاءالله تعالى.
ثقوا أن النصر لهذا الاتجاه الأصيل ولو بعد حين، وليس على مستىوى إيران فقط وإنما على مستوى المنطقة بأسرها، اليوم كل المنطقة تعيش في حالة من الضياع والإرباك وحسم الخيارات ولكن من حمل خيارًا مواكبًا للجمهورية الإسلامية في إيران يجد طريقه بسهولة وسينجح إن شاء الله تعالى.
مبارك لكم انتصار الثورة الإسلاميةفي إيران، وكل الدعاء للمجاهدين والشهداء الذين قدموا في هذه المسيرة من أجل أن ترتفع وترتقي، وكل التحية للإمام العظيم الإمام الخميني(قده) الذي حقَّق حلمالأنبياء وأعادنا إلى قدوة وزمن محمد(ص) وآل محمد(عم).