الكلمة التي ألقاها في حفلٍ تأبيني في مجمع سيد الأوصياء - برج البراجنة.
ومما جاء فيها:
أولًا: نحن نتصرف كحزب الله على أساس وجود خطرين كبيرين على هذه الأمة: الخطر الإسرائيلي والخطر التكفيري، ولا نقدم أحدهما على الآخر، وإنما نعتبرهما مندكين مع بعضهما البعض تحت قيادة أمريكا، وإذا واجهنا في مكان أكثر من مكان في بعض الحالات فلأن الظروف الموضوعية تقتضي ذلك، ولكن لا يفكرنَّ أحد في لحظة من اللحظات أن بوصلتنا تغيرت، أبدًا، بوصلتنا واحدة ضد المشروع الأمريكي الإسرائيلي التكفيري ولكن لها تجليات بحسب الحاجة والمعطيات.
وللأسف في لبنان ما زال هناك من لا يعترف بحقيقة تنظيم داعش الدموي التكفيري اللاإنساني، ويأمل هؤلاء أن يستثمروا في داعش على قاعدة أنهم يتمكنون من الاستفادة مما تصنعه داعش من القتل والرعب، وبالتالي هم يأخذون المكتسبات على ظهر داعش، مساكين هؤلاء، داعش تستثمرهم وتستثمر من هو أكبر منهم، وداعش تمردت على مشغليها الأمريكيين والنفطيين، فهم لا يقدروا أن يستثمروا فداعش خطر على الجميع من دون استثناء، ولا تعترف بأحد على هذه المعمورة، وهي ضدكم وتكفركم قبل غيركم، وبالتالي نحن ندعوهم إلى أن ينتبهوا قبل فوات الأوان.
تعالوا لنبني معًا بلدنا، فلا تخربوا معهم إصرارًا على الخطأ وتمسكًا بمواقع اكتسبتموها، وهنا ألفت النظر بأن أي حل في التعاطي مع عرسال وغير عرسال لا يتعامل مع داعش أنها خطر لا يكون علاجًا، وسينقلب سلبًا على طابخي السم إذا كانوا يعتقدون أنهم يحلون المشكلة بالتغاضي عن داعش بتسهيل أمورها وبتوفير ظروف موضوعية لها، أو بمساعدتها.
هنا من يبرر في لبنان للتكفيريين ويساعدهم هو يعيق مسار الدولة، ولن يسلم منهم، وهو في آنٍ معًا يطيل من عمر الأزمة ويعقدها، كفي تغطية للوجوه في الرمال، وأنتم ترون الخطر ماثل أمامكم، داعش ليست جماعة لكم، داعش ليست غطاءًا لكم، داعش ليست حماية لكم، هي خطر ومشكلة على الإنسانية جمعاء، مشروعهم يتخطى الجميع، واللعب معهم خاسر ولا ينفع إلاَّ بالمواجهة من أجل التصدي لأخطارهم وامتداداتهم.
ثانيًا: في لبنان يبدو أن الحلول مسدودة الأفق، والسبب في ذلك هم جماعة 14 آذار، لأنهم ما داموا مستمرين بالاتهامات زورًا وعدوانًا، وبالشتائم التي يطلقونها بين حينٍ وآخر، فهذا يعني أنهم يفتقرون إلى المشروع السياسي وإلى الإرادة السياسية، وهم يبررون مواقفهم وهزيمتهم بالصراخ المرتفع الذي لا ينفع شيئًا.
نحن قدمنا نموذجًا في كيفية التعاون وهو نموذج الحكومة اللبنانية الحالية، وكنتم قبل ذلك لا تريدون الحكومة ووضعتم شروطًا علينا وضدنا وبقيتم أشهرًا طويلة ولم تتمكنوا من تشكيل الحكومة، ثم عندما اتفقتم معنا استطعنا معًا أن نشكلها وأن نسير بعض أمور الناس، هذا يعني أن الاستفراد بالبلد لا ينتج حلًا وأن التعاون هو الذي ينتج حلًا من دون إملاءات وشروط.
على هذا الأساس إذا أردتم انتخاب الرئيس فلا بدَّ من الاتفاق، وليس هناك ما يمنع الاتفاق، وإذا افترضنا أن الأمر تأجل لأي سببٍ وسبب فعلى الأقل تعالوا نسيّر أمور الدولة ونجمع المجلس النيابي ونقر السلسلة للموظفين والأساتذة، ونقر الموازنة، ونسيِّر المرفق العام الذي ينعكس إيجابًا على واقع الناس، وإلاَّ بغير هذه الطريقة تضيعون الوقت في فرصة سانحة.
يا جماعة انظروا إلى أمريكا تعيد حساباتها وتعترف بأخطائها، انظروا إليها تحاول أن تفتح خطوات للتعامل مع النظام السوري بعد أن فشلت في إسقاطه وفي مشروع تدمير سوريا، فتعلموا على الأقل كيف تتراجعوا عن بعض الأخطاء لمصلحة بلدكم، نحن ندعوهم إلى مراجعة مواقفهم لفشل الرهانات التي راهنوا عليها، ولا حل في لبنان إلاَّ بالتعاون معنا ومع حلفائنا، وبالتالي إذا كانوا ينتظرون أمرًا من الخارج فسينتظرون طويلًا من دون حل.
أختم بالإشادة بالعلاقات السعودية الإيرانية التي آمل أن تكون فاتحة خير لتتوسع وتؤدي إلى تفاهمات، لأن هذه العلاقة الإيجابية إذا تقدمت إلى الأمام فستساعد في حل الكثير من مشاكل المنطقة ومما يريده البلدان.