الموقف السياسي

من أراد أن يبني الدولة فليذهب إلى التوافق وتحريك المؤسسات/ حفل تأبين في 20/7/2014

من أراد أن يبني الدولة فليذهب إلى التوافق وتحريك المؤسسات/ حفل تأبين في 20/7/2014
نحن مع الشعب الفلسطيني ومع مقاومته بالدعم والمواجهة وبكل ما أمكننا.

الكلمة التي ألقاها في حفل تأبين الشهيد بلال كسرواني في منطقة زقاق البلاط.

ومما جاء فيها:
 

*هدف الإسرائيلي من هذه الحرب تعطيل خيار المقاومة وإذلال الشعب الفلسطيني.
*هذه الحرب لا يمكن أن تنتصر فيها إسرائيل والسبب الأساس وجود مقاومة.
* نحن مع الشعب الفلسطيني ومع مقاومته بالدعم والمواجهة وبكل ما أمكننا.
*لقد عطلنا إمارة دولة داعش في لبنان.
*لا يوجد عاقل لديه ذرة عقل يستغني عن قوة شباب لبنان.
*من أراد أن يبني الدولة فليذهب إلى التوافق وتحريك المؤسسات.


 نحن كحزب الله ليس لدينا إلاَّ اتجاه واحد هو المقاومة على أساس الإسلام، والجهاد في سبيل الله تعالى، وقد حدَّدنا البوصلة باتجاه إسرائيل كنقطة مركزية، وأينما قاتلنا وأينما دافعنا في الزمان والمكان نحن نقاتل مشروعًا واحدًا هو المشروع الأمريكي الإسرائيلي التكفيري، نحن لا نواجه مشروعين، ولا نواجه يمنة ويسارا، نواجه مشروعا واحدا منحرفا له شُعَبٌ متعددة ومسميات متعددة.
 العدوان على غزة جريمة موصوفة حقيقية بكل المعايير الدولية والإنسانية، وهذه الحرب هي جزء من العدوان المتنقل ضد محور المقاومة بتشعباته المختلفة، والأساس دائمًا هي القضية الفلسطينية.
 هدف الإسرائيلي من هذه الحرب تعطيل خيار المقاومة وإذلال الشعب الفلسطيني، وهذا الهدف هو هدفٌ دائم ولكن هو الآن مباشر ومن أجل أن تتخطى هذه المرحلة اعتقادًا منها أنها تتخلص من عدوها الأساس، للأسف كشفت الحرب على غزة من مع فلسطين ومن ضدها والقدس، وكشفت المتاجرين بالقضية الفلسطينية، وكشفت الدول العربية والإسلامية التي تعيش في "الكوما"، وكذلك المستكبرين الذين يدعمون الإجرام الصهيوني ويبررون له، نحن نعلم أن هذه الحرب لا يمكن أن تنتصر فيها إسرائيل والسبب الأساس وجود مقاومة تقاوم هذا العدو بإرادة صلبة وصمود الشعب الفلسطيني في عملية المواجهة والتفافه حول هذه المقاومة، وإذا أجرينا المقارنة بين الشعب الفلسطيني المجاهد ومقاومته في غزة في مقابل هذه الآلة الضخمة الإسرائيلية نقول بأن غزة ستنتصر إن شاء الله تعالى لأنهم أصحاب حق، ولأنهم يدافعون عن الكرامة.
 نحن مع الشعب الفلسطيني ومع مقاومته بالدعم والمواجهة وبكل ما أمكننا بالطرق والأساليب المناسبة، وبالتالي هذا المسار لا بدَّ أن يبقى متيقظًا وحاضرًا لمواجهة التحديات، وحتى هذه المجزرة التي أُرتكبت في حي الشجاعية في غزة لن تغير من المعادلة التي ستصب إن شاء الله تعالى لمصلحة رفعة فلسطين وانتصار المقاومة.
 لبنان على خط النار الملتهبة في المنطقة، وهو يتأثر بكل ما يجري من حوله، ومن يتحدث عن إبعاد لبنان وتحييده وأن لا يتأثر بأي شيء يتحدث بالفراغ، لأن واقع لبنان وتركيبته وظروفه تجعله متأثرًا بالمحيط، ولبنان مستهدف لأنه أصبح قويًا، لأن لبنان القوي يقول نعم ولا، وهم يريدون لبنان معبراً ومركزاً لاستخبارات المنطقة. بعد المقاومة أصبحت قوة لبنان بمقاومته وجيشه وشعبه، بينما كانت في السابق قوة لبنان في ضعفه.
 لأن لبنان أصبح قويًا أصبح مستهدفًا من ثلاثة اتجاهات: الاتجاه الأول الفتنة الداخلية، والاتجاه الثاني: العدوان الإسرائيلي، والاتجاه الثالث: الحركة التكفيرية. وقد جربوا الاتجاهات الثلاثة لإسقاط لبنان. تعلمون أن الفتنة جربت محاولاتها كثيرًا وكثيرًا تحت عنوان التقاتل السني الشيعي، أو التقاتل الإسلامي المسيحي، أو إيجاد شرخ بين الطوائف في لبنان، وجرى التحريض يوميًا وبكل الوسائل ومن خلال بعض الشخصيات لإسقاط لبنان في الفتنة، ولكن لبنان لم يسقط وبقي شامخًا، وأهم سبب هو أننا في حزب الله مع أخوتنا في حركة أمل وكل حلفائنا الذين عملوا معنا رفضنا الانجرار إلى الفتنة أو استخدام القوة في الزواريب الداخلية، ورفضنا أن نجاريهم في شتائمهم وتحريضهم وبقينا نتحدث عن الوحدة وعن المواطنة والعلاقة بين الناس والحمد لله تخطينا الكثير من العقبات التي كادت أن تؤدي إلى الفتنة.
 عندما لم تنجح معهم الفتنة لجأوا إلى إسرائيل وحرضوها فجربت إسرائيل حظها مرات عديدة وآخر مرة كانت في عدوان تموز سنة 2006، فخرجت إسرائيل ذليلة من لبنان ببركة سواعد المجاهدين وحرص المجاهدات على أن يكونوا كتلة واحدة مؤمنة تلجأ إلى الله وتقاتل في سبيل فانتصر الحق على الباطل وخرجت إسرائيل مهزومة مذعورة من لبنان وقد سجلت الهزيمة من خلال مسؤوليها وأعلنتها أمام العالم وانتصرت المقاومة وانتصر لبنان.
 فجربوا الاتجاه الثالث وهو التكفيريون، على قاعدة أن هؤلاء يمكن أن يواجهوا المقاومة ومشروعها في لبنان والمنطقة، ثم تأتي إسرائيل لتقطف وتأتي أمريكا لتقطف وتأتي الدول العربية الخليجية لتقطف في هذا المجال، نحن قلنا كحزب الله من اليوم الأول: إن ما بدأ في سوريا بعنوان الإصلاحات هو مشروع غربي عربي تكفيري لتدمير سوريا لمصلحة إسرائيل كي لا تبقى سوريا المقاومة، ورفضوا هذا المنطق الذي تحدثنا به، ثم بدأ يظهر أن هذه الإصلاحات تتطلب عشرات الآلاف من الشهداء والقتلى والضحايا وتدمير القرى والمدن وقلب الوضع في سوريا رأسًا على عقب، ما هذه الإصلاحات التي تصل إليها سوريا من خلال هذه الطريقة؟ واستقدموا التكفيريين من كل أنحاء العالم، ما هذه الإصلاحات؟ قالوا هذا أمر مؤقت: نستخدمهم ثم نرميهم في البحر،  وكانت النتيجة أن هؤلاء التكفيريين تغلغلوا وكان لهم دور وأصبحوا في موقع المؤثر والذي يعمل لمشروع متكامل في إقامة دولة "داعش" على امتداد عدة دول عربية منها العراق وسوريا ولبنان والأردن والكويت وبلدان أخرى، أما نحن فاستبقنا الجميع وقلنا حذار من الخطأ، وقد دافعنا في الوقت المناسب عن لبنان المقاوم، ولو تأخرنا ولم ندافع عن لبنان في هذا الوقت لأُقيمت إمارة دولة داعش في لبنان، نعم أقول بكل ثقة: لقد عطلنا إمارة دولة داعش في لبنان، ولمن لا يرى فلينظر ما صنعته داعش في الموصل، هذا كان سيحصل في منطقة البقاع والشمال من الجهة السورية باتجاه لبنان وإعلان الإمارة الداعشية فيها.
 نحن سنستمر بكل كرامة وشرف، لأننا وجدنا النتائج العظيمة لحماية لبنان، ولو لم يحصل ما حصل في القصير والقلمون وهذا المحيط في الهرمل لكنا الآن نقاتل في داخل بيوتنا وفي داخل القرى اللبنانية وفي الأعماق وصولًا إلى بيروت.
في الآونة الأخيرة وردتنا معلومات موثوقة بأن التكفيريين يعدون العدة في جرود القلمون من أجل أن يدخلوا إلى عددٍ من القرى اللبنانية البقاعية وبأعداد كثيرة، لإحداث مجازر واعتقال أفراد وإيجاد حالة من الرعب، فاستبقنا هذا الأمر وقمنا بواجبنا والحمد لله تعالى ودفعنا هذا الخطر عن لبنان ومقاومته وجيشه وشعبه، بالتعاون مع القوى الأمنية والجيش اللبناني وكل الشرفاء الذين يقفون في الخندق الواحد في مواجهة هؤلاء الإرهابيين التكفيريين.
نحن سنستمر بالتضحيات والعطاءات ليبقى لبنان مرفوع الرأس وقويًا، ونعتقد أن ما يحمينا من كل الأخطار الموجودة في المنطقة من إسرائيل وامتداداتها الداعشية والأمريكية هي الوسائل المتاحة بأيدينا والدفاع الذي نقوم به من دون أن نعتمد لا على مجلس الأمن ولا على الدول الكبرى ولا على وساطات بل على الله تعالى وعلى محور المقاومة الذي يقبل أن نكون أعزة ويريد أن يكون مستقلًا على كل هؤلاء الأغيار.
الدفاع عن لبنان لا يحصل بالخطب الرنانة، والخطب الرنانة لا تحمي لبنان، ولا يوجد عاقل لديه ذرة عقل يستغني عن قوة شباب لبنان في دعم جيشه وقواه الأمنية تحت أي عنوان وأي شعار. لذلك نحن مقتنعون أن خيارات حزب الله أثبتت صحتها وجدارتها والحمد الله نجحنا في كل موقع دخلنا إليه والآثار مكشوفة أمام الناس، وفي المقابل انكشفت أخطاء خيارات الآخرين وتبين أنها فاشلة، لذا أدعو شركاءنا في الوطن أن يتراجعوا عن خياراتهم الخاطئة فهذه مكرمة لهم بدل أن يصروا عليها ووهي في المنحدر وستبقى في المنحدر.
في لبنان كلمتان: إذا أردنا أن نصل إلى الحل فهناك خطوتان لا ثالث لهما: التوافق وتنشيط عمل المؤسسات، وكل برنامج وخطة واقتراحات من هنا وهناك لا قيمة لها ولا معنى لها لأن المحرك هو التوافق وعمل المؤسسات.
 الأمر الأول: التوافق على رئيس الجمهورية يوجد الانتخاب خلال 24 ساعة، ولا يستطيع أي طرف أن يختار أي رئيس جمهورية من دون التوافق مع الأطراف الأخرى، وإذا لم يحصل توافق يعني لا رئيس للجمهورية ويعني أن هناك مشكلة كبيرة في البلد!
 الأمر الثاني: المؤسسات، فما معنى تعطيل المجلس النيابي؟ وما معنى تعطيل مجلس الوزراء؟ وما معنى تعطيل الحياة للناس؟ هل بهذا تستطيعون تحصيل مكتسبات؟ هذا كله يوجِد الضرر للناس، لماذا لا تقررون سلسلة الرتب والرواتب؟ لماذا لا تجتمعون في المجلس النيابي لقوننة الصرف؟ لماذا لا تناقشون بطريقة عملية في مجلس الوزراء كي يتم تفريغ الأساتذة وتعيين العمداء؟ كل الوسائل هي وسائل تعطيل.
 نحن نقول: بناء الدولة بالعمل لا بالشعارات، ومن أراد أن يبني الدولة فليذهب إلى التوافق وتحريك المؤسسات، أما من يعطل الدولة والمؤسسات فهو لا يريد بناء الدولة ولو وضع الملصقات الكبيرة لأنه مع بناء الدولة، لأن بناء الدولة ليس أمنية إنما عمل دؤوب وتضحية وتعاون مع الآخرين.