الموقف السياسي

سيعمل حزب الله بكل إمكاناته لبناء الدولة القادرة بالتوازي مع مواجهته لإسرائيل / كلمة ذكرى رحيل الإمام الخميني (قده) في 3/6/2014

*فشل مشروع تدمير سوريا.

الكلمة التي ألقاها في الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لرحيل الإمام الخميني (قده) في قصر الأونيسكو، بحضور حشد من الشخصيات السياسية والنيابية والحزبية.

وقد جاء فيها (الكلمة الكاملة):

*من حق إيران استخدام الطاقة النووية السلمية.
* نؤيد الحوار السعودي الإيراني.
*لا تنسوا فلسطين وقدسَها وشعبَها.
*إسرائيل عبء على العالم والمنطقة.
* فشل مشروع تدمير سوريا.
*سيعمل حزب الله بكل إمكاناته لبناء الدولة القادرة بالتوازي مع مواجهته لإسرائيل.

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين. السلام عليكم أيها الحفل الكريم ورحمة الله وبركاته.
في الذكرى الخامسة والعشرين لرحيل مفجرة الثورة الإسلامية المباركة في إيران، ومحيي هذا الدين في القرن العشرين وعلى امتداد المعمورة، نقف إجلالًا واكبارًا أمام شخصه الذي استطاع أن يثبت حضوره ومكانته وتأثيره في العالم أجمعه.
 تميَّز الإمام الخميني(قده) بصفات عظيمة، فهو المرجع العلم المتبحر في فهم كمال الإسلام وشموليته من الجوانب كافة، وهو السياسي الخبير بزمانه الذي أتقن تجاوز قواعد التحكم الدولية بمصائر الشعوب، وهو العرفاني الذي ذاب في الله تعالى فكان يضج بكاءً في جوف الليل المظلم بين يدي خالقه، وهو الشجاع الذي لم يخشَ في الله لومة لائم، ولم يخشَ أحدًا طرفة عين إلاَّ الله جلَّ وعلا، إنَّه مصداق اسمه إنَّه "روح الله"، الذي يعود نسبه إلى الإمام موسى الكاظم(ع)، والمولود في خمين، فهو روح الله الموسوي الخميني، إنَّه الولي الفقيه بجدارة على نهج رسول الله(ص) قدوةً وقيادة.
أنجز الإمام الخميني(قده) إنجازات كثيرة، لكني أذكر منها إنجازين عظيمين:
أولًا: ظَّهر أصالة الإسلام ومواكبته للعصر، فأرجَعَنا إلى صفاء فكر وتجربة النبي(ص) بلباس زماننا حتى أننا رأينا نهجًا إسلاميًا يعاصر حياتنا ويعيدنا بتفاعل عظيم مع سمو هذا الدين.
ثانيًا: قدَّم تجربة لدولة إسلامية حديثة مستقلة عن الشرق والغرب (لا شرقية ولا غربية) ذاتِ سيادةٍ وحضور وقرار، ثبَّتت معالمها، وأصبحت قبلةً للأحرار والثوار والمقاومين في العالم.
ولذا يمكننا القول بأن ما بعد نجاح ثورة الإمام الخميني(قده) يختلف عما قبلها ذلك أن معالم منطقتنا وكثيرًا من أحداث العالم تغيرت وتبدلت وتأثرت بعد قيام هذه الدولة الإسلامية الفتية العظيمة، بحيث تغيرت المعالم والمواقع، وانطلق مشروع المقاومة يشق طريقه بين الناس والدول ليسقط تدريجيًا مواقع مختلفة للاستكبار وأعوانه.
اجتمعت الدول الكبرى ودول تابعة في المنطقة لمنع استكمال بناء الدولة الإسلامية ولتغيير نظام الحكم فيها، وكانت الحرب العراقية المفروضة لثمانِ سنوات واجهة لتحقيق الهدف، ولكن إيران الإسلام بقيادتها وشعبها صمدت وخرجت من هذه المحنة قويةً عزيزة وثابتة. لم تترك تلك الدول بابًا لتخريب إيران ومحاصرتها لإسقاطها من الداخل أو الخارج إلاَّ وسلكته، فلم تنجح، والحمد لله حقَّقت إيران إنجازات حتى الآن، فتذرعوا بالملف النووي كآخر أطروحة لمواجهة إيران، ولكنهم سيفشلون إن شاء الله تعالى، وستنتصر إيران مجددًا بشعبها وقيادتها وعلى رأسها ربان السفينة الإمام الخامنئي(دام حفظه). قال تعالى: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) .
سأتحدث بنقاط عدة بشكل مختصر توضيحًا لموقف حزب الله من عدد من القضايا::
أولًا: من حق إيران استخدام الطاقة النووية السلمية. لم يثبت لدى المنظمة الدولية للطاقة الذرية عسكرة الاستخدام، وفي كل بياناتها تتحدث عن احتمال للعسكرة ولا تتحدث عن إثبات، وهي تريد من إيران أن تثبت عدم العسكرة وأن تطمئن المجتمع الدولي كما يقولون وذلك من باب التعجيز، وقد أعلن الإمام الخامنئي مرارًا وتكرارًا حرمة الاستخدام العسكري من منظور إسلامي، ولكنهم تحت عنوان المخاوف يواجهون إيران، ولولا استعدادات إيران وجهوزيتها للدفاع عن نفسها، ولولا خوف الدول الكبرى من تداعيات الحرب عليها من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون لما سقط مشروع الحرب وخضعوا للتفاوض.
كان الأجدر ببعض دول المنطقة أن تستفيد من خبرة إيران، وتتعاون معها، وتقف إلى صفها، فالعلم حقٌ لشعوب منطقتنا وليس حكرًا على الغرب. وبإمكاننا بهذا العلم أن نغير الكثير من المعادلات.
ثانيًا: نؤيد الحوار السعودي الإيراني، ونتمنى أن يخطو خطوات فاعلة، ونعتقد بأن آثاره مهمة لأمن المنطقة وسلامة ازدهارها الاقتصادي، والتعاون السياسي في ملفات كثيرة، وهو حوار قد يساهم في معالجة الكثير من الأزمات المفتعلة بين دول وقوى هذه المنطقة.
ثالثًا: لا تنسوا فلسطين وقدسَها وشعبَها, قال الإمام الخميني(قده): "إسرائيل هذه الجرثومة الفاسدة الفتَّاكة استعملها الاستعمار أداةً له لتخريب وتهديم صفوفنا، وكل يوم يمر علينا نراها تتوغل في بلادنا الإسلامية أكثر فأكثر، ويجب على الدول الإسلامية الكبرى وعلى المسلمين كافة الاتحاد والوفاق من أجل التصدي لهذا العدوان".
تحاول إسرائيل جاهدًة صرف أنظارنا عما يحصل في فلسطين المحتلة، وكأنها في موقع من يقرر ويشرع وتضع القضايا في مواجهتنا لننسى أنها العدو الغاصب والمحتل، أترون كيف تصرح القيادة الإسرائيلية دائمًا ضد إيران والشعب الفلسطيني والمقاومة في لبنان, وتتدخل في محاولة رسم السياسات الأجنبية ضد دول المنطقة، وتعطي شهادات حسن السلوك لبعض زعماء هذه المنطقة في محاولة منها من أجل إلهائنا بقضايا أخرى لننسى فلسطين، لا لن ننسى فلسطين القدس،  وسنعمل على تحرير فلسطين والقدس مع أخوتنا وأحبتنا الفلسطينيين وكل الأحرار.
علينا أن نُبقي شعلة المقاومة مضيئة لتحرير الأرض فلا خيار غيرها، ونبارك المصالحة الفلسطينية ونؤيد كل ما يؤدي إلى الوحدة بين الفلسطيين.
وليكن معلومًا أن إسرائيل عبء على العالم والمنطقة وسيكتشف العالم أنها جرثومة سرطانية بحق وهي تخالف كل قواعد حقوق الإنسان.
رابعًا: فشل مشروع تدمير سوريا، وفشل مشروع تحويل سوريا المقاومة إلى سوريا الصهيونية, وفشلت الحرب على سوريا في تحقيق أهدافها.
لقد جمعوا التكفيريين من كل أنحاء العالم لاستخدامهم ثم ضربهم، لكنهم فقدوا زمام المبادرة والإمرة، وتحول التكفيريون خطرًا على الدول الغربية ومموليهم وحاضنيهم، أرادوا التكفيريين فزاعة لسوريا والمقاومة وهذا المشروع فتحولوا عبئًا على العالم بحمد الله تعالى ليذوقوا آثاره ولم يذوقوا بعد، لا زالوا في المقدمات وسنسمع صرخاتهم في كل أنحاء العالم من هذا الخطر التكفيري بعد أن وضعنا له حدودًا، وأبعدناه بنسبة من النسب عنّا.
انتهى الحل العسكري في سوريا، سوريا اليوم بين المراوحة والحل. أمَّا المراهنة على الوقت وقدرة المسلحين فخاسرة, يبقى الحل هو الحل السياسي مهما طالت الأزمة.
لقد أذهلهم الإقبال على الانتخابات الرئاسية منذ أيام واليوم، وهذا هو التعبير المباشر عما يريده الشعب السوري، كفى تدليسًا وتآمرًا وترويجًا للأكاذيب، لو كنتم تعتقدون بأن الشعب السوري معكم أيها المستكبرون والصهاينة لقبلتم بإجراء انتخابات للتنافس بين هؤلاء الناس لتعلموا من معكم ومن ضدكم، لقد أصبحت الصورة واضحة: القليل معكم لأنهم يستفيدون من عطاياكم، والكثير مع الأرض والشعب، مع سوريا المقاومة، مع بشار الذي سيكون رئيسًا بإذن الله تعالى. لطالما قلنا: بأن الحل في سوريا هو حل سياسي، ولم نكن نتحدث عن تفاصيل هذا الحل، للبحث عن خطوات توفيقية، أما الآن أيها المستكبرون وأتباع المستكبرين ستجدون أنفسكم باتجاه حل سياسي يكون الرئيس بشار هو القطب في هذا الحل شئتم أم أبيتم.
 إنَّ دعم سوريا فيما مرت به من أزمات وخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة هو في رأينا واجبٌ مقدس لتبقى صامدة وتمنع انهيارها أمام مؤامرات الأعداء ، والحمد لله لقد أثمر الدعم نصرًا مع هذا الشعب الأبي .
لقد دفع تحرير القلمون خطر الإرهاب التكفيري عن لبنان بنسبة 95%، ولولا  مقاومة الإرهاب التكفيري لكان لبنان اليوم واقعًا في أتون حربٍ عبثية تدميرية ومعقدة، فللذين يعترضون على المشاركة في سوريا اشكروا ربكم أننا تدخلنا في الوقت المناسب لنمنع لهيب الحرب عن لبنان، عن كل لبنان وليس عن حزب الله فقط. 
خامسًا: حزب الله وليد النهج الإسلامي المحمدي الأصيل على خطى الإمام الخميني(قده)، لقد حقَّق تحريرًا نموذجيًا في 25 أيار 2000، وأنجز نصرًا إلهيًا مذهلًا في مواجهة عدوان تموز 2006. هذا النجاح هو تعبيرٌ عن سلامة الخط والأسلوب والهدف، فأي هدف أشرف وأعظم من التحرير والاستقلال ومن رفع الرؤوس عاليًا لنبقى أعزة أحرارًا على أرضنا.
لقد قدَّم حزب الله نموذجًا أخلاقيًا قلَّ نظيره, حيث مدَّ يده للتعاون مع الجميع, فلم يميز بين مسلم ومسيحي، بين وطني وقومي، بين ملتزم وغير ملتزم، اجتمعنا مع الجميع لمقاومة إسرائيل، وأهدى نصر التحرير لكل من أحبَّ ذلك شريكًا في الآمال والآلام, ولم ينتقم من العملاء والمتورطين ولا من أهاليهم, بل التزم ولا زال ملتزمًا بمحاكمة الدولة للعملاء لينالوا جزاء خيانتهم, فمن تاب بعد تنفيذ الحكم فله ما للمواطنين من حقوق وواجبات.
المقاومة الإسلامية مشروع نهضوي في مواجهة المشروع الصهيوني، هذه المقاومة هي قوة للبنان والأحرار. ستبقى رصيدًا إلى جانب الجيش اللبناني للقيام بالواجب المقدس، وستبقى على جهوزيتها العالية المتنامية لمواجهة الأخطار، وسيعمل حزب الله بكل إمكاناته لبناء الدولة القادرة بالتوازي مع مواجهته لإسرائيل، وسنمارس حقنا بانتخاب رئيس قوي نتوافق عليه، ونحن جاهزون لإنجاز الاستحقاق الرئاسي اليوم قبل الغد. فلبنان بحاجة إلى رئيس يجمع ولا يفرِّق، ويستثمر قوة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته، ويبني الدولة, ويواجه الفساد.
من هنا نحن في هذا الموقع نحيي ونبارك هذا الخط الأصيل الذي رسمه الإمام الخميني(ق) ونرسل التحية له وللشهداء الأبرار وشهداء الدفاع المقدس، ولكل الأحرار الذين قاتلوا وواجهوا في
وفي الختام كل التحايا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.