الكلمة التي ألقاها في حفل تجمع العلماء المسلمين لمناسبة الإسراء والمعراج والمبعث النبوي الشريف في مطعم الساحة بحضور علمائي كثيف.
ومما جاء فيها:
إننا نؤكد على أهمية الوحدة الإسلامية التي نسعى إليها عمليًا، ونستنكر كل الاستنكار تلك المواقف والتصريحات التي تصدر من مواقع عربية وإسلامية مختلفة تحاول أن تثير النعرة المذهبية بين حينٍ وآخر بمواجهة عبادات أو أفكار أو قناعات عند المذهب الآخر الذي يختلف مع مذهبهم أو قناعاتهم، هذا العمل ليس مباركًا وليس فيه تصحيحًا من وجهة نظر الإسلام.
التصحيح الحقيقي والعمل للإسلام بحق هو أن نقدم الوحدة على التفرقة، ومنع التحريض على الفتنة، والتعاون في المجالات المختلفة على التباعد، ومواجهة الاستكبار على التآمر، ومد اليد لدعم المقاومة على أن نكون في مقلب الخزي والعار الذي يواجهها، المطلوب منّا أن نكون موحدين، وأن نعمل كذلك، ونحن سعينا وسنسعى دائمًا.
لاحظوا معي: من نتائج تحركنا نحو الوحدة والعمل الدؤوب لتعزيزها وتأكيدها أن انكشف أمام العالم اليوم بأن الخلافات ليست مذهبية ولا طائفية لا في لبنان ولا في المنطقة، ودليلي على ذلك: لو كانت الخلافات في لبنان مذهبية لما تحول الوضع بقدرة قادر فالتأمت حكومة المصلحة الوطنية وحُلَّت المشاكل الأمنية المنتقلة في طرابلس وعرسال ومناطق مختلفة من لبنان، وأصبح الناس يجلسون مع بعضهم بعضًا وكأنه لا يوجد خلاف على الإطلاق، هذا دليل أن الخلاف هو خلافٌ سياسي، كان سياسيًا وسيبقى سياسيًا عندما يخرج إلى السطح.
وكذلك انظروا اليوم إلى العالم العربي والإسلامي، هل الخلافات الموجودة في مصر مذهبية أو طائفية؟ وهل الخلافات الموجودة بين قطر والسعودية مذهبية أو سياسية؟ وهل الخلافات الموجودة بين الأحزاب والقوى على امتداد العالم العربي في التنافس على الحكم في ليبيا أو في تونس أو في مواقع مختلفة هل هي مذهبية أو هي سياسية؟ كل الخلافات في منطقتنا خلافات سياسية إنما يستخدم الشعار المذهبي من أجل التعويض عن قدرتهم في مواجهة الحق الذي تمثله المقاومة ويمثله الوحدويون ويمثله الشرفاء أمثالكم، وهم يعلمون تمامًا أن لا محل للخلاف المذهبي بيننا وإنما هناك خلاف سياسي يطفو بين الحين والآخر ويسيطر بين الحين والآخر، أما الخلاف المذهبي فلا محل له عندنا، ولا يمكن أن نوافق أحدًا عليه، ولا نسير بخطواته بأي شكل من الأشكال.
أما الموجة التكفيرية التي تنطلق اليوم في مناطق وتتجمع بشكل رئيس في سوريا، هذه الموجة التكفيرية لا علاقة لها بالإسلام، لأن الإسلام يدعو إلى الفضيلة وهم ولا يدعون إليها، والإسلام يدعو إلى الأخلاق وهم لا يتمتعون بها، والإسلام يدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وهم لا يوجد عندهم لا حكمة ولا موعظة حسنة، فكيف يدعون إلى الإسلام وهم يخالفون أبسط مبادئ الإسلام، هذه الموجة التكفيرية منسجمة في مشروعها وأهدافها مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي سواء أكانت جزءًا من التخطيط أو لم تكن، ونحن نعتبر أنها مخالفة لشرع الله تعالى.
أمَّا تدخلنا في سوريا، فلطالما سمعنا انتقادات عن تدخلنا في سوريا، أقول بكل وضوح: لولا تدخل حزب الله في سوريا لكان لبنان على طريق التدمير والسيارات المفخخة المتنقلة، والأحداث التي تنتقل من الشمال إلى الجنوب إلى البقاع إلى كل بقعة في لبنان، هذا التدخل الذي حصل في سوريا كفَّ أيدي الموجة التكفيرية من أن تنتقل إلى لبنان، ووضع حدًا لها ومنع انعكاساتها على واقعنا، وبالتالي نحن نعتبر أن تدخل حزب الله في سوريا حمى لبنان من التأثيرات السلبية من الأزمة السورية. ومن كان لديه دليل آخر فليأتنا بهذا الدليل وليقدمه لنا.
أما في لبنان تناقش القضايا السياسية بطريقة عشوائية، وتصدر تصريحات لا علاقة لها بالواقع ولا بالحقيقة، من أراد أن يعرف موقف حزب الله من أي أمر من الأمور عليه أن يستمع إلى خطاب سماحة السيد الأمين العام(حفظه الله) وإلى خطابات القيادات المختلفة ليعرف موقف حزب الله، أما أن يثير البعض موقفًا وينسبه إلى حزب الله بشكل أو بآخر فهذا أمر مرفوض، مثلًا: نحن واجهنا في سوريا وأعلنا علنًا بأننا في سوريا بينما اختبأ الكثيرون وبدأوا يطلقون السهام علينا، وهذه هي النتيجة أمام أعينهم، كانت النتيجة خيرًا وكانت تشكل الحماية للمقاومة.
أو أننا الآن أمام الاستحقاق الرئاسي، نحن واضحون لا يمكن أن يتم الاستحقاق الرئاسي في لبنان من دون اتفاق، وهذه البهلوانيات في الدعوة إلى التنافس الشريف والنزول إلى المجلس النيابي والقيام بتقديم مرشحين ما هي إلاَّ ألاعيب خارجة تمامًا عن الوصول إلى نتيجة حقيقية لانتخاب رئيس للجمهورية، من يريد انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد عليه أن يسلك طريق الاتفاق، ومن لا يسلك هذا الطريق مهما فعل وارتفع وانخفض، فلن يصل إلى نتيجة سوى كثرة الكلام الإعلامي السياسي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، والذي يغلب عليه طابع الاتهامات المختلفة.
نحن نرغب بأن يتم هذا الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت ممكن، ولكن هذا الأمر مرتبط بآليات واقعية وموضوعية، ونحن حاضرون لكل مساهمة توصل إلى الاتفاق ونعتبر أنه الطريق الطبيعي والسليم.