وأخيرًا تشكلت الحكومة اللبنانية بعد أخذ ورد وإضاعة للوقت وتسويف وتدليس على الناس وحصلت على الثقة لتكون النتيجة هي النتيجة نفسها لو أنها تشكلت قبل 11 شهر، ولكن البعض لديه محاولات من أجل تغيير المحاولة ولكن المعادلات لها قواعد وضوابط لا يكفي أن يسرق الإنسان حتى يغير ويبدل.
وقد أثبتت الثقة الأخيرة للحكومة على ثلاث حقائق أساسية:
أولاً: تأخير الاستحقاقات النيابية والرئاسية والحكومية، ينعكس سلبًا على حياة الناس الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ولا يغير معادلات القوى الواقعية التي لها امتدادات على الأرض والتي لها حضور وازن.
ثانيًا: لا يمكن إغفال الشراكة في إدارة لبنان، ولا يمكن الاستفراد بهذا البلد كما لا يمكن إقصاء أحد، إمَّا الشراكة فهي التي تجعل البلد يسير إلى نتيجة معينة، وإما الحلول الأخرى فتعيق حركة هذا البلد.
ثالثًا: الاستقرار الأمني والسياسي مطلب الجميع، وحاجة للجميع، ولكن التغطية على المحرضين للفتنة وعلى المفتنين ، والمشاركة في أعمالهم أو تبرير مشاريعهم هو الذي يزعزع الأمن ويخرب البلد وينعكس سلبًا بعد ذلك على الذين غطوهم وتعاملوا معهم. هذه حقائق دامغة موجودة أمام الجميع.
نحن التزمنا كحزب الله أمام الجميع منذ اليوم الأول بقواعد واضحة، قلنا بأننا نريد الاستحقاقات أن تجري في مواعيدها، واليوم ندعو إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، والاسراع في إنجاز قانون الانتخابات العادل الذي يعيد إنتاج التمثيل الشعبي والسلطة بما ينسجم مع تمثيل الناس ومتابعة شؤونهم بشكل صحيح.
يجب أن يبقى في بالنا أننا أمام خطرين كلبنان ومنطقة في آنٍ معًا: الخطر الإسرائيلي، والخطر التكفيري. هذان الخطران يعنيان كل اللبنانيين وكل سكان المنطقة في العالم العربي والعالم الإسلامي.
أما الخطر الإسرائيلي فهو يعتدي ويحتل ويصادر الأراضي ويوغل في إيذاء الفلسطينيين ويتسبب بالضرر لكل المنطقة بل للعالم.
أما التكفيريون فيعتدون ويدمرون ويخربون الحياة ولا يحملون أي مشروع إلاَّ مشروع القتل وإنهاء الحياة البشرية على وجه الأرض.
علينا أن نتكاتف من أجل أن نواجه هذين الخطرين، ولكننا منتصرون إن شاء الله تعالى لأن من كان مع الله ويقوم بواجبه لا بدَّ أن ينتصر في نهاية المطاف.
أمام المقاومة التي جرى الحديث عنها مؤخرًا فهي في الواقع واجب وضرورة، ولولا المقاومة لانهار كل شيء ولما بقي لبنان، أولئك الذين يدعون نسألهم: أين هي المكانة التي حققها لبنان قبل المقاومة؟ أين هو موقع لبنان قبل المقاومة؟ أين هو دور لبنان قبل المقاومة؟ ولكن مع المقاومة تحققت إنجازات: أولًا حصل التحرير سنة 2000 وهو ببركة المقاومة، وكذلك صد العدوان الإسرائيلي الكبير والحرب الإسرائيلية على لبنان سنة 2006.
هذه المقاومة بقوتها ورجالها ونسائها وشعبها استطاعت أن تشكل ردعًا حقيقيًا في مواجهة العدو الإسرائيلي من ضمن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، كتكاتف وتعاون بصرف النظر إنْ وردت هذه العبارة في البيان الوزاري أم لم ترد، فالأرض تثبت هذا التكاتف الحقيقي العملي.
أدَّت المقاومة إلى حماية لبنان من تداعيات الأزمة السورية، نعم هذه المقاومة حمت لبنان من الانعكاسات التي كان يمكن أن تحصل ولو لم تكن حاضرة في الميدان وتدفع البلاءات المختلفة عنّا، ما الذي سيكون عليه حالنا لو افترضنا أن الحدود اللبنانية السورية كانت ملئ بالقتلة الذين ينتشرون من أولها إلى آخرها، كنا أمام وضع صعب جدًا، إذ نحن مع هذه الحالة التي نتصدى فيها للمشاريع الآثمة ضد المقاومة دوليًا وإقليميًا ومن خلال الجنسيات المتعددة وعانينا ما عانيناه! فكيف إذا كانت الأمور مفتوحة بلا ضوابط؟
هذا الحضور المقاوم أدَّى إلى انكفاء التدخل الأجنبي في الشؤون اللبنانية، واليوم بدأنا نسمع أمريكا وغيرها يقولون الاستحقاقات شأن لبناني، نعم في هذه المرحلة أقول لكم: الخيارات اللبنانية مؤثرة، وهذا يعني أن جميع اللاعبين على الساحة اللبنانية لهم دور أساس في الموضوع وخاصةً المقاومة وما تمثله.
هذه المقاومة قدَّمت نماذج جهادية رائعة، وأتصور أنه لا يوجد مثل هؤلاء الشباب المجاهدين في كل العالم من دون استثناء، هؤلاء الذين قدموا بكل جرأة وبسالة وشجاعة قربة إلى الله تعالى، لا يريدون اسمًا ولا مالًا ولا موقعًا، يريدون أمةً عزيزة ترفع رأسها باسم الله وفي سبيل الله وهذا ما يتحقق في كل يوم ببركة المجاهدين والشهداء الأبرار.
هؤلاء المجاهدين هم جزء لا يتجزأ من عوائل تعبر عن فخر حقيقي بهذه التربية الصالحة النموذجية التي نراها ي مجتمعنا، إذا كان البعض يظن أن الشباب هو الذين يقاتلون فهو مخطئ! الشباب يقاتلون والنساء يقاتلن، والأطفال يقاتلون، والشيوخ يقاتلون، كل من موقع، واحد بسلاحه وآخر بدعائه، وثالث بتربيته، ورابع بمساندته، هؤلاء هم الشعب الذين تحدثنا عنهم دائمًا بأنهم يقفون نصرة للمقاومة كي لا تكون فصيلًا عسكريًا، إنما هي فصيل من داخل هذا الشعب ومن داخل هذه الأمة لصنع المستقبل الحقيقي الذي نريده لبلدنا ولمنطقتنا.
نحن نؤمن بالدولة المستقلة القوية، وكل أدائنا شكل مساهمة حقيقية في تحقيق إنجازات تقدم الدولة بصورتها المستقرة، ونحن ندعم الجيش اللبناني ليأخذ دوره عبر كل الأراضي اللبنانية من دون استثناء، لا نقبل أن تُستثنى لا قرية ولا شارع ولا مكان، وإنما يستطيع الجيش اللبناني بل يجب أن يأخذ مكانه في كل هذه البقاع، ونحن نحيي سجله الناصع في بسط الأمن والاستقرار والسلم الأهلي، ونشد عضده، ونحن معه بكل ما يقوم به من أجل حفظ الاستقرار وحفظ البلد ومنع الفتنة في هذا الداخل.
لعلَّ البعض لا يلتفت كثيرًا إلى الإنجاز الذي حصل الكبير في منطقة القلمون، سواء سُمي بيبرود أو غير يبرود أو ما شابه ذلك، هذه الإنجازات بالتأكيد ستخفف كثيرًا من سيارات الموت وانتحاريي الشيطان، من أولئك الذين يعبثون بالحياة الإنسانية، وهذا ما يدفعنا إلى المزيد من الحذر والانتباه لنرى كيف تنتهي الأمور بعد ذلك ولكن هذه خطوات مهمة جدًا على صعيد حماية لبنان وحماية أمنه واستقراره واستقلاله.