حرص حزب الله على قاعدتين: أولاهما بناء المؤسسات واحترام صلاحياتها، وثانيتهما السعي للتعاون والشراكة الوطنية مع كل الأطياف والفئات للنهوض معاً لمصلحة لبنان. ولكنَّه اصطدم بعقلية الاستئثار التي تريد إلغاء الآخرين، فإذا ما عجزت فلا مانع لديها من تخريب البلد والمؤسسات.
وهذا ما ترجمه فريق 14 آذار الذي عمل على التدمير المنهجي للمؤسسات بدءًا من تعطيل تشكيل الحكومة، مروراً بعدم حضور جلسات المجلس النيابي لمنعها من الانعقاد، وانتهاء لجملةٍ تحريضيةٍ لمخالفة القوانين تارة باسم حكومة الأمر الواقع، وأخرى بطرح الشروط الإقصائية لفريق وازن من اللبنانيين.
ولو ساعدتهم الظروف لشكلوا حكومة اللون الواحد على الرغم من تسمية الجميع لرئيس الحكومة المكلف، ولكنهم لم يحصلوا على الأكثرية لذلك، وإذ بهم يطرحون فكرة الحكومة التي لا تحصل على ثقة المجلس أي التي لا تجمع الأكثرية بهدف إزاحة حكومة تصريف الأعمال، واستبدالها بحكومة مبتورة تكون بإدارتهم، على أن لا يكونوا في حكومة وحدة وطنية أو حكومة مشاركة 9-9-6. وقد فشل طرحهم هذا بسبب المخالفة الصريحة للدستور والقوانين فرُفع من التداول.
ولكن المفاجأة أن يطرح رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان "تشكيل حكومة جديدة ترعى الانتخابات الرئاسية، حتى ولو لم تحصل على الثقة"، وهذا الأمر مخالف للدستور، فالحكومة التي لن تنال الثقة لا تستلم من حكومة تصريف الأعمال، فلا يصل الدور إلى رعايتها للانتخابات الرئاسية لأنَّها منعدمة الوجود القانوني، ومثل هذا المسار يُدخل البلد في النزاع والانقسام والفوضى، بينما الأجدى هو بذل الجهد لتشكيل حكومة وطنية جامعة تنال ثقة المجلس النيابي وتقوم بواجباتها، ومنها رعاية الانتخابات الرئاسية، وحبذا لو يتم ذلك اليوم قبل الغد.