الكلمة التي ألقاها في الليلة الثامنة من ليالي عاشوراء 1435ه في منطقة حي السلم.
ومما جاء فيها:
اليوم نقول لكل من يسأل عن هذه المقاومة إلى أين؟ أو هذه المقاومة ما هو مستقبلها؟ نقول: المقاومة نشأت كردة فعل على الاحتلال والعدوان والظلم، وقد أثبتت جدواها وحضورها وتبين لنا أن لا خيار في لبنان لتحرير الأرض إلاَّ سلوك طريق المقاومة، وتبين أيضاً أن هذه المقاومة حققت نصراً مؤزراً عام 2000 بخروج إسرائيل ذليلة، وحققت نصراً عظيماً في 2006 بسحق مشروع إسرائيل الذي أراد أن يسحق مشروع المقاومة فخرجت المقاومة عزيزة وخرجت إسرائيل تجر أذيال الخيبة، ولا يوجد أي مسار آخر غير المقاومة يمكن أن نلجأ إليه، ولذا المقاومة بالنسبة إلينا أصبحت حاجة وضرورة والمطلوب أن تبقى وتستمر وتتجهز وتقوى أكثر فأكثر من أجل أن تحقق الأهداف وعلى رأسها حماية لبنان وتحرير الأرض المحتلة وتحرير كل شبر من هذه الأرض المحتلة.
هذه المقاومة هي ضرورة لعدة أسباب:
أولاً:لأننا لأول مرة منذ استقلال لبنان نعيش قوة لبنان ومنعته بدل أن نكون في لبنان الضعيف الذي يتغنى به البعض، والذي يحاولون أن يرسموه على شاكلتهم بلا حول ولا قوة ولا قدرة، وهنا عندما يعترض البعض على السلاح ولا يعترضون أن يكون لبنان قوياً، نقول لهم كيف تريدون لبنان قوياً من دون مقاومة وسلاحها، قالوا: يمكن أن يكون قوياً بالسلاح الذي نعطيه للجيش، نقول: اعطوا السلاح للجيش، هل يسمح لكم؟ هل تستطيعون الوصول إلى ما وصلت إليه المقاومة؟ إلى أن تصلوا إلى هذا المستوى الذي يصبح فيه الجيش وسلاحه على قدر من الأهمية بحيث يستطيع أن يحرر الأرض ويردع إسرائيل ويحمي لبنان ويحقق الأهداف التي حققتها المقاومة بمؤازرة الجيش عندها لكل حادث حديث ونحن حاضرون أن نناقش في هذا الأمر. ولكن في الواقع هم لا يريدون إلغاء سلاح حزب الله ولكنهم لا يتجرأون على التصريح، هم يريدون إلغاء المقاومة التي أذلت إسرائيل ليكون لبنان مكشوفاً لإسرائيل ولكل أهدافها، هذا هو الهدف، وإلاَّ من يستفيد من عدم وجود المقاومة في لبنان؟ إسرائيل. وعندما دخلت إسرائيل واجتاحت لبنان سنة 82 ما هو هدفها كان هدفها ضرب المقاومة وإلغاء سلاحها حتى يصبح لبنان ضعيفاً في مواجهتها، وفي عدوان 2006 كان العنوان الأساس ضرب قدرة المقاومة،
ثانياً: هذا السلاح وهذه القوة تتكامل مع الدولة اللبنانية، لأنَّ اتجاه سلاح المقاومة ضد إسرائيل حماية الأرض لأن المقاومة سدت ثغرة تتحمل مسؤوليتها الدولة اللبنانية فبدل أن نحمل المسؤوليات ونلطم الخدود ونبكي على الأطلال، قلنا فلنقدم مساهمتنا وكانت مساهمتنا الجديدة التي حررت هذا البلد. هذا السلاح الموجود مع المقاومة هو وجهته إسرائيل وكل ما يتعلق بها، لأن البعض يمكن أن يقول: في بعض الأحيان لم تقاتلوا إسرائيل مباشرة، فعندما تستخدم إسرائيل أدوات أخرى نحن مضطرون أن نقاتل الأدوات الأخرى ولكن في نهاية المطاف هذا السلاح موجه لإسرائيل فقط، وكل من نقاتله على طريق إسرائيل هو جزءٌ لا يتجزأ من مشروعنا وجزء لا يتجزأ من مقاتلة العدو.
ثالثاً : هذه المقاومة مبنية على فكرة القوة والسيادة والتحرير، وهي تنطلق من مشروع متكامل أي ليست ردة فعل عشوائية، بل مشروع متكامل، يقول هذا المشروع: أن لا قيامة للبنان إذا كانت إسرائيل متحكمة به، وإذا كانت إسرائيل تهدده، بل لا قيامة لكل دول المنطقة ما دامت إسرائيل تملك القوة وتحتل وتهدد، ولا يمكننا أن نواجه هذا الاحتلال وهذا التهديد إلاَّ بالسلاح والقوة والمقاومة، وهنا أهميتها وفعاليتها، فهل إسرائيل مزعوجة من عدد العرب 140 مليون، أو مزعوجة من عدد المسلمين مليار ونصف مسلم، أو مزعوجة من المساحة الكبيرة الموجودة في بلاد العرب والمسلمين في مقابل مساحة فلسطين المحتلة، لا، فالغرب يبيع السلاح للعرب من أجل أخذ الأموال، ولكن هل تستطيع تحريك طائرة أو مسدس أو دبابة أو مدفع من دون قرار من الأمريكي؟! كانت أمريكا تدعم المجاهدين الأفغان والمجاهدين العرب من أجل إسقاط الاتحاد السوفياتي وإخراج من أفغانستان، وكان العرب مسرورين جداً من هذا الدعم وأرسلت أمريكا إليهم صواريخ ستنغر وهي صواريخ متطورة تسقط الطائرات، ويومها الروس عانوا الأمرين وأدت هذه المواجهة خروجهم من أفغانستان فتحررت أفغانستان من الاتحاد السوفياتي، الأمريكا عنده احباط كم صاروخ ستنغر أرسل إلى أفغانستان، تبين أنه من أصل هذه الصواريخ يوجد خمسين صاروخ لم يطلقوا بعد، فبدأوا يبحثون عن هذه الصواريخ وطلبوا استردادها، كل صاروخ برأس، استطاعوا ان يحصلوا على قسم من هذه الصواريخ ولا زالوا يلاحقون هذه الصواريخ ليعلموا أين هي؟ لأنه من الممنوع أن تستخدم إلاَّ بقرار أمريكي.
رابعاً: عطَّلت المقاومة استخدام لبنان كساحة لإسرائيل، وأعاقت مشروع التوطين الجدي الذي كان يمكن أن يتم في لبنان لولا هذه التطورات ومواجهة المقاومة، ووضعت عقبات كبيرة أمام مشروع الشرق الأوسط الجديد بالمنظور الأمريكي الإسرائيلي. والآن يبحثون عن شرق أوسط جديد من البوابة السورية لأن البوابة اللبنانية غير صالحة للاستعمال ومسكرة بوجههم.
خامساً: معادلة القوة صنعتها أيادي أبناء لبنان، من خلال المعادلة الثلاثية الذهبية: الجيش والشعب والمقاومة, وهذه المعادلة تقض مضاجع إسرائيل, ولولا أنها فعالة ومؤثرة لما كانت إسرائيل دائماً تستنكر وجود المقاومة في لبنان وتحاول أن تضغط من أجل مواجهة المقاومة في لبنان.
سادساً: توجد تجربة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري عندما جرى الاتفاق بين حزب الله وبينه أن يكون هو مهتم بموضوع الإعمار ونحن نهتم بموضوع المقاومة ويتكامل الاعمار مع المقاومة، وهذا الاستنتاج جاء بعد مناكفات قديمة، لم على وفاق في بداية الأمر ولكن بعد ذلك اهتدى بعقله أن الوضع الحقيقي والواقعي يتطلب أن يتكامل الاعمار مع المقاومة، والتزم يومها أن لا يمس هذه المقاومة وان الأمر مرتبط بانتهاء أزمة الشرق الأوسط بكاملها وآخر من يدخل في إنهائها لبنان، ما الذي تغير حتى يغيروا البوصلة، إذا كانوا يفكرون أنهم اليوم يقدرون أن يضعوا شروطاً وينفذونها هم واهمون، أو أنهم إذا عطلوا البلد سيدفعون إلى حلول يريدونها.
ليكن واضحاً لا حكومة من دون حزب الله، ولن نسعى لتشكيلها من دون شركائنا في الوطن والكرة في ملعبكم ونحن بالانتظار.