الموقف السياسي

أمريكا فشلت في التسويق الثقافي لأفكارها وتسعى لفرضه بالقوة... تفسير الإسلام لا تقدمه أمريكا، ومعانيه لا ترشدنا إليهاالإدارة الأمريكية

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في حفل لمرور 13عاماً على مجلة بقية الله وأجواء ولادة الإمام المهدي(عج)، وأبرز ما جاء فيها:

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في حفل لمرور 13عاماً على مجلة بقية الله وأجواء ولادة الإمام المهدي(عج)، وأبرز ما جاء فيها:

(...)، إن الإسلام الذي نعمل له يحمل قدرة كاملة في التوازن والانسجام مع الفطرة وفي تحقيق الأهداف الإنسانية العالية، ونحن فخورون بأننا وفقنا للدخول في هذه التجربة ولتقديم هذا النموذج، ولكن حذار للدول الإسلامية والعربية وللحكام وللمفكرين أن يعيشوا عقدة التفسير الأمريكي للإسلام، فلقد بدأنا نسمع بين الحين والآخر تعليمات بوشية تنطلق من هنا وهناك لتتحدث عن الإسلام المقبول، وعن التفسير الذي يصلح أن يكون معاصراً لينسجم مع مصالح الاستكبار وليكون مرضياً عنه في القاموس الأمريكي وهذا خطرٌ كبير، تفسير الإسلام لا تقدمه أمريكا، ومعاني الإسلام لا ترشدنا إليه الإدارة الأمريكية، وإنما يفسره أهله بحسب الضوابط والقواعد التي يؤمنون بها من دون خوف او وجل، ومن دون انعدام ثقة بقدرتنا على ان نقدم التفسير الصحيح الذي يقنع الناس جميعاً والذي ينافس اطروحة الغرب وأمريكا في الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ليتغلب عليها فكراً وعملاً من خلال النقاش والحوار ومن خلال التجربة العملية التي يقوم بها المؤمنون.‏

إذاً نحن نرفض أي تفسير أمريكي للإسلام، ونرفض أي انجرار عربي أو إسلامي للوقوع تحت سطوة السيف المسلط لتغيير المناهج أو إعادة النظر بطرق التفكير وآليات العمل كي ترضى أمريكا عن طريقة تفكيرنا او عن مناهج عملنا، يجب ان نتطور بما يعنينا وبما يصلح حالنا، يجب أن نناقش الأمور بما ينسجم مع حاضرنا ومستقبلنا ومتطلبات أمتنا لا أن نكون ملحقاً بأدواتهم ومناهجهم وطرق تفكيرهم، لقد سمعنا بوش يقول: بأنه يريد تغيير الايديولوجيات الموجودة في المنطقة، وهذا أمر خطر كبير، وهذا يدل أيضاً على ان أمريكا إنما دخلت إلى العراق غازية لا من أجل السيطرة على النفط فقط، ولا من أجل الدعم للمشروع الإسرائيلي فقط، بل لأنها عجزت عن تغيير المضمون الفكري الثقافي الذي بدأ ينتشر في منطقتنا، ووجدت أن تسويق أفكارها من بعيد لا يلقى الرواج المطلوب، فظنَّت أنها باحتلالها يمكن ان تضع يدها على البرامج والتوجيهات والدوريات والثقافة من أجل أن تفرض نمطاً معيناً في التفكير وإيديولوجية معينة في التفكير تعمم على منطقتنا فيسهل عندها الاستكبار والاستعمار وقيادة الساحة بإدارة ثقافية وعسكرية واقتصادية من ضمن المشروع الأمريكي الواسع، لكنهم أخطأوا، إذ أن منافستهم للإسلام في المنطقة منافسة غير قابلة للإنتصار من الجهة الأمريكية، وقد أثبتت التجربة أنهم كلما أوغلوا في منطقتنا ككلما أصبحوا أكثر مكروهية من شعوبنا، وكلما أوغلوا في احتلالهم كلما أوجدوا ردات فعل وأوجدوا استفزازات متعددة حتى من قبل أولئك الذين لم يفكروا يوماً أن يعادوا أمريكا، فهم اليوم أكثر عداءً لأمريكا من الذين كانوا يعادونها في السابق فهي لم تترك لها صاحباً، وهي لم تتمكن من النفاذ إلى ما تريده في منطقتنا.‏

نحن واضحون في رؤيتنا للإسلام، رؤيتنا ترفض التعصب والتمذهب الذي يؤدي إلى فتن داخلية وسيطرة لفريق على فريق بقوة السلاح والقهر، وندعو إلى الوحدة والتعاون"واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، نحن نرفض أساليب التكفير التي تتبعها بعض الجماعات ونعتبرها خارجة عن المنطق والتفكير الإسلامي، فقد قال تعالى في كتابه العزيز :" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، فالحساب على الله تعالى وليس على هذه الجماعات ولا على احد.‏

نحن نرفض كل خنق للإسلام بعنوان مصادرته على حساب المسلمين، ونرفض أيصاً كل تفسير يضيِّع المضمون الإسلامي ويكتفي بالشعارات البراقة التي تلامس المظهر وتبتعد تماماً عن الجوهر للمحافظة على الشكل واختراقه بالمضمون السيء الذي يريده البعض في حرفه عن الإسلام وعن والمضمون الإلهي. وندعو إلى نقاش حر وإلى إيمان مستقل، وإلى ترك الحرية للناس ليختاروا ما يشاؤون في منطقتنا وفي كل العالم، لن نقبل أن تفرض الأفكار علينا ولا نقبل ان نفرض أفكارنا على أحد، لن نقبل أن يضع أحد نفسه سيداً على العالم كما تفعل أمريكا اليوم كما لا نطالب بأن نكون أسياد العالم في فرض سلطتنا عليهم. نحن ندعو إلى إيمان حر وقناعة ذاتية وحرية مطلقة تستخدم كما يريدها الناس وهم مسؤولون عن أنفسهم.‏

ولعلَّ الغضب الأمريكي من منطقتنا ناشئ عن العجز عن اختراقها كما يريدون، وإلاَّ أين أصبحت اليوم تلك الشعارات التي يطرحونها، شعارات الديمقراطية في أمريكا سقطت حتى على المسلمين الأمريكيين، شعارات الحرية سقطت حتى على مستوى الأوروبيين، شعارات حقوق الإنسان لم يبق لها معنى مع ما يحصل في فلسطين مع قتل الأطفال والشيخ والنساء واستخدام الفيتو الأمريكي، وسكوت وصمت العالم على جرائم الصهيونية، وهذه أكبر لعنة على كل الأمم التي تشارك في مشاهدة ما يجري في فلسطين من دون ان تتحرك ومن دون أن تقف موقفاً معارضاً، على الأقل نقول لأمريكا والغرب لقد فشلتم في التسويق الثقافي لأفكاركم وكونوا واضحين مع أنفسكم واعترفوا بذنوبكم وأخطائكم، فأمريكا تريد تسويق فكرها بالقوة والسيطرة وهذا لا يمكن أن يتحقق، وأوروبا تخسر مقامها يوماً بعد يوم عندما تصبح ملحقاً بأمريكا في سياساتها وعندما لا تحترم الحقوق الإنسان ولا حرية التعبير، ففرنسا وألمانيا ارتكبتا خطأ فادحاً جداً عندما لم تسمحا لفتيات محجبات أن يدخلن إلى المدارس، أين هي حرية الرأي وحرية التعبير؟ إذا كان حجاب فتيات صغيرات لا تتحملونه في مدارسكم تحت عنوان أنه يمكن ان يقلب الساحة باتجاه أفكار أخرى لا تريدونها، هل أصبحتم خائفين على أفكاركم من حجاب طفلة لم تصل إلى موقع الرشد بعد وتدَّعون أنكم وصلتم إلى الرشد الثقافي الذي تغزون به العالم، أين هو رشدكم الثقافي أمام حجاب تخشون منه.‏