أكد نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم أن الموقف الفرنسي من الحجاب هو بوابة لعداء فكري للإسلام بكل ما للكلمة من معنى، وتمنى على بعض الخائفين من الذين يتصدون للشأن الديني أن يسكتوا رحمة بالمسلمين، ولا يتدخلوا في شيء لا يقدرون الدفاع عنه.
كلام الشيخ قاسم جاء خلال مقابلة تلفزيونية تحت عنوان"الحجاب في فرنسا" من على شاشة تلفزيون المنار.
وقال: يجب أن نميز في الفهم الغربي والأميركي للحجاب بين الحكّام والمثقفين ومراكز الأبحاث والدراسات وبين عامة الناس، فيما يتعلق بالحكام والمسؤولين فإنهم يعرفون تماماً ماذا يعني الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة ويعلمون أنه جزء لا يتجزأ من الدين فهو ليس مظهراً استفزازياً ولا شعاراً تبليغياً بل هو التزامٌ فرديٌ بكل ما للكلمة من معنى على قاعدة المسؤولية الشرعية في أن تلبس المرأة حجابها كإلتزام بتدينها مثل الصلاة والصوم والحج والعبادات الأخرى كجزء من الإيمان الفردي. وهذا المعنى يفهمه المسؤولون تماماً فعندهم مراكز أبحاث وهم يدرسون ما يجري في المنطقة عندنا تماماً ويحللون الظواهر الإسلامية ويميزون بين طرق التعبير المختلفة لذلك لا أعتبر أن المسؤولين، سواء كان الرئيس الفرنسي أو لجنة "استازي" أو كل المعنيين في الحكومة والإدارة الأساسية في فرنسا، لا أعتبر أنهم لا يفهمون معنى الحجاب عند المسلمين.
الموقف الذي اتخذته الإدارة الفرنسية، هو موقف مدروس بعناية والكلام عن أن الحجاب أمر عدواني!! عدواني ضد من؟؟ بأي شكل تعبيري؟؟ بأي موقف عملي؟؟ إذا كانت الفتاة تدخل على المدرسة وهي محجبة وتدرس وتتعاطى بشؤونها ولا تتعاطى مع أحد. هل ضبطت متلبسة بعمل جرمي، هذا أمر غير موجود في الواقع. وبعض الذين تحدثوا عن تبرير منع الحجاب على طريقة الرئيس شيراك عندما سئلوا عن سبب رفضهم للحجاب، قالوا: لا نستطيع أن نتحمل الحجاب، (على المستوى النفسي) لأنه يحدث لنا توتر داخلي؟! هل هو سلاح ذري أو إشعاع نووي يؤثر عليه؟ يوجد موقف مسبق برفض ارتداء الحجاب. وفي الوقع الكلام عن ان الحجاب أمر عدواني، هو بذاته أمر عدواني لأن العدوانية تجاه فتاة تعبّر عن التزامها الفردي ورفض أن تأخذ حرية التعبير المتاحة لها في ذاك المجتمع، يعني ذلك أنه يوجد اعتداء حقيقي في الدولة وكل تفريعاتها.
العلمنة هي عبارة عن مساحة واسعة لا تفصيل فيها، كل ما في الأمر أنها تعبير عن الرغبة بإقصاء الدين عن الحياة وإبقاء الحريات موجودة للناس بحسب تفاصيل تختلف من دولة إلى أخرى ومن جماعة إلى أخرى، يعني لا يوجد شكل واحد من العلمنة، وبالتالي تحت حجة العلمنة، من دون تقديم دليل أو برهان، يقولون أن الحجاب في فرنسا ضد العلمنة. لفتني في كلام الرئيس شيراك، قال بأنه يرفض تعديل حدود العلمنة في المدارس والمؤسسات الرسمية ولذلك يريد أن يمنع ارتداء الملابس أو وضع إشارات ظاهرة جداً تدل على الانتماء الديني. لماذا منعت هذه المظاهر الدينة لأنها تعارض العلمنة، كيف تعارض العلمنة، قال هي شيء عدواني، لأنها مظهر ديني يدل على الانتماء. وهناك أشخاص يدلون على انتمائهم اللاديني أو الإباحي لماذا لا يعتبر اعتداء على الآخر؟؟ يقول فرنسا العلمانية عندها مبادؤها! هل مبادؤها تقوم على الحرية، فالحرية شاملة يفترض ان تكون لكل الأفراد، وكل الفترة السابقة كانت الحرية موجودة لهؤلاء الأشخاص ولم يحصل شيء في فرنسا.
أعتبر ان ردات الفعل التي صدرت حتى الآن في مقابل تصريحات شيراك، التي بدأت في تونس والتي توجت في فرنسا هي ردات فعل دون المستوى المطلوب بل لاحظ أن بعض ردات الفعل فيها انسحاق وانسحاب من المعركة من قبل بعض الذي يتصدون للشأن الديني، كان يفترض بهؤلاء إذا كانوا خائفين إلى هذا المستوى أن يسكتوا رحمة بالمسلمين، يعني ان لا يتدخلوا في شيء لا يقدرون على الدفاع عنه، لكن في المقابل يجب ان تكون الحركة واسعة من كل علماء الدين ومن كل المؤسسات والمرجعيات في العالم العرببي والعالم الإسلامي، إضافة إلى الجالية المسلمة والمسلمين في فرنسا، وكذلك أن نستنهض جميع دُعاة حقوق الإنسان ودُعاة مواجهة العنصرية ورفض التسلط، كل هذه الفئات يجب أن نحثها، ولكن بشكل اساسي على علماء المسلمين في كل العالم وعلى الجهات والجمعيات والأحزاب الإسلامية أن تتصدى لهذا الشأن.
انا أستغرب جداً عندما أسمع كلام بانه تدخل في الشؤون الفرنسية، ونحن نعلم أنه إذا حصل أمر ما في أي بلد إسلامي نرى ان كل الدول الغربية وأمريكا تتدخل لتتحدث تارة أن حقوق الإنسان في خطر لاعتقال شخص واحد، أو أن هناك دفاع عن حقوق المرأة تحت عنوان أنها في بلد من البلدان تصرفوا معها بطريقة سيئة، أو انقاذ لحقوق الإنسان في مكان معين، يبدو أن هذه الأمور لها خلفيات سياسية ، وتريد دائماً أن تُشعر الدول بأنها تحت رحمة الاتجاهات والسياسات الغربية في هذا الأمر هم يتدخلون في كل بلدان العالم بالحديث عن الحريات وحقوق الإنسان والمناهج وكيفية التعليم، بل أصبحنا نسمع فتاوى إسلامية من الغرب، فبوش يتكلم ويقول بأن هذا الإسلام مقبول وهذا الإسلام غير مقبول، فهل هو المرجع الأعلى للطائفة الأمريكية الإسلامية!، أمَّا شيرك فيتحدث عن إسلام مقبول وإسلام غير مقبول ليسوا هم الذين يحددون هذه المفاهيم وهذه الأفكار، فهذا فرضٌ فرديٌ على الشخص هو يعبر عنه بطريقة الالتزام بينه وبين الله ولا علاقة للمجتمع.
فأنا ادعو جميع المعنيين في العالم الإسلامي ليرفعوا الصرخة عالياً حتى تعلم فرنسا الحاكمة، وليعلم شيراك ومن معه، أن هذا الأمر سيُسقِط من شأن فرنسا في العالم العربي والإسلامي، وسيجعلها مُدانة، فهذا مسٌ بالدين بشكل مباشر، وليست مسألة حجاب ومواطنين، نحن نفهم أن هذه المسألة بوابة لعداء فكري للإسلام بكل ما للكلمة من معنى، هذا الأمر لا يقبله عالمنا الإسلامي.
موضوع الحجاب حساباته محلية فرنسية بالكامل، وبالتحديد إنتخابية، فشيراك يريد أن يستميل قسم من الفرنسيين وفي آن معاً يريد أن يعبر عن مشكلة يحاول المتطرفين أو بعض الفئات الفرنسية لتبرزها لترتفع من خلالها لمواقع برلمانية او في الرئاسة القادمة، لأن هناك نقاش في فرنسا هو أنه هل مقبول أن هؤلاء المسلمين هم جزء من المجتمع الفرنسي، رغم من المواطنة الموجودة عند المسلميين في فرنسا هناك، فإذا توجد خلفية انتخابية هذه الخلفية الانتخابية الداخلية أعمت النظر عن الانعكاسات السياسية العامة، لكن أعتقد إذا سمعوا أصواتاً من العالم الإسلامي بشكل مكثف جداً، وفهموا بأن المشكلة ستكون مشكلة مع ديانة، وستكون مشكلة مع ملتزمين بها على مستوى العالم الإسلامي لأنهم يشعرون بإهانة وعدوانية في هذا الأمر، فهذا يمكن ان يساعد على تغييرهم لرأيهم وهذا أمر مطلوب من الجميع.