الموقف السياسي

أن إسرائيل تشكل خطراً وجودياً ليس على الفلسطينيين فحسب,وإنما على كل المنطقة العربية والإسلامية

ليس المشكلة بما تقرره "محكمة لاهاي" وانما هي الاحتلال الذي يأخذ شرعية دولية

ليس المشكلة بما تقرره "محكمة لاهاي" وانما هي الاحتلال الذي يأخذ شرعية دولية

(...)علمنا الإمام الحسين(ع) أن تكون أهدافنا كبيرة،والله تعالى يقول:" ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض" ولم يقل أننا نريد أن نمن على الذين يمتلكون أسلحة دمار شامل أو يملكون الصواريخ والإمكانات العالية ولا على المترفين الذين يملكون الأموال الطائلة والقصور الفخمة، بل قال" ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" يجعلهم يقودون ويملكون الأرض وما عليها ويحصلون على العزة والنصر والعطاءات الإلهية ثم بعد ذلك إذا أحسنوا في الدنيا نالوا ثواباً عظيماً عند الله تعالى في الآخرة. والذي يعبر أن هذه هي أهدافه يعني ذلك أنه يستهين ما علي الطريق وأثناء الطريق وما بعد الطريق قربة إلى الله تعالى لأن السعادة التي تتحقق من خلال هذا الهدف لا يمكن أن تتحقق بأي أهداف أخرى، والله تعالى زرع الطمأنئنة في نفوس المؤمنين"يا أيتها النفس المطمئنة" فالإنسان المؤمن ذو نفسية مرتاحة لأن أهدافه كبيرة.‏

وبالنظر إلى واقعنا نرى بأن المشكلة في أن إسرائيل بوجودها تشكل خطراً وجودياً لا على الفلسطينيين فقط وإنما على كل المنطقة العربية والإسلامية، لأن إسرائيل لم تكتفي باقتطاع بعض الفلسطينيين من أرضهم، بل هي تقتلعهم يوم بعد يوم وتزيد من احتلالها يوماً بعد يوم، ومدت يدها إلى لبنان وسوريا والأردن ومصر وأخذت أراضٍ من هذه البلدان فضلاً عن الاحتلال الكامل لفلسطين، ولولا وجود المقاومة ولولا رغبت إسرائيل في أن تهضم ما احتلته لفترة من الزمن فتشرعه من أجل أن تنطلق إلى احتلال أوسع لما انسحبت من بعض الأراض العربية كمقدمة من أجل الدخول إليها مجدداً بحصار آخر وقوة أخرى ولولا المقاومة والمواجهة في لبنان لما تركت إسرائيل هذه الورقة ولما تخلت هذا الرصيد العدوان الذي تريد أن تسخره من أجل الاحتلال، فعندما نرفض أي تسوية مع هذا الكيان إنما نرفض أن نستسلم لخطر داهم سيستمر على منطقتنا ونؤسس لمقاومة تضع حد لهذه الأهداف الإسرائيلية تمهيداً لاستعادة الأرض وتحرير الإنسان والممتلكات، فلو لم تكن مقاومتنا قائمة ولو لم تكن انتفاضتنا في فلسطين قائمة لكان بإمكان اسرائيل أن تأخذ ما تريد، فعليننا أن نبقى موجودين في الساحة لا نقبل بأي تنازل يفرط بالأرض، فليحتل الإسرائيلي ما يريد من الأرض وليبقى اسمه محتل، لكن حرام أن يعطيه أحد شرعية حقه في أرض محتلة لأنه بذلك يتمدد من منطلق حقه لا من منطلق عدوانه وهذا خطر كبير، ولذا بأن المشكلة في فلسطين ليست مشكلة بعض الخدمات الاجتماعية للفلسطينيين وتسهيل الانتقال من مكان إلى آخر من أجل العمل، وليست المشكلة في تطبيق خارطة الطريق التي لا معنى لها إلا في مزيد من الاحتلال الإسرائيلي، وليست المشكلة بما تقرره محكمة لاهاي وإن قررت إدانة لإسرائيل فإن هذا لا يكون الاجزءً يسيراً من فضيحة إسرائيل، لكن المشكلة الكبرى هي وجود الاحتلال الذي يأخذ شرعية دولية وعلينا أن نقف لنضحي ونقدم ونعطي كي نمنع شرعة الإسرائيلي في منطقتنا من أجل مستقبلنا ومن أجل مستقبل أطفالنا، وسنعمل بقدر استطاعتنا، لأننا إذا نجحنا في الثبات يمكن أن نحقق الإنجازات، أمَّا إذا استسلمنا الآن فإنه لا يبقى لنا شيء في المنطقة على الإطلاق وتتحكم إسرائيل بالمقدرات، هذا الهدف كبير وهذا الهدف يتطلب تضحيات، تعلمنا من الإمام الحسين(ع) أن نعطي ووثقنا بربنا نصرناه فنصرنا، أعطينا في سبيله فأعطانا قدمنا القليل فأعطانا الكثير، فسنكون دائماً مع الله الذي لا يخلف وعده.‏

*في اليوم الرابع من محرم الحرام لسنة 1425هـ الموافق 24/2/2004م، في بعلبك/ مقام السيدة خولا(ع)‏