الكلمة التي ألقاها في حفل الإفطار السنوي الذي دعت إليه جمعية التعليم الديني الإسلامي بحضور ممثل الرئيس نبيه بري، وممثل الرئيس المكلف تمام سلام، وممثلين لقائد الجيش والأمن العام ودار الفتوى والمجلس الشيعي ورئيس اتحاد المدارس الكاثوليكية ورئيس مؤسسة العرفان التوحيدية، والسفيرين غضنفر ركن آبادي وعلي عبد الكريم علي إضافة لحشد من الوزراء والنواب والفعاليات.
وقد تحدث مدير عام الجمعية الحاج محمد سماحة عن إنجازات الجمعية في التعليم الديني في المدارس الرسمية والخاصة.
ومما جاء في كلمة الشيخ قاسم:
نحن نقول بأن البلد يحتاج إلى استقرار من أجل النهضة الاقتصادية ومعالجة شؤون الناس، ولا يتم الاستقرار إلاَّ إذا تعاون كل الأطراف مع بعضهم البعض، أمنيتنا ومساعينا ومصلحة البلد أن تتشكل حكومة وحدة وطنية هذا ما عبرنا عنه، وليُبرز أي طرف من الأطراف فكمرة أخرى غير حكومة الوحدة الوطنية يمكن أن تنقذ البلد، ونحن نعلم أن محاولات كثيرة جرت من أجل فرض حكومة أمر واقع ولكن لم يحصل هذا الأمر، لأن الجميع يعلمون أن حكومة الأمر الواقع يعني تخريب للبلد، يجب أن تتشكل حكومة تكون للوحدة الوطنية جامعة للأطراف، والحكومة إدارة وليست مزرعة، ورئيس الحكومة المكلف مؤتمن ومسؤول ليشكل الحكومة تمثل الشعب، بحسب الأوزان النيابية، هذا هو الشعب وهؤلاء هم ممثلو، ومن أين تشكل الحكومة إذا لم تكن من الأوزان النيابية! يقولون أن المطلوب تشكيل حكومة حيادية، أين هم هؤلاء وأين يسكنون؟ المحايدون هل يسكنون في المريخ، أو في مجاهل أفريقيا، الكل مسيَّس، والكل له علامة بارزة على وجهه، ثم بعد ذلك من يستطيع أن ينهض بالبلد إذا لم يكن مسيَّساً وله جماعة تتعاون معه من أجل الإنقاذ ومن أجل العمل، إذاً دعونا من العناوين التي لا معنى لها ولا تسمن ولا تغني من جوع.
والمسؤولية الوزارية ليست منة من أحد، ولا حكراً على أحد، ولا يوزع مواقعها أحد، ونحن إيجابيون من اللحظة الأولى التي سمينا فيها الرئيس المكلف الأستاذ تمام سلام هذا يعني أننا إيجابيون، رغم أن المطروح آنذاك محاولة تشكيل حكومة واختيار رئيس يقف في الخندق الآخر، فرفضنا من اللحظة الأولى أن يتخندق الرئيس في مكان آخر، ومددنا اليد لنقول له: لبنان معك فكن مع لبنان بتشكيلة جامعة من أجل أن تنقذ هذا البلد، ولكن جماعة 14 آذار يضعون العصي في الدواليب ويعطلون تأليف الحكومة، وقد عطَّل انعقاد جلسات المجلس النيابي، ويعيقون دور الجيش ويوجهون الاتهام إليه وكذلك القوى الأمنية، لو أردنا أن نطلق عليهم تسمية لائقة لقلنا: 14 آذار هم المعطلون للدولة، ويستحقون على هذا التعطيل جائزة كبرى لأنه أطول تعطيل مر في حياة لبنان بوجودهم وطريقة أدائهم وطلباتهم ومواقفهم، ماذا يريدون؟ ينتظرون التطورات في سوريا، لقد انتظروها لشهرين بعد شهرين بعد شهرين، وتبين أنها ليست لمصلحتهم، وأوقعتهم في الأوهام والفشل وسيستمر هذا الفشل إذا استمريتم في الاعتماد على التطورات في سوريا، فلا تراهنوا عليها ولا تمنوا النفس أن تحصل النتائج التي تتمنونها.
ويراهنون أيضاً على دعاة الفتنة في البلد، وسلوك طريق التحريض وهذا الأمر خاسر وبالتالي يستطيع دعاة الفتنة أن يؤذوا المجتمع لساعات وأيام وأشهر ولكن بعد ذلك عندما لا نستجيب لهذه الفتنة ولن نستجيب لها، ستسقط الفتنة وينكشف أفرادها وسينفضحون بأدائهم الذي لا يرضى عنه أي لبناني شريف على الإطلاق، وإذا ظن البعض أنهم يحمون دعاة الفتنة فإنما هذا وهمٌ لأن دعاة الفتنة يسقطون أنصارها ولا يرفعونهم، أمام دعاة الاستقرار والوحدة والشراكة فهم الأعلون بإذن الله تعالى الذين ينتصرون لمصلحة لبنان.
أنتم تتحملون مسؤولية تعطيل البلد، فارأفوا بمؤيديكم أولاً وبالناس ثانياً، ولا يمكن الخلاص إلاَّ بالبحث عن المشتركات والتعاون فيما بيننا.
هنا يلفتني دائماً ما أصبح يروج له في الفترة الأخيرة، يقولون: اقبلونا كاعتدال وإلاَّ سنضع بوجهكم التكفيريين، وكأنها معادلة يملكونها ويتصرفون بها، أقول: التكفيريون ليسوا أداوت بأيديكم يا حزب المستقبل ويا جماعة 14 آذار، بل بالعكس اليوم حزب المستقبل يعاني من قلة الجاذبية، فتخرج العناصر منه إلى التكفيريين، ولا يكسب جديداً في الساحة، وبالتالي مشروعه معرض للخطر من هؤلاء، بينما مشروعنا قائمٌ وينمو ويتوفق ويتعزز، ولو كان من المناسب لذكرت إحصاءات تُبين كيف نتصاعد في تأييد الناس لنا وفي إمكاناتنا وفي مقدراتنا، وكيف يتنازلون يوماً بعد يوم على الرغم من هذا الوهم الكبير الذي يحيطون أنفسهم به. أقول لهم: أنتم تتنافسون في ساحة واحدة، وهم يأخذون منكم لا من غيركم، وإذا استمريتم بهذه اللعبة فسيبقون وتنتهون، فلا تقولوا لنا بأنكم هُزلاء تريدون أيضاً ما لا تستحقون كمناورة علينا، وإلاَّ تضعون بوجهنا هؤلاء التكفيريون، أقول لهم: هؤلاء بوجهكم وليسوا بوجهنا، وسيأخذون من حصتكم وليس من حصتنا، وسيكونون وبالاً عليكم وليس علينا، وستعلنون الساعة التي اخترتم فيها هذه المنهجية، لأنكم عندها ستتلقون منهم سهاماً لم تتلقوها من أحد على الإطلاق.
ليكن معلوماً، المنطقة كلها مأزومة، ونحن كحزب الله ومن معنا من حلفائنا مطمئنون تماماً لخياراتنا، وثابتون أمام العواصف، ونشكر الله تعالى صباحاً ومساءاً على كل حال أننا واقفون بعزة وكرامة أمام كل الرياح الدولية والإقليمية والمحلية، وإنما يتخبط هؤلاء، وسنسمع يوماً بعد يوم كيف يتنافسون على فتات هنا وهناك، وكيف يتقاتلون، أما المقاومة فشامخة شموخ بلدنا، وشامخة شموخ مجاهديها، وشامخة شموخ الانتصار، وهي شجرة باسقة أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، فلو رشقتموها بالحجارة فهي حجارة لجني الثمار وليست حجارة لإسقاط الشجرة الثابتة، ففتشوا عن طريق خلاصكم قبل الضياع وقبل ذهاب الفرصة.
وهنا لا بدَّ أن نحيي الجيش اللبناني الذي حمى هذا البلد، وأثبت أنه أهلٌ للمحطات الصعبة، ومنع التشرذم والفتنة، ونحن نعتبر أن التصويب على الجيش جزءٌ من منهج المعطلين للدولة، الذين لا يريدون لها أن يبقى لها هذا الموقف المؤثر والباني للبلد، ولكن ما دام الشرفاء إلى جانب الجيش في منظومة التكامل مع الجيش والشعب والمقاومة، فلا خوف على الجيش ولا خوف على لبنان ولا خوف على مكانتنا ودورنا في هذا المستقبل الشريف.
لقد نجحت إسرائيل في تحويل الأنظار عنها، وبدل أن تتوجه الأنظار لتحرير الأرض الفلسطينية المقدسة تحولت الأنظار إلى التدمير للقرى والبلدان الآمنة في سوريا وفي المنطقة، وبدأنا بشاعة لم نر مثلها في التاريخ من قطع الرؤوس وأكل الأحشاء ونبش القبور واغتصاب النساء والقيام بالأعمال المنكرة، تحت عنوان الثورة والتحرير وهما بعيدان تمام البعد عن أولئك الذين يرتكبون هذا العمل، هل هذا هو جهادكم أن تقتلوا الأطفال والنساء بدل أن تقتلوا الإسرائيليين المحتلين للأرض؟ هل هذا جهادكم أن تأتوا من كل أرجاء المعمورة وتتباهون بأنكم تدمرون سوريا المقاومة بدل أن تواجهوا ولو بمجموعة صغيرة لتقولوا أن لكم شرف قتال إسرائيل، وهذا الأمر منسجم تماماً مع عرب النفط الذين يؤمِّنون الإطار السياسي للعلاقة مع إسرائيل، ويقدمون الدعم المالي لتثبيت وجود إسرائيل من خلال صرف طاقات العرب والمسلمين للاقتتال الداخلي خدمة للمشروع الإسرائيلي، أين جهادكم إن لم يكن في مواجهة إسرائيل؟ بكل صراحة: لا جهاد في منطقتنا إلاَّ بوجه إسرائيل، وكل عمل يخدم المشروع الإسرائيلي هو عمل آثم ومنحرف ولا علاقة له بالجهاد لا من قريب ولا من بعيد.
أختم بكلمة منصفة لمناضل كبير هو جورج عبد الله، الذي تحتجزه فرنسا ظلماً وعدواناً، وأقول لفرنسا: هذا موقف مخزٍ في عدم الإفراج عن جورج عبد الله، ومخالف لأبسط قواعد حقوق الإنسان، فلا تنظروا علينا بأنكم من دعاة الحرية والديمقراطية وتتمسكون بمناضل كبير في سجونكم لأنكم تخافون كلمته، ولأنكم تنفذون أوامر أمريكا في كيفية التصرف، أثبتوا للناس بأنكم غير ذلك، وإلاَّ فإنكم تسقطون من الأعين يوماً بعد يوم.