الكلمة التي ألقاها في حفل تأبين الشهيدين السعيدين عباس حمود وأحمد الديراني في مجمع الامام المجتبى (ع) / الحدث، ومما جاء فيها:
• نقاتل دفاعاً عن مشروع المقاومة، ولا نقاتل من أجل أحدٍ
• نواجه اليوم طواغيت العالم في الدفاع عن مشروع المقاومة وهو دفاعٌ مشروع،
• قتالنا جزءٌ لا يتجزأ من مشروع مقاومة إسرائيل، وذلك لحماية ظهرنا وموقع الإمداد للمقاومة
• لم نقتل الهاربين التزامنا بإسلامنا وديننا، وساهمنا في نقل الجرحى الذين سقطوا في المعارك وهم من المقاتلين
• نقول للناصحين: نظفوا بيوتكم أولاً، وأغلقوا سفارات ومصالح إسرائيل في بلدانكم،
• يخطئ سعد الحريري كثيراً عندما يبحث عن مستقبله السياسي على إيقاع المشروع الأمريكي الإسرائيلي، وعندما يُحرض مذهبياً
• لا نقبل أن نكون تكلمة عدد في الحكومة.
نؤبن شهداءنا ورؤوسنا مرفوعة، لأنهم استشهدوا في سبيل الله تعالى، ومن أجل القضية المحقة لتحرير الأرض وعزة الإنسان وكرامة المسلمين. افتقدنا من بيننا أحمد وعباس كما افتقدنا ثلة من الشهداء الأبرار الذين قدموا في مراحل مختلفة في مراحل عمل المقاومة الإسلامية في لبنان، وفي مواقع متعددة في مواقع الجهاد المحمدي الأصيل، ولكننا نؤمن أنهم قاموا بما عليهم، وأدوا تكليفهم، وزرعوا في الأرض مساراً للنصر والعزة والكرامة والتحرير.
نحن اليوم نقاتل دفاعاً عن مشروع المقاومة، ولا نقاتل من أجل أحدٍ على الإطلاق لا في الشرق ولا في الغرب ولا في الجوار ولا في الداخل ولا في أي مكان، نحن نقاتل دفاعاً عن المقاومة لا دفاعاً عن نظامٍ ولا عن جماعة ولا عن فئة، ونبيِّن الحقائق ونقدِّم الإثباتات، ولكن البعض لا يريد أن يرى الحقيقة، وأقول بصراحة نجحت إسرائيل في توزيع شهادات حسن سلوك على العرب وغيرهم الذين انخرطوا في توجيه خاطئ للبوصلة، فبدل أن يتجهوا إلى إسرائيل توجهوا إلى أمكنة أخرى، ادعاءاً منهم أنهم يعملون للأرض والحق وفي سبيل الله وهم يعملون في سبيل الطاغون.
نحن اليوم أمام حلف أمريكي إسرائيلي تكفيري يتناغم فيما بينهم لتدمير سوريا مقاومة، التي نتمنى أن يتمكن شعبها مع كل القوى الفاعلة فيها أن يخرجوا من هذا المأزق، والذي لا يمكن أن يخرجوا منه إلاَّ بالحل السياسي وبالتفاهم، لأن عبث العابثين من كل مكان من أمكنة العالم سيؤدي إلى خراب ودمار هذا البلد.
وليكن واضحاً, بين نصرة أكلة الأحشاء وقاطعي الرؤوس أو نصرة المدافعين عن الأرض والحق والمقاومة, نحن مع المقاومة أمام مرأى العالم وعلى مسمع الجميع أعجبهم ذلك أم لم يعجبهم فلن نكون أبداً مع أولئك الذين يقطعون الرؤوس ويدمرون البلاد والعباد ويسيرون تحت الأوامر الأمريكية والإسرائيلية في منطقتنا.
كل الطواغيت في العالم وفي منطقتنا مع أدواتهم دخلوا إلى سوريا، لهم مساهماتهم حضوراً وتسليحاً وتمويلاً وقتلاً وتدميراً من أكثر من ثمانين دولة على مستوى العالم العربي والإسلامي، وعلى مستوى العالم وحتى من الدول الأوروبية وأمريكا. ماذا يفعل هؤلاء في سوريا؟ ماذا يريد هؤلاء الطواغيت من الاعتداء على الشعب الآمن في سوريا؟ فليتركوه لخياراته، ونحن عندما قمنا بواجبنا في الدفاع بوجه الطواغيت اجتمع طواغيت العالم ضدنا كموقفٍ ضد المقاومة وهذا أمر طبيعي لأنهم في مشروع آخر، ومشروعنا هو مشروع التحرير والكرامة والإنسانية.
نحن لا نستغرب هذه الحملة الدولية، لأننا رأيناها أيضاً في عدوان تموز 2006، عندما بدأت تنظيرات الكثير من الطواغيت الذين قالوا بأننا مغامرون، وأننا نأخذ لبنان إلى الدمار والخراب، بالله عليكم: ماذا يريدون منا؟ أن نسلم باجتياح إسرائيل؟ وأن نقبل بها على حدود العاصمة بيروت كما حصل في سنة 1982؟ بالله عليكم هل نتفرج على القصف والقتل وإيذاء الأطفال من أجل أن نكون وطنيين؟ هل نترك إسرائيل أن تقتطع جزءًا من بلدنا ليكون مستعمرات لها حتى نكون من العقال الذين يقبلوننا في مجلس الأمن ويوزعون علينا مساعدات الأونروا في آخر الشهر؟ لا، لن نكون كذلك، وكما واجهنا طواغيت العالم في تموز 2006 بحقنا وأرضنا كذلك نواجه اليوم طواغيت العالم في الدفاع عن مشروع المقاومة وهو دفاعٌ مشروع، عجيبٌ أمر هؤلاء! لا نسمع تعليقاتهم عن النحر وقتل الطفل ابن الخمسة عشر عاماً، ولا نسمع تعليقاتهم عن إبادة قرية حطلة بكاملها من رجالها إلى أطفالها ونسائها، ولا نسمع تعليقاتهم عن قتل الأبرياء، وقتل المعتقلين بدمٍ بارد، ولم نسمع تعليقاتهم عن شق الصدور والأحشاء وأكل ما في داخلها في بشاعة تذكرنا بحيوانات الغابات والصحراء، أين هي تعليقاتكم؟ هل أنتم راضون؟ يقولون: لا، ولكن لا نستطيع أن نتكلم حفاظاً على وحدة الكلمة. مبروكٌ عليكم وحدة الكلمة مع قاتلي البشر، مبروك عليكم هذا الانتماء لهذا الخط المنحرف، نحن نقول لهم: قبل أن تطالبوننا بأن نخرج من الموقع المقاوم في سوريا، طالبوا ثمانين دولة أن تخرج من الموقع الآثم في الاعتداء على سوريا وفي التمويل والتسليح لهذه الجماعات.
ليكن معلوماً: قتالنا جزءٌ لا يتجزأ من مشروع مقاومة إسرائيل، وذلك لحماية ظهرنا وموقع الإمداد للمقاومة، ومنع امتداد خطر إسرائيل إلى بيوتنا، وقطع التواصل بين الإرهابيين. وهذه قواعد نصرح بها، عجباً لمن ينصحنا بأن نقاتل إسرائيل وهذا ما نفعله, ألا يخجل أمام شعبه والأجيال في اندكاكه في المشروع الذي يخدم إسرائيل؟ نحن لا نواجه مشروعاً سنياً، إنما بل نواجه مشروعاً أمريكياً إسرائيلياً، ونحن لا ننطلق إلاَّ من دافع المقاومة وليس لنا أي دوافع مذهبية، أما هؤلاء الذين يحرضون بطريقة مذهبية فهم فاشلون، وعاجزون لأنهم لا يستطيعون قول الحقيقة أمام شعوبهم، ماذا يقولون لشعوبهم وهم يحملون البندقية، وتسهل لهم إسرائيل، وتفتح لهم مستوصفاتها، وتقدم لهم المعونة، وتأتيهم الأسلحة الإسرائيلية، وتبارك لهم أمريكا وأوربا لتدمير بلدهم، ماذا يقولون؟ أنا أدعو لهم وأقول: اللهم مُنَّ من عليائك واحشر هؤلاء مع من أحبوا وقاتلوا في يوم القيامة.
نحن قاتلنا بشرف لأننا كنا واضحين ولم نختبئ، كثيرٌ من الدول العربية والإقليمية يختبئون، ويرسلون الأسلحة والأموال ويرتكبون البشاعات من خلال أدواتهم ثم يحاولون التنصل من هذا الأمر، وهذا ما يحصل مع بعض الأدوات الموجودة في لبنان. أما نحن فقاتلنا بشرف ولم نقتل الهاربين التزاما بإسلامنا وديننا، وساهمنا في نقل الجرحى الذين سقطوا في المعارك وهم من المقاتلين لأن ديننا يأمرنا أن لا نجهز على جريح، هذه أخلاقنا، نحن لا نتصرف خلاف هذه الأخلاق، وإن كانت المشاعر أحياناً تشد إلى أمور أخرى.
نقول للناصحين: نظفوا بيوتكم أولاً، وأغلقوا سفارات ومصالح إسرائيل في بلدانكم، وقدِّموا السلاح للمقاومة، لتكونوا في موقع النصح. أمَّا موقعكم اليوم فهو الانحياز لمشروع معادي للأمة، ونحن ننصحكم أن تكونوا مع المقاومة ومؤيديها ضد إسرائيل، فهذا هو المستقبل المشرف لكم ولكل الأمة، فلا تقيسوا اليوم على الأجواء الملبَدة والضاغطة في هذه اللحظة، فهي ضوضاء سرعان ما تسقط وتنقشع، فيحصحص الحق، وتنتصر المقاومة كما انتصرت دائماً بحمد الله تعالى.
بدأنا نسمع دعوات الحرص على لبنان، الحريص على لبنان لا يخضع للإملاءات الأمريكية بواجهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية، والحريص على لبنان لا يقف في خندق واحد مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي التكفيري، والحريص على لبنان لا يحرض ليل نهار على الفتنة المذهبية، ولا يبرر لكل المخالفات الإرهابية والقضائية والسياسية والقانونية، والحريص على لبنان لا يبتلع لسانه في عدم انتقاد حلفائه وهم يأخذون لبنان إلى الفوضى ويعطلون المؤسسات ويربطون مصيره بتطورات الوضع السوري.
صراخهم مرتفع لأن مشروعهم أصيب بنكسة كبيرة، فمشروعهم سوريا أولاً، والحضور إلى لبنان عبر مطار سوريا، يخطئ سعد الحريري كثيراً عندما يبحث عن مستقبله السياسي على إيقاع المشروع الأمريكي الإسرائيلي، وعندما يُحرض مذهبياً، وعندما يرفض حكومة الوحدة الوطنية، وعندما يدعم الإرهابيين في لبنان وسوريا.
لطالما قالوا لنا في بعض المجالس الخحاصة ومن خلال بعض الأصدقاء: إذا أردتم أن نريحكم في لبنان أعطونا كل شيء ولا تنتقدونا في شيء وإلاَّ نسلط عليهم التكفيريين!، وعندها اختاروا أيهما أفضل نحن أم هم؟ أقول لهؤلاء: أنتم مخطئون إن كنتم تظنون أنهم معكم، ستعانون منهم قريباً إن شاء الله وستلعنون الساعة التي كنتم معهم فيها، فإذا ظننتم أنكم تقودونهم فهم يقودونكم وبلا حبل قيادة بل في منزلقٍ لا توقف معه على قاعدة عقلية هؤلاء الذين يكرهون أنفسهم بعد حين فكيف يحبونكم وكيف ينقذونكم.
لقد سمينا الرئيس تمام سلام لحكومة وحدة وطنية، ومسؤوليته أن يكون أميناً على التأليف، وأن يؤلفها منسجمة مع الإجماع الوطني، وهي لا تكون كذلك إلاَّ بحسب أحجام القوى السياسية في المجلس النيابي، ولسنا مستوزرين لنأخذ حصة هامشية لا تؤثر في القرارات، ولذا مشروع 8-8-8 في الحكومة مرفوض تماماً الآن وفي كل آنٍ قادم في المستقبل، وهذا المشروع لا يمثل حكومة الوحدة الوطنية وهو مرفوض تماماً من قبلنا، نحن نوافق على حكومة سياسية مبنية على الشراكة في داخل الحكومة، وأن يكون لنا مع حلفائنا رأي وازن، ولا نقبل أن نكون تكلمة عدد في الحكومة, ولا نعتقد أن مصلحة لبنان إلاَّ بحكومة الوحدة، أتمنى أن لا يرتكبوا أخطاء في تشكيل الحكومة لأن هذا البلد يحتاج إلى تظافر الجهود، أما الذين يصرخون كثيراً من أجل أن يوزعوا الأدوار والمناصب فهم ليسوا في موقع أن يوزعوا أدواراً على أحد.