ومما جاء فيها:
لا بدَّ أن نوضح بعض الأمور التي تجري من حولنا: أعلنت إسرائيل وأمريكا وبعض قادة المسلحين في سوريا أنهم يستهدفون رأس المقاومة قالوها بشكل واضح وبكلمات متفاوتة ولكن بمعنى واحد، بعضهم قال: نريد ضرب سوريا لنضرب صلة الوصل بين إيران وحزب الله وفلسطين. وبعضهم قال: نريد ضرب خط الإمداد الذي يقوي المقاومة ضد إسرائيل. وبعضهم قال: نريد إراحة إسرائيل من قوة المقاومة بإضعاف إمكاناتها وذلك بقطع المدد عنها. وبعضهم هدد بأنه عندما ينتهي من مشروعه الأول في سوريا سيبدأ بمشروعه الثاني بأن يلاحق حزب الله في لبنان. هذا ما قالوه وصرحوا به، أعلنوا بوضوح أن استهداف سوريا هو استهداف لسوريا المقاومة، ثم بعد ذلك صدرت تصريحات تتعلق بالمرحلة الثانية التي تستهدف المقاومة في لبنان، النتيجة: استهداف سوريا المقاومة، إراحة إسرائيل، والتوجه إلى المقاومة في لبنان. هذه الأهداف المعلنة من قبل الاستكبار العالمي ومن قبل المسلحين المسيطرين والمؤثرين في مشروع تدمير سوريا.
لقد شاهدنا كيف تتصرف دول العالم، من أمريكا إلى فرنسا إلى بريطانيا إلى عدد من الدول الكبرى وإلى بعض الدول العربية والإقليمية، إضافة من 29 مجموعة من 29 دولة يرسلون الأفراد إلى داخل سوريا من أجل تدميرها ومن أجل ضرب هذا الموقع المقاوم. وأنتم تعلمون كيف تغدق الأموال بلا حساب، وكيف يأتي السلاح من كل حدبٍ وصوب، وكيف يسخر المحيط من أجل أن تمر قوافل المقاتلين من عدد من الدول المحيطة بسوريا، هذا كله من أجل الإصلاح! وهذا كله من أجل حقوق الإنسان! وهذا كله من أجل تعديل النظام السياسي ليأخذ الناس حقوقهم في تداول السلطة! ما هذا الحشد العالمي الذي يحاول أن يعمل وأن يضرب ويبررون لهذا الحشد أنه حقٌ مشروع على قاعدة الأهداف التي يريدونه في إلغاء سوريا من الطرف المقاوم.
نحن نقول بكل وضوح وصراحة ولا نخفي قناعاتنا، المقاومة تحرير وحماية، التحرير يكون بإخراج العدو من الأرض، والحماية تكون بتوفير كل المقاومات والقيام بكل الأعمال التي تؤدي إلى تحصين المقاومة بقاء جهوزيتها وحمايتها من كل المشاكل والتعقيدات التي تواجهها لتبقى قادرة على مواجهة التحديات من أجل المستقبل، ومن أجل تحرير الأرض، ومن أجل منع إسرائيل من أن تعيد مجدداً إلى غيها.
المقاومة تحريرٌ وحماية، فالمقاومة تقاتل إسرائيل وتقاتل المشروع الإسرائيلي، لأن المشروع الإسرائيلي لا يقتصر على احتلال الأرض، وبل هو أيضاً محاولات للفتنة، ومحاولات لمعارك جانبية، ومحاولات للإضرار بالمقاومة بأساليب مختلفة. من حقنا، بل من واجبنا أن نقوم بكل الأعمال التي تحمي استمرارية المقاومة وحماية ظهرها ومستقبلها وإنجازاتها.
نحن لا ندافع عن النظام في سوريا، فالنظام هو مسؤول عن يدافع عن نفسه، ولا ندافع عن خصوصية الشعب السوري هو مسؤول عن يدافع عن نفسه، إنما ندافع عن المشروع المقاوم الذي تمثله سوريا المقاومة. وقد تدخلنا متأخرين، وصبرنا كثيراً لنرى ماذا تكون عليه النتائج، ولكن عندما وجدنا أن الخطر داهماً على المستوى الاستراتيجي رأينا أنه من واجبنا أن نتدخل بمقدار إزاحة الخطر، ولذا نحن في الموقع المقاوم في القصير وفي غير القصير، نحن في الموقع الذي يؤدي إلى منع امتداد الفتنة، ومحاولة طعن المقاومة بظهرها، ونعلم أن هذا الدفاع يتطلب تضحيات، ولكن هذه التضحيات اليوم هي أقل بكثير من التضحيات التي يمكن أن ندفعها لو تركنا الأمور تتدحرج لتضيِّق علينا من كل جانب، وتدخل إلى بيوتنا ودساكرنا وقراننا ومدننا.
عجيبٌ أمر هؤلاء، وضعوا جبهة النصرة على اللائحة الإرهابية بإجماع مجلس الأمن، يعني لا يوجد دولة في العالم إلاَّ وتعتبرها إرهابية، ثم يأتي السلاح والدعم إليها من أجل أن تقاتل في سوريا، على من تضحكون، كيف تقولون أنكم لا تريدونها لأنها إرهابية، وأنتم تعترفون بهذه الأعمال، بكل وضوح يستخدمونها وسيلة لتدمير سوريا، ولو بحثت إسرائيل عن خيار نموذجي لن تجد أفضل من هذا الخيار لإراحتها وتدمير المشروع المقاوم.
قلنا مراراً بأن الإصلاح في سوريا حقٌ للشعب السوري، وطالبنا أن يكون هناك تعديلات في الدستور وفي كل الآليات التي تساعد على إعطاء الشعب حقوقه السياسية، ولكن للإصلاح آلياته، لا يكون الإصلاح بهذه الهجمة الدولية العسكرية، ولا يكون الإصلاح بتدمير مقدرات الشعب السوري، ولا يكون الإصلاح بقتل عشرات الآلاف من الناس ومن الجيش ومن الشعب السوري من أجل مشروع أجنبي، الإصلاح له آلياته ولطالما نادينا بضرورة الحل السياسي، والحوار السياسي، ولتجلس كل الأطراف مع بعضها، وعندها يصلون إلى حلول وهم أحرار في ما يصلون إليه، لأن هذا الخيار هو خيار الشعب السوري يختار ما يشاء.
أعلنا كحزب الله بأننا نحمي مقام السيدة زينب(عها)، وهذه الحماية هي جزءٌ من إيماننا وحرية اعتقادنا وكرامتنا ودور أهل البيت(عم)، كل قيمتنا وعزتنا ونصرنا واستقامتنا ببركة النبي وآل بيته(عم). كل النبل والأخلاق والمواطنة الصحيحة وتحرير الأرض ببركة النبي وآل بيته(عم)، فكيف لا نقف لنحمي هذا المقدس وهذا المكان الرائد، الذي يعبِّر عن قمة العطاءات في سبيل الإنسانية وفي سبيل الحق، وفي سبيل الأخلاق والكرامة. كيف لا نحمي قيمنا؟ وأنتم تعلمون عندما أهين رسول الله(ص) بالكلمات من بعض الأجانب وهم يسؤون إلينا وإلى معتقداتنا قامات تظاهرات كبرى من قبل حزب الله، وكانت هناك أنشطة عديدة رافضة لهذه الإهانة بالكلمة، لأننا نعتبر أن هؤلاء يريدون إسقاط المقدس، ونحن لا يمكن أن نقبل بهذا الإسقاط، فكيف نقبل أن تدنس مقامات لأولياء وصالحين وأئمة، وكيف نقبل أن تُهدم أمكنة عبادة، لذا وجدنا أن الوقوف بوجه هذا العمل الهمجي هو جزءٌ لا يتجزأ منت كرامتنا ومكانتنا ولوضع حد لهذه الغطرسة ولهذا التجاوز الذي لا يقبل به لا شرعٌ ولا عقل.
بالله عليكم، هل هذا العالم المتحضر يقبل بأفراد وجهات وجماعات، تشق الصدور، وتأكل القلوب، وتستخرج الأحشاء، وتقطع الرؤوس، وتنبش القبور، وتقتل العزل أمام مرأى من العالم، ثم لا يحركون ساكناً، هل هذا هو البديل الذي يريدونه ويدافعون عنه؟ بديلٌ لا يعرف الإنسانية من قريب ولا من بعيد.
تحرك العالم معترضاً على تدخل حزب الله في القصير، ونسي "أوباما" مشاكله في أمريكا، وبدأ هو ووزير خارجيته التصريحات عن تدخل الحزب في القصير، ولكن لم نره يتدخل لوقف التدمير المنهجي لسوريا، وللأعمال الشنيعة التي تُرتكب بحق الإنسانية، هذا التيار التكفيري الذي نراه في تجربته البشعة في سوريا والعراق وفي أماكن مختلفة من العالم، يريد إسقاط المشروع المقاوم، ويريد مواجهة أي كلمة حق يمكن أن ترفع في هذا العالم، ونحن نواجه مشروع إسرائيل ومن يسير مع إسرائيل.
وليكن معلوماً نحن نميز تماماً بين التيار التكفيري وبين أهل السنة، التيار التكفيري لا علاقة له بأهل السنة، لأنه يقتل السنة كما يقتل الشيعة كما يقتل الآخرين، التيار التكفيري لا يمثل السنة لا من قريب ولا من بعيد، وهو لا يمثل الدين، ونحن نؤكد بأننا حاضرون دائماً لأوسع وأفضل علاقات بين الشيعة والسنة، وبين جميع المسلمين، وندعو ودعونا إلى الوحدة الإسلامية، وسنحافظ عليها، وهناك الكثيرون في هذا العالم الذين نتوافق معهم ونتعاون معهم من المسلمين على اختلاف مذاهبهم، وهم لا يرضون بهذا الاتجاه التكفيري الغاصب والآثم، والذي يتصرف بطريقة سيئة لا تلتزم مع أدنى المعايير الإسلامية.
نحن لا نقبل بأن تغطى المشاريع السياسية التي تخدم إسرائيل بالعنوان المذهبي، وليكن واضحاً أمام العالم ما هي أهدافهم، وما هي أعمالهم. بعض المعممين وبعض الإسلاميين قبلوا أن يكونوا أدوات للمشروع الأمريكي التكفيري، وهم يعملون بأبواق فتنة، ورعاة للمذهبة والتحريض، ولكن ليعلموا أن الله سيعاقبهم في الدنيا قبل الآخرة.
ليكن واضحاً، حزب الله سيستمر في مشروعه المقاوم ولو كره الكافرون ولو كره المنافقون. ومشروع حزب الله لا يستهدف إلاَّ إسرائيل ومن نواجهه إنما نواجهه من هذا الموقع وليس من أي موقعٍ آخر، ليست لدينا طموحات لا في سلطة، ولا في مكتسبات ولا في غنائم، نعم لدينا طموح واحد لا نتخلى عنه أن نكون أعزة ولنا كرامتنا ولا يفرض علينا أحد لا في الشرق ولا في الغرب، ولا تلك الأدوات الرخيصة التي تحاول أن تنعق من أجل أن تروج للاستكبار ولمصالحه ولإسرائيل.
وعلى أمريكا وفرنسا وبريطانيا أن يعلموا بأنهم مسؤولون عن رعاية الإرهاب، إرهاب الدولة إسرائيل، وإرهاب التيار التكفيري، ويتحملون مسؤولية كل الخراب والدمار الذي يحصل في سوريا، كفوا أيديكم أيها المستكبرون عن سوريا المقاومة، وعن الشعب السوري، وعن الإنسان في منطقتنا، وارحموا عباد الله، توقفوا عن تلك الأعمال الدنية، وساهموا في محاولة الحل، لأن منطقتنا لا تستحق لا تقومون به. وعلى كل حال هم يدعون في الغرب أنهم يحفظون حقوق الإنسان ويرعون السلام الدولي، والله لو فتشنا أين هو الخراب الدولي في العالم لوجدنا وراءه أمريكا ومن معها وإسرائيل، وأين هو السلام فسنجده حيث المقاومة والعزة والكرامة، ولذا سنبقى مع المقاومة وسلامها ولن نكون مع أمريكا وإسرائيل وعدوانهما.