ومما جاء فيها:
هناك سعي الآن لتشكيل حكومة لبنانية، وقد سمَّاها رئيسها المكلَّف الاستاذ تمام سلام بحكومة المصلحة الوطنية، وبطبيعة الحال المصلحة الوطنية أن تضم الحكومة الجميع، كما أعطى الجميع ثقتهم بتكليف رئيسها، فمن المفترض تشكيل حكومة تنال الثقة التي نالها الرئيس عند التكليف، لكن أن تُطرح حكومة الثلاث ثمانيات أو حكومة ثلاثية فهي في الواقع حكومة غير مقبولة، وليس فيها أي مصلحة وطنية، فكيف يمكن أن يُمثَّل 45 % من النواب الذين يشكِّلون التحالف الذي ننتمي إليه بثلث عدد أعضاء الحكومة، وفي الوقت نفسه يُمثَّل 7% ممَّن هم في المجلس النيابي بثلث آخر، تحت شعار الوسطية أو شعارات أخرى، هل هذه عدالة أو إنصاف، على الأقل أن يكون التمثيل بحسب النسب المئوية التي تتواجد في المجلس النيابي. وإذا كان الرئيس المكلف يقول بأنه ضمانة لنا وقد قال لنا: أنا ضمانتكم وأنا مستعد أن أستقيل معكم إذا قرَّرتم الاستقالة، وأنا لن أوافق على تعيين مدير عام وما يحتاج إلى الثلثين إلا إذا وافقتم أنتم. إذاً لا فرق بالنسبة إليك أيها الرئيس المكلف إذا كانت النسبة الموجودة لدينا تمكننا أن نتخذ قرارنا طالما أنك مشارك لنا في القرار الذي نريده، الفرق بين اقتراحك واقتراحنا أن اقتراحك التزام شفوي، قد يخضع لضغوطات لاحقة لا تستطيع تحمُّلها ولست مضطراً لها، أما إذا ترجمت الأمر عملياً فأعطيتنا عدداً من الوزراء يتناسب مع تمثيلنا، عندها فلتكن الضغوطات علينا ونحن أهل لها، ونستطيع تحمُّلها، ونتحمل مسؤوليتنا الكاملة في خياراتنا التي نختارها. إضافة لذلك، نحن نريد أن نكون شركاء في هذه الحكومة، وبكل صراحة عدد ثمانية وزراء من أصل أربعة وعشرين يعني أننا لسنا شركاء في الحكومة، هذا يعني أننا وزراء تكملة عدد، لأن جميع القرارات بالأغلبية أو بالثلثين تمرُّ معنا ومن دوننا، إذاً كيف نكون شركاء وكل الأمور تتم من دون أن يكون لرأينا تأثير مباشر. وإذا كان رغبة الرئيس المكلف أن تكون الحكومة حصراً حكومة انتخابات، فهو يعلم أن حكومة الانتخابات تتَّخذ قراراتها بالأغلبية، فلن تضرُّه الأكثرية بالثلث زائداً واحداً أو اثنين، لأن كل قرارات الانتخابات تحتاج إلى أغلبية عادية، إضافة لذلك نحن متمسكون بإجراء الانتخابات وحريصون على تسهيلها، عندها لا يكون لديه أي عائق. ليكن معلوماً وبوضوح، لن نقبل حكومة المثالثة الحافلة بالوعود المعسولة، ونحن مع حكومة الشراكة الوطنية التي تحقق المصلحة الوطنية وتكون واقعية بتمثيل ينسجم مع أحجامنا في المجلس النيابي أو قريبة من ذلك، وبغير هذا التشكيل لا نقبل أن نكون في حكومة ليس لنا فيها إلا ثلثاً من دون تأثير وفاعلية، لن نكون ممثَّلين بوزراء لا طعم لهم ولا لون. عندها إذا شكَّلوا حكومة من اللون الواحد، وهذا يعني أنهم يسلكون مساراً خاطئاً ليس فيه أي رائحة للمصلحة الوطنية، وهذه في النهاية مسؤولية الرئيس المكلف ليدرس خياراته جيداً، وليعلم أنه قوي بقوة الجميع إلى جانبه وأنه ضعيف إذا استغنا عن البعض.
في 15 أيار 1948 حصلت النكبة الفلسطينية المشهورة، وهذه في الواقع نتاج تهجير ممنهج للفلسطينيين، وقتل منظَّم واحتلال قرى من قِبل الإسرائيليين، لكن وصل إلى أوج الأمر في 15 أيار 1948. تقول الاحصاءات أن عدد الفلسطينيين الذين هجروا إلى هذا التاريخ هو بين سبعائة وخمسون ألفاً ومليون فلسطيني، وعدد القرى التي هُجِّر أهلها هو بين 500 و600 قرية، والمساحة التي احتلتها إسرائيل من فلسطين حوالي 80% من مساحة فلسطين وهي ما يعرف بأراضي ال48، هذا كله حصل في سنة 1948 وتداعياته ما زالت موجودة حتى الآن بعد خمس وستين سنة، والدمار والخراب والعدوان والإجرام ما زال مستمراً. هذه النكبة هي شاهد على ثلاثة أمور: أولاً على العدوان الإسرائيلي والاحتلال وجرائم الإبادة التي ارتُكبت بحق الفلسطينيين، وهذا الكيان الغاصب الذي يسمى إسرائيل هو غدة سرطانية لا يصلح أن تبقى في المنطقة لا بل في العالم. ثانياً، أبرزت النكبة التواطؤ الدولي الاستكباري من أمريكا وبريطانيا ومن معهما ضد حقوق البشر، وأنهم يعملون بمعايير، وأنهم يكذبون عندما يتحدثون عن حقوق الناس والدول والحريات. ثالثاً، أبرزت النكبة التخاذل العربي الرسمي اللاحث وراء العروش والأنانيات، والذين يبحثون عن مكاسب مالية وشخصية بمعزل عن شعوبهم. نحن نؤكد أن مواجهة النكبة لا يكون إلا بالمقاومة من أجل التحرير، على أن يكون دعامة المقاومة هي المقاومة المسلحة، وقد أثبتت التجربة أن الأرض لا تحرِّرها إلا المقاومة، والكرامة لا تستعيدها إلا المقاومة، وإن شاء الله سنبقى حاضرين جاهزين في الميدان نحمل سلاحنا وندافع عن أرضنا وكرامتنا مهما علت الأصوات التي تدعي بأنها تريد الانضباط في إطار قوانين تخدم أمريكا وإسرائيل.
ترون اليوم ما يجري في سوريا، هذا انعكاس لنبكة فلسطين، وترون ما يجري في العالم العربي والاسلامي وهذا كله انعكاس لنكبة فلسطين، والاستكبار يعمل ليل نهار من أجل أن يضرب نور المقاومة تحت عنوان أنه يريد السلام العالمي. الواضح لدينا أن المقاومة هي الحل، وسنبقى نقاوم حتى آخر قطرة دم، وسنربي أولادنا على نور المقاومة، وإن شاء الله نحن منتصرون وهذا وعد الله تعالى.