.... من هنا عندما نكرِّر دائماً على مسامع الجميع بأننا مطمئنّون وغير خائفين من سطوة المستكبرين ولا نسأل عن تهديدات إسرائيل ، ولا تخيفنا تلك الاتهامات التي يكرِّرونها في كل يوم ، يستغربون ويتفاخرون ، هذا طبيعي لأنهم اعتادوا على الحياة المادية ، أما المؤمنون من أبناء المقاومة الاسلامية ، فهؤلاء يعرفون معنى أن يعيش الانسان حب الله ويعلمون أنه بذلك يعيشون السكينة والطمأنينة ،
فكل تهديدات الأرض مهما كانت كبيرة ومرّة ، يرونها ابتلاءات وامتحانات وكل اعتداءات الأرض مهما كان فيها من دماء وتضحيات وشهادة يعتبرونها أوسمة على صدورهم في يوم القيامة وكل التحدّيات يرونها جوهرة لمواقفهم وقدراتهم من أجل إثبات الحق على الأرض ، فالتحدِّيات لا تجعل المؤمنين يهربون بل تجعلهم يُقبلون وبالتالي نحن لا نخافهم ولا نعيش القلق منهم ولا نعيش الرعب في حال حاولوا أن يوجدوا الرعب بيننا ، نقول لهم أقبلوا علينا فستجدوننا في الميدان إن شاء الله تعالى لأن من عاش خشية الله لا يخشى أحداً على الأرض ومن كان معتقداً بدعم الله تعالى لا يسأل عن صواريخ ولا عن طائرات ولا عن قدرات.
فسواءً صدّقوا أم لم يصدِّقوا نحن مرتاحون ومطمئنون ، نحن لا نسأل عنهم ، ما يهمنا هو أنتم أيهل الطيِّبون ، مايهمنا أن تثقوا بربكم ودينكم وأئمتكم ، أن تثقوا بأن هذه الحالة من الطمأنينة يجب أن تكون عندكم . إمامنا الحسين كان ذاهباً إلى كربلاء وهو مطمئن إلى لقاء الله تعالى ، مع أنه يعرف أنه ذاهب إلى الشهادة " شاء الله أن يراني قتيلا وأن يرى النساء سبايا " ، لكن هذا لم يجعله متوتّراً ولا خائفاً بل بقيَ مقداماً في طاعة الله تعالى ، ما الذي سيفعله الخصم ، سيقتله ، هذا هو الأجل ، سيعتدي عليه ، هذا هو الابتلاء والاختبار ، إذاًً ماذا ؟ هي حياة تأتي وتذهب بيد الله تعالى ، قال الحسين(ع) : " إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما " ، يجب أن نعيش هذه الحالة ، هذه الطمأنينة ، وثقوا أننا بهذا الاطمئنان نكسر الكفر ونعزِّز مسيرة الاسلام ، بهذا الاطمئنان نجعل الكفر يفشل بهذه التحديات التي يمارسها معنا ،والتي يريد منها أن يسقطنا نفسياً ومعنوياً ، لماذا يهدِّدون ؟ يهدِّدون حتى نخاف ، فإذا خفنا تراجعنا ، لكن إذا هدّدوا ولم نخف ، هذا يعني أننا لن نتراجع ، معنى ذلك أن التهديد لم ينفع، سينتقلون إلى المرحلة الثانية ، ما هي المرحلة الثانية ؟ أن يعتدوا علينا . إذا أعددنا العدة من أجل أن ندافع عن أنفسنا فمن الطبيعي أن يخافوا من عدّتنا لأننا سنواجه ، عندها تصبح إمكاناتهم بلا معنى ، فإذا غامروا بإمكاناتهم ، هم يغامرون معتدين ونحن نردُّ كأصحاب حق ، ولا بدّ للحق أن ينتصر حتى لو سقط الشهداء فنحن أصحاب قضية ولأننا أصحاب مبدأ ، وهذا ما يحقق الانتصار في نهاية المطاف .
سلاح المقاومة ليس مطروحاً للنقاش لأن المنطقة متفجِّرة ولأن إسرائيل تقوم بعدوانها بشكل متكرّر على الفلسطينيين وعلى المنطقة وتخترق بلدنا بطائراتها وتعتدي على أسرانا باستمرار احتجازهم ، ليس مطروحاً الآن أن يناقش بمستقبل المقاومة بوقتٍ تشكِّل فيه إسرائيل الخطر الكبير والذي يجب أن يوضع له حدّ ، نحن الذين نبحث عن الأمن والأمان والاستقرار لبلدنا في مواجهة المشروع الاسرائيلي وليست إسرائيل هي التي تحتاج إلى الأمن والاستقرار لأن اسرائيل تعتدي وتحتل وتبادر إلى استخدام كل أنواع الأسلحة ، إذاً الأنظار يجب أن تتّجه إلى اسرائيل وليس إلينا ومن الصعب جداً أن يستخفّ البعض بقيمة المقاومة وحاجة المقاومة وضرورة المقاومة ، لولا هذه المقاومة لما نجح لبنان ، لولا هذه المقاومة لما تحسّنت الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية وكل المستلزمات الأخرى لبداية نهضة موجودة في لبنان . إذاً علينا أن نكون حولها وأن نكون معها ، ولا تكفي بعض الكلمات الإيجابية عنها ، بل الالتفاف الذي يؤيِّد خطّها ومسارها وضرورتها في حياتنا اليومية ، ونحن نعلم أن لبنان يمرّ اليوم بظروف صعبة خاصة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، هذا الاغتيال هو من وجهة نظرنا جريمة نكراء ارتكبها من يريد أن يعطِّل الاستقرار في البلد ويريد أن يُحدِث الفتن الداخلية وهناك أيادٍ خفيّة تعمل باستمرار لعدم استقرار لبنان ومن أجل أن تجعل منه أداةً تستخدم للنفاذ إلى راحة اسرائيل واستقرار اسرائيل وهذا لن يكون إن شاء الله تعالى ، من هنا نحن نقول لكل الأطراف الموجودة في لبنان ، لبنان يتَّسع للموالاة والمعارضة والأطراف الأخرى التي لا تريد أن تكون موالاة ولا معارضة لكن حذار من أن نتصرَّف مع بعضنا البعض بغير اللياقات والأعراف السياسية التي تستلزم حواراً أو خلافاً سياسياً وفق ضوابط تجعلنا نختلف أو نتّفق كلبنانيين بمعزل عن تدخّل الآخرين وبمعزل عن استثمار الواقع الدوَّليّ لخلافاتنا لمصلحة اسرائيل أو أمريكا ، هذه مسؤولية تقع علينا جميعاً، لأن نعمل من أجل حفظ ساحاتنا ، فنحن عندما نحفظ هذه الساحة نحفظ أجيالنا ونحفظ مستقبلنا .