الموقف السياسي

كلمته في احتفال بذكرى الانتصار في بعلبك في 26/5/2006

أكد التمسك بالمقاومة لأنها أثبتت أنها قوة للبنان

قاسم: لن نترك عناصر القوة ولن نقبل بضمانات مجلس الأمن

ولا نقبل أن يكون لبنان مزرعة لأمريكا أو بوابة للمشروع الإسرائيلي

نظم حزب الله احتفالاً في مرجة رأس العين بمدينة بعلبك، ضمن احتفالات ذكرى النصر والتحرير، حضره النواب: نوار الساحلي، جمال الطقش، علي المقداد، نادر سكر وكامل الرفاعي، ورئيس بلدية بعلبك محسن الجمال، مسؤول حزب الله في منطقة البقاع إبراهيم شاهين ومسؤول قيادة إقليم البقاع في حركة أمل الدكتور جمال زعيتر وفاعليات سياسية واجتماعية ودينية وحشد من المواطنين.

وألقى الشيخ قاسم كلمة قال فيها: هو انتصار باسم الله وفي سبيله، وهذا أمر غير مألوف أن تنطلق جماعة تقاتل في سبيل الله لا ترجو إلا الأجر ولا تبتغي منصباً ولا مركزاً ولا تبحث بعد التحرير عن الثمن.

أضاف : انطلقت هذه المجموعة من إيمانها بربها وبأن تحرير الأرض واجبن والمعيار الثاني هو أن المقاومة جاءت في ظروف اندثار حركة المقاومة وفي لحظة تاريخية أراد فيها المستكبرون وإسرائيل القضاء على فكرة وحالة المقاومة، فاتخذوا قراراً باجتياح لبنان للقضاء على المقاومة الفلسطينية، طناً منهم أنهم بذلك يقضون على كل نفس مقاوم. ولكن بدأن"المقاومة الإسلامية" لتأكيد نهج المقاومة مع كل القوى التي قاتلت إسرائيل على الساحة، فكانت النتيجة أن مشروع الاجتياح قد سقط وتحقق النصر على إسرائيل بخلاف كل الموازين الدولية والإقليمية والمحلية لترتفع راية التحرير في لبنان في 25 أيار سنة 2000 وتخرج إسرائيل ذليلة.

وتابع: المعيار الثالث أن هذا الانتصار الذي أنجزته المقاومة وحققه الشعب اللبناني بأكثريته الساحقة فكان معها قلباً وقالباً، داعماً لهان وقلما حصل في المنطقة أن تنطلق مجموعة ويتحلق حولها الجميع من دون حسابات طائفية أو مذهبية لأن المقاومة تجاوزت كل هذه العناوين. أما المعيار الرابع فهو أن المقاومة بانتصارها فتحت عهداً جديداً في لبنان والمنطقة، فلم يعد مقبولاً أن نتلقى تعليمات مجلس الأمن ولم يعد مقبولاً أن يجعلونا في دائرة الإحباط والاستسلام لنستجدي الحلول منهم.

وقال: هذا الانتصار سجل إسقاط أكبر قوة عسكرية في المنطقة تتمثل بإسرائيل، وأسقط مشروع الدول الكبرى من البوابة الإسرائيلية، وبالتالي أدى إلى بث الروح المعنوية الكبيرة في لبنان ومنطقتنا فلم يعد بالإمكان أن نرجع إلى الوراء أو أن يؤثروا على معنوياتنا، فالشعب الذي انتصر بمقاومة قليلة العدد والعدة وكبيرة بالإيمان والحق لا يمكن أن يُهزم. واعتبر الشيخ قاسم أنهم يريدون إطفاء جذوة المقاومة، ليس لأنها انتصرت في الخامس والعشرين من أيار سنة 2000، بل ما يهمهم هو المستقبل، مشكلتهم مع هذا الانتصار أنه أسس لانتصارات المستقبل وبنى جيلاً لا يقبل أن يرجع إلى الوراء، ولبنان المحرر سيبقى محرراً وقوياً بالمقاومة. ورأى أن مقولة قوة لبنان في ضعفه لم تعد موجودة وإنما ستبقى مقولة قوة لبنان بمقاومته، وإن شاء الله ستكون قوة لبنان باستراتيجية الدفاع التي سيناقشها مؤتمر الحوار.

وأكد أنه مع المقاومة لا تسليم لمجلس الأمن بظلمه، ولا يمكن أن نخضع أو نذل، سنبقى رافعين الرأس نؤيد ونحمي استقلال لبنان بالبندقية والجسد الحي، لا بالكلمات الفارغة من المحتوى التي يطلقها البعض. وقال: يزعجهم الانتصار لأنه فتح باب العزة ولأنه انتصار للمسلمين جميعاً سنة وشيعة ولأنه انتصار المسلمين والمسيحيين معاً من الذين أحبوا لبنان وأحبوا مقاومته، ويزعجهم هذا الانتصار لأنه انتصار العرب والمسلمين. وأضاف: إذا كانت المقاومة تقبل المساومة بأي ثمن إلاَّ العزة فهم حاضرون للثمن المادي الذي يسقط الروح. ونحن عندما رفضنا الثمن المادي ورفضنا المقايضة بالموقع السياسي ورفضنا أن نأخذ أطماعاً معينة في موقع التركيبة ورفضنا امتيازات تمنحنا إياها الدول الكبرى مقابل تخلينا عن المقاومة فذلك لأننا أدركنا أن ما تحقق بالمقاومة لا يمكن أن يتحقق بأي طريق، وفتحت المقاومة حالة معنوية فلم نعد بعدها ضمن حساباتهم ولا ضمن توجيهاتهم، وسنعمل ضمن حساباتنا وما فيه مصلحة شعبنا ووطننا وأجيالنا.

وأكد الشيخ قاسم أن الانتصار حصل مثل المعجزة، وهو أنظف انتصار في العالم، فالمقاومون مع الشعب دخلوا إلى المواقع وهرب الإسرائيليون في ليل، واعتبروا أنه إنجاز عظيم حيث لم يقتل أحد أثناء الحرب. وعندما دخل المجاهدون إلى الأراضي المحررة من رجس إسرائيل حسب العالم المستكبر والمتآمرون أن مشكلة ستقع بين المقاومة والمسيحيين في الشريط المحرر بقتل بعض العملاء وأهاليهم وبفتنة مسلحة، ولكنهم فوجئوا بأنه لم يقتل أحد ولم يزعج أحد ولم يحصل أي فتنة، وكان انتصاراً نظيفاً في أسلوبه وشريفاً في هدفه، عظيماً في نتائجه. هذا انتصار لكل قطرة دم لمقاوم منذ سنة 1948 وحتى التحرير، وهو نصر لمصلحة لبنان ولمصلحة الناس، لقد أصلح الاقتصاد وجذب السياح ومنع إسرائيل من الاعتداء يومياً على لبنان وجعل إسرائيل لا تتجرأ منذ سن سنوات على الإقدام على حماقة لأنها تعلم أن شبابنا مستعدون للرد المؤلم إذا حصل عدوان، فشباب المقاومة ساهرون لحماية الجميع.

وتابع: في يدنا قوة يجب أن نحافظ عليها، ولا يوجد عاقل يفرط بقوته في المجهول، لذلك عندما نقول بأننا متمسكون بالمقاومة لا لأننا نريد سلاحاً أو وظائف للذين يحملون السلاح، ولا لأننا نخاف أن يغبن حقنا، ولكننا نتمسك بالمقاومة لأنها أثبتت بالتجربة أنا قوة لبنان وحررت الأرض ومنعت إسرائيل من العدوان. ولا نقبل أن يكون لبنان مزرعة لأمريكا أو بوابة للمشروع الإسرائيلي، ولا نريد أن يستقوي فريق من اللبنانيين بالخارج ضد الآخرين، ولن نترك ما بأيدينا لمصلحة الفراغ أو لضرر لبنان، وكل ما لديه بديل عن هذه المقاومة يؤدي وظيفتها ويبقي رأس لبنان عالياً قوياً فليقدم مشروعه لنا.

ورأى أن المقاومة لم تكن يوماً لفئة، وقال: كنا متضررين في توزيع المغانم الداخلية في الإدارة والمواقع، ومناطقنا دفعت ثمناً كبيراً في انعدام التوازن وعدم تنفيذ الوعود ولم يتوجه سلاح المقاومة لنصرة أحد في الداخل لمصلحة داخلية، لقد خضنا الانتخابات بالرجال والنساء وليس بالسلاح، وفي الاجتماعات المليونية عبرنا عن مواقفنا بالرأي مقابل الرأي الآخر من دون سلاح، وعندما ظلمنا كنا نصرخ ونتحمل الألم ولم نستخدم السلاح في عمل داخلي، وبقي السلاح مقاوماً رغم كل التطورات التي حصلت في لبنان منذ العام 1982 ولم يكن للسلاح أي تأثير داخلي وأي علاقة داخلية. وتابع: حصل مسار منذ عام 1982 حتى الآن سقط فيه سلاح العملاء لأن التحرير قد حصل ونزع سلاح الميليشيات باتفاق الطائف وبقي سلاح المقاومة لمقاومة المشروع الإسرائيلي، لم يمنحنا أحد هذا السلاح ليقول أنه سمح لنا بإبقائه، فمن منع الجميع من حمل السلاح لمقاومة الاحتلال؟ وانتقد الشيخ قاسم الحكومة لعدم اتخاذ القرار بالتعطيل في ذكرى الانتصار والتحرير. وأعلن أن الخلافات لا تعالج بالاستعراضات الإعلامية وإنما تناقش بالحوار المباشر مع بعضنا البعض، ومع ذلك نرى من يتصدى سياسياً ليستبق الحوار بآراء ومواقف، هذا من شأنه، لكن لن نقبل بأي رأي يجعل لبنان تحت الإدارة والوصاية الأمريكية أو يجعلنا نخضع مجدداً لانتشار كثيف لقوات الطوارئ الدولية التي لم تمنع اجتياحاً ولم توقفه. كما أن أمريكا غير مؤتمنة وغير موثوقة لأي مشروع سياسي له علاقة بلبنان، ولن نقبل منها أي ضمانة لأنها كضمانة الذئب للغنم، إذا كانت أمريكا ومعها فرنسا لم تفِ بالتزاماتها مع خمسة أو ستة من الفلسطينيين ومع أبناء مخيمات صبرا وشاتيلا وهم عزل، فكيف نقبل بضماناتها في مواجهة المشروع الإسرائيلي، ونحن لا نقبل بضمانات مجلس الأمن ولا من الدول الكبرى، ضمانتنا الوحيدة أن نبقى أقوياء وأن نأخذ حقنا. وقال: هل نأتمن مجلس الأمن الذي أصدر قرارات بالعشرات ضد إسرائيل ولم ينفذ أي قرار، وأعطى صك براءة لإسرائيل بأنه نفذ القرار 425 الذي بقي 22 سنة من دون تنفيذ، وعندما اعترض لبنان على عدم الانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا قالوا نرسم الخط الأزرق. وأكد: أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا لبنانية ولسنا بحاجة كحزب إلى إثباتها، ومن يقول أنها غير لبنانية فليثبت ذلك، ونعتبر أن إثارة قانونية المزارع لأن أمريكا وهي التي اقترحت ذلك وإسرائيل حرضت ومجلس الأمن هو الذي سعى..إننا لن نجعل المشكلة إلا عند إسرائيل ومع إسرائيل ، نسمع أصواتاً كثيرة في الداخل تتحدث عن كل شيء إلاَّ عن إسرائيل، ولكننا سنبقى نذكر بأن إسرائيل هي العدو ويجب أن نواجهها، وأشار إلى أن حزب الله أطلق في أحد احتفالاته موقفاً حول رأي الأكثرية في لبنان، فقامت الدنيا ولم تقعد بأن حزب الله يتكلم عن أكثرية وأقلية ولم يكن الأمر بهذا الاتجاه، ومن محاسن الصدف أن المعترضين هم أنفسهم يتحدثون في كل يوم من الأكثرية النيابية والحكومية وأكثرية 14 شباط، والآن أصبح الأمر مألوفاً عندهم. تذكروا يوماً نكون فيه مع آخرين أكثرية سأسمع رأيكم بالأغلبية النيابية والحكومية في حينها، برأينا أن لبنان لا يحكم إلاَّ بالتوافق، تعالوا لنتعاون مع بعضنا البعض، ولبنان لا يمكن أن يستقر لمصلحة فئة ضد فئة، يجب أن نتعاون ونتفاهم معاً لمصلحة لبنان.

وختم الشيخ قاسم: التحرير شيء عظيم أرخ للبنان الجديد، ولبنان بعد التحرير يختلف عن لبنان قبل التحرير، لبنان بعد التحرير سيد حر ولا يقبل الوصاية الأجنبية، مرفوع الرأس ومقاوم قوي وشجاع، يأخذ حقه ولا يقبل أن يعتدي عليه أحد، ولا يقبل أن يكون لطائفة دون أخرى أو أن يكون لمصلحة إسرائيل والدول الكبرى، نريد تأسيس لبنان سيداً عظيماً من أجل أن ينتصر ويرتاح الأبناء.