الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها في الافطار الذي أقامته وحدة المهن الحرة في حزب الله في مطعم الساحة في 27/9/2007

جرّبتم لأشهر طويلة فانحدر لبنان كثيراً، إذاً تعالوا نبني لبنان موالاةً ومعارضةً

أقامت وحدة المهن الحرة في حزب الله حفل إفطار برعاية نائب الامين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم ، بحضور النواب نوار الساحلي وكميل خوري وعدد من نقباء المهن الحرة إضافة إلى فعاليات نقابية ومسؤولي المهن الحرة في الاحزاب وحشد نقابي ومهني كبير ، وكانت كلمة لمسؤول وحدة المهن الحرة في حزب الله المهندس حسن حجازي ، تلاها كلمة لراعي الحفل، جاء فيها :

(...)، أقول لأولئك الذين يراهنون على الأمريكيين: إن جورج بوش هو أفشل رئيس أمريكي للولايات المتحدة الأمريكية، ومن يريد أن يتغطى بالفاشل سيتحمله من وزره، وأولمرت هو أفشل رئيس للكيان الإسرائيلي، هناك تجمع للفاشلين اليوم، وكل من يجمعونهم معهم هم في تجمّع الفاشلين، وبالتالي هذا التجمع الذي يريد الشر بنا بحسب قناعتنا وبحسب الأدلة، لا يصلح لأن يكون سبباً لانتظار أحد. من هنا يجب أن نعرف أن ظروف المنطقة معقدة جداً، ولا يمكن المراهنة على متغيراتها لمصلحة لبنان، وخيرٌ لنا أن نقوم بما علينا في لبنان ونفكك قدر الإمكان هذا الترابط مع ما يجري في المنطقة ، حتى لا نخسر مرتين، مرة بسبب رهاننا ومرة أخرى بسبب التعقيدات الموجودة في المنطقة والتي تترك آثارها بشكل سلبي على كل ما نراه.

يجب أن نلتفت إلى بعض التصريحات التي تبيِّن بوضوح ما الذي يجري، عندما أطلق الأمريكيون عنوان المؤتمر الدولي من أجل فلسطين، إنما أطلقوه لإسكات العرب ومن أجل أن يأخذ الحكام العرب عنوان المؤتمر الدولي ذريعة تطمئن شعوبهم ويحاولون من خلالها أن يبرروا لأنفسهم التطبيع مع إسرائيل، لكن أولمرت لم يهن عليه أن يُدعى إلى مؤتمر دولي فأطلق تصريحاً ترونه في الصحف قال: أنا أرفض أن يُقال أننا مدعوون إلى مؤتمر دولي نحن مدعوون إلى لقاء دولي، أما الوضع النهائي لفلسطين فليس قابلاً للحل قبل عشرين أو ثلاثين سنة، وكان النقاش عند أولمرت وعباس أن يصدر بيانُ إعلان نوايا ليس فيه التزامات ولا برامج عمل ولا خطة ولا اتفاقية، هذا اللقاء الدولي هو لقاء للتطبيع مع العرب لمصلحة إسرائيل لتأخذ إسرائيل من العرب من دون أن تعطي شيئاً، هل هذا التطور في مصلحتنا وفي خدمتنا! واسمعوا ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية رايس: نريد أن يتعوَّد العرب على فكرة أن تكون إسرائيل هناك، فهي تقول أنها أتت بكم إلى اللقاء الدولي لتتعوَّدوا على بعضكم(العرب وإسرائيل) ليكون هناك تطبيع، وعندما تقول رايس في مجال آخر حول المنطقة حينما تتحدث عن إيران ووضعها، تقول بأن على الدول العربية السنية القلقة جداً من النفوذ الإيراني ـ وهذا نوع من التحريض الدولي ـ فهل الأزمة الموجودة بوجه إيران هي أزمة من إيران أو على إيران؟ هي أزمة على إيران لأن من حق إيران أن يكون لديها النووي السلمي، فيقولون أن المطلوب من إيران أن تقنع العالم أنه ليس لها برنامج عسكري، فقدَّمت كل الوثائق ولم يقتنعوا، ومن الآن وحتى يوم القيامة لن يقتنعوا بأن ليس لديها برنامج عسكري، والمتهم يُدان بالجرم فأحضروا جرماً ضد إيران، هم ليس لديهم أدلة، فالمطلوب من إيران أن تعمل من أجل أن تثبت براءتها من دون وجود جرم، فهذا المنطق ليس موجوداً في العالم كله، هذا نوع من الاعتداء.

هل هذه المنطقة التي فيها العراق الذي يغلي وإيران التي تُهدَّد وفلسطين القلقة والمتوترة والمنقسمة، وسوريا التي في وضع المواجهة والدول العربية التي لا تعلم ماذا تفعل في القضايا المختلفة، ولبنان في تداعياته وأزماته، هل يمكن أن نراهن على هذه التطورات لمصلحة لبنان؟ أبداً لا يمكن ، لذلك علينا كلبنانيين أن نلتفت أننا أمام منعطف حساس جداً، وعلينا الانتباه بأن أي خطوة قد تؤدي بنا إلى الهاوية، ها هي التجربة التي جرت أمامنا حتى الآن، منذ صدور القرار 1559 حتى الآن ولمدة ثلاث سنوات، عشنا أوضاعاً صعبة في لبنان، والأصعب من هذا أنه بعد العدوان الإسرائيلي رأينا أن الاستئثار بالحكم أصبح طاغياً ، فكانت النتيجة أن البلد يعيش حالة من التوتر وعدم الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي والمالي، إذاً من خاض تجربة عشرة أشهر بالحد الأدنى وكانت أشهراً عجافاً، عليه أن يتعلم منها كي لا يورط البلد بسنوات عجاف للمستقبل، لأن ما يُقرَّر اليوم بالنسبة للرئاسة سيؤثر على مستقبل البلد، فإذا تمَّ الانتخاب بالنصف زائد واحد معنى ذلك أن البلد متِّجه إلى سنوات عجاف صعبة ومعقدة، وأمَّا إذا تمَّ الانتخاب على أساس التوافق فهذا يعني أن البلد أستطاع أن يفتح كوَّة نحو الحل ليتابع بعد ذلك الخطوات الأخرى، وأقول لكم بوضوح أكثر: لبنان اليوم بين خيارين : الانصياع للمشروع الأمريكي أو الخيار التوافقي اللبناني، وإلى الآن أمريكا لم تعطِ جواباً حول الاستحقاق الرئاسي، وهي متريثة وتنتظر ما الذي سيطرح، وتعتبر أن الوقت إلى جانبها لشهر أو شهرين إلى نهاية الاستحقاق الرئاسي، وتركت الفرصة لحوارات داخلية يمكن أن تؤدي إلى نتيجة إذا رضيَت أمريكا عنها قد تمرّرها وإذا لم ترضى عنها ستمنعها، وبالتالي يجب أن نراهن على مدى تفاعلنا الداخلي مع بعضنا البعض، وربَّ قائلٍ إذا كانت أمريكا هي المؤثرة فهذا يعني أننا لن ننتفع في أي شيء، كلا فإذا اتفقنا مع بعضنا البعض نستطيع أن نضغط لنُيئِس أمريكا في مسألة انتخاب الرئاسة من إمكانية أن يكون لها من يروِّج لفكرتها وقناعاتها، ويمكن أن نقول لها : كلُّنا هنا على اختلاف مشاربنا نريد أن نحل هذه المشكلة الآن ويمكن النقاش في المسائل الأخرى، فإذا وجدت سداً منيعاً يمكن أن توافق ويمكن أن نتمكن من أن ننجو معاً من هذه العقدة التي اسمها الانتخابات الرئاسية بسبب ما ألمَّ وأحاط بها، وإن لم نفعل ذلك فسنخسر.

أمريكا بكل وضوح هي الناخب الأكبر وهي التي ستؤثر إلاَّ إذا تفاهمنا بشكل جيد عندما نستطيع أن نمارس ضغطاً، وهنا سأوضح أكثر: بعض من تستمعون إلى خطاباتهم ولا أريد أن أذكر أسماءهم، وبعض الذين يطلقون خطابات التهويل والتهديد ولا يريدون أي حل ويتَّهمون الجميع، وكلما لاح في الأفق نوع من الاتفاق أو إمكانية التفاهم أو أجواء الهدنة يعكرونها ويخربونها، لا تظنوا أنهم بفعاليتهم يمكن أن يخربوا الوضع في لبنان، نعم هم يرغبون تخريب الوضع لأنهم لا يستفيدون إلاَّ من الخراب، لكن لولا الغطاء الأمريكي ليس بإمكانهم أن يفعلوا شيئاً، فعلى الذين يستطيعون التعديل والتغيير أن يستفيدوا من الفرصة، فإذا تعاونّا معاً نصبح أقوى من المخربين، عندها ننقذ لبنان توافقياً ونحن حاضرون وبانتظار جوابكم أيها الأشراف ليرى الناس من هو المخلِص في لبنان ومن هو الذي يريد جرّ لبنان لمصالحه.

هذه فرصة تاريخية علينا أن نستفيد منها، وعلينا أن نتشارك لأن المشاركة ليست منَّة من أحد، كلنا موجودون في لبنان والدستور اللبناني يحمي هذه المشاركة، وبالتالي يجب أن تتظافر جهودنا لننهض بلبنان، جرّبتم لأشهر طويلة فانحدر لبنان كثيراً، إذاً تعالوا نبني لبنان موالاةً ومعارضةً ونتجاوز الكثير من العقبات التي جرت سابقاً، نأمل أن تكون الحوارات التي تجري اليوم قابلة لأن تنجز عملاً بنّاءًٍ، وبطبيعة الحال لا يمكن أن يكون العمل بنّاءً إلاَّ بقرارٍ جريء من بعض جهات السلطة لأن البعض الآخر لا يعجبهم شيء ولا نراهن عليهم بالأصل، ولكن نراهن على العقلاء على الذين لهم امتدادات شعبية حقيقية يستحقون معها أن يقولوا نعم أو لا، فتعالوا يا من لديكم قوى شعبية لتتفاهموا مع القوى الشعبية الأخرى الموجودة في المعارضة من أجل أن نصل إلى لبنان المستقبل معاً، لأنه لا يستطيع أحد أن يربح لبنان وحده، لبنان للجميع إذا تكاتفنا انتصرنا جميعاً ، وإذا اختلفنا ستكونون مسؤولون عن الخسارة لأننا نحن نعلن كمعارضة على الملأ : نحن موافقون على التوافق لانتخاب رئيس للجمهورية وفق الثلثين في المهلة الدستورية من دون تأخير أي يوم ، ما هو جوابكم على التوافق؟ أعلنوه للرأي العام، لا نريد كلمات معسولة بل نريد وقائع تُترجم بلغة الأسماء والإجراءات العملية ، نحن لهذا الموقف الحساس فهل أنتم حاضرون؟ أترك الإجابة لكم، فلكم منابركم والشعب يسمع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.