وقد تحدث سماحته عن مزايا الفقيد ومآثره ، وجهاده المتمثّل في خدمة مجالس الامام الحسين (ع) وتطرأ للشأن اللبناني فقال :
لقد أصبحت ثقافة الشهادة في لبنان علماً مضيئاً بارزاً في سماء الأمة ، ولو كره أولئك الذين لا يعرفون الشهادة ولا الشهامة ولا الكرامة هذا المعنى وهذا الطرح ، هنا نؤكد أن ثقافة الشهادة هي ثقافة الجهاد والحياة العزيزة في مقابل ثقافة الجسد التي هي ثقافة الأنا والحياة الذليلة ، نحن نعتبر أن ثقافة الشهادة أنجبت أبطالاً شجعاناً في لبنان ، حرروا الوطن، وهزموا اسرائيل ، ووضعوا أول نصر استراتيجيٍّ مؤثر في تاريخ الأمة المعاصرة ، وهذا ما سيؤثر على معادلات الشرق الاوسط الجديد ، وسيغيِّر كثيراً في الخطط وفي المؤامرات ، وسيُسقط الكثير من المشاريع التي تُخطَّط لشعبنا ولأمتنا ، وهنا نسأل أولئك المنزعجين من ثقافة الشهادة ، ونقول لهم ماذا أنجبت ثقافتكم غير الخنوع والذلّ والاستسلام ، والمزيد من احتلال الارض والابتعاد عن الكرامة والمعنويات ، من ظنّ أنه يتَّهمنا بثقافة الشهادة ، نقول له بأنه وسام على صدورنا ، وعندما تقول أننا نؤمن بثقافة الشهادة فهذا فخر وعزّ وإشارة مضيئة للمكانة والمعنويات التي نعيشها ، لأن ثقافة الشهادة أدّت إلى أن يحصل المجاهدون في الميدان على مكانة عظيمة من دون منّة من أحد، ومن دون دعم من أحد ، يكفينا فخراً أن المجاهدين في لبنان أعطوا من كل قلوبهم لأنهم آمنوا بقضيّتهم وبتحرير أرضهم .
وأكمل قائلاً :
نحن نعلم أنه يوجد خلاف اليوم في لبنان بين خيارات سياسية متفاوتة بين الاطراف ، خيارنا هو خيار الحرية والوطن الواحد والارض المحررة والعزة والمعنويات والاستقلال والسيادة والاخلاص ومكانة الاسرة ودور الامة ، أما خيارهم فهو التبعيّة والظلم والوطن المجزّأ والارض المدوّلة واستحضار الاجنبي والتفريط بالسيادة والاستقلال ، وفرق كبير بين مجاهد يريد استعادة الارض وبين متربّص يبحث عن مصالح آنية ولو كانت على حساب الوطن والاجيال . ربما نحتاج بين وقت وآخر أن نوضّح معنى المقاومة ، ظنوا أن المقاومة عمل عسكري مرحلي ، له ظروف خاصة وتنتهي المقاومة بانتهاء الظروف ، لكن أقول لهم أن المقاومة ليست عملاً عسكرياً ، بل هي قوة ممانعة ثقافية وشعبية وسياسية وأخلاقية وعسكرية في مواجهة المشروع الاسرائيلي التوسّعي ، وفي مواجهة الاستكبار الآحاديّ التسلّطي للمشروع الامريكي الشرق اوسطي ، وفي مواجهة أشكال الظلم والطغيان والتجزئة ، هذه هي المقاومة التي نؤمن بها ، هي المقاومة التي دافعت وواجهت اسرائيل ، وانتصرت في مواجهة عدوان تموز 93 ونيسان 96 ، هي المقاومة التي حررت الأرض في سنة 2000 ، هي المقاومة التي دحرت اسرائيل وهزمتها في تموز 2006 ، هي المقاومة التي منعت الوصاية الامريكية من أن تتحكم بنا في لبنان ، هي المقاومة التي رفضت الفيدرالية والتقسيم والفتن الداخلية ، هكذا نفهم مشروع المقاومة ، مشروع المقاومة هو مشروع كل طفل وامرأة وشيخ وشاب ، المقاومة مشروع استمرارية للمعنويات وللحق ، وبالتالي هذه الممانعة ستستمر إن شاء الله ، صلبة وعزيزة في مواجهة التحديات مهما كانت المؤامرات كبيرة ، ليتكلم بوش ورايس ووولش ومن معهم في محاولة تسليط الضوء علينا ، سنقول لهم : مهما فعلتم ، فأنتم أجانب ومحتلون ، أما نحن فأصحاب الأرض ، والنصر دائماً لأصحاب الارض إن شاء الله ، وسنبقى نعمل ليكون لبنان وطناً موحّداً للجميع وليس وطن الفتنة ، وليس وطن الادوات التنفيذية للمشروع الامريكي الغربي الذي لا نقبل أن يكون له مكان في لبنان ، نحن نريد أن نكون أحراراً في بلدنا ، وهل هذا الامر نُلام عليه ، يجب أن نُشكر عليه ! على كل حال نحن لا ننتظر منهم جميلاً ولا ننتظر منهم مباركة ، نحن نعتبر أن عطاءات المجاهدين في ساحات الجهاد هي التي تبقى ارسخ واقوى .
وأضاف :
اليوم ، الحديث كثير عن المحكمة ذات الطابع الدولي تحت عنوان الحقيقة ، وأذكِّركم بكلام تكلّمنا به بتاريخ 11/11/2006 ، أي عندما فرطت جلسات التشاور ، عندها أعلنّا للرأي العام أن فيلتمان اتصل بقادة السلطة وجماعة 14 شباط وحرّضهم كي لا يكون هناك اتفاق بالتزامن بين المحكمة والحكومة ، وقال لهم بشكل واضح : المحكمة في جيبكم فلا تعطوهم الحكومة ، وستأتي عاجلاً أم آجلاً وبأي شكل ، يومها تصدى بعضهم وقال : نحن نريدها أن تُقرّر بطريقة لبنانية ، ولا نريد أن تقرّر بطريقة دولية لأننا نريد التفاهم والاتفاق ، لكن تعالوا لنناقش معاً ، وعندما وصلنا إلى كل الاستعدادات لنناقش معاً رفضوا مناقشتنا ، لو جلسوا معنا للنقاش في 11/11/2006 ، لربما انتهى نقاش المحكمة في 15/11/2006 ، أي بعد 4 أيام ، بينما طال الزمن لأشهر، ثم أخذوها إلى مجلس الامن ، إلى الفصل السابع ، سأكون واضحاً معكم ، هم يريدون هذه المحكمة ذات الطابع الدولي محكمة سياسية شبيهة بأسلحة الدمار الشامل في العراق ، من أجل استخدامها سياسياً من قِبل أمريكا ومن وراءها ، ولا يتحقِّق هذا الهدف إلى إذا كانت كما هي من دون أي تعديل ، وقد حاولوا أن يمرِّروها علينا ، لأن الافضل أن يُقال بأن اللبنانيين وافقوا على قطع رقابهم بأنفسهم ، من أن يأتي الأمر من الخارج ، لكن عندما عجزوا أعادوها إلى مجلس الامن ، أقول لكم من اللحظة الاولى كان القرار ، إما أن تُقرّر المحكمة كما هي لبنانياً لأخذ الغطاء ، وإما أن تذهب إلى الفصل السابع لتكون مُكتملة المشهد على المستوى السياسي ، وهنا سأكون واضحاً أكثر ، فإذا ذهبت المحكمة إلى الفصل السابع ، فهذا لا يعني أنه إنجاز للسلطة ، بل هو إعلان للعجز الكامل أنهم لم يُقنعوا إخوانهم اللبنانيين بالمحكمة الجنائية وسلّموا رقبتهم للأجنبي ، وبالتالي عندما تُقرُّ هناك ، هذا يعني أنهم فشلوا في طرحٍ جامع لمصلحة طرح مدوّل يُعطي المكاسب للآخرين من دون مصلحة للبنان ، وإذا ظنوا أنهم بذلك يربحون علينا أو على اللبنانيين فهم واهمون، فعندما تذهب إلى الفصل السابع فهذا يعني أنهم عاجزون ، وأننا كنا رابحية من اللحظة الاولى لأننا نريد محكمة جنائية ولا نريد محكمة سياسية ، أخذوها سياسياً نحو الفصل السابع ، لكنهم لم يصلوا بهذا الطريق إلى الحقيقة ، وهذا ليس نجاحاً لهم . لقد عوّدتنا قوى السلطة أن تستبدل كل شيء في لبنان بمجلس الامن حتى باتت المؤسسات الدستورية في لبنان لا معنى لها ، لأن رئاسة الجمهورية في مجلس الامن ومجلس الوزراء في مجلس الامن، ومشاريع القوانين في مجلس الامن ، وكل شيء في مجلس الامن ، لم يعدْ هناك لا قوانين ولا اعتبارات دستورية في لبنان ، إذاًَ كيف تتحدّثون عن حكم الشعب وعن حقّ الشعب وعن الديمقراطية وأنتم تأخذون كل شيء إلى الخارج ، نحن نُعلن بكل وضوح : لن نقبل بأن يذهب لبنان إلى المجهول ، سنصمد كمجاهدين ومقاومين ومعترضين على ما يحصل لنُحقق الانجاز الحقيقي في لبنان وهو عودة لبنان إلى أهله ، لا أن يكون تحت الوصاية الامريكية أو الفرنسية أو غير ذلك .