نصر المقاومة الاسلامية في لبنان كان هزة عنيفة في منطقة الشرق الاوسط ، لمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي أرادته أمريكا من بوابة لبنان ، وإذ بها تواجه بوابة سُدّت أمامها بنصر حزب الله واللبنانيين وفي آنٍ معاً فتحت مجالاً وفرصة أمام الآخرين في المنطقة ليقتدوا بهذا العمل التعبوي الذي أثّر وحقق إنجازاً واقعياً في حياة الناس .
من هنا نحن لا نعتبر أن المواجهة الحالية التي تقوم في لبنان هي مواجهة من أجل سيطرة فريق على فريق ، واتخاذ بعض العناصر في الحكومة في مقابل عناصر في الحكومة ، أو هي عبارة عن خلاف سياسي بين أفرقاء أو خلاف طائفي بين أفرقاء ، بل نحن نعتبر أن ما يحصل اليوم في لبنان هو محاولة التشفي الامريكي من نصر المقاومة على اسرائيل من أجل أن يضعوا حدًّا لهذه التعبئة المؤثرة في حياة الناس ، ومن أجل أن يكسروا هذا الحاجز الذي بدأ يُعيق مخططاتهم التي سلكوها والتي أرادوها من بوابة لبنان . من هنا نقول بكل جدارة أن المعركة في لبنان ِ، ليست معركة معارضة وطنية مع موالاة ، هي معركة معارضة وطنية مع كل الحشد الدولي الذي لا يريد للبنان أن يستقر ، ولا يريد للحق أن ينتصر في بلدنا وفي منطقتنا ، هذه المعركة ليس لها صورة توزير وصورة تآمر دولي من بوابة اسرائيل وبعناوين مختلفة من أجل القضاء على حقنا وعزتنا وحريتنا وكرامتنا ، لكن سأقول لكم بكل وضوح، نحن مستمرون في الميدان بكل قوة وجرأة وثقة بالله تعالى وبشعبنا وبإمكانات نصرنا ، ونعتقد أنه مهما تكالب علينا الآخرون ومهما صنعوا ، فإننا منصورون إن شاء الله تعالى ، هكذا آمنا وهكذا تربينا، ونحن نعلم أن الآخرين يدركون تماماً أننا لا نريد فتنة في لبنان ، بدليل أننا عندما اعترضنا اعترضنا سلمياً ، وعبّرنا بأفضل التعابير عن رفضنا للحكومة الظالمة الفاقدة للشرعية ، ولم تقمْ أي عملية مشاغبة على الرغم من الملايين التي نزلت إلى الشارع ، وإذا بهم ينزعجون أكثر فأكثر ، كانوا يتمنّون أن تخرب المعارضة المحلات وتعتدي على الاملاك الخاصة ، وترتكب الاخطاء ليقولوا بأنها غوغائية ، وليقولوا بأنها لا تستطيع أن تُقدم مشروعاً للناس ، ولكن عندما رأوا أنها انتصرت ضد اسرائيل بالسلاح وانتصرت ضد الفوضى والفساد والاستئثار ، بالموقف السلمي المدني ، هنا هالهم الموقف ، وبدأوا يتحدثون عن الفتنة ويثيرونها بطريقة متنقلة ، من أجل أن يجرّونا إليها ، ومن أجل أن يُبطلوا مشروعنا ومكانتنا ، هم يعرفون أننا نهرب من الفتنة ، ويعتبرون أنها نقطة ضعف بالنسبة إلينا ، لكن أقول لكم هروبنا من الفتنة نقطة قوة بالنسبة إلينا ، الذي يبحث عن الفتنة هو الضعيف الذي لا يملك قوة الاقناع ، ولا يملك مشروعية القرار ، ولا يملك شعبية كافية ويخاف على موقعه أن يسقط ، هذا الذي يبحث عن الفتنة ، لأنه عاجز وضعيف ، أما نحن فأقوياء ، لا نشعر أننا بحاجة لا إلى فتن ولا إلى فوضى ولا إلى تخريب ، بل نكتفي بالكلام والموقف والتظاهر والاعتراض ، ولهذا أكبر وأبلغ الاسباب في مواجهة استكبار الآخرين وفي مواجهة أعمالهم المشينة ، سنعمل على عدم الانجرار إلى الفتنة على قاعدة " كن في الفتنة كابن اللبون ، لا ظهر فيُركب ولا ضرعٌ فيُحلب " ، وسنواجه شعارات الفتنة بشعارات الوحدة وشعارات التعاون والصلاح ، وسنفضح مفتعلي الفتنة وسنكشفهم وسنكشف المروّجين والمختبئين ، سنخرجهم من أوكارهم وسنكشفهم للناس وقد انكشفوا يوم الخميس ويوم الثلاثاء بشكل واضح ، واضطروا إلى أن يُشيروا إلى أنفسهم قبل أن نُشير إليهم ، وأن يُهددوا قبل أن نقول للناس بأنهم يُهددون ، وأن ينزلوا ببنادقهم وأعمالهم الحربية واعتداءاتهم قبل أن يتحدث أحد عن اعتداءاتهم ، لأنه هالهم أن يروا هذا الاجتماع الكبير وهذه القوة للمعارضة الوطنية اللبنانية .
سأكون واضحاً ، نحن سنهرب من الفتنة ، لا هروب من يُدير خده لتنكسر الفتنة على رأسه ، بل سنصبر بحزم وسنكون حكماء ، وسنختار الطرق المناسبة التي تفضح فتنتهم وتُسقطها وتوقفها عند حدّها بالطرق المناسبة ، فللفتنة مواجهتها التي نعرفها تماماً ، ونُدرك كيف نتصرف معها ، فإذا ظنّوا أنهم يفتعلونها ونهرب من أمامهم ، نقول لهم سنهرب من الفتنة لا من أمامكم ، وهنالك فرق كبير ، في أن نفوِّت الفتنة عليكم أو أن نترككم تفعلون ما تريدون ، إذ أنه يبدوا أنكم بحاجة إلى إرشاد وتوجيه ، خاصة تلك الاغلبية التي تنجر وراء أمراء الحرب ، الذين اعتادوا أن يعيشوا على الدماء وعلى القتل وعلى التدمير والفوضى ، على كل حال سيماهم في وجوههم ، يعرفهم الناس من تاريخهم الذي لا يُشرف أحداً في لبنان ، ولكننا نأسف على الذي ينجرّون من أهلنا وأحبتنا ، ونقول لهم : إلتفتوا من الذي يخاطبكم ؟ ومن الذي يوجِّهكم ؟ ما هي الكلمات التي يقولها لكم ؟ أين أمريكا من كل هذا ؟ لماذا يحاول بوش أن يجعلنا هدفاً له ؟ ثم يأتي هؤلاء لينفّذوا التعليمات التي قالها لهم .
على كل حال ، ستكون الساحة للأكثرية التي لا تريد فتنة ، ولا تريد خراباً لهذا البلد ، وليعلموا أنه مهما طال الزمن ، لن يتمكنوا بكل الوسائل أن يحكموا لبنان وأن يتفرّدوا به ، لن ندعهم يخربوا بلدنا، هذا مركب واحد نركبه نحن وهم ، عليهم أن يقتنعوا أنهم لا يستطيعون تجديفه إلى حيث يريدون إذ يجب أن نكون معاً ، خاصة أننا نمثل الاغلبية الساحقة التي لا تريد للبنان أن يذهب بعيداً باتجاه الشرق الاوسط الجديد ، حرامٌ عليكم يا قوى السلطة أن تتحوّلوا إلى ميليشيا ، بعد أن عجزتم أن تستخدموا القوى الامنية وبعد أن عجزتم أن تُحدثوا الفتنة بين المواطنين ، حرامٌ عليكم أن تلجأوا إلى هذه الاساليب ، يبدأ إعمار البلد بالمشاركة والتعاون ، ونحن تعلمنا أن نكون أعزة ، سندفع ثمن عزتنا مهماكلّفتنا ، لكننا لن نقبل أن يكون لبنان منخفض الرأس ، ولا أداة بيد أمريكا واسرائيل ، لبنان لأبنائه حاضراً ومستقبلاً ، سنحفظه للأجيال .