في لبنان تتحرك المعارضة الوطنية اللبنانية وهي تمثل ثلثي الشعب اللبناني وتجمع المسيحيين والمسلمين على اختلاف مذاهبهم، وتجمع أحزاباً على امتداد الوطن، ويشترك فيها الناس من المناطق المختلفة، ومع ذلك يبقى المتسلطون على الحكم رافضين للاستجابة لصوت الشعب، يقفون موقف اللامبالاة ، نقول لهم لا مبالاتكم تأكد مجدداً أنكم متسلطون ، لأن على الحاكم أن ينظر إلى مطالب شعبه وأن يكون في خدمتهم، لا أن يكون أداة أجنبية يتصرف على ضوء مصالح الآخرين بدل أن يتصرف على ضوء مصالح بلده. من هنا موقف اللامبالاة من الحكومة اللاشرعية لن ينفعها بالاستمرار لأنها لن تستطيع حكم البلد، لتجرب ذلك كما حصل حتى الآن خلال ثلاثة وخمسين يوماً حيث لا تستطيع الحكومة أن تتقدم خطوة إلى الأمام ، ولا تستطيع أن تعطي أي التزامات خارجية ولا تستطيع أن تدير البلد كما تريد، هي تستطيع أن تعطل حياة الناس ، تستطيع أن تضرب وأن تعمل ببعض التعيينات كحالة استفزازية، تستطيع عقد جلسات للحكومة لتأخذ قرارات على الورق لا قابلية لها للتنفيذ في الواقع الميداني لأنها مخالفة للدستور، لكن لا تستطيع أن تحكم لبنان وثلثا لبنان من هذا الشعب الطيب الطاهر يرفض هذه الحكومة.
الحكومة اللاشرعية التي لا تبالي بشعبها ، والتي تعتمد على الدعم الدولي بدل التأييد الشعبي ، والتي تقوم بمخالفات دستورية متكررة كمحاولة لشرعنة أعمالها، هذه الحكومة ستكتشف أنها ارتكبت أخطاء كبيرة وأنها ستدفع ثمن هذه الأخطاء وأن الشعب سيحاسبها على ما فرّطت به من أمانة السلطة التي يفترض أن تكون في خدمة الناس لا في خدمة السلطان.
ونحن نعلم أننا لا نواجه حكومة في لبنان ، نحن نواجه أدوات حكومة فيلتمان في لبنان وفي ظلّ دعم دولي منقطع النظير، نحن نستخدم الأساليب السلمية لكن في المقابل هناك من ينتهك الدستور ولا يبالي بمصير الناس ومستقبلهم، ويبيع البلد للأجنبي كرمى منصبٍ أو مركز أو مقابل بعض الخدمات. من هنا يجب أن تعلموا أن المسألة صعبة ومعقدة لأننا لا نواجه حكومة شعبية أو لها شيء من التمثيل الشعبي نواجه حكومة دولية، ونواجه حكومة لا تسأل عن شعبها، وإلاَّ لكانت تظاهرة العاشر من كانون الأول الماضي الذي جاء إليها طوفان بشري وكانت أضخم وأكبر وأعظم تظاهرة في تاريخ لبنان ، كانت كفيلة بأن تسقط هذه الحكومة وأن توجد حلة للأزمة القائمة في لبنان، لكن عندما تتدخل الإدارة الأمريكية وتقول لهم : اثبتوا في الميدان وممنوع عليكم أن تتجاوبوا مع الطرف الآخر، عندها تبقى هذه الحكومة فترة أطول، يقولون أنهم حاضرون للمبادرات التي تحل المشكلة وعلى رأسها المبادرة العربية لعمر موسى، اسألوهم من الذي عطَّل مبادرة عمر موسى؟ هم الذين عطلوها.
جاءنا عمر موسى في المرة الأولى واتفقنا معه على اقتراحات ، وجاءنا في المرة الثانية وقد انقلب الفريق الحاكم المتسلط على كل الاقتراحات لأنهم لا يريدون حلاً نكون فيه شركاء، يريدون حلاً يجعلونا فيه نأتي إلى بيت الطاعة الأمريكي، ولن يحصلوا على مثل هذا الحل، نقول بالفم الملآن : لن نكون أدوات أمريكية مهما كانت المكائد، ولن نسمح لحكومة تعمل بإشراف وصاية أمريكية أن تكون حاكمة في البلد، قد لا نتمكن في القريب العاجل أن نصل إلى الشراكة أو إلى حلٍّ عملي في لبنان، لكن لن نمكِّنهم من أن يأخذوا لبنان إلى البر الأمريكي ، وبالتالي إلى الخدمة التي تصب في مصلحة الصهاينة فيما بعد لأننا نريد لوطننا أن يكون حراً وعزيزاً ولجميع أبنائه، ولا نقبل أن يأخذنا أحد، ويأخذ بالسياسة ما عجز عنه بالحرب أن يأخذه بالسلم ضد لبنان وضد أبناء لبنان.
المشكلة مع هذه الحكومة اللادستورية والمدارة دولياً مشكلة معقدة، وقد يأخذ الأمر بعض الوقت، لكن نحن نعلم مع أي شعب شريف نتعامل، نحن نتعامل مع شعب مضحي وصبور ، ونتعامل مع شعب يريد الكرامة قبل كل شيء، ونتعامل مع شعب لا يرضى أن يكون تحت الوصاية الأمريكية ومن معه، من هنا ندعوكم إلى أن تكونوا حاضرين في الميدان كما عودتمونا وكما كنتم من أجل اسقاط المشروع الوصاية الأمريكية، واسقاكط محاولة بيع لبنان للأجنبي، واسقاط مشروع حكومة أدوات أمريكا في لبنان، فهذا الأمر يتطلب بعض الصبر وبعض الجهد.
نحن نرى أن الإضراب ناجح لأنه يرفع صوتاً ويرسل رسالة إلى كل من يعنيهم الأمر في الداخل والخارج، لأن الشعب اللبناني لا يقبل بأداء الحكومة اللادستورية، إذا استمعوا لهذه الرسالة بشكل مبكر وفروا على لبنان الكثير من الصعوبات والعقبات وإذ لم يسمعوا فنحن مضطرون لتوجيه الرسائل المختلفة وبشكل متتالي كلما وجدنا الأمر مناسباً والخطوة ضرورة لنسمعهم أن لبنان إما أن يقوم على المشاركة مع كل الأفرقاء المعنيين وإما أن لا يحكمه فريق لوحده ، لن يحكمه فيلتمان وملحقاته، بل لا بدَّ أن يكون الشعب اللبناني هو الحاكم.