هناك فرق كبير بين أن نقنع الناس بمشروع المقاومة في المرحلة النظرية وبين أن نقنع الناس بالمقاومة وله تطبيقاته العملية، وأنا أُحيل أولئك الذين يعترضون على المقاومة إلى ما أنجزته وليقولوا لنا: ما الذي أنجزه أولئك البعيدون عن المقاومة لمصلحة لبنان أو المنطقة؟ على الأقل استطاعت المقاومة في لبنان أن تُخرج إسرائيل من قسم من جنوب لبنان في سنة 1985 واستطاعت هذه المقاومة أن تُخرج إسرائيل من نصف جنوب لبنان والبقاع الغربي وذلك في عام 2000 من خلال ضربات المقاومة وجهاد المقاومين والشهداء والأسرى والتضحيات الكبيرة التي قُدِّمت، ثم في سنة 2006 أرادت إسرائيل تغيير المعادلة في لبنان لتغييرها في المنطقة، فصمدت المقاومة وانتصرت انتصاراً عظيماً، وأسقطت هيبة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، فأصبحنا نسمع عناوين الهزيمة الإسرائيلية في السياسة وفي العسكر وفي المنطلقات في كل يوم إلى درجة أدَّت إلى أن تشعر المنطقة بأسرها أن لا حلَّ إلا بالمقاومة، وأن إسرائيل لا بدَّ زائلة إن شاء الله ولو بعد حين.
سمعنا كثيراً أن المواجهة مع إسرائيل تكون بالدبلوماسية، إسمحوا لي أن أقول لكم: هذه الدبلوماسية التي يتحدّثون عنها لا تواجه إسرائيل، ومن أراد أن يستفيد من الدبلوماسية في بعض العلاقات السياسية يستطيع أن يستفيد منها إذا كان إلى جانبه مقاومة، لكن من دون المقاومة لا قيمة للدبلوماسية ولا محلّ لها ولا فائدة منها، لذلك نحن نقول لهم: استفيدوا من وجود المقاومة، وتحرّكوا في الدبلوماسية لمصلحة استرداد الأرض واسترداد الحق. من الذي استردّ الأسرى؟ المقاومة هي التي استردّت الأسرى، وتحقّق أكبر إنجاز في تاريخ هذا الصراع، لأن هذه المرحلة من تحرير الأسرى كانت لها تداعياتها وأخطارها والتباساتها الكثيرة، وشنَّت إسرائيل حرباً كاملة من أجل عنوان الأسرى، فماذا كانت النتيجة، حقّقت المقاومة الإسلامية ما أعلنته في أول يوم بأن تحرّر الأسرى بشروط المقاومة، وهذا التحرير الذي حصل إنما حصل ببركات الصبر والصمود والتضحيات، إذاً تحرير الأسرى وجثامين الشهداء لم يكن ليتحقّق لولا المقاومة، وها نحن أمام عدة دول عربية لديها أسرى في السجون الإسرائيلية ولدها علاقات مع إسرائيل وهي لا تستطيع أن تخرجهم بالدبلوماسية.
إن مقاومة حزب الله هي مقاومة استراتيجية لها علاقة بإيجاد منظمة تقوّي لبنان وتتقوّى مقاومات المنطقة من خلال هذا النموذج، لتُشكِّل هذه المنظومة المقاومة قدرة حقيقية لدكّ المشروع الإسرائيلي تمهيداً لإسقاطه لأن المقاومة هي الخيار الوحيد.
نحن منفتحون على مناقشة دور المقاومة، وأعلنا مراراً وتكراراً بأننا مع المناقشة حول الاستراتيجية الدفاعية، هذه الإستراتيجية تُناقش دور الدولة ودور المقاومة ودور القوى المسلّحة في الدولة، وطبيعة العلاقة بين هذه القوى على قاعدة أن يكون الهدف هو المحافظة على السيادة والاستقلال والحرية وعدم وجود أرض محتلة، إذاً كيف تُوزَّع الأدوار؟ وكيف تكون هذه القوى متكاملة مع بعضها البعض؟ نحن لا نخشى مثل هذا النقاش وهذا الحوار لأنه سيضع ـ من وجهة نظرنا ـ الآخرين أمام مسؤولياتهم في الإجابة على السؤال الكبير: كيف تحرِّرون أرضكم؟ وكيف تمنعون إسرائيل من تشكيل الخطر الدائم عليكم؟ فإذا كانت تشكِّل خطراً دائماً كيف تعدُّون العدة لمواجهة هذا الخطر؟ نحن سنكون سعداء عندما تُضاف القوى والإمكانات لمصلحة مشروع المقاومة، لأنه لن يكون السؤال: كيف نتخلى عن المقاومة، بل سيكون السؤال: كيف نحافظ على استقلالنا وبلدنا، وهذا أمر مشروع في النقاش بين الأطياف المختلفة التي تكون موجودة في ساحة واحدة.