ومما جاء فيها:
اليوم في لبنان نحن ننعم ببركة نجاحات الشهداء وعطاءاتهم، ولا أخفي أن حزب الله تحوَّل إلى قوة مميزة عسكرياً وأخلاقياً وسياسياً واجتماعياً وبشرياً، وهذا ببركة الخط الذي اختاره، وليس تهمة أن يقول عنَّا البعض بأننا أقوياء، بل التهمة أن لا يسعى هذا البعض إلى أن يكون قوياً في طاعة الله تعالى.
وجدوا أن هذا الحزب مع حلفائه ومحبيه تحول إلى عقبة أمام المشروع الاستكباري الأمريكي وأمام المشروع الإسرائيلي فبدأوا بالقرارات، فقراراتهم تدمير حزب الله، إبادة حزب الله، سحق حزب الله، هم يستخدمون هذه المفردات، هم يعتقدون أن القوة التي يملكونها تستطيع أن تنجز لهم هذه المعادلة، ولكن لا يعلمون أن قوة الإيمان الذي نملكه يسحق مشاريعهم ويبقينا أقوياء بإذن الله تعالى، وتتحطم كل المشاريع التي يقومون بها في مواجهتنا.
فشلوا عندما تم إغتيال الرئيس الحريري، واستغل من استغل هذا الاغتيال لتغيير المعادلة في لبنان، وفشلوا في عدوان تموز فخرجت إسرائيل خائبة وخرجنا منتصرين بحمد الله تعالى، وفشلوا في الفتن الداخلية ونجحنا في تركيز دعائم الوحدة الوطنية.
اليوم يعتقدون أن المحكمة ذات الطابع الدولي هي عصا غليظة يستطيعون من خلالها أن يلغوا حزب الله، وأن يؤثروا على مساره وعلى وجوده وعلى حضوره، هم واهمون لأنه صمد أمام عدوان تموز سنة 2006، ستكون المحكمة بالنسبة إليه (كالعقصة الصغير) مقابل جبل ... الكبير الذي كان في عدوان تموز سنة 2006.
صحيح أننا نتكلم كثيراً ونصرخ ونحذر وننبه، لأننا لا نريد أن نتورط أولئك الذين يعتقدون أنهم ينالون منَّا عن طريق المحكمة أنهم فائزون، نحن نريد أن نقول لهم: لا تخطؤا لأن الأمر سينقلب عليكم وليس علينا، لا تتهموننا زوراً وعدواناً، لأنكم ستكشفون وتسقطون أمام جماعتكم قبل أن تسقطوا أمامنا، لا تكونوا أدوات للأمريكيين أو للإسرائيليين لأن هؤلاء لا يهتمون بأدواتهم عندما يحققون مشاريعهم فكيف إذا خسروا وفشلوا ستكونون الثمن الذي يُدفع على مذبح خسارتهم التي سيجنونها في لبنان، نحن نحذرهم لمصلحة لبنان.
أقول أكثر، بعد التسريبات الإعلامية والخاصة التي قاربت الإعلان عن مضمون القرار الظني للمحكمة، ماذا يوجد بعد حتى يعلنوا القرار الظني؟ كل شيء أُعلن تقريباً، وتبيَّن مع هذا الإعلان النتائج التي حصلت على الأرض، تبيَّن أن نتائج إعلان القرار الظني بالمسرحية الأولى مسرحية التسريب قد فشلت فشلاً ذريعاً ولم تحقق أي من أهدافها.
سأذكر ثلاثة أمور بيَّنت فشل القرار الظني قبل صدوره، وهو قرار اتهامي مزور:
أولاً: توقعوا إرباك وإضعاف حزب الله وحلفائه، فخرج الحزب أقوى، كاشفاً خلفية المحكمة وأهدافها الأمريكية الإسرائيلية التي اعتمدت على شهود الزور، ولا زالت تعتمد إلى الآن على مصنعي شهود الزور الذي يُصنِّعون التقارير والذين يعطون للمحكمة المعطيات التي تساعد في توجيه المحكمة اتجاهاً جائراً، لكن المحكمة اليوم أصبحت مكشوفة، بعد القرائن التي قُدمت عن إدانة إسرائيل، وبعد كشف شبكة الاتصالات، وبعد الدلائل القانونية التي قدِّمت، وبعد اكتشافات التجسس الإسرائيلي في المواقع المختلفة، لم يعد للمحكمة معناً ولم يعد لها أي أثر.
ثانياً: توقعوا توريط حزب الله بالفتنة الداخلية، ولكنهم فوجئوا أن حزب الله سدٌ منيعٌ في مواجهة الفتنة المذهبية وفي مواجهة الفتنة الطائفية، وسنبقى كذلك، وهذا ما يفسر توتر البعض من صُنَّاع الفتن لأنهم لم يجدوا استجابة منَّا ولم يجدوا تقدماً في موضوع الفتن إذ أننا ضدها، وبالتالي مع كل صراخاتهم لإشعال الفتن أقول لكم: لن تكون هذه الفتن قابلة للنهوض إن شاء الله تعالى، لأننا مصممون أن نعمل لمصلحة لبنان، وأن لا نكون في إطار هذه الحرتقات، سنكون دعماً للوحدة الوطنية وللتعاون، ولن نقبل أن يكون هناك معادلة التقسيم أو الفدرلة أو الكنتونات أو الجمهوريات المذهبية فهذا مرفوض من قبلنا، نحن ندعو إلى لبنان الواحد الموحد، الذي يبنى على الثلاثي المقدس: الشعب والجيش والمقاومة لمواجهة التحديات، ولن نقبل أبداً أن يكون هناك أي جماعة طائفية تأخذ لبنان إلى حيث تريد، نحن معنيون في لبنان وكل اللبنانيين معنيين بلبنان، ولا يمكن أن تستأثر به فئة مهما كانت قوتها ومهما كان صراخها عالياً.
ثالثاً: توقعوا انصراف المقاومة عن مسارها، بإلهائها بالشؤون الداخلية، ولكن أصبح واضحاً للجميع أن المقاومة مستمرة في تجهيزها، واستعداداتها، وفي قوتها، وهي حاضرة في الميدان، ولن تنشغل في هذا الواقع الداخلي إطلاقاً، وهي ستستمر إن شاء الله تعالى عزيزة كريمة، وهي جاهزة لأي تصدٍ من إسرائيل أو غير إسرائيل على قاعدة أن لبنان قوياً بجيشه وشعبه ومقاومته، وممنوع أن يعود لبنان ضعيفاً إلى ما كان سابقاً، فقد انتهينا من مرحلة أن قوة لبنان في ضعفه، اليوم قوة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته وسيبقى قوياً، وسنحمي هذه القوة برموش العيون، ومن أراد أن يتصدى فليتصدى إن استطاع لهذه الوحدة العظيمة التي نريدها للبنان.
لدينا سؤال: ما هذه المحكمة التي لا ترى إسرائيل وهي تحيط بها من كل جانب؟ إسرائيل التي لم تغادر الأجواء اللبنانية لحظة واحدة، وإسرائيل التي تصوِّر كل شيء، وتكتب التقارير وتحللها، وإسرائيل التي تجسست على البيوت والحالات الشخصية باستعمال شبكة الاتصالات، وإسرائيل التي زرعت عملاء ضبطت الأجهزة الأمنية والمقاومة منهم 150 عميلاً من العملاء الأساسيين فضلاً عن ما زال في السر، وإسرائيل التي تزرع أجهزة التجسس في صنين والباروك وأماكن مختلفة من لبنان، ألا يستحق هذا أن تستدعي المحكمة الخاصة إسرائيل من أجل أن تحقق معها فيما صنعته وفيما ارتكبته وفيما أثرت فيه؟ هذا دليل إضافي أن المحكمة إسرائيلية، وأنها لا تبتغِ الحقيقة، إذاً لماذا لا تحققون مع إسرائيل؟ ولماذا تأخذون كل هذه المعطيات التي تدل على إسرائيل؟ فلتأتي إسرائيل ولتثبت أنها غير مدانة، لكن للمحكمة شأنٌ آخر، المحكمة مخصصة لضرب حزب الله ولكن لن تكون قادرة على ذلك بإذن الله تعالى.