شهود الزور ومفبركوهم خرَّبوا البلد سياسياً واقتصادياً وباعدوا بين الناس، وهيأوا بيئة الفتنة وسهَّلوا عدوان إسرائيل في تموز 2006، وضللوا التحقيق وحاولوا طمس الحقيقة، وأوجدوا سوءاً في العلاقة بين لبنان وسوريا، وظلموا أشخاصاً هم الضباط الأربعة، ووتَّروا الواقع الميداني في البلد، كل ذلك من تضليلهم للتحقيق في اغتيال الرئيس الحريري. شهود الزور ومفبركوهم خدموا إسرائيل أكثر مما تتوقع هي نفسها، هؤلاء بجدارة أعداء لبنان الحقيقيون ولو تلبَّسوا بهويات لبنانية أو عربية، شهود الزور ليست مجرد نكتة أو كذبة أو عمل أساء لشخص أو شخصين، هؤلاء قد أساؤوا لكل البلد، ولا يكفي أن نعرفهم وأن نعترف بأنهم كانوا كذلك، بل يجب أن نحاسبهم على جرائمهم التي ارتكبوها خلال خمس سنوات في لبنان وأضلُّوا هذا الواقع الذي نعيش فيه. لن ينفع التأخير والتسويف في فتح ملف شهود الزور، يجب أن يُفتح لأنه البوابة الصالحة الوحيدة لمعرفة المجرمين المختبئين في الغرفة السوداء، وهو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة، وإذا كان البعض يراهن أن التأخير في مسألة شهود الزور يمرِّر اتهامات الزور فهو واهم، لأن لا مكانة لأي اتهام لا يستند أولاً على نتائج التحقيق مع شهود الزور ومفبركيهم. الآن أصبحت مسؤولية مجلس الوزراء، وخلال الاسبوع القادم سيحسم أمره، نتمنى أن يتم الاسراع في التحقيق وفي الآليات الفعالة التي توصلنا بأسرع وقت إلى النتائج خاصة أن الإشارات التي تدل على شهود الزور وعلى مصنِّعيهم ليست خافية على أحد، كل ما في الأمر أن لا أحد يتكلم عن الأسماء، لكن الأسماء معروفة والأشخاص معروفون، والمختبئون في الغرفة السوداء أيضاً معروفون، لكن لا نريد أن نلجأ إلى المعلومات العامة، بل نريد أن يسلك التحقيق المسار الذي يكشفهم حقيقة.
قُدمت قرائن لاتهام إسرائيل، ولم تكن القرائن سياسية وإنما كانت جرمية، يعني تؤدي إلى وضع إسرائيل في دائرة الاتهام، لماذا لم تلجأ المحكمة الخاصة للاستفادة من هذه القرائن، ليبدأوا العمل بهذه القرائن، وليقولوا بعد ذلك أن هذه القرائن فيها عيوب أو أخطاء أو فيها حسنات، لكن من مستلزمات البداية اتهام إسرائيل والتحقيق معها، استقدام عناصر أو قيادات من الحكومة الاسرائيلية أو من الموساد الإسرائيلي، طبعاً هم لا يتجرأون، لأن المطلوب أن تبقى إسرائيل خارج الدائرة.
وما يحزُّ في القلب أن هناك في لبنان من اخترع لنا محكمة سياسية، واتهم سياسياً لخمس سنوات تحت عنوان أن هذا نموذج من نماذج الاتهام، ولكن هؤلاء لم يُدرجوا إسرائيل في الاتهام السياسي ولا لحظة واحدة، أدعو اليوم جماعة 14 آذار أن يضيفوا للاتهام السياسي اتهام إسرائيل إذا كانت القرائن لا تكفيهم، ليُثبتوا على الأقل أننا في لبنان جميعاً أعداء لإسرائيل، خاصة أن الاتهام السياسي قليل المؤونة ويحتاج إلى منبر وتصريح، إذاً اتهام إسرائيل على الأقل يعطي إشارة إيجابية أنهم يردون الوصول إلى الحقيقة.
أعتقد أن أكثر الناس لم يلتفتوا إلى حدث هام يرتبط بالأخلاق الإسرائيلية مع الإسرائيليين أنفسهم، لقد عرفنا أن إسرائيل مجرمة ومعتدية وظالمة بحق الآخرين، لكن الجديد اليوم أنهم حتى مع بعضهم لا أخلاق لهم، لقد بدأت إحدى الصحف الإسرائيلية تنشر مذكرات المسؤولين الإسرائيليين في سنة 1973، في حرب تشرين السورية المصرية على إسرائيل، في هذه الحرب كان رئيس الوزراء الإسرائيلي موشي ديان ورئيس الأركان الإسرائيلي قد اتفقوا على أن المعركة صعبة، وأنه يوجد جرحى في داخل الخط وكذلك جنود إسرائيليين، وأصدروا أمراً بتركهم ليرتبوا أنفسهم، فهم أحراراً أن يتابعوا القتال أو أن يستسلموا، ولم يبذلوا جهداً للدفاع عنهم، وقرروا تركهم في أرض المعركة لمصيرهم، أية أخلاقية هذه ! أكثر من ذلك فأحد الحاخامات أصدر فتوى إسرائيلية تقول أن من حق النساء الإسرائيليات أن يرتكبن المحرمات في الزنا بالعلاقة مع الآخرين من أجل التجسس لمصلحة إسرائيل، هم بلا شرف، المجتمع الإسرائيلي خرب من الداخل. الحمد لله فهذا محفِّز لنرى عظمة الإسلام.
أخيراً قرر مسؤولون في الغرب أن ينشروا الرسوم الكاريكاتورية بحق الرسول (ص) تحت عنوان حق التعبير، هؤلاء يعلمون تماماً أن هذا العمل سيستفز مليار ونصف مليار مسلم في العالم، ويعلمون أنه اعتداء على مقدسات المسلمين، وهذه الدول الأوروبية وأمريكا يحاكمون من يتحدث كلمة واحدة عن المحرقة الإسرائيلية التي تطال بآثارها حوالى عشرة ملايين يهودي في كل العالم، بينما إهانة مقدسات حقيقية موجودة لها تاريخها وقدسيتها فهذا ضمن حق التعبير. هم يفعلون ذلك لسببين: الأول أنهم يريدون إسقاط المقدس بتوجيه الإهانات إليه، والثاني أنهم ضعفاء، لم يتمكنوا من مواجهة الإسلام بالحجة والدليل فاستخدموا بشاعة أعمالهم وسلطتهم من أجل أن يقهروا المسلمين حيث لم يتكنوا من إعطاء الدليل والحجة، هم يعتقدون أنهم بذلك ينتصرون علينا، لكن لا فإن شاء الله الإسلام سينتصر.