ليكن واضحاً أن شهود الزور ومصنعوهم ومفبركوهم مفسدون في الأرض، أنهكوا البلاد والعباد ويجب محاسبتهم، وهم جزء من منظومة خطرة تعمل لإسقاط لبنان في اليد الأجنبية، الأمريكية والإسرائيلية، وهم جزء متآمر على شركاء الوطن وعلى الأهل والأحبة، وبالتالي هؤلاء الذين أدلوا بإفادات كاذبة مضللة هم الذين كانوا بوابة النفق المظلم للمحكمة الخاصة بلبنان، ونحن لا يمكن أن نقبل أن يمرَّ هذا التضليل من دون حساب وعقاب، فهذا تضليل أدى إلى خمس سنوات عجاف عشناها في لبنان بسبب الغرفة السوداء التي صنَّعت شهود الزور، والتي كانت تدَّعي أنها كانت تعمل لمصلحة لبنان ولكشف الحقيقة، فتبيَّن أنها متآمرة متواطئة لا تعمل إلا على قاعدة الفساد، شيطانية في أفكارها، ومتآمرة في أعمالها، وخطرة في نتائجها، هؤلاء يجب أن يُعاقبوا حتى يفهم الناس أن من يخوض في هذا الاتجاه له حساب ولو بعد حين.
نحن ندعو للإسراع في فتح ملف شهود الزور، وعدم التهاون وعدم التأخير، لقد انتظرنا حتى تسير الأمور بطريقة قانونية، الآن القانون يقول بأن لبنان معني ومسؤول بفتح شهود الزور، لأن المحكمة الخاصة بلبان غير ذات اختصاص، لنفتح هذا الملف، فالتأخير سيُنتج تداعيات وأخطار لم يعد لبنان قادراً على تحملها. لا يوجد فصل بين شهادات الزور من جهة والافتراء الاتهامي من المحكمة الخاصة وكل متعلقات المحكمة من جهة أخرى، فإذا كان البعض يراهن على أن التباطؤ في فتح ملف شهود الزور يسرِّع صدور القرار الاتهامي في الاتجاه الذي يريده الأعداء فهم واهمون، لأنهم بذلك يُضيفون تضليلاً إلى تضليل ولن يكون هناك حل لهذا المسار، بل ستتعقد الأمور أكثر فأكثر، ومن أراد الحقيقة عليه أن يفتح هذا الملف، وينتظر حتى ينتهي هذا الملف ويتبيَّن الخيط الأبيض من الأسود، ثم بعد ذلك ينتقل إلى المرحلة الثانية، أما أن نسابق الزمن وكأن هناك فرصة لا بد من اقتناصها، أقول لكم أن الاتهام الجائر هو اقتناص لمشكلة وتعقيدات تُحيط بلبنان وتترك آثارها في كل حدبٍ وصوب.
ملف شهود الزور بالنسبة إلينا ليس ملفاً سياسياً، بل هو ملف قضائي جنائي، يعني أننا لا نرفع محاسبة شهود الزور مقابل ملفات أخرى، نحن نرفع شعار محاكمة شهود الزور ومن صنَّعهم من أجل أن نصل إلى الحقيقة، هذا ملف قضائي جنائي نريده للتجريم والمحاسبة وكشف الحقيقة، ولا نريده لمجرد المقايضة أو لمجرد الشعارات السياسية.
في موضوع اتهام إسرائيل، استغربت كثيراً أنه قد مرَّ علينا في لبنان خمس سنوات منذ اغتيال الرئيس الحريري، لم نسمع مرة واحدة عن اتهام إسرائيلي، ولو في بعض البيانات وبعض الخطب، التي يُلقيها الفريق المهتم بالحقيقة كما يقول. يُقال لنا أنه لا بد أن نرجع للقضاء الدولي ليُقرر، في لبنان توجد محكمتان، محكمة جنائية وأخرى سياسية، المحكمة السياسية تتهم من دون دليل وتصنع الفتن وتُطلق العيارات السياسية من الوزن الثقيل، ولا تسأل لا عن دليل ولا عن معطيات ولا عن قرائن، يكفي أن يصعد أحدهم إلى المنبر ويتهم بالجملة، ثم يقول بعد ذلك أن هذا اتهام سياسي، ألا يوجد مترتبات لهذا الاتهام السياسي، لقد خرب البلد جراء هذا الاتهام السياسي، تغيَّرت المعادلة في العلاقة مع سوريا بسبب الاتهام السياسي، انقسم اللبنانيون انقساماً حاداً بسبب الاتهام السياسي، ثم بعد ذلك يتبيَّن أن الاتهام السياسي كان خطأً، هذا ليس خطأً بين شخص وشخص، هذا خطأ طاول 4 ملايين لبناني، وطاول العلاقات بين لبنان وسوريا، طاول التآمر الدولي الذي تدخل في لبنان باليد الأمريكية، طاول الحرب الإسرائيلية على لبنان مستغلة هذا الظرف، أوجد وضعاً متوتراً وعدم استقرار أمني وسياسي، هذا كله في المحكمة السياسية والاتهام السياسي، إذن لماذا لا تتهمون إسرائيل سياسياً؟ قولوا أنكم تتهمون إسرائيل سياسياً لأن لها مصلحة في أن تغتال الرئيس الحريري وتدمر لبنان. سماحة الأمين العام قدم قرائن مقنعة تساعد على فتح الطريق للأدلة، على الأقل إصرخوا أمام الأمم المتحدة وأمام العالم لتأخذ المحكمة الخاصة بهذه القرائن، وتبدأ بتهمة يمكن أن توصل إلى نتيجة أو لا توصل، لكن اتهموا فقط بالحد الأدنى. يبدو أن أصوات الحقيقة لا يمكن أن تقترب من اتهام إسرائيل، لأنه ممنوع عليها أمريكياً أن تتهم إسرائيل، وإلا فما المبرر الآخر، لا يريد بلمار اتهام إسرائيل، إذاً اتهموا أنتم سياسياً إسرائيل، ودعوا المحكمة الخاصة لا تأخذ الإجراءات المناسبة، ففي النهاية ستنكشف أمام العالم لأن هناك قرائي وأدلة، على كل حال القرار الاتهام الذي لا يلحظ نتائج التحقيق مع شهود الزور ومصنِّعيهم ولا يلحظ اتهام إسرائيل باطل وبعيد عن الحقيقة مهما طبَّلوا له، لأن هناك طريقاً موضوعياً يجب أن نسلكه.
إسرائيل اليوم تقوم بمناورة تضحك بها على العرب، وهي تقف بقوة أمام رفض إيقاف الاستيطان، والعرب والعجم والدنيا بأسرها تضغط على نتنياهو حتى يمدد التجميد لمدة شهرين، ومقابل التمديد الذي لا معنى له يأخذون من العرب كل فلسطين، ويأخذون من المفاوض الفلسطيني كل الحقوق الفلسطينية من أجل تمديد التجميد، الموضوع لا يتعلق لا بتجميد التوطين في شهرين، ولا بهذه التفاصيل التي يتحدثون عنها.
أريد أن أذكر بالفتوى الشجاعة والجريئة والعظيمة للإمام الخامنئي (حفظه الله ورعاه) الذي حرَّم النيل من رموز إخواننا السنة، ليقول للملأ أن من يفتعل معركة مذهبية تحن عنوان الخلاف العقائدي أو الفقهي هو إنسان لا ينسجم لا مع السنة ولا مع الشيعة، وأن أي خلاف موجود اليوم في أي بلد عربي أو أي منطقة هو خلاف سياسي ولا علاقة للسنة أو للشيعة به، الخلاف بين أن نكون أحراراً في بلدنا أو أن نكون أتباعاً لأمريكا وإسرائيل، الخلاف بين أن نكون من الذين يصنعون مستقبلهم ولا يعتمدون إلا على الله تعالى وبين من يستجدون من الدول الكبرى فتأخذ حصصنا وحصص أطفالنا. هذه الفتوى تُعيد التوازن إلى ساحتنا وتكشف أولئك الذين يمذهبون الخلافات أو يثيرون النعرات المذهبية سواء عبر الفضائيات أو بعض النقاشات والحوارات والمواقف السياسية. نحن كمسلمين سنة وشيعة يداً واحدة، فيداً واحدة انتصرنا على إسرائيل في لبنان، ويداً واحدة انتصرنا على إسرائيل في فلسطين، ويداً واحدة إن شاء الله سنحرر القدس إن شاء الله تعالى.