اليوم لا نتكلم عن مشروع مقاومة بل نتكلم عن إنجاز مقاومة، إنجاز المقاومة عمل كبير جداً يضيء المنطقة والعالم، لأنه لأول مرة تحصل أن ينتصر المجاهدون على إسرائيل بهذه الكيفية في عدوان تموز 2006، بينما كان سجل المنطقة سجل هزائم وسجل إسرائيل سجل سيطرة واحتلال. المقاومة إنجاز لنا في لبنان وإنجاز للمنطقة ولكل من أحب المقاومة، صورتها اليوم صورة مشرقة، فكل من يهاجم المقاومة ويحاول أن يسيء إليها يسقط من دون أن نتكلم معه، وكل من يؤيد المقاومة ويدافع عنها يرتفع بها، لأنها تشرِّف كل حرٍّ في العالم، ولذا هي وسام على صدر من يؤمن بها ويدافع عنها، وهي خزي لمن يواجهها ويعترض عليها، لأنها مقاومة المحتل والعدوان ولا يوجد صاحب عقل أو ضمير إلا ويقف مع هذه المقاومة الشريفة. هذه المقاومة هي الصورة التي قدمناها، مقابل صور القتل على الهوية وصور العمالة لإسرائيل وأمريكا والغرب، وصور الانحراف والفساد وسرقة أموال الدولة والعمل من أجل المحسوبيات، وصور التسعير الطائفي المذهبي البعيد عن أبسط قواعد المواطنة، قارنوا بين صورة المقاومة وهذه الصور المؤذية، وبالتأكيد سترَون الفارق الكبير. هذه المقاومة المشرقة فضحت المفسدين والخونة والمستسلمين، ولذا هجموا عليها يريدون مواجهتها، ووجد العالم المستكبر وعلى رأسه أمريكا أن هذه المقاومة مسار عز واستقلال وسيادة وحرية، وهذا يكشف إسرائيل ومن وراء إسرائيل لذا بدأوا باستهداف المقاومة، بكل وضوح: المقاومة مستهدفة لأنها تريد الحرية والسيادة والاستقلال والكرامة، وهي مستهدفة من دول كبرى في العالم ومن إسرائيل ومن أناس يعتقدون أن مصلحتهم تكون مع العدو، وإذا تحدثنا عن الخمس سنوات الأخيرة نرى أن استهدافات كبيرة واجهت المقاومة: استهداف القرار 1559، استهداف الاغتيالات المختلفة التي أرادت أن توجه الأنظار إلى المقاومة، استهداف العمل الدؤوب للعملاء الذين يسيئون في ساحتنا، استهداف العدوان الاسرائيلي الذي حصل في عام 2006، واليوم استهداف الاتهام الجائر والمفتري ضد عناصر من حزب الله من بوابة المحكمة الخاصة، كل هذه الاستهدافات ضد المقاومة لأنهم يريدون إسقاطها، ولكن لن يتمكنوا من إسقاطها لأنها دعِّمت بدماء الشهداء، هذه المقاومة بيرق حق وسنفديها بدمائنا حتى آخر قطرة، وإن شاء الله ستبقى شامخة عالية. بكل صراحة عندما يُستهدف حزب الله كمقاومة فهذا يعني أن لبنان مستهدف، هذا يعني أن المنطقة مستهدفة، من الخطأ أن يكون البعض بعيدين عن عطاءات المقاومة وعن الدفاع عن المقاومة، لأن استهداف حزب الله يعني أن مستقبل البلد مستهدف، أقل الوفاء من شركائنا في الوطن لمصلحتهم ولمصلحة أطفالهم ولمصلحة سيادة هذا البلد. هذه المقاومة ستستمر وأطمئنكم أنها في أفضل حال، هي قوية مرفوعة الرأس وهي ثابتة صامدة، لا تؤثر فيها خزعبلات البعض ولا تلك التصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي عنتريات خارج ساحة المواجهة.
أما مطالبتنا الدائمة بكشف الحقيقة فقد تركزت على أمرين: الأول كشف شهود الزور ومفبركيهم والأمر الثاني اتهام إسرائيل من خلال القرائن. أما شهود الزور فبكل وضوح: التحقيق مع شهود الزور لكشف مفبركيهم هو البوابة الوحيدة لكشف الحقيقة وكشف الأضاليل التي صنعها هؤلاء لتضليل البلد والإساءة إليه، فطالما أن الجميع يعتبرونهم مفسدين وقد تضرروا منهم، فلماذا لا يبدأ التحقيق مع شهود الزور؟ ولماذا لا يُفتح هذا الملف بأسرع وقت ممكن؟ ولماذا لا نبدأ الخطوات العملية في هذا الاتجاه؟ الواضح أن اتهام الحزب أو عناصر منه في إطار المحكمة هو خطوة من خطوات مواجهة المقاومة، نحن لا نريد التحقيق مع شهود الزور من أجل التشفي أو الانتقام، نحن لا نريد من التحقيق مع شهود الزور أن نخدم مشاريع الآخرين، فليس في قاموسنا مجال لخدمة مشاريع الآخرين على حساب بلدنا، نحن لا نريد أن نتقوى من بوابة شهود الزور على شركائنا في الوطن، فكل ما نريده من هذا التحقيق أن نصوِّب الاتهام نحو المجرمين والقتلة الحقيقيين لنكشفهم ونكشف من وراءهم، لنفهم كيف تجري هذه المؤامرة، وليحاسب المرتكبون من أجل أن لا نكون في إطارٍ ضبابي، أو أن نكيل الاتهام لبعضنا البعض. وفي الاتهام لإسرائيل، ألا تلاحظون معي أن القرائن التي قدمها سماحة الأمين العام وقد مرَّ عليها ما يقارب الشهر لم تحرك ساكناً حتى الآن على مستوى المحاكمة وعلى مستوى بعض الخطوات العملية، لماذا؟ لأن الاتهام يطال إسرائيل، حتى الاتهام لا يريدونه لإسرائيل، وإذا لاحظتم كيفية الإدارة الدولية لوجود إسرائيل واغتصاب إسرائيل سترون أن إسرائيل محاطة بمجموعة من الحمايات التي تمنع أن يمسَّها أحد حتى في لحظات الجرائم الموصوفة، فإسرائيل لا تحاسب بما قامت به في موضوع اسطول الحرية رغم أن لجنة حقوق الانسان أثبتت بأن إسرائيل قد تصرفت بطريقة إجرامية، إسرائيل لم تُطلب إلى العدالة الدولية رغم وجود الأدلة الدامغة أنها من قتل "المبحوح" في الخليج، ومع ذلك مرفوض أن تُستدعى إسرائيل وتُحاسب على جريمة ارتكبتها، هي لا تُحاسب على عملائها المنتشرين في لبنان وقد اعتقلت السلطات المختصة خلال هاتين السنتين حوالى 150 عميل من العملاء الذين ثبتت عمالتهم عدا عن العملاء المستورين حتى الآن، مع ذلك هذا الأمر يمر على المستوى الدولي من دون أي حساب، إسرائيل تخرق القرار 1701 كل يوم بمعدل وسطي عشرة مرات ولا ترى أن هناك أي مؤاخذة لإسرائيل، إذاً كيف يمكن أن نتأمل بأن تُحاسب إسرائيل، هم لا يريدون محاسبتها أو مواجهتها، هم يريدونها فزاعة لنا في المنطقة ولتوجيه الواقع السياسي لخدمة المستكبرين. بكل وضوح نحن نتهم إسرائيل باغتيال الرئيس الحريري وارتكاب جرائم في لبنان، وعلى المعنيين أن يُناقشوا هذه التهمة، وأن يبحثوا عن القرائن والمعلومات وأن يُثبتوا بالأدلة الحقيقة التي يمكن الوصول إليها، لا يجوز أن يبقى هذا الاتهام بعيداً عن التداول وعن القيام بإجراءات عملية.
في داخل لبنان للأسف تكون الأمور هادئة وفجأة نسمع صراخاً من كل حدبٍ وصوب، هناك قضية صغيرة اختلفنا عليها، فتبدأ المواقف التي تصل لدرجة التحرير والانقلاب والتغييرات في لبنان، وبعد اسبوع تهدأ الساحة فيبحثون عن قضية أخرى تُشعل الساحة مجدداً. إذا كنا كلبنانيين غير مختلفين أن العدو الاسرائيلي هو عدو للجميع، إذاً لماذا نجعل من الخلافات الثانوية خلافات أساسية ونبدأ بالتراشق الإعلامي السياسي الحاد الذي لا يوصل إلى نتيجة، في نهاية المطاف نحن موجودون في حكومة وحدة وطنية وعلينا أن ننجِّح عملها، ولا يمكنها أن تنجح إذا لم يكن هناك الحد الأدنى من اللياقة في التعاطي مع بعضنا، ومن الاختلاف المنهجي المنهجي الذي يقدم الأدلة من دون السفاسف والمذهبة وإثارة المشاعر التي تحرض الشارع. تعالوا لنكشف معاً الذين يتآمرون على لبنان، تعالوا نعمل معاً بعيداً عن الاستعراضات السياسية، تعالوا نكشف الحقيقة لتُشير إلى أي مذنب بيننا أو من خارجنا من دون أن يكون لدينا أحكام مسبقة، تعالوا نتصرف بواقعية في اتهام إسرائيل. ليس من مصلحة أحد أن يكون مع شهود الزور أو أن يكون عميلاً لإسرائيل، وليس من مصلحة أحد أن لا يرى اختراق إسرائيل لأجوائنا. يجب أن نكون أقوياء لنتمكن من حماية بلدنا.
نحن نؤيد موقف رئيس الجمهورية في الأمم المتحدة عندما فصَّل بين الإرهاب والمقاومة، وأعلن أمام الملأ أن حق لبنان بأن يحرر أرضه بكل الوسائل المتاحة، وهذا يعني أن المقاومة هي وسيلة متاحة لمواجهة العدو الاسرائيلي، لن نخضع للابتزاز السياسي، ولن ننجر إلى المهاترات الجانبية، نحن نرد أحياناً على بعض التصريحات ولكن الأغلب الأعم لا نرد عليه لأننا نعتبرها صراخاً في الفراغ، نحن نرد بالمقدار الذي نخاطب فيه العقل. لاحظوا كيف أننا لخمس سنوات وقفنا ندافع عن قضايا تبيَّن في نهاية المطاف أننا محقون، ووقف غيرنا يدافع عن قضاياه فتبيَّن أنهم مخطئون أخطاءً شنيعة وكبيرة، هذا يدل على أن مسارنا صحيح، نحن نؤكد مجدداً أننا نرى إسرائيل العدو، ونريد أن ننهض ببلدنا، وإن شاء الله يكون النصر والعز لأصحاب الحق.