الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها في حفل أقامته حوزة الرسول الأكرم (ص) في قاعة الجنان في 17/9/2010

نحن لا تطمئننا إلاَّ الخطوات العملية في مسألة شهود الزور، التي تكشف المرتكبين المستترين المصنعين لهؤلاء، ولا نقبل بأن يكون هذا الملف مجرد ملفٍ سياسي تتجاذبه الآراء قبولاً أو رفضاً، وإنما نريد أن يبدأ القضاء وبشكل فعلي فتح هذا الملف ومتابعته للوصول إلى كل الذين أدُّوا دوراً سيئاً في التحريض وفي التمويل وفي حماية شهود الزور الذين ضللوا وخربوا هذا الواقع في لبنان.

بحضور رئيس جامعة المصطفى العالمية آية الله الشيخ علي أعرافي وحشد من الشخصيات العلمائية والثقافية والسياسية، ومما جاء فيها:

نحن لا تطمئننا إلاَّ الخطوات العملية في مسألة شهود الزور، التي تكشف المرتكبين المستترين المصنعين لهؤلاء، ولا نقبل بأن يكون هذا الملف مجرد ملفٍ سياسي تتجاذبه الآراء قبولاً أو رفضاً، وإنما نريد أن يبدأ القضاء وبشكل فعلي فتح هذا الملف ومتابعته للوصول إلى كل الذين أدُّوا دوراً سيئاً في التحريض وفي التمويل وفي حماية شهود الزور الذين ضللوا وخربوا هذا الواقع في لبنان.

هناك من يريد تمييع ملف شهود الزور، ويضع العراقيل أمامه، ويقدم طروحات هامشية ليؤجل موضوع شهود الزور علَّ التطورات تجعل من هذا الملف ملفاً غير قابل للفائدة أو للفعالية، نحن لا نقبل التأجيل ولا نقبل ربط هذا الملف بأي ملفٍ آخر، بل نعتبر أن فتح شهود الزور هو الذي يساعد على كشف الحقيقة، وبغير فتح هذا الملف لا حقيقة في لبنان حتى ولو ادعى البعض أنه يملك معطيات يمكن أن تؤدي إلى نتائج مهمة.

لدينا علامات استفهام كبرى، ماذا ينتظر هؤلاء الذين يريدون تمييع ملف شهود الزور؟ وما هي الوعود التي أخذوها من جهات مختلفة دولية وإقليمية من أجل الترويج لإبعاد هذا الملف عن المتابعة الحقيقية؟ فإذاً ملف شهود الزور ملف أساسي يجب أن يُفتح على مصراعيه وأن نصل فيه إلى نتيجة وبإمكاننا أن نصل إلى نتيجة.

أمَّا الملف الثاني فهو ملف اتهام إسرائيل، وقد مرَّ على القرائن التي قدَّمها سماحة الأمين العام فترة معتدة من الزمن، وكنا نرى القضاء اللبناني يتحرك بسرعة لا تتجاوز اليوم الواحد لملفات عادية وأقل أهمية وليس لها شأن، بل يُفترض في بعضها أن لا يُفتح وأن لا يكون هناك استغلال للقضاء في هذه الدائرة، بينما إلى الآن لم يُفتح ملف القرائن التي تتهم إسرائيل، نحن ندعو ونطالب ببدء الإجراءات التنفيذية التي تؤدي إلى اتهام إسرائيل وسوق الإسرائيلية والشهادة والمحاكمة والاتهام، والتمهيد للقرار الظني الذي يضع إسرائيل في دائرة الاتهام، ولتدافع إسرائيل عن نفسها بأدلتها ونحن لدينا الأدلة التي تُبيِّن ما يساعد على الوصول إلى مقدمات الحقيقة، تبقى المسؤولية على القضاء للمتابعة من أجل استكشاف التفاصيل الأخرى.

أتعجب! لماذا يقوم بعض اللبنانيين بحملة منسقة ومدروسة لإبعاد التهمة عن إسرائيل؟ ولماذا لا يريدون أن تتجه الأنظار إلى إسرائيل كجاني ومرتكب؟ على كل حال نحن نعلم أن المشروع الإسرائيلي له أدواته المحلية في لبنان، والتي تتماهى معه، ومن أدواته العملاء، ومن أدواته شهود الزور، ومن أدواته التحريض على الفتنة وتخريب البلد، وبالتالي إذا كان يظن هؤلاء أنهم سينجحون في مشروعهم، نقول لهم: لا مجال لأدوات إسرائيل أن تنجح بمشروعها في لبنان لا بشكل مباشر ولا بشكل غير مباشر، فإسرائيل بالنسبة إلينا عدو وسنتعامل معها على هذا الأساس، ولن تكون لا الآن ولا في المستقبل لا صديقاً ولا جاراً ولا متعاوناً لأنها خرَّبت واحتلت وارتكبت المجازر، ويجب أن تدفع ثمن هذه الأفعال التي قامت بها.

أدعو بعض جماعة 14 آذار أن يكثروا أو يبرزوا تصريحاتهم في مواجهة إسرائيل، ألا يروون الانتهاكات الإسرائيلية اليومية بالطائرات التي لا تتوقف عن اختراق الأجواء اللبنانية، ألا يروون مخالفة إسرائيل للقرار 1701، ألا يروون أن إسرائيل تهدد لبنان دائماً وتشكل خطراً جاثماً عليه، ألا يرون أن إسرائيل تطمح إلى لبنان من بوابة التوطين، ألا يروون أن إسرائيل تشكل عبئاً على لبنان وعلى المنطقة، أين التصريحات التي تكشف جرائم إسرائيل وتعترض عليها، وتبرز العداء لإسرائيل؟ فالبعض يقول: منذ خمسة أشهر أصدرنا بيان في هذا الأمر ، لكن عندما نرى البيانات في مسائل عادية وتافهة وليست ذات أهمية تصدر يومياً للتحريض ولتوجيه الأنظار إلى واقع معين، نستغرب لما لا يكون الاتجاه إلى إسرائيل.

ثانياً: مجلس الأمن الدولي تديره أمريكا، وبالنسبة إلينا ليس مرجعية صالحة للعدالة ولإحقاق الحق، وها هي تجربته مع فلسطين تجربة التآمر منذ زرع إسرائيل في المنطقة فهو لم يتحرك لجرائم إسرائيل، وهو لم يتحرك لتنفيذ القرارات الدولية بحق إسرائيل، وهو لم يتحرك من أجل إمتلاك إسرائيل أكثر من 200 رأس نووي، وهو لم يطالب إسرائيل بكل اعتداءاتها المتنوعة المنطقة، بينما نراه يتآمر على الفلسطينيين ويحاول أن يتدخل في مصائر الشعوب المستضعفة في منطقتنا.

لن ننتظر أمريكا لأنها منحازة وليست وسيطاً نزيهاً، ولا تُصلح بأن تكون صاحبة العدالة في هذا العالم، كما أننا لن ننتظر أمريكا لتعيد خطواتها التآمرية على لبنان، ولن نجعل بلدنا تحت رحمتهم، لبنان الدولة ليس مزرعة لا لأمريكا ولا لبعض لمن في لبنان، ولا مطية لا إقليمية ولا دولية، نريد لبنان مرفوع الرأس مقاوماً قوياً، ونريد أن نبنيه على قاعدة أن نكون مستقلين كلبنانيين عن كل التدخلات الخارجية، وأن نعالج شؤوننا لا أن يكون لبنان مسرحاً لهم.

نؤكد أن العلاقة بين لبنان وسوريا هي العامل الرئيس للاستقرار والدعم والقوة والمنعة، ونحن في حزب الله كنا أول من دافع عن ضرورة استمرار هذه العلاقة في أصعب الظروف وأحلكها منذ خمس سنوات، وبالتالي إذا كان البعض اليوم يريد أن يزايد بالعلاقة مع سوريا فنحن نرحب بكل الذين يريدون تمتين العلاقة مع سوريا، ولعلمهم يجب أن تكون مميزة كما في الطائف، ولعلمهم علاقتنا مع سوريا لا تشوبها شائبة بل هي في أفضل حالاتها، ولعلمهم أيضاً هذه العلاقة تستوجب استمراراً في التفاعل والتشاور والوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات وأبرز تحدي هو المواجهة من العدو الإسرائيلي.

أمَّا إيران، فإيران دولة ممانعة ودولة عز وكرامة، كنا نحلم أن نرى بلداً في منطقة الشرق الأوسط أو في العالم الإسلامي يرفع رأسه بوجه إسرائيل ويرفض المشروع الأمريكي، وها هي إيران تتحمل منذ قيام الدولة الإسلامية المباركة بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة كل الضغوطات والعقوبات والصعوبات لأنها قالت: لا لإسرائيل ولأنها حمت مصالح الشعوب في هذه المنطقة وأيَّدت المقاومة. نحن نفتخر بعلاقتنا مع إيران، ونؤكد على ضرورة التماسك بين دول الممانعة، وعلى رأسها إيران وسوريا والمقاومة وعلى رأسها المقاومة في لبنان وفلسطين.

وأخيراً، لقد هالهم في لبنان وفي المنطقة وفي العالم، أن تخرج مقاومة عزيزة قوية منيعة، تتمكن من أن تفضح مشاريع الاستكبار، وأن تتحول إلى همٍ يواجههم، وأن تتجذر في قلوب وعقول الناس، وأن تأخذ هذا المدد الشعبي الكبير على مستوى لبنان والمنطقة، هذه المقاومة هي التي تحدت المشروع الإسرائيلي وأوقفته عند حد، بكل صراحة: لولا هذه المقاومة لانتهينا من مشكلة التوطين وتوطنا الفلسطينيون في لبنان، بل أكثر من هذا كنا سمعنا بالمستوطنات الإسرائيلية في جنوب لبنان. هذه المقاومة حمتنا من التوطين والمستوطنات، وحمتنا من عملاء إسرائيل الذين سقطوا وانكشفوا وأصبحوا معزولين ومنبوذين، بحيث لا يتجرأ أحد أن يكون إلى جانب هؤلاء أو مع هؤلاء.