علَّمنا الحسين(ع) كيف نجاهد فنحرر الأرض ورؤوسنا مرفوعة من دون منَّة من أحد، وعلَّمنا الحسين(ع) كيف لا نرضخ للظلم الدولي والاستكبار العالمي ولجشع المستكبرين ومحاولاتهم من أن يسلبونا أراضينا وخيراتنا وأفكارنا، وبالتالي نحن خضنا في هذا المجال بمقاومتنا الإسلامية الشريفة العزيزة، وأثبتنا للعالم بأسره أن بإمكان القلَّة صنع نصرها إذا كانت مع الله وكانت لها إرادة قوية وسارت على المنهج السليم، لم نصل إلى هذا المستوى الكبير والعظيم والمشرف، ولم نصل إلى هذه الانتصارات المتتالية والموفقة، حتى قلنا أننا في زمن الانتصارات وقد ولى زمن الهزائم، لم نصل بسهولة وإنما كانت أمامنا تعقيدات كثيرة جداً، ربما اعتبر البعض أن الظروف الدولية والإقليمية تساعد حتى يربح الإنسان، نحن كنا في مواجهة ظروف إقليمية ودولية ومحلية صعبة ومعقدة جداً، من سنة 1982 إلى سنة 1990 وبعدها بقليل كنا نسمع من يسخر منّا ومن مقاومتنا ويدعونا إلى التعقل لنتوقف عن قتل الشباب وإزهاق الأرواح، هذا تحدي، وعندما هجمت إسرائيل في سنة 1993 و1996 قامت أصوات تدعونا إلى التعقل لأن إسرائيل مجرمة ولن تخشى أحداً فالحل أن نستسلم لإسرائيل حتى لا نستفزها وبالتالي لا تعتدي علينا، قلنا: لا، وأكملنا المسيرة، وحصل التحرير في سنة 2000، واعتبر البعض أن مهمتنا انتهت، لماذا؟ لأن الباقي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقسم من الغجر، وهذا الباقي لا يساوي شيئاً إذا ما قيس بالاجتياح الإسرائيلي الذي وصل إلى بيروت، وقلنا: لن نتخلى عن شبرٍ واحد من الأرض، ولامنا البعض أننا ندخل لبنان في مأزق، ولكننا نقول لهم: نحن الذين أخرجنا لبنان من المأزق، ونخرجه من المأزق، لأن إسرائيل التي يتم التنازل لها عن شبرٍ من الأرض، ستأخذ كيلومترات من الأرض، وعندما ترى أننا ضعفنا في مواجهتها ستتقوى علينا بكل شكلٍ وفي كل زمان ومكان، وإذا شعرت أننا لا نقدم التضحيات فإنها ستتجبر وتتكبر وتفرض شروطها السياسية ومنها: التوطين، ونظام الحكم في لبنان، واختيار الرئيس، وكل ما يجري في بلدنا عندما تكون إسرائيل قوية في مواجهة بلدٍ ضعيف.
مرَّت علينا سنوات منذ القرار 1559، وبعدها اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أربع سنوات من أصعب السنوات التي مرت علينا داخلياً وإقليمياً ودولياً، حاربنا العالم لنستسلم ولم نستسلم، ضغطوا علينا بكل الأشكال السياسية والإعلامية والثقافية ولم نستسلم، سلطوا إسرائيل بعدوانٍ كبير لم يكن مثله عدوان في منطقتنا في سنة 2006 فصبرنا وتحدينا وانتصرنا وهزمنا إسرائيل وبارك الله للمؤمنين بعزة وعلوٍ في مواجهة هذه التحديات التي اجتمع العالم بأسره ليقاتلنا من بوابة إسرائيل، فالحرب كانت عالمية علينا ولم تكن إسرائيلية فقط.
فإذا نجحنا اليوم في رؤيتنا السياسية سواء بعودة الاستقرار السياسي إلى بلدنا، أو بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، أو بتكريس حق لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته ليقاوم إسرائيل بالسلاح، أو بعودة العلاقات اللبنانية السورية إلى خطها الصحيح، أو بخفوت الأصوات التي طالما ارتفعت من دون فائدة وبالتالي لم يعد لها خبزٌ توزعه على المحاسيب حتى تؤثر في لبنان هذه الإنجازات لم تكن لتحصل لولا الصبر والتحمل ولولا المعاناة، وعندما تكون النتيجة خيِّرة وإيجابية هذا يعني أن خطنا الذي اخترناه كان صحيحاً وسليماً، ربما بعض الجهات السياسية في العالم تستفيد من تطورات دولية وإقليمية لمصلحتها، نحن عانينا أسوأ التطورات الإقليمية الدولية، وصبرنا ونجحنا وصمدنا، فأصبح ما هو اليوم منسجمٌ مع رؤيتنا .
في لبنان انكسر الموقف الدولي، وانكسر الموقف الإقليمي الذي يدعم المشروع الإسرائيلي ويواجه المشروع المقاوم بعد صبر المقاومة وتصديها وتحديها وتحمل العطاءات المختلفة، وها نحن اليوم نرفع رؤوسنا بهذه المقاومة التي ستستمر إن شاء الله تعالى عالية لمصلحة لبنان ولمصلحة إنساننا ولمصلحة كرامتنا، ولن نُخذل إن شاء الله أمام إسرائيل وسنبقى القوة التي تمنع إسرائيل من أن ترتكب أي حماقة فإذا ارتكبتها فستنال عقابها إن شاء الله تعالى.