ومما جاء فيها:
النظام اللبناني نظام مبني على وجود خلل جوهري وأساسي في تركيبته وفي داخله، هذا النظام يحتاج إلى إصلاح، ويحتاج إلى البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى بناء الدولة وتقوية الدولة وترسيخ هذا النظام.
هذا الخلل البنيوي لا بد من معالجته بعدة أسباب، نحن نعتبر أهم سبب من أسباب بناء النظام الصحيح في لبنان هو قانون الانتخابات، إذا كان قانون الانتخابات الذي يؤدي إلى إنتاج السلطة قانوناً عادلاً هذا يعني أننا سنكون أمام تركيبة تمثيلية صحيحة، تمثل المجتمع اللبناني بأطيافه المختلفة، ما يساعد على بناء الدولة، ولكن عندما يكون قانون الانتخابات قانون مشوه أو يعطي نتائج خاطئة فهذا يعني أن نكون أمام وهن وأمام انتفاخ لبعض القوى بحيث أنها تأخذ أكثر من حجمها، وتلغي قوى أخرى لا تشعر بوجودها، وتوقف من مكانة وقدرة قوى وازنة موجودة على الساحة.
بكل صراحة قانون الستين فيه خلل كبير في التمثيل الشعبي، وقد أثبتت الإحصاءات التي نشرها يومها مركز بيروت، أن عدد نواب الأكثرية في وقتها كان نتيجة 45 % من أصوات الناخبين، وأن نواب الأقلية كان نتيجة 55 % من أصوات الناخبين، في الوقت الذي كان التمثيل على عدد الأصوات كان يفترض في وقتها الأقلية تكون الأكثرية والأكثرية تكون أقلية! أما بالنسبية فكل فريق يأخذ حسب النسبة التي يستحقها وهذا أمر عادل، عندما يشعر كل فريق أنه حصل على تمثيله الحقيقي، يصبح اهتمامه أن يوسع تمثيله وأن يوسع مناصريه، وأن يكون معبراً بدقة عن هذا التمثيل أمر حيوي وحقيقي.
النسبية فيها عدالة التمثيل، نعم النسبية تعطي كل ذي حقٍ حقه، وأستغرب من يقول أن من يريد النسبية يريد التقليل من عدد نوابنا في مجلس النيابي! لا ، من يريد النسبية إنما يريد أن يأخذ كل فريق حجمه الحقيقي وأن يترك الفرصة للقوى الصغيرة أن تتمثل ولو بمقدار نائب أو نائبين، والقوى الكبرى أن تأخذ بحسب تمثيلها من دون إلغاء أحد لا من الطوائف ولا من الأحزاب ولا من الجهات ومن من الشخصيات ولا من القوى المختلفة.
بالتمثيل النسبي الطوائف تمثل والأحزاب تمثل والشخصيات تمثل، أما بقانون الستين المحادل الطائفية هي التي تتصدر، وبالتالي لا يكون التمثيل صحيحاً، ولا يكون إنتاج السلطة مناسبة لعمل أفضل، عندما يعرف كل إنسان حجمه الحقيقي هذا يعني أنه يعمل في بناء الدولة بطريقة مختلفة.
لذا نحن نؤكد على أن بناء الدولة لا يتم إلاَّ بخطوة ضرورية وهو وجود نظام إنتخابي عادل لإنتاج سلطة تنسجم تماماً مع التمثيل الشعبي، ليكون الكل مرتاحاً، لأنه جاء بناء على هذا التمثيل ولم يأتِ بناءً على المال أو العنوان الطائفي أو الضغوطات السياسية المختلفة.
نحن نطالب مجلس الوزراء أن يضع نقطة قانون الانتخابات على جدول أعماله بأسرع وقت، وليكن القرار الذي يتخذه مجلس الوزراء هو القرار المتبنى، صحيح أن الاتجاه العام في مجلس الوزراء النسبية لكن بصرف النظر عن هذا الخيار من المفروض أن ينهي مجلس الوزراء موقفه وأن يحول إلى المجلس النيابي وليكن قانون النسبية، وعندها فليختر المجلس النيابي لنكون على ضوء في فترة مبكرة بدل أن نحسر الأمور إلى الوقت الأخير، وعندها لا يكون لدينا وقت لإقرار قانون الانتخابات، فيبقى قانون الستين الذي بيَّنا مساؤه المختلفة.
الأمر الثاني: في لبنان يسود التحريض والعمل على الفتنة لبعض القيادات وبعض الجهات السياسية اعتقاداً منها أن هذا الأمر يعطيها مركزاً متقدماً ومؤثراً، ونحن آلينا على أنفسنا أن لا ننجر لا إلى التحريض ولا إلى الفتنة مهما كانت مكاسب التحريض والفتنة لأن أحسن مكاسبها خسائر، وبالتالي نحن لا نريد أن ندخل هذا المدخل. ونعتبر أن المحرضين مذهبياً وطائفياً هم لا يطرحون شيء في الإطار المذهبي ولا في الإطار الطائفي! هل سمعتم في العالم العربي والإسلامي أو في لبنان أن يوجد خلاف على قضايا عقائدية بين السنة والشيعة، أو بين المسلمين والمسيحيين؟ أو على قضايا في المعاملات وفي الشريعة، وهذا الأمر قسم الافرقاء بناء على الاختلاف العقيدي أو الشرعي؟ أبداً ، الخلاف الموجود في كل من منطقة وفي لبنان هو خلاف سياسي وليس خلافاً مذهبياً ولا طائفياً، خلاف سياسي بين فريقين، فريق يؤدي المشروع الأمريكي الإسرائيلي، وفريق يؤيد مشروع المقاومة، هذا هو الخلاف المنهجي والأساسي والأصلي وتتفرع عنه كل الخلافات الأخرى، وتستخدم كل الأساليب لدعم موقف في هذا الاتجاه، دعونا نبقى في الإطار السياسي وكل إنسان يعبر عن وجهة نظره بالطريقة الحضارية، ولندع الناس تقتنع أو لا تقتنع ، لكن حرامٌ على أولئك الذين يستخدمون الفتنة المذهبية أو الطائفية أو التحريض للوصول إلى الأهداف.