الموقف السياسي

سنبقى نجاهر بحقنا في المقاومة لنحمي بلدنا، ولن نخجل ولن نختبئ/ الكلمة التي ألقاها في حفل التكريم الذي أقامه معهد الآفاق لطلابه الناجحين والمتفوقين في الشهادة الرسمية في قاعة مسجد الحسنين في 30/10/2009

سنبقى نجاهر بحقنا في المقاومة لنحمي بلدنا، ولن نخجل ولن نختبئ

حيث جرى ايضاً تكريم للإعلاميين على رأسهم الاستاذ طلال سلمان، ومما جاء فيها:

مقاومتنا أنجزت تحريراً في سنة 2000 ونصراً في سنة 2006، فأين لبنان لولا مقاومته وجيشه وشعبه الذين تكاتفوا معاً لقتال إسرائيل بكل جرأة وصلابة، ووقفوا في الميدان وقدموا التضحيات. هذه المقاومة وطنية وليست طائفية لأنها حررت الأرض، ولم تحرر بقعة جغرافية منها لحسابات ضيِّقة، هذه المقاومة هي قوة لبنان ولن نفرِّط بها، وهي ليست جزءاً من اللعبة السياسية ولا جزءاً من البازار الإقليمي والعالمي، فليصرخ الصارخون كيفما شاؤوا، لبنان القوي سنحافظ عليه ولن نقبل لبنان الضعيف بعد اليوم، نحن مؤتمنون والدماء التي سقطت أمانة في أعناقنا، سنحافظ عليها بدمائنا وأعناقنا ليبقى لبنان قوياً.

أنتم ترَون اليوم إسرائيل كيف تُحدث الضوضاء لأي حادثة عابرة في الجنوب، في الوقت الذي تخترق فيه الأجواء مرات ومرات وتعتدي على لبنان، وفي أحد الإحصاءات بلغت الخروقات الإسرائيلية، براً وبحراً وجواً، عشرة آلاف وخمسماية خرق منذ 14 آب 2006 وحتى الآن، أي منذ بدء تطبيق القرار 1701 وحتى الآن، هذا يعني أن إسرائيل مدانة عشرة آلاف وخمسماية مرة، ولو جمعنا كل الحوادث العابرة في الجنوب، بصرف النظر عن أسبابها وعن مقدماتها، لما بلغت آحاد الحوادث التي لا تُذكر، والتي تؤكد بأن لبنان قد طبَّق القرار 1701، بينما إسرائيل اخترقته عشرة آلاف وخمسماية مرة. هل تعلمون لماذا تُحدث إسرائيل الضوضاء عند أي حادثة صغيرة عابرة؟ هناك أربعة أسباب: أولاً، أصبحت إسرائيل مكشوفة أمام العالم بأنها تعتدي على لبنان يومياً، وأن خروقاتها مكشوفة، وبالتالي هناك شبكات تجسس ضُبطت بالجرم المشهود، هناك اعتداء على الاتصالات الداخلية للمقاومة ضُبطت بالجرم المشهود، وهناك طلعات جوية ضُبطت بالجرم المشهود، وهناك تصوير دائم لكل الأراضي اللبنانية، ما يعني أن هناك اعتداءات واضحة، فجرائم إسرائيل مكشوفة أمام العالم وهي تريد أن تُغطِّي عليها بأي حادث عابر. ثانياً، أصبحت صورة إسرائيل العالمية سيئة، لا تستهينوا بتقرير غولدستون، لأن هذا التقرير لم يكن ليصدر بعد كل هذا التعقيد الدولي، لولا أن إسرائيل وصلت إلى جرائم لا يمكن أن يتحملها حتى المجرمون، وبالتالي هذه إدانة كبيرة، واليوم قادة إسرائيل معرضون في عدد من بلدان العالم للاعتقال والمساءلة، هذا كله يجعل إسرائيل في مأزق حول الموقف الدولي الشعبي من إسرائيل. ثالثاً، واقعها الداخلي اليوم واقع مهزوم، ماذا في إسرائيل غير التحدي والعنتريات ومحاولة إبراز القوة؟ في داخل إسرائيل هناك مشاكل معقَّدة، هناك مشكلة العدد والمخدرات والشذوذ والبطالة والوضع الاقتصادي، ومشكلة العلاقة بين القيادة السياسية والعسكرية، إسرائيل في وضع صعب، هي تتحدث عن مراهنات مستقبلية في أي حرب قادمة، لكن لا تستطيع أن تتحدث بثقة، لأن التجربة تُدين إسرائيل. رابعاً، ليس هناك تسوية في المنطقة، فميتشل سيحتفل بمجيئه العاشر إلى المنطقة من دون أي ثمرة، ولم يحصل أي تقدم ولن يحصل أي تقدم، ونحن لسنا مستائين لأننا لا نؤمن بهذه التسوية من أولها إلى آخرها، إسرائيل لا تريد هذه التسوية، ومع ذلك نحن نعتبر أن إسرائيل لا يمكن أن تعيش في هذه المنطقة، ولا يمكن أن تكون جزءاً منها، وهي التي تحمل هذا النمط العدواني المستمر وترتكب الجرائم ضد الانسانية.

ليكن معلوماً، اسرائيل لا تستطيع أن تراهن على ضعف لبنان ولا على ضعف مقاومته، وبالتالي كل المناورات التي تقوم بها إسرائيل وكل التسلُّح الذي تقوم به أمام كل العالم، وهذا الحشد الأمريكي الذي لا يتوقف، هذا كله لن يُثنينا عن عزمنا في أن نستمر ونواصل جهوزيتنا بكفاءة تنسجم مع معرفتنا بما عند العدو، لتكون العدة منسجمة معه عدَّته، وليكون العدد متفوِّقاً بروحيته، وعندها سيكون النصر للمقاومين في أي مواجهة من المواجهات.

لقد قرأنا تقرير لارسن المنحاز لإسرائيل، والذي كُتب بهوىً إسرائيلي، هذا التقرير الذي لم يرَ عدوان إسرائيل، وإنما رأى استعدادات المقاومة وبطولة المقاومة وشرفها، وأدانها على أساس حرصها على أرضها وشعبها وتحرير هذه الأرض، نحن لا نتأثر بمثل هذه التقارير وإنما ننتقدها لنُبرز معايبها، وبكل وضوح سنبقى نجاهر بحقنا في المقاومة لنحمي بلدنا، ولن نخجل ولن نختبئ، وسنقول للعالم بأسره: نعم نحن نقاوم إسرائيل بالسلاح، وإسرائيل مرفوضة كمحتل، وبالتالي هي تقوم ببجرائم ضد الانسانية، وحتى لو انحاز مجلس الأمن والدول الكبرى لن يغيِّروا واقعنا في لبنان، فمن عرف معنى الحرية والانتصار لا يمكن أن يرجع إلى الوراء، ولبنان اليوم بشعبه الطيب الأبي عرف معنى الحرية والتحرير، وسيبقى متمسِّكاً بذلك ببركة هذا الشعب الطاهر.

أما في موضوع الحكومة، فكل الأبواب مفتوحة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ومصلحة البلد تقتضي أن تتشكل هذه الحكومة، والتوازن السياسي الذي كان قبل الانتخابات النيابية ونتج بعد الانتخابات أكد أيضاً على أولوية وأهمية ووحدانية تشكيل الحكومة، لتكون حكومة وحدة وطنية، لا يوجد خيار آخر، خاصة بعد أن وُضع التشكيل على السكَّة، وتمَّ الاتفاق على صيغة 15-10-5، وجاءت المباركات الإقليمية والدولية، وكانت الحركة المحلية تأخذ الأمور باتجاه استحالة تشكيل حكومة غير حكومة وحدة وطنية. نعم من يمكن أن يطالب بغير هذا، يساعد في تأخير التشكيل، لكن لن تتغيَّر المعادلة، فبدل أن يكون التشكيل مثلاً بعد أسبوع فيمكن أن يكون بعد أسابيع أو أكثر، حسب المعيقات لأنه ليس من خيار آخر للبنان المتعاون الوثيق الصلة ببعضه، الذي يريد أن ينهض بعد هذه الكبوة الطويلة بعد السنوات الماضية إلا بحكومة وحدة وطنية، وأمامنا تجربة حكومة الوحدة الوطنية بعد اتفاق الدوحة، حيث استطاعت أن تُنجز استقراراً سياسياً معيَّناً، واستطاعت أن تُنجز انتخابات نيابية، واستطاعت أن تُعيد المؤسسات الدستورية، وهذه خطوات جيدة بالمقارنة مع حكومة الاستفزاز الوطني التي كانت موجودة قبل ذلك، والتي فشلت في كل شيء، واستطاعت أن تأخذ البلد إلى الهاوية. على هذا الأساس لا نرى إمكانيةً اليوم إلا بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وقد تسالمت أغلب القوى اللبنانية على تشكيلها، آمل أن نسرِّع قليلاً وآمل أن نستفيد من الفرصة لأنها لمصلحة الجميع. وهنا من الأفضل أن تستقوي ببعضنا البعض على أن نستقوي بالخارج على بعضنا، من الأفضل أن نكون معاً ونعمل لنهضة لبنان معاً، من أن يكون بعضنا في مكان والآخرون في مكان آخر، الوحدة أفضل من التفرقة، التعاون أفضل من التنافر، التواجد معاً لبناء لبنان أفضل من المناكفة، الوجود إلى حوارات واتفاقات داخلية أفضل من الانتماءات للخارج، ومحاولة الاستقواء بالخارج وبالمستكبرين. نحن نعتبر أن إسرائيل هي العدو، وإسرائيل يجب أن نواجهها لنمنعها من أن تحتل أو أن تستمر في سيطرتها، أو أن تضغط علينا، وكل الدول التي تدعم إسرائيل في مشروعها لا تعمل لمصلحة لبنان ولا تعمل لمصلحتنا، وكل الدول التي لا تدعم إسرائيل في مشروعها وتدعم مقاومتنا فهي مرحب بها، ولنا الفخر أن نكون مدعومين منها، ولنا الفخر أن نكون مدعومين منها في أي مكان كانت هذه الدول في العالم، فمن يُعطينا لنحرِّر أرضنا نقول له أهلاً وسهلاً، ومن يحتل أرضنا سنطرده بقوة السلاح منها. الحمد لله أن شهادة الوطنية بالنسبة لحزب الله لا تحتاج إلى من يوزِّع عليه أو مجاهديه أوسمة، لأن وسام الدم ووسام تحرير الأرض هما أعلى الأوسمة، وقد حصلت المقاومة الاسلامية على هذه الأوسمة، ولا تستغربوا إذا لم نرد على الكثير من التصريحات، فالشجرة المثمرة مقصودة من الجميع، بعضهم يأكل وبعضهم يضربها بالحجارة إذا كانت عالية، ولكنها تستمر في الثمر، وتطعم وتطعم وتفرِّخ في كل عام، فالمقاومة مثمرة ولن يُثنيها أن تأتي إليها الحجارة من أي مكان.