أمريكا خطرٌ كبير على الحراك العربي، الذي برز فيما اصطلح عليه بالربيع العربي، وتحاول أن تصوغ أنظمته الجديدة لإطفاء الصحوة الإسلامية والحيوية التي برزت من خلال هذه الشعوب الحرة التي انتفضت على مستبديها وعلى ظلمتها وهم صنائع هذا الاستكبار الأمريكي الذي حماهم طويلاً وحرم الشعوب من الخيرات الكثيرة.
أمريكا مكشوفة في عدوانها على العراق وسوريا ولبنان وفلسطين وإيران والبحرين واليمن ومصر وتونس، وعلى كل بلد من بلداننا بأساليب مختلفة، أمريكا تحاول أن تحرف نتائج الحراك العربي من أجل أن تستبد بأساليب جديدة، وهذا ما يلقي مسؤولية كبرى على قادة هذا الحراك من أجل أن يلتفتوا وينتبهوا فيكون التوجه الأساس لحماية هذا النتاج العظيم الذي أسقط المستبدين.
مسؤوليتنا أن نعرف ونُعرِّف ونمانع ونعمل بمشروعنا، لسنا بحاجة لدروس الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تشكل اليوم غطاءاً استعمارياً جديداً وتدليساً على الشعوب وتمريراً للأفكار الهدامة، نحن نعلم أن أمريكا ظالمة بأفعالها ولا تصلح نموذجاً أو قدوة، وهي ساقطة في عيون الأحرار الذين يرونها على حقيقتها.
ثانياً: لا بدَّ أن نؤكد مراراً وتكراراً في كل يوم على الوحدة الإسلامية "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا"، ولا أرى أن المسلمين يعيشون حالة اختلاف مذهبي كما يحاول البعض أن يدعي أو أن يصور أو أن يفرز الأمور بطريقة إعلامية سيئة، الخلافات اليوم التي تبرز على الساحة هي خلافات سياسية بلبوس مذهبي، أي أن البعض يحاول أن يمتطي هذا الخلاف ليستغل مشاعر المستضعفين من المسلمين، ويستمد منهم ذخيرة لخدمته ومشروعه للإضرار بوحدة المسلمين وواقعهم، دلوني على موقف واحد في كل العالم الإسلامي بطوله وعرضه برزت فيه حركة إسلامية تطرح رؤية مذهبية تتعارض مع رؤية مذهبية لحركة أخرى، نحن لا نرى هذا ولا نسمع نقاشاً لا عن الآيات ولا عن الروايات، إنما نرى أعوان أمريكا في خندق، ومناصرو المقاومة في خندق آخر، ومن دون هذا التصنيف لا يوجد فرق بين السنة والشيعة على امتداد كل العالم الإسلامي، وبالتالي من كان مع أمريكا راجعوا سجله، هم مع أمريكا وإسرائيل والفتنة والقتل على الهوية ومنع الوحدة بين المسلمين، ومن كان مع المقاومة هو مع تحرير فلسطين كامل فلسطين من البحر إلى النهر، وهو مع الوحدة الإسلامية، ومع إيران والسعودية وسوريا ولبنان ومع كل مسلم أكان سنياً أم شيعياً، يصلي الصلاة الواحدة ويحج الحج الواحد، ويصوم الصوم الواحد، معطياً لله تعالى إخلاصه بعيداً عن اللصوص الذين يحاولون أن يسرقوا هذه العبادات ليختبؤا وراءها في إطار فتنة مذهبية طخياء عمياء.
ولكن في هذا الوقت بالذات أقول لكم ما اعتبره بشارة، أن حجم الضغوطات التي تمارس باسم الفتنة المذهبية كبيرٌ جداً جداً ما يؤشر على أن جماعة الوحدة الإسلامية أقوياء وصامدون ولذا يكيدون لهم صباحاً ومساء، ولكننا نسجد لله صباحاً ومساء فتبقى الوحدة بوجوهكم النيرة أنتم الذين اجتمعتم الآن لتكونوا مع الحج إلى الله تعالى، ومن حج إلى الله حج إلى الوحدة الإسلامية ورفعها شعاراً وعملاً، وثار مع أخيه المسلم ضد أعداء الله مع المقاومة وضد أمريكا للوصول إلى الخيرات الكبيرة التي يعطينا إياها الحج.
أختم بقولي: نحن في لبنان نسمع كثيراً عن إثارات فتنوية، ولكن في الوقت نفسه يوجد شرفاء عظماء خيرون، يعملون ليل نهار لمنع الفتنة أن تطل برأسها ولو على حسابهم، ولولا هؤلاء المخلصون لكانت الفتنة انتشرت لا بسبب الخلاف المذهبي، لأنه لا يوجد خلاف مذهبي يؤدي إلى فتنة، وإنما بسبب الخلاف السياسي الذي يلبس اللبوس المذهبي بتمويل أجنبي عربي، وبتآمر أمريكي إسرائيلي.
نحن نحذر من اللعب بمقدرات البلاد في لبنان بحجة حماية المذهب أو الطائفة، لأننا اليوم في مركب واحد، وعلينا أن نتكاتف لنحمل ونحمي هذا المركب معاً، وبالتالي نحن ندعو إلى أسرع معالجة للخلافات التي يحاول البعض أن يوجدها بين المخيمات والجيش اللبناني، أو بين أهلنا في الشمال والجيش اللبناني، على قاعدة أن الجيش اللبناني هو ضمانة الاستقرار، ومحل إجماع الجميع لمصلحة الانضباط والأمن والاستقرار السياسي، فلا مصلحة لأحد أن يثير خلافات جانبية إما بالتآمر وإما بالتدحرج، لذا نحن ندعو إلى التعقل، وندعو إلى الاهتمام بالقضايا التي تهم الناس وخاصة القضايا الاجتماعية، وكفى مزايدات وتحريض في الإعلام، أيها المحرضون الذين تثيرون الغرائز المذهبية والطائفية أنتم دعاة شؤم والناس تراكم كذلك فاتقوا الله تعالى في البلاد والعباد، واعلموا أننا سنبقى وحدويين ولو كره الكافرون ولو كره المنافقون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.