بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين على قيام يوم الدين، السلام عليكم أيها السادة العلماء أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته.
نلتقي اليوم للحديث عن القلب، عن قلب الأمة، وقلب العالم، وقلب القضايا، عن فلسطين، فلسطين هي الرمز بحيث لا يمكن لأي حركة أو جهة أو دولة أو شخص، أن يكون سائراً في الطريق الصحيح إن لم يكن مع فلسطين وقضيتها، إن لم يكن مع الشعب المجاهد الذي قدَّم وضحى لإعادة الأرض السليبة والقدس الشريفة.
فلسطين هي قاعدة الاحتلال الإسرائيلي كمنطلق لاحتلال المنطقة بأسرها والتمدد خارج هذه المنطقة بإشراف سياسي وتأثيرٍ على العالم، من الخطأ أن ننظر إلى إسرائيل بأنها مجرد محتلٍ لأرض وإن كان لهذه الأرض القيمة الخاصة، لكن هذا الاحتلال هو توسعي وهو منطلق للسيطرة الكاملة على منطقتنا، والدليل على ذلك أن إسرائيل التي احتلت فلسطين احتلت أراضٍ عربية أخرى بذريعة احتلال فلسطين، فاحتلت جزءاً من لبنان والأردن وسوريا ومصر، وهي هددت البلدان المختلفة بأن يدها تطالهم للضغط على الجميع كي يتركوا لها إمكاناتها لتأخذ فلسطين ومعها المنطقة بأسرها، لعلنا بحاجة لأن نقرأ هذا التاريخ، وأن نطلع جيداً على الأهداف الإسرائيلية التي تتجاوز فلسطين، نحن نعتبر أن نشوء الكيان الإسرائيلي هي قضية الحاضر والمستقبل، وليس قضية الماضي التي طويت وعلينا البحث عن حلٍ للشعب الفلسطيني، أبداً، فلسطين للفلسطينيين أولاً وأخيراً، وهؤلاء الذين أتوا من مختلف أنحاء العالم ليحتلوا مكاناً ليس لهم عليهم أن يغادروا وأن يعودوا إلى أماكنهم سلماً أو حرباً، فالتاريخ حاضرٌ أمامنا والمستقبل يدل على المؤشر، ونحن جاهزون مع كل المخلصين أن نبقى في دائرة الدعم المقاوم لنصل إلى هذا الحل الذي يعيد فلسطين إلى أهلها وأحبتها.
لو أردنا تعريف إسرائيل، لما وجدنا تعابير ملائمة إلاَّ تلك التعابير التي تجمع جميع المنكرات، بحيث تتميز إسرائيل بمنكرين كبيرين، وتتفوق بهما على كل العالم: منكر الاحتلال، ومنكر العدوان. ولو أردنا أن نستعرض تاريخ إسرائيل منذ قيام الكيان في سنة 1948 لوجدنا أن إسرائيل قاتلة، سجانة، معتدية، تنتهك الحرمات، تسلب الأرض، تسرق المقدسات، تغير المعالم، تتجاوز حقوق البشر، تعمل للإضرار بالإنسانية، كل هذه المنكرات هي صفات الكيان الصهيوني، هل يمكن أن نقبل بمثل هذا الكيان؟ أبداً، ليكن واضحاً أن إسرائيل ليست تهديداً لفلسطين فقط، وليست تهديداً للعرب والمسلمين فقط، إسرائيل تهديد عالمي، إسرائيل تهديد للسلام العالمي بكل ما للكلمة من معنى، لأن كل المشاكل التي نعانيها منذ عقود في منطقتنا وتنعكس على الوضع العالمي هي من نتاج الاحتلال الإسرائيلي.
إمامنا الخميني(قده) الذي رفع راية تحرير فلسطين كقائدٍ فذ آمن بهذا التحرير إيماناً جعله يدخله في كل مفردة من توجيهات الأمة قال: "على قادة الدول الإسلامية أن يتنبهوا إلى أن جرثومة الفساد هذه التي زرعت في قلب العالم الإسلامي, لا يُراد من خلالها القضاء على الأمة الإسلامية فحسب, بل إن خطرها وضررها يهدد الشرق الأوسط بأسره, فالمخطط المرسوم يقضي بقيام الصهيونية بالسيطرة والاستيلاء على العالم الإسلامي, واستعمارٍ أوسع للأراضي والموارد الغنية للبلدان الإسلامية". هذه هي الصهيونية التي تريد أن تخرب العالم وأن تخرب حياة الناس.
إسرائيل هذه تهدد الدول بالحرب، تارة تهدد إيران، وأخرى تهدد سوريا، وثالثة تهدد لبنان، ورابعة تهدد الفلسطينيين في داخل وطنهم وفي غزة، وخامسة تهدد كل البلدان بأنها تستطيع أن تستخدم أسلحتها وإمكاناتها في عملية المواجهة ولقمع الأطراف الأخرى.
إسرائيل تهدد بالحرب وتداريها الدول الكبرى، وفي الواقع هي مسرحية مدروسة بينهما، إسرائيل تهدد لتتذرع الدول الكبرى لمحاولة إقناع إسرائيل بعدم استخدام تهديداتها فتلجأ الدول الكبرى للحصار الاقتصادي والسياسي والإعلامي والضغوطات المختلفة والدعم لإسرائيل تحت عنوان عدم إضطرار إسرائيل لخوض الحرب، هذه المسرحية مكشوفة تستخدمها إسرائيل والدول الكبرى من أجل أن تفرض وجودها وشروطها، ولكن لن يكون لها هذا، إسرائيل تهدد ولا يعترضون عليها، وينتقدون وجود المقاومة التي تعتبر الرمز الأول والمشعل الأول لمواجهة هذا الخطر الإسرائيلي، فإذا قال المقاومون بأنهم مستعدون للرد ومستعدون للدفاع قامت القيامة: كيف تدافع المقاومة عن أرضها وشعبها، والواقع أن النقد يجب أن يوجه لإسرائيل التي تهدد لا إلى المقاومة التي تدافع، ولأننا لن نرد على أقوالهم ولا على مواقفهم ولا على تهديداتهم، ستبقى المقاومة حاضرة وجاهزة لكل مواجهة بإذن الله تعالى.
في قضية فلسطين لا بد من حل، والحل إما أن يكون سياسياً أو مقاوماً. أما الحل السياسي فله سقف دولي، يبدأ هذا السقف من سلب الفلسطينيين 9/7 من أراضي فلسطين، يعني هم يتحدثون عن حل في إطار أراضي 67، وأراضي الـ 67 لا تتجاوز الـ 6000كلم من أصل 27 ألف كلم من مساحة فلسطين، أي يبدأ سقف الحل الدولي بـ 9/7 من أراضي فلسطين، وهذه البداية، أما النهاية فالله أعلم إذا كان الحل الذي يريدونه يُبقي على جزء من فلسطين أو قطعة أرض من فلسطين، نعم ربما يُبقي على مخيمات مكسورة في إطار سجنٍ كبير يسمونه فلسطين المسالمة، في الوقت الذي لا يعبر هذا الواقع على فلسطين لا بشكل ولا بآخر.
أما إسرائيل فليس لها سقفٌ في حدودها، وبالتالي من يراهن على إسرائيل وعلى المجتمع الدولي مخطئ تماماً، إسرائيل تراهن على الزمن والتأييد الدولي، وقوتها وضعف الآخرين، وأن لا يكون هناك حدود لسيطرتها على فلسطين والمنطقة، إسرائيل هذه التي صنعها الاستكبار في منطقتنا لا يمكن أن يطرح عودة أهالي فلسطين إلى فلسطين، ولذا نحن نعتبر أن لا حل سياسي للقضية الفلسطينية.
أما الحل الآخر فهو الحل المقاوم، المقاومة حل بكل الاعتبارات: الدينية، والأخلاقية، والسياسية، والحقوقية، وحتى بعناوين مجلس الأمن والأمم المتحدة التي يتحدثون عنها، قال تعالى: " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ"،ونحن واثقون أن المقاومة منتصرة إن شاء الله في فلسطين، وأن القدرة على التغيير حاصلة بإذن الله تعالى ولو بعد حين، نحن نعتبر أن هذه المقاومة هي الخيار الوحيد لفلسطين، هي التي أبقت القضية الفلسطينية حيَّة، لولا المقاومة في فلسطين ومع فلسطين لما كنا سمعنا اليوم باستمرار القضية الفلسطينية، وذلك ببركة هذا الشعب الفلسطيني المجاهد الأبي بشبابه ونسائه وأطفاله وشيوخه، كلهم قلبٌ نابض مقاوم من أجل فلسطين بوجه إسرائيل، فتحية كبيرة إلى هذا الشعب المجاهد الذي علَّم الأحرار في العالم.
هذه المقاومة يجب أن تستمر، ومن وجهة نظرنا أن المقاومة فعل إيمان، وحالة وجود واستمرار، وتصميم وقرار من أجل إعادة الأرض السليبة، أكانت وتيرة عملياتها مرتفعة أو كانت محدودة، هذا الأمر يتبع الظروف، ولكن وجود المقاومة الذي يشتعل في الوقت المناسب ويقوم بالأداء المستمر، ويشكل الشعلة الحيَّة للقضية الفلسطينية، هو الأمر المطلوب، فهذا ما يهز الكيان الإسرائيلي ويُبقي خيار الدفاع عن فلسطين، ونحن نعتبر أن المقاومة هي الحل.
إمامنا الخامنئي(حفظه الله ورعاه) قال: "إن إنقاذ فلسطين لن يتحقق من خلال الاستجداء من الأمم المتحدة أو القوى المسيطرة ولا من الكيان الغاصب البتة. إنما السبيل إلى الإنقاذ هو الصمود والمقاومة وذلك من خلال توحيد كلمة الفلسطينيين وبالاستعانة بكلمة التوحيد التي تشكل رصيداً لا ينضب للحركة الجهادية"، هذا هو المسار وهذا هو الخط.
ما هي رؤيتنا كحزب الله في النظر إلى إحياء القضية الفلسطينية، وتحقيق التحرير لاحقاً بإذن الله تعالى؟
أولاً: فلسطين حق للشعب الفلسطيني بكامل ترابها وبكامل حدودها، ففلسطين بالنسبة إلينا هي المساحة التي تمتد من البحر إلى النهر، ولن نقبل على الإطلاق أن تكون فلسطين مجتزأة أو مجزأة أو قطعة صغيرة من الأرض.
ثانياً: نؤمن بالمقاومة خياراً وحيداً لاستعادتها، ومن أراد أن يناقش فليعد لنا فلسطين بغير المقاومة، لن نتعب في جدالٍ معه، جربنا البندقية فحركت الأرض وحررتها، فجربوا السياسة فأضاعوا الأرض والمقدسات، ولذا المقاومة هي الخيار الوحيد، وليكن واضحاً خيار المقاومة هو الخيار العسكري أولاً وأخيراً، وكل خيار مضاف إلى هذه المقاومة أكان ثقافياً أو اجتماعياً أو تربوياً أو ما شابه هو بمثابة الرديف للخيار العسكري، فنحن لا نوافق على أي دعوة للمقاومة تُبطل الخيار العسكري، نحن مع المقاومة التي يكون عامودها وأساسها الخيار العسكري، ثم تلتحق المقاومات الأخرى، هكذا يجتمع الناس حول المجاهدين، وبالجهاد تتحرر فلسطين بإذن الله تعالى.
ثالثاً: نتوكل على الله تعالى، ونصبر، ونلتزم بقوله جل وعلا: " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم....وعدوكم" ولم يطلب منا رب العالمين أكثر من الاستطاعة، ولا يستطيع أحد أن لديه استطاعة، إذاً اعمل بحسب استطاعتك، وانظر إلى النتائج، عملنا بحسب استطاعتنا فطردنا إسرائيل من جنوب لبنان، وعمل الفلسطينيون بحسب استطاعتهم فطردوها من غزة ودافع عنها، فلنعمل بقدر استطاعتنا فلسنا مستعجلين، لو أخذ الأمر سنوات وعقود فإن هذه الأرض هدف يجب أن يتحرر، وبالتالي لن نتعب ولن نكل ولن نمل، فإذا كنوا يصرخون كما نصرخ، لكنهم يختلفون عنا: " وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ" وفي نهاية المطاف النصر لمن كان مع الله " إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ".
رابعاً: كل أولوية غير المقاومة هي مضيعة للوقت أو تواطؤ مع المشروع الإسرائيلي، يجب أ، تكون الأولوية المقاومة، وكل الأمور تكون من المتممات، سواء في الداخل الفلسطيني أو في المنطقة، وعندما نقول أن على شعوب المنطقة أن تحمل أولوية فلسطين يعني أن تنظر: ما الذي يؤدي إلى دعم المقاومة؟ وما الذي يؤدي إلى تحرير فلسطين؟ ثم يركزون سياساتهم على أساس هذه الأولوية، فهذه هي البوصلة، وهذا هو المؤشر، وبكل وضوح: إذا أردنا أن ندقق في سلامة عمل أي حزب سياسي أو أي حركة في هذه المنطقة يجب أن ننظر إلى رؤيتها بالنسبة للقضية الفلسطينية، من مؤشرات سلامة أي تحرك سياسي موقع فلسطين منه، هل يؤدي هذا الحزب أو هذه الحركة أو هذه الجهة بعمله إلى نصرة قضية فلسطين أم لا؟ إذا كان عمله يؤدي إلى نصرة فلسطين فهو على حق، وإذا عمله يؤدي إلى خذلان فلسطين فهو على باطل، هل المشروع الذي تقوم به بعض الجهات يخدم أوطانها وشعوبها وقضيتنا المركزية فلسطين أو أنه يخدم إسرائيل؟ بكل وضوح فلسطين علامة فارقة، من كان مع فلسطين فهو مع الحق، ومن لم يكن مع فلسطين فهو مع الباطل، حتى ولو حمل القرآن الكريم يقرأه جهاراً على الناس.
خامساً: علينا دعم المقاومة من موقع الحق والواجب، ونحن عندما ندعم المقاومة في فلسطين إنما ندعم بلداننا وشعوبنا، لأنه كما انعكس لاحتلال فلسطين سلباً علينا، سينعكس تحرير فلسطين إيجاباً علينا، وهذه معادلة موجودة وواقعية.
سادساً: نسجل لإيران الثورة، إيران الإمام الخميني(قده)، إيران الشعب المجاهد المعطاء، إيران إشعاع النور في كل العالم الإسلامي وفي كل العالم، أنها عندما حملت القضية الفلسطينية، أعطتها الحياة والدفع والقوة إلى الأمام، وأنتم تسمعون أنهم يردون كل الخيرات الموجودة في منطقتنا في استعادة بعض الكرامة والمعنوية في القضية الفلسطينية إلى الموقف الإيراني الإسلامي وإلى الدعم الذي رسمه الإمام الخميني(قده) وتابعه بكل جدارة الإمام القائد الخامنئي(حفظه الله ورعاه).
أما عن دورة المقاومة في لبنان، فالمقاومة في لبنان هي جزء من هذا المسار، وهي التي انطلقت من ضعفٍ بالإمكانات وقوة بالإيمان بالقضية وبالله تعالى، هذه المقاومة استطاعت أن تطرد إسرائيل من لبنان سنة 2000، حيث لم يُسجل على مدى الصراع العربي الإسرائيلي أيُّ إنجاز يماثل هذا الإنجاز، بل يُعتبر التحرير النقطة المضيئة الساطعة الأولى بوزنها وحجمها وفعاليتها في هذه المنطقة وفي مواجهة إسرائيل. ثم بعد ذلك حاولت إسرائيل أن تجتاح لبنان مجدداً من أجل أن تقضي على المقاومة في تموز 2006، ولمدة 33 يوماً، وإذ بإسرائيل تندحر وتعترف بالهزيمة وينتصر المقاومون المجاهدون وأهل المقاومة ويُسجل تاريخٌ جديد هو تاريخ بداية زوال إسرائيل إن شاء الله تعالى ابتداءاً من تموز سنة 2006.
لبنان تحرر بمعادلة المقاومة، وبمعادلة تظافر جهود الشعب والجيش والمقاومة، وليس بالقرار الوهمي رقم 425، والتحرير أنعش لبنان سياسياً واقتصادياً، وأصبح للبنان الوزن الكبير في منطقتنا بسبب قوة مقاومته وجيشه وشعبه، ولم يعد ملحقاً بأحد، وأصبح عصياً من أن يكون معبراً أو مقرراً للشرق الأوسط الجديد، فمن أراد أن يبحث عن معبر للشرق الأوسط الجديد فليبحث عنه خارج لبنان، ولكن في لبنان لا يوجد معابر، أغلقناها بإذن الله تعالى ببركة المجاهدين والمجاهدات.
وليكن واضحاً المقاومة والسلاح تؤمان لا ينفصلان أبداً، ولبنان من دون السلاح المقاوم ضعيف، ومع السلاح المقاوم قوي، ونحن نؤمن بقوة لبنان ولا نؤمن بضعفه، لبنان الضعيف سيكون تحت المظلة الإسرائيلية، ومكان للمستوطنات الجديدة، أما لبنان القوي فسيكون حجراً ثابتاً يوَّجه إلى إسرائيل ليستطيع الشعب الفلسطيني بهذا الدعم العزيز أن يحقق إنجازاته وانتصاراته.
نحن منفتحون على نقاش الاستراتيجة الدفاعية التي عليها أن تدرس بشكل دقيق موقع ودور وضرورة المقاومة وسلاحها ومستلزماتها وتكاملها مع إمكانات لبنان، لسنا خائفين من مناقشة الإستراتيجية الدفاعية، بل أقول لكم بصراحة: أحد أسباب التأجيلات المتكررة لجلسات الحوار هو خوف الطرف الآخر من نقاش الإستراتيجية الدفاعية، لأن منطقنا قوي وأدلتنا واضحة، عليهم أن يقنعوننا بأدلتهم، يخافون أن نقنعهم فيصبحون معنا في المقاومة ويعطون الدعم الإضافي لها، ولذا يهربون من نقاش الإستراتيجية الدفاعية، أما نحن فواثقون أن لبنان القوي يتطلب إستراتيجية دفاعية وقوية نحن لها ومعكم فتفضلوا إلى الميدان، وإن شاء الله لا تبقى القوة منحصرة بل تصبح قوة الجميع لمصلحة لبنان ومقاومته.
البعض في لبنان ينتقدنا، أننا نرد على تهديدات إسرائيل بأننا سندافع عن أنفسنا، هل لا يرون التهديدات الإسرائيلية، يرون ردودنا الدفاعية على التهديدات الإسرائيلية! من المذنب : من يهدد أم من يدافع؟ هل نتفرج؟ لا، لن نتفرج، وسنقولها مراراً وتكراراً: إذا قررت إسرائيل حرباً فنحن لها، وإذا اعتدت فالرد حاضرٌ وصارخ، وإذا رمت قنابلها فعليها أن تحسب حساباً لصواريخ المقاومة التي تصل إلى قلب الكيان وعاصمتها رغبوا ذلك أم لا.
هل تعلمون أن إسرائيل لا تعتدي على لبنان منذ سنة 2006 حتى الآن بسبب معادلة القوة والمقاومة! وإلاَّ لكانت في كل يوم اعتدت، ولكانت في كل يوم تقتل الناس، يقولون: ولكن في يوم من الأيام يمكن أن تعتدي، وخير إن شاء الله، يقول تعالى: " لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَ أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ" يعني سيهربون في الميدان وهذا ما رأيناه. اقترح شيمون بيريز في حرب 33 يوم عندما وجد أن الجنود الإسرائيليين لا يطيعون قياداتهم للدخول إلى الأرض اللبنانية والقتال المباشر، فاقترح على القيادة العسكرية بسبب قدرتها وتطوراتها العلمية أن تصنع الربيورتات الآلية ليدفعونهم إلى الأمام ليكونوا هم في المقدمة فيحموا جنودهم من الخلف، أقول لهم: لن تحميكم الريبورتات فصرخات التكبير من المقاومين ستصل إلى قلوبكم وآذانكم إن شاء الله تعالى.
سلاح المقاومة سلاح مضيء ومقدس ومحترم ومبجل، لقد أينعت ثماره تحريراً ودفاعاً، أما السلاح الميليشاوي الفتنوي الذي استخدموه ببشاعة أبرز المساوئ وهز الاستقرار والسلم الأهلي، ولا وجه للمقارنة بين سلاح المقاومة وسلاح الفتنة، نحن مع سلاح المقاومة ولسنا مع أسلحة الفتنة المتنقلة بأشكالها المتنوعة، وإذا كان يظن البعض أنه بحضوره في الساحة في السلاح الفتنوي يستطيع أن يقارن السلاح بسلاح المقاومة فهو واهم، سلاح الفتنة رائحته نتنة يهرب منها الجميع، أما سلاح المقاومة فهو الحياة والمقدسات يدخل في الروح فينعشها فشتان بين ما ينعش الروح وبين ما يقزز النفس، ولذا نحن مع سلاح المقاومة ولسنا مع سلاح الفتنة.
أحيي الجهة الداعية إلى هذا المؤتمر المهم والحساس، المنظمات غير الحكومية لدعم الشعب الفلسطيني، وهي فكرة رائدة ومهمة، علينا أن نعمم هذا النموذج من الدعم في كل مناطق العالم، وهذه هي البوصلة الحقيقية، وأحيي الأمين العام الدكتور زهراء مصطفوي على هذا الجهد الكبير، هي في الواقع تعبر عن نهج الإمام الخميني(قده) قولاً وعملاً، أقول لكي: تذكرين بالإمام حياك الله وحيا الإمام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.