مقالات

النظام العالمي الجديد وتداعيات المرحلة

تحت عنوان:"النظام العالمي الجديد وتداعيات المرحلة"حاضر نائب أمين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، في معهد العلوم الاجتماعية في بيروت بحضور مدير المعهد الدكتور طلال عتريسي وحشد من الأساتذة الجامعيين والطلاب.

تحت عنوان:"النظام العالمي الجديد وتداعيات المرحلة"حاضر نائب أمين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، في معهد العلوم الاجتماعية في بيروت بحضور مدير المعهد الدكتور طلال عتريسي وحشد من الأساتذة الجامعيين والطلاب.

بداية ألقى الدكتور عتريسي كلمة ترحيبية بسماحة نائب الأمين العام، ثم تحدث سماحته وبعض ما جاء في كلمته:‏

(...)،إن مصطلح النظام العالمي الجديد أُستخدم أمريكياً للتعبير عن آحادية القطب، وللتعبير عن التفرد الأمريكي في إدارة العالم خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وهذا يعني وجود رغبة أمريكية جامحة للسيطرة على العالم بأسره جواً وبراً وبحراً فوق الأرض وتحت الأرض بما يمتلك العالم من خيرات بشرية ومادية على حد سواء ،أي أن نظرة أمريكا إلى العالم هي نظرة استعمارية كاملة لا حدود لها ولا ضوابط تمنعها من محاولة تحقيق هذه الأهداف، والعنوان الرئيس لهذه الخطوة الأمريكية وهذا الاتجاه الأمريكي هو مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.‏

إن التداعيات المحتملة والتي نتوقعها بناء على هذا العدوان المرفوض:‏

1- سنعود إلى زمن احتلالات الدول وهو زمن ما قبل الاستقلال الشكلي بنسبة من النسب الذي انتهى تقريباً في منتصف أو نهاية السبعينات عندما أخذت كل الدول استقلالها سواء كان استقلالاً شكلياً أو حقيقياً، لكن زمن الاستعمار المباشر والانتداب والاحتلال قد انتهى منذ ربع قرن تقريباً، وحلت مكانه أنظمة وقواعد في إدارة اللعبة السياسية محلياً وإقليمياً، لكن نحن نشهد الآن عودة لسياسة الاحتلال العسكري والانتداب والسيطرة المباشرة من خلال النظام العالمي الجديد الذي تحاول أن تركزه أمريكا.‏

2- ستتفاقم الأزمات التي ستطال منطقة الشرق الأوسط، وهذه الأزمات تؤدي إلى واقع مرير بالنسبة للأنظمة أولاً، فإذا ظنَّت بعض الأنظمة العربية والإسلامية بأنها ستكون محيدة من نتائج هذا الاحتلال الأمريكي، فستكتشف عكس ذلك تماماً وستكتشف أنها قد تكون ضحية للصمت وللسكوت بشكل أو بآخر على دخول أمريكا على خط العدوان على العراق، لأن ما حصل بالنسبة للعراق هو تجربة، فالموقف الأمريكي بالنسبة للنظام العراقي لم يكن كذلك سنة 1980 عندما قام النظام العراقي بعدوانه على إيران، بل كان هناك تأييد أمريكي كامل، ولم يكن كذلك في سنة 1991 عند حرب الخليج الثانية حيث كان هناك مقدار من التفاهم والاختلاف في العلاقة مع الأمريكيين، لكن وصلنا إلى حد أن الأمريكيين وجدوا أن معبرهم بإسقاط النظام العراقي، هذه التجربة تكررت في أفغانستان قبل ذلك مع نظام الطالبان وهي قابلة أن تتكرر مع الأنظمة العربية وفي المنطقة الإسلامية على قاعدة أن المصالح هي الأولى، وبالتالي قد تسقط أنظمة كانت حليفة للولايات المتحدة بالكامل تحت عنوان مصالح أمريكا ودفع الأثمان مهما كانت.‏

هذه الأزمات التي ستطال المنطقة ستوجد حالة من الغليان والصعوبات، وأيضاً ستمس الشعوب في خيراتها وحضورها السياسي وتشكيل الأنظمة الجديدة الخادمة، لذا علينا ان نتوقع منطقة ملتهبة لها العديد من التعقيدات، لكن في الوقت نفسه هناك احتمالات قد لا تكون في حساب الولايات المتحدة ولا من صميم هذا العدوان.‏

3- أتوقع حركة مقاومة للاحتلال الأمريكي الجديد حيث يتواجد، وبالتالي فإن المراهنة على صعوبة وضع الشعب العراقي في أن يسلم للاحتلال الجديد مراهنة خاطئة، لأن أي احتلال مهما كان مع منطقة عانت الأمرين من الاحتلال، ومع منطقة واجهت الاحتلالات سابقاً في ظروف صعبة ومعقدة أكثر من الظروف الحالية لا يمكن أن نتوقع منها بأن تستسلم للواقع القادم، لذا نحن نتوقع مقاومة شرسة للاحتلال الأمريكي إذا اتخذ صيغة اشراف مباشر وتعطيل بدور القوى الشعبية والسياسية الموجودة في العراق وبالتالي بعد ذلك في المنطقة، خاصة أن مستوى الكراهية الموجودة لأمريكا في منطقتنا قد ازدادت أضعاف مضاعفة خلال السنتين الأخيرتين، ونحن نشهد حالة من الرفض للنموذج الأمريكي وللحضور وللعدوان وللسياسة الأمريكية بشكل لم يسبقه مثل هذه الكراهية قبل ذلك، أمَّا إنشاء تلفزيون بتكلفة 300 مليون دولار من أجل إزاحة الكراهية فهذه نكتة لا تصلح لشعوب منطقتنا، وبالتالي لا يمكن بإذاعة وببعض الكلمات أن نغير واقع مأساوي أنتجته الحروب والمصالح لأمريكية المتنقلة، وبالتالي مستوى الكراهية سيتعمق أكثر فأكثر وسيكتشف الأمريكيون أنهم دخلوا في المجهول.‏

4-وربما تكون هذه من خيرات الصلف الأمريكي هو سقوط النموذج الأمريكي من عقلية بعض المثقفين وبعض المروجين لحُسن الأداء الأمريكي، ولطالما سمعنا عن الديمقراطية الأمريكية وحرية الإنسان في أمريكا وعظمة القضاء الأمريكي والإنصاف والعدل الذي يُمارس وكانت هناك دعوات كثيرة لاستقدام هذا النموذج الأمريكي لمنطقتنا، فتبين أن القضاء الأمريكي قد تعطل بالكامل عندما خرج من دائرة مصالح أمريكا إلى كل الشعوب والآن يمكن أن يُعتقل أي مواطن معه جنسية أمريكية من دون أن يحق له أن يكلف محامي دفاع ومن دون أن يعلم أحد مكان وجوده، ومن دون أن يطلع أحد على التهم الموجة إليه فيما يُعرف بسرية عمل الأجهزة من أجل مصلحة الأمن القومي الأمريكي ما يعني أن الإنسان أصبح في مهب الريح.‏

أمَّا الحديث عن الديمقراطية فقد وجدنا ديمقراطياتهم في العالم، ووجدنا كيف يعمل اللوبي اليهودي وكيف يعمل لوبي رأس المال في أمريكا، وبالتالي هذا النموذج الأمريكي سقط على المستوى العملي.فنحن نرى الكثيرون من المثقفين ومن الذين كانوا يتحدثون عن النموذج الأمريكي يعيدون حساباتهم ويكتبون مجدداً بكتابات مختلفة عمَّا قدموه قبل سنتين، فهؤلاء استفزوا وأصبحوا في زاوية لا بدَّ أن يختاروا فيها إمَّا أن يكونوا ملحقين بأمريكا التي ترفضهم، وإمَّا أن يختاروا نمطاً آخر حتى يكون لهم حضور ووجود، وهذا من التداعيات الإيجابية والتي نأمل أن تتكاثر أكثر وتنمو بشكل أكبر.‏

من هنا نحن نعتبر ان هذه التطورات التي حصلت اليوم في المنطقة تتمحور حول نقاط ثلاثة أساسية:‏

1- تغيير الخارطة السياسية للمنطقة من خلال احتلال العراق وما يعني من تداعيات.‏

2- إعطاء كل الأسباب الملائمة لإسرائيل كي تكون في محيط ضعيف لا يستطيع التحرك، وفي واقع فلسطيني يعيش حالة من الإحباط كي تتمكن إسرائيل من ان تفرض شروطها الكاملة لمصلحة نظامها التي تريد أن تثبته وكيانها التي تريد أن تزرعه في منطقتنا.‏

3- السيطرة الاقتصادية وبشكل أساس على النفط العراقي وما يعنيه من الإمساك بمفصل حيوي في منطقتنا العربية بشكل عام.‏

وفي الختام أجاب سماحته على أسئلة الحضور.‏