مقالات

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة الأولى من ليالي محرم الحرام لسنة 1424هـ2003م في مدرسة شاهد-طريق المطار

الهجرة هجرتان: هجرة من المكان الذي يُعصى الله فيه إلى المكان الذي يُطاع فيه عند العجز عن التغيير والوقوع في مأزق التسليم للباطل والمنكر، وهجرة في السلوك من المعصية إلى الطاعة ليغيِّر الإنسان في حياته بما يساعده على الاستقامة والانسجام مع فطرته.

الهجرة هجرتان: هجرة من المكان الذي يُعصى الله فيه إلى المكان الذي يُطاع فيه عند العجز عن التغيير والوقوع في مأزق التسليم للباطل والمنكر، وهجرة في السلوك من المعصية إلى الطاعة ليغيِّر الإنسان في حياته بما يساعده على الاستقامة والانسجام مع فطرته.

وقال: هذه المجالس العاشورائية تساعدنا لنعي ونفكر ونتأمل ثم نحسم خيارنا لنكون في المنهج الحق.‏

ثم قال: كل هذا التسلط الذي ترونه في العالم من أمريكا وإسرائيل، من الاعتداءات علينا لإيماننا والتزامنا، ومن محاولات سلب حقوقنا ومقدراتنا، لا يمكننا أن نواجهها إلاَّ إذا كنا نحمل في عقولنا وفي نفوسنا ثقة بأننا أصحاب حق، وأن علينا أن نضحي مهما كانت الأثمان، عندها يمكننا أن نغير الواقع نحو الأفضل.‏

ليس صحيحاً أن يعيش الناس حالة الإحباط لأن أمريكا قادمة بغزوها للعراق، بل يجب أن تعيش حالة الأمل بالله تعالى، بأن شعوبنا في هذه المنطقة تحمل رصيداً من الإيمان والحق يمكنها من أن تنتصر في معركتها على أمريكا وإسرائيل وعلى كل المعتدين. لكن علينا أولاً أن نثق بأنفسنا بأننا نملك هذه المعنويات.فالهزيمة تبدأ في النفس وبعدها تحصل في المعركة، والانتصار يبدأ بالنفس وبعدها يحصل بالمعركة.‏

لقد هُزم العرب لأنهم هزموا نفسياً فهزمتهم أسلحة الانحراف وأسلحة إسرائيل، لكن عندما خرج شباب عاشوا النصر في أنفسهم ولم يملكوا إلا شيئاً يسيراً في أيديهم استطاعوا أن يهزموا إسرائيل لأنهم هزموها في أنفسهم وفي أنفس الإسرائيليين أولاً ، ثم هزموها في الميدان بقوة الإرادة وقوة السلاح من منطلق الإيمان بالله تعالى وتغيرت المعادلة وتحقق النصر.‏

لاحظوا اليوم، كيف سلطت أمريكا الأضواء على أزمة العراق وجعلت العراق محور حركتها وجرَّت العالم بأسره ليقول نعم لغزو العراق أو لا للغزو لينسى العالم قضية فلسطين، فسيتصرف شارون في داخل فلسطين بما يؤدي إلى قتل العشرات وجرح المئات يومياً وتدمير البيوت على رؤوس أصحابها في داخل فلسطين المحتلة ولا يتحرك العالم وكأنه لا يجري شيء في فلسطين لأن القضية المركزية تحولت إلى مهاجمة العراق وعدم مهاجمة العراق، نحن لا نقول بأن قضية العراق لا تحتل القضية المهمة اليوم ولها دور مؤثر لأن أمريكا تريد أن تدخل إلى العراق لتسيطر على كل المنطقة، بل نقول أن العراق خطوة من الخطوات من أجل دعم إسرائيل حتى تفرض شروطها على الفلسطينيين والعرب بعد أن تأخذ أمريكا من العراق ما تريد وتخيف المنطقة بأسرها، لتصبح إسرائيل على طاولة المفاوضات من غير أن يناقشها أحد ولا يطالبها أحد وأن تكون في أجواء إحباط عام في المنطقة العربية يمكِّن إسرائيل من أن تأخذ ما تريد. هذه الخطة مرسومة بدقة من قبل الأمريكيين، لتحقيق الأهداف الأمريكية الإسرائيلية.‏

يجب أن نذكر العالم بأن العراق يُضرب من قبل أمريكا على احتمال الخطر المستقبلي، بينما يُضرب الفلسطينيون يومياً ويقتلون من قبل الإسرائيليين فعلياً ولا يتحرك مجلس الأمن ولا الدول العربية ولا الدول الأوروبية بالشكل المطلوب من أجل الحديث أو اتخاذ الموقف أو ردع إسرائيل ومحاكمتها. يُسأل العراق عن أسلحة دمار شامل يُحتمل أن تكون موجودة فيه، بينما تُبرز إسرائيل دمارها وأسلحة دمارها وإمكاناتها النووية وتُمارس من خلال ما تملك اعتداءات يومية ولا أحد يطالبها فيما تملك وفيما يكون عندها وفيما تفعله.‏

أليس الأجدر بنا أن يتظاهر العرب من أجل فلسطين كما من اجل العراق لاعتبارات لها علاقة بالغزو الأمريكي الإسرائيلي، ألا يجدر بأوروبا أن تقول كلمتها وتبرز موقفها فيما يتعلق بحقوق الإنسان ومصير هؤلاء المعذبين من أبناء الانتفاضة والشعب الفلسطيني المجاهد الأبي. نحن في زمن لا مقياس فيه للحق، إنما توجد مصالح أمريكية إسرائيلية لا تراعي ذرة أخلاق ولا تراعي كرامة إنسان ولا تعطي لهؤلاء الذين يملكون حقهم وأرضهم أي حق، بل يأخذ الغاصب الأرض ويعتدي المعتدي ويوقع العالم المستكبر على الاعتداءات بإدانة صريحة سيجلها التاريخ، في المقابل نحن نقول بأننا لن نسكت على الضيم، ولن نقبل أن تمر الأمور بهذه الصورة وبهذه الصيغة، سنصرخ وسنبقى في الميدان وسنستمر في الاستعداد الدائم للمواجهة للمشاريع القادمة على منطقتنا، وليعلم الجميع بأن هذه المنطقة ليست سهلة ولن تكون مطية لمطامعهم وسيكتشفون بأن صعوباتها كثيرة وأن المجاهدين لهم في المرصاد، نحن لن نخشى من تهديداتهم وتهويلاتهم، ولن نخشى من خططهم التي يتحدثون عنها، ولن نخشى من التهويل بالمستقبل لأننا قررنا أن نكون مدافعين عن أنفسنا بكل ما أوتينا من قوة حتى لو سقط الجميع شهداء، لأننا تعلمنا من الأمام الحسين(ع) أن لا نقبل المنكر وما النصر إلا من عند الله تعالى.‏