خلال الفترة الماضية لم يتوقف التحريض الأمريكي والتدخّل في الشؤون اللبنانية لإحداث الفوضى وإثارة الفتن لتحقيق مشروعهم في صياغة الحكومة ومستقبل الوضع السياسي في لبنان بذريعة دعم لبنان اقتصادياً، وإلا ستكون هناك مواقف أخرى. كان حزب الله ولازال حريصاً ومتنبهاً كي لا يقع في أتون الفتنة بالحكمة والصبر والتوعية لجمهوره وللناس، كي نمرُّ أمام هذه الضغوطات ونستطيع أن نتجاوزها، ما حصل من شتائم، وما حصل من إهانات موجهة إلى مقامات دينية وسياسية هو المناخ الذي عمل عليه المتآمرون في الخفاء على بلدنا، ليهيئوا الأجواء المناسبة حتى تندلع الفتنة لقولٍ أو شريط فيديو أو لأي تحركٍ على أساس أنَّ الأرضية صالحة للفتنة وتحتاج إلى شرارة من أجل أن تشتعل.
قلنا من البداية، لا محل للفتنة المذهبية من خلالنا، ولا محل للفتنة الطائفية أبداً، بل نحن من العاملين الصبورين والشجعان والثانبتين لمواجهة هذه الفتنة ولوأدها، لقد بذلت قيادتا حركة أمل وحزب الله جهوداً كبيرة في الأيام الأخيرة لمنع الإنجرار إلى الفتنة المذهبية، وسنبقى يقظين لمنعِ إيقاظها ويهمنا كحزب الله أن نؤكد على الأمور التالية :
أولاً سنواجه الفتنة ومؤشرات الفتنة، وسنعمل بشكلٍ حثيثٍ إنسجاماً مع إيماننا وقناعاتنا على تمكين الوحدة الإسلامية، وعلى التآخي بين السنَّة والشيعة، وعلى الوحدة الوطنية بكل ما أوتينا من إمكانات وقدرات وعلاقات على الساحة، فلبنان الذي نعيش فيه لن يكون ساحةً لفتنة سنية شيعية ان شاءالله تعالى.
ثانياً، ندعو إلى معاقبة كل من عمل ويعمل لإثارة الفتنة من خلال القضاء اللبناني، ورفع الغطاء السياسي والديني عنه كائناً من كان، كما ندعو الجيش والقوى الأمنية، ليقوموا بإجراءات منع المعتدين على حقِّ المواطنين بكل أبعاد الحق، حق المواطنين في اختيار مواقفهم السياسية وفي التظاهر وفي التغيير وفي الوصول إلى أعمالهم وأشغالهم، وفي الإختلاف وفي التعبير عن القناعات.
ثالثاً، نحن ندعو إلى العمل لإنجاز ميثاق شرف وطني في العمل السياسي والاحتجاجات الشعبية، بالإقلاع عن لغة الشتائم والسباب كتعبير عن المواقف السياسية والاجتماعية، بل نبذ أولئك الذين يستخدمون هذه الأساليب، وذلك على أرضية منع الفتن، وانسجاماً مع أخلاقنا الدينية والوطنية التي تفترض مقداراً من الاحترام الشخصي، وحق الاختلاف السياسي بحسب قواعد الاختلاف السياسي.
رابعاً، نُشيد بالمواقف والتصريحات التي أعلنها القادة الدينيون والسياسيون من السنّة والشيعة رفضاً للإساءات التي لا تمتُّ إلى الإسلام بصلة، ونتمنى على خطباء المساجد غداً الجمعة، أن يستحضروا في خطبهم دعوة الإسلام إلى الوحدة الإسلامية، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تَفرّقوا.
اليوم يُسمى رئيس الحكومة العتيد الذي سيكلَّف بتشكيلها، وهذه محطةٌ هامة لوقف الإنحدار الاقتصادي والاجتماعي، وبدايةٌ لتأسيس مرحلةٍ جديدة في لبنان، وهو إنجازٌ في مقابل المخططات التي كان يُعمل عليها، والتي كانت تخطَّطُ للبنان، وإن شاءالله يكون هذا التكليف منطلقاً لأوسع مروحةٍ من التعاون السياسي مع كل القوى الموجودة على الساحة لإنجاز حكومة إنقاذ إصلاحية إن شاءالله تعالى.