مفاتيح السعادة

الأَجَلُ محتوم

الأَجَلُ محتوم

الأَجَلُ بيد الله تعالى، لا يعرف الإنسان وقته، فإذا حان وقته لا إمكانية لدفعه، قال تعالى: "وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"(7)، وقال: "فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ"(8). لكل واحدٍ من الناس أَجَلٌ معلومٌ مسمى ومحدَّد عند الله تعالى، لا يتقدَّم موعده ولا يتأخر. فلو كان في اللوح المحفوظ عند الله تعالى أنك ستموت بعمر الخمسين سنة، لن تستطيع أن تقرِّب أَجَلَك ولو اجتمعت الدنيا لهذا الهدف، ولن يستطيع علماء الدنيا وأطباؤها أن يؤخروا أَجَلَك عن الخمسين ثانيةً واحدة. لذلك يكرر الأطباء قولهم بعد سعيهم لمعالجة مريض وعجزهم عن شفائه: الأعمار بيد الله تعالى، فالأَجَلُ المقرَّر بيد الله تعالى. يسعى البعض لدفع الموت عنهم باستقدام الأطباء، والذهاب إلى أفضل المستشفيات في العالم، ولكن لا قدرة للعلم على معرفة الأَجَل أو دفعه، فقد تصيبه جلطة قلبية أو سكتة قلبية أو أي أمر مفاجئ إذا ما جاء الأَجَلُ، فالأعمار بيد الله تعالى. "فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ".

يرغب البعض بمعاقبة المفسدين والظالمين والكافرين مباشرة في الدنيا، بأنهاء حياتهم عند ارتكابهم للمنكرات، لكنْ فاتهم بأنَّ الدنيا مسرحٌ للعمل وليس للحساب، وأنَّ الأَجَل مقدَّر من عند الله تعالى, بصرف النظر عن الإيمان أو الكفر، قال تعالى: "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ"(9)، فاذا ربطنا استمرار الحياة الدنيا بالصلاح, فان ذلك ينهيها بسرعة كبيرة بسبب فساد الأعمال البشرية فيها.

إذاً ما هو الأَجَلُ المحتوم، والأَجَلُ المخروم، وما هو الفرق بينهما؟
إنسانٌ ينتحر، فيقول الناس لو لم ينتحر لعاش أكثر، فالأَجَلُ مخروم، أنه مات قبل أَجَلِه المحتوم بحسب ظاهر وجهة نظرهم! والحقيقة أنَّ الأَجَلَ محتومٌ دائماً، وهو مسمىً في علم الله تعالى، ولكنَّ توقعنا باحتمال طول عمره لولا الانتحار، أو طول عمره لولا حادث السير أو التعثر على الدرج، يجعلنا نتصور بأنَّه مات قبل أَجَلِهِ، وهو ما يُسمى بالأَجَلِ المخروم، الذي لا يغير شيئاً من واقع الأَجَل المحتوم المسمى في اللوح المحفوظ. وفي علم الله تعالى أنَّ فلاناً سيموت بأَجَلِه في حادث السير أو الانتحار أو التعثر.